الغارقون في العطر
أحدث نشاطات دار فضاءات للنشر والتوزيع
(الغارقون في العطر)
رواية أيمن عبوشي الثانية
صدر مؤخرا للروائي الأردني، أيمن عبوشي، رواية (الغارقون في العطر)، عن دار فضاءات للنشر ـ الأردن ـ. وتعرض الرواية، التي تأتي بالقطع المتوسط، لمعضلة تقف ببطلها على مفترق طرق بين خيارات تختلط فيها النـزوة الآنية، مع جدوى البحث عن الذات..
ويعبر الكاتب في أحداث متصاعدة إلى معضلة يختصرها فيما أسماها (الخيارات المتاحة في غرفة معتمة)، وهو قرار يتركه عبوشي لأي مغترب يقرر العودة إلى وطنه جاهلا بما ينتظره هناك، ومدركا ما فوّته في الغربة بحثا عن ثروة ترتبط بمعاش شهري، ونمط استهلاكي يستفيد من وسائل الرفاه المؤقت.
ويحاول (عزيز حسرين)، الشخصية الأولى في الرواية، أن يجيب عن أسئلة معلقة تحت وطأة أجواء قاسية يفرضها عليه المؤلف، حتى يصل به إلى الصورة المجردة للحياة. وإن كانت المعاناة التي يعيشها حسرين، مصطنعة برغبة مباغتة للعثور على ضالته في الدفق المتدافع للانفتاح الاقتصادي الذي يفرض نفسه عليه بكل كمالياته، وهالته المزيفة.
وتضع الرواية أبطالها أمام اختبارات متنوعة في حديتها، لتصل بهم إلى مقارنة صارخة بين القيمة الحقيقية للحياة من جهة، وهنا يتخذ النص من العلم رمزية مثالية لها، في مقابل إغواء الرفاه في دائرة مغلقة لا تنتهي..
وتأخذ هذه المتاهة شخوص النص إلى عبثية يجسدها (هادي الإبراهيم)، الذي يتشبث بحلم عصي، فنراه يدخل في صفقة خاسرة يقايض فيها مستقبله، لقاء مغامرة لا طائل منها.
والقصة التي تبدأ بسرقة (هشام الجرزاوي) للملكية الفكرية لبحث اقتصادي كتبه في الأصل (فؤاد عفيف).. تطلق رصاصة البدء لثورة عشوائية يعلنها عزيز حسرين على نفسه المستكينة.. وفي خضم معركته القصيرة لاستعادة حقوق صاحبه الميت، يجد نفسه في مواجهة حالته السلبية، ويكتشف بمرارة واضحة هذيانه، وقبوله الخانع لروتين يومي يحيله إلى ترس في آلة..
وفيما لا يفصح المؤلف عن هوية المكان، إلا أنه يبقي تفاصيله واضحة تشي بما يمكن أن يستنتجه القارئ، ويحاول عبوشي الغوص في البنية النفسية لطبقة عاملة تعيش في المدينة بحثا عن فرص الكسب السريع، بعيدا عن الريف، وندرة وسائل الراحة التي تمتاز بها المدن..
وهنا تبدو انطوائية عزيز حسرين الطارئة، واضحة حين يفضل العيش في عالمه الافتراضي على الإنترنت، بعيدا عن عناء مكابدة معركة الحياة اليومية.. ثم ما يلبث أن يجسد النص النتيجة الحتمية لدورة حياة المغترب الذي ينـزوي خارج وطنه، مفضلا عدم التفاعل مع المحيط الجديد، والاستعاضة عن ذلك بتكديس المال للحظة العودة التي قد لا تأتي أبدا.
(الغارقون في العطر) هي الرواية الثانية للكاتب أيمن عبوشي، الذي صدر له أيضا، رواية (إعدام ظل) عن دار فضاءات للنشر، والمجموعة القصصية (العلبة) عن دار الرحاب ـ لبنان.
يذكر أن أيمن عبوشي كان قد عمل صحفيا في قطر، قبل أن ينتقل إلى السعودية ليلتحق بالعمل في الإدارة الإعلامية في منظمة التعاون الإسلامي.