مذكرات سمسار أراض صهيوني
محمد سيد بركة
ليس أصدق من المذكرات الشخصية المكتوبة بخط اليد دليلا وإثباتا للوقائع وفي هذا الكتاب مذكرات سمسار أراضٍ صهيوني يسجل المؤلف يوسيف نحماني وهو سمسار أراضٍ عمل مع الصندوق القومي اليهودي الذي أقيم في مدينة طبرية منذ العام 1935 وحتى موته عام 1965 مذكراته حول وقائع تجارته في الأراضي الفلسطينية وبيعها إلى مهاجرين يهود أقاموا عليها المستعمرات تحت حجج دينية واهية.
وقد جمع الكتاب وحرره صديقه يوسيف فايتس وترجمه للعربية عن العبرية الدكتور إلياس شوفاني المؤرخ المتخصص بالبحث في تاريخ الصراع العربي الصهيوني ، وقد صدر الكتاب- و اسمه: باللغة العبرية يوسيف نحماني.. رجل الجليل -عن دار الحصاد في دمشق بسورية.
يتكون الكتاب من أربعة أجزاء، يأتي الجزء الأول منه على شكل مراث كتبها أصدقاء يوسيف نحماتي - سمسار الأراضي اليهودي - بمناسبة ذكراه؛ والثاني يضم رسائله إلى مختلف الأشخاص الذين كانت له علاقة بهم، أما الجزء الثالث فهو اليوميات خلال الفترة ما بين 1935 - 1949، بينما يضم الجزء الرابع وهو الأصغر ما يتوفر من مدونات.
نحماني خادم المشروع الصهيوني
حاول المترجم الدكتور إلياس شوفاني من خلال المقدمة التعريف بدور نحماني كسمسار أراض خدم كثيرا المشروع الصهيوني منذ الثلاثينيات في القرن الماضي، كاشفاً أساليب نحماني وأمثاله في الوصول إلى غاياتهم، ويثبت المترجم أن كل عمليات شراء الأراضي لم توفر إلا 6% من مساحة الأرض التي قامت عليها دولة إسرائيل سنة 1948.
بدأ نحماني نشاطه الفعلي، كما توضح المذكرات مع خروجه إلى الجليل عام 1911، وانضم إلى منظمة الحارس (هشومير). لكن مركز تحركاته لشراء الأراضي كان في منطقة طبرية. وتشير المذكرات في القسم المخصص للرسائل إلى العلاقات الوطيدة التي جمعت نحماني مع قادة الحركة الصهيونية، ومنهم يتسحاق بن ـ تسفي، ثاني رئيس لدولة الصهاينة 1952، والعدد الأكبر من الرسائل، كان موجها إلى صديقه يوسيف فايتس، وهي تتعلق أساسا بالعمل الموكل إليهما من المنظمات الصهيونية.
ومن خلال الكتاب يتضح أن العلاقة بين كل من نحماني وديفيد بن جوريون لم تكن حميمة، حيث لم يكن بن جوريون متحمسا لمخططات هيكرن هكيميت، لشراء الأراضي، بل كان يرى أنه يجب احتلال الأرض بالقوة العسكرية، ولم يكن يريد تبذير الأموال الصهيونية على الاستملاك بأسلوب نحماني.
ويؤكد المؤلف أنه رغم استبعاد الزعيم الأبرز لهكيرن هكيميت مناحيم أوسشكين، هذا الخيار لعدم توفر القوة العسكرية اللازمة لتنفيذ هذه السياسة لاستملاك الأراضي، فركز اهتمامه على الشراء، خاصة في مرج ابن عامر، لكن بن جوريون حقق مبتغاه بأسلوبه الخاص، فأخذ يطور المنظمات العسكرية الصهيونية التي قامت بحسم أمر استملاك الأرض باحتلالها بالقوة.
ولا يستطيع نحماني إخفاء تصدي الفلاحين لشراء الأراضي من قبل اليهود، لكنه يرجعها إلى أعمال تحريض لفئة من القوميين العرب، الذين يشكك في مصداقيتهم، كذلك تعرض نحماني بالسباب إلى المحامي الفلسطيني حنا نقارة، الذي كان يكرس معظم وقته وإمكانياته للدفاع عن قضايا الفلاحين الفلسطينيين.
لكن نحماني يعود ليناقض نفسه في سطور أخرى حين يتكلم عمن يعدهم خصومه في المعركة إذ هم ذاتهم أصحاب الوصف الأول له . كما وفي جانب آخر مشابه للسابق يؤكد نحماني أن سكان البلد الأصليين مجردون من الوعي السياسي، وبالتالي يصفهم بالمرحبين بالمشروع الصهيوني في بلدهم، لما دره عليهم من فوائد اقتصادية، لكن في جانب آخر يقر بالمتاعب والعقبات التي اعترضت سبيله وسبيل عمله، وبالتالي تشجيعه لليهود على التحلي بالصبر والمثابرة لكي تتحقق الأهداف المرسومة .
كما هاجم المترجم شوفاني مؤلف الكتاب وصاحب النشاط العقاري، نحماني،بقوله إن نحماني كان ضيق الأفق وصاحب وعي سياسي متدن، وذلك لأنه حسب شوفاني، الخبير في الشؤون الفلسطينية والصهيونية، رجل كان يرى أن الحل الأول والأخير في نشوء دولة الكيان هو في استملاك الأراضي للمستوطنين وإحلالهم محل السكان الأصليين، وبالتالي، فالمهمة المركزية للصهيونية تقع على عاتق منظمة هيكرن هكييمت لإسرائيل التي عمل فيها نحماني، وكان المسؤول عن نشاطها في الجليل الشرقي .
يستعرض نحماني نفسه حياته فيذكر أنه مولود في روسيا في مدينة ألكسندريا عام 1891 لعائلة تعمل في معصرة الزيت وهي عائلة يهودية متدينة . . وفي عام 1921 انتقلت العائلة إلى طبرية حيث نشط الرجل في شؤون المدينة بصفة عضو في المجلس البلدي عن الطائفة اليهودية، وفي ذات الوقت عمل مع شركة بيكا في شراء الأراضي حتى عام 1935، ومنذ عام 1935 وحتى عام وفاته في 1965 عمل نحماني مع الصندوق القومي اليهودي بصفة مدير مكتب الصندوق في الشمال الذي أقيم في طبرية حيث عمل طوال تلك العقود الثلاثة في استملاك الأراضي وخاصة في منطقة الحولة، وكذلك في غور الأردن والجليل .
وفي جانب من جوانب الكتاب يبالغ نحماني، وهو يفاخر بإنجازات هكيرن هكييمت في مجال بناء الاستيطان اليهودي في فلسطين، والذي يعده العامل الرئيس في إقامة الدولة العبرية . وفي الواقع، فإن تلك المؤسسة الصهيونية التي أنشئت منذ بدايات العمل الصهيوني، بهدف تهويد الأرض، كذراع للوكالة اليهودية العاملة على تهويد فلسطين كلها، لم تقم بالدور الذي كان متوقعا منها، وذلك حسب رسالة لمسؤول بارز في منظمة الشاباك ومجموعة من ضباط الموساد آنذاك يعنفون فيها عمل المنظمة التي لا تقوم حسب قولهم بالواجبات القومية على أكمل وجه، تلك الرسالة التي ترد في هامش من هوامش الكتاب .
ومما يسرده نحماني في الكتاب هو تركيز مبهم على الخطاب السياسي للحركة الصهيونية حول حرب 1948 أسبابها، مجرياتها، نتائجها، فإنها كانت أساسا تهدف إلى طرد العرب الفلسطينيين والاستيلاء على أملاكهم، وهو يقر هنا بأن كل ما كان يملكه اليهود من أراض في فلسطين لدى إعلانهم عن قيام دولتهم لا يساوي أكثر من 6 .6% من مساحة اليابسة الفلسطينية والتي تبلغ حوالي 305 .26 آلاف دونم .
ومن هنا يأتي تأكيده على أن الحركة الصهيونية آنذاك، عمدت إلى تنصيب السماسرة أمراء للمرحلة، لأن بيدهم وحدهم توسيع رقعة الدولة الموعودة بمساحات خطتها توراتهم في أسفار من عصور غابرة على حد زعمهم .
نهب واغتصاب للأرض العربية
وعلى أية حال، فإن بداية الاستيطان اليهودي في فلسطين كانت متعثرة. فقد تضافرت عوامل موضوعية مثل : السياسة العثمانية، المقاومة المحلية، قلة الأراضي المتوفرة للاستيطان وأسعارها المرتفعة نسبياً، وأنماط الملكية القائمة... إلخ، مع أخرى ذاتية مثل: التركيب الاجتماعي للمستوطنين، تنظيمهم، الإمكانات المادية المتوفرة لديهم، والخبرات التي يمتلكونها... إلخ، لعرقلة تطور الحركة الاستيطانية اليهودية.
وفي عرض سريع لمسار الاستملاك اليهودي للأرض في فلسطين يتضح ما يلي:
في العقود الثلاثة التي سبقت الحرب العالمية الأولى، كانت السمة البارزة لعمليات شراء الأراضي هي المبادرة الفردية. ويقدّر ما استملكه هؤلاء بحوالي 400.000 دونم. وفيما توقفت عملية بيع الأرض أثناء الحرب العالمية الأولى، فإنها انطلقت ثانية في ظل حكومة الانتداب، فقفز مجموع ما امتلكه اليهود إلى 557.000، وذلك على الرغم من أحداث تلك الفترة (ثورة يافا وصدور الكتاب الأبيض الأول، 1921)، والتي وقعت جراء الهجرة الصهيونية الثالثة (1919-1923). وفي فترة الهدوء النسبي (1923-1927) وتدفق الهجرة الرابعة (1924-1931) قفزت مساحة الملكية اليهودية إلى 864.000 دونم، كان نصيب الكيرن كييمت منها 125.000 دونم. ثم تراجعت الوتيرة في الفترة (1928-1931)، وأساساً بسبب المقاومة العربية (ثورة البراق وصدور الكتاب الأبيض الثاني 1929)، وذلك على الرغم من توسيع الوكالة اليهودية، وبالتالي، ازدياد الأموال المتوفرة للمنظمة الصهيونية. وعندما تراجعت الحكومة البريطانية عن هذا الكتاب الأبيض، ارتفعت معدلات شراء الأراضي مرة أخرى، وبلغ مجموع ما امتلكه اليهود في عام 1935 ما مساحته 1.232.000 دونم. ثم عاد المعدل للهبوط في فترة الثورة العربية الكبرى (1936-1939)، وبالتالي صدور الكتاب الأبيض الثالث (1939)، عندما أصبح مجموع ما يملكه اليهود 1.358.000 دونم. وكذلك الحال في سنوات الحرب العالمية الثانية، وبلغ مجموع ما امتلكه اليهود في نهاية الحرب (1945) ما مساحته 1.506.000 دونم. وبعد الحرب ارتفع المعدل مرة أخرى في غياب المقاومة العربية، ووصلت ملكية اليهود عشية الإعلان عن قيام إسرائيل (1948) ما مساحته 1.734.000 دونم، منها 933.000 بملكية الكيرن كييمت.
ومن هنا، فإن عملية تهويد الأرض الكبرى في فلسطين تمت من خلال حرب العام 1948، وهي الكبرى في تاريخ العمل الصهيوني. فكما رمت تلك الحرب إلى اقتلاع العدد الأكبر قدر الإمكان من أهالي البلد الأصليين، وبالتالي، تهويد السكان في الجزء المحتل من فلسطين، هكذا، بطبيعة الحال، كانت تهدف إلى الاستيلاء على القسم الأكبر من الأرض لتهويدها. وفي المحصلة، كانت بمثابة عملية نهب واسعة النطاق للأراضي العربية، التي تمت السيطرة عليها بقوة السلاح، وبالعنف الفاشي العنصري، كما أراد بن-جوريون، وخطط ونفذ، وليس كما توهم يوسيف نحماني وأقرانه من عملاء المؤسسات الاستيطانية الصهيونية. فهذه المؤسسات لم تقم بالدور الذي توقعه منها قادة العمل الصهيوني، ولا غرو أن بن-جوريون لم يعطها التقويم المناسب الذي تطلع إليه نحماني وأقرانه، كما يتضح من مذكراته.
وبصرف النظر عن المنافحة الصهيونية في خطابها السياسي حول حرب عام 1948، أسبابها ومجرياتها ونتائجها، فإنها كانت أساساً تهدف إلى طرد العرب الفلسطينيين والاستيلاء على أملاكهم.
ومهما يكن، فإن كل ما كان يملكه اليهود لدى الإعلان عن قيام دولتهم يساوي 6.6% من مساحة فلسطين اليابسة، والتي تبلغ 26.305.000 دونم. وجاء قرار التقسيم ليخصص للدولة اليهودية حوالي 16.000.000 دونم، أي أكثر من 60% من مساحة فلسطين، ويمنحهم بذلك 9 أضعاف ما يملكونه. فكان طبيعياً أن يرفضه الفلسطينيون ويقاوموه. لكنهم هزموا في الحرب، فاحتلت إسرائيل حوالي 20.250.000 دونم، أي أكثر من 80% من مساحة البلد، فيما طردت حوالي 80% من سكان المنطقة المحتلة العرب.
تهويد الجليل
وعدا المدن الكبيرة، المختلطة السكان أو العربية الصرفة، فقد تمّ تهجير سكان 356 قرية تقريباً، وتدميرها والاستيلاء على أراضيها، وبالتالي، تهويدها، وذلك من أصل 452 قرية (عدا الضيع الصغيرة التي لا تظهر على الخارطة الرسمية). إلا أن الجليل (الأعلى والأسفل)، وخاصة القطاع الغربي منهما، فإنه لم يفرغ من سكانه بنفس النسبة كما في المناطق الأخرى. ومن هنا، دأبت الحكومات الصهيونية المتعاقبة على رفع شعار تهويده بعد احتلاله. وتميز نحماني بالدعوة إلى ذلك، ولم يتوقف عن العمل لهذه الغاية حتى وفاته.
وبين أن تهويد الجليل مر بمراحل ثلاثة :
المرحلة الأولى وامتدت من 1948-1974، وشملت فترة الاحتلال وموجة بناء المستوطنات الأولى بعد الحرب (1948)، واستيعاب المهاجرين الجدد في المدن والقرى العربية، وتمت في ظل الحكم العسكري (ولعب نحماني، كما يرد في مذكراته، دوراً بارزاً على هذا الصعيد). فمع انتهاء هذه الحرب، كان حوالي نصف سكان الجليل قد هجروه، وبقيت الناصرة المدينة العربية الوحيدة فيه. في المقابل، كانت مدن بيسان وطبرية وصفد قد أفرغت من سكانها العرب، وحلّ محلهم فيها مهاجرون يهود جدد.
وخلال هذه الفترة، أُعلنت 17 قرية عربية مناطق مغلقة، وأُبعد سكانها أو ضموا إلى قرى عربية أخرى. ذلك أن إقامة المستوطنات اليهودية الريفية الجديدة على الحدود الشمالية لتأمين المناطق الحدودية، اقترنت باستراتيجية تقضي بإزالة قرى كاملة من هذه المناطق. وبالإضافة إلى إقامة 117 مستوطنة جديدة في الجليل، فإن هذه الفترة شهدت محاولة اختراق لقلب الجليل، وذلك بإنشاء ثلاث مدن تطوير للتوصل إلى توازن ديمغرافي، وهي: معلوت (1957)، نتسرات عيليت (1957)، وكرميئيل (1964). وكان للمواقع التي اختيرت لهذه المدن اليهودية الجديدة الثلاث، المحاطة بالقرى العربية المتعددة، دور استراتيجي وأمني، يهدف إلى قطع الاتصال الجغرافي للقرى العربية، وإقامة حاجز يحول دون توسعها.
المرحلة الثانية وامتدت من 1974-1982 وفيها طرحت استراتيجية التهويد للاستيطان الريفي في قلب الجليل. ففي يونيو 1974، اقترحت دائرة الاستيطان التابعة للوكالة اليهودية وجوب رفع عدد السكان اليهود في جبال الجليل من 62.000 (سنة 1973) إلى 100.000 بحلول سنة 1980. وتلا هذه الاقتراحات إنشاء 58 مستوطنة ريفية قبل منتصف سنة 1981. وكان 28 منها جزءاً من برنامج يهدف إلى التغلغل في منطقة القلب العربية، من خلال إقامة ثلاثة مجمّعات من المستوطنات هي: سيغف وتيفن وتسالمون. واقترنت سياسة التغلغل عن طريق الاستيطان على نطاق واسع، بفكرة إنشاء منطقة قلب يهودية بديلة داخل منطقة القلب العربية في المنطقة. وقد جرى تخطيط هذا التغلغل بحيث يؤدي إلى:عزل القرى المتجاورة عن بعضها البعض؛ وتقييد التوسع المكاني للقرى العربية. وهذه السياسة الاستيطانية التي اتُّبعت لاحقاً في المناطق المحتلة عام 1967، كانت ترمي إلى إنشاء حزام من الأرض يصل بين المستوطنات الإسرائيلية، ويقيم في الوقت ذاته حاجزاً مادياً بين التجمعات العربية الكبرى في المنطقة.
وقد أُقيمت المجمعات الاستيطانية الثلاثة، وكذلك المناطر كلها على أراضٍ عربية مصادرة، لم يكن اليهود قبل عام 1948 يملكون منها شيئاً قط.
المرحلة الثالثة وامتدت من 1982 فما بعد وفيها اتخذت سياسة التهويد منحىً جديداً، وهو تدخلها المباشر في الحياة الاقتصادية لقرى المنطقة وتوسعها المكاني. ويعود ذلك أساساً إلى أن التطور الانتقائي لم يحقق أهدافه المتوخّاة في التهويد. وقد جرى التعبير عن هذا التحول في سياسة التهويد في إنشاء مجالس إقليمية، هدفها الظاهري تقديم الخدمات، فيما هي في الحقيقة محاولة لمنع القرويين العرب المحليين من الانتفاع بأراضيهم حتى لو كان معترفاً لهم بملكيتها. ففي الواقع، أخرج هذا الإجراء عشرات آلاف الدونمات التي يملكها العرب من أيدي المجالس القروية العربية، وألحقها رسمياً بالمجلس الإقليمي اليهودي الجديد. وترتّب على هذه السياسة إضعاف البنية التحتية الاقتصادية للقرويين العرب في ديارهم وأرضهم، الأمر الذي دفعهم إلى البحث عن العمل المأجور في المدن اليهودية خارج الجليل.
في المقابل، تعززت قاعدة الاستيطان اليهودي الاقتصادية، مما يحفز المستوطنين على البقاء في المنطقة، وعدم الانتقال إلى المدن، مما يساعد على هدف تهويد الجليل.
إن أهمية هذا الكتاب ليست فقط في المعلومات الموثّقة التي يوردها عن سلوك الصهاينة في استملاك الأرض، ولا في الكشف عن الحقيقة فيما يتعلق بالفئة المحصورة التي باعت الأرض، والتي نظرت إليها على أنها سلعة وليست وطناً، فحسب، بل أيضا في إعطاء صورة جلية عن الأساليب الملتوية التي استخدمها عملاء الحركة الصهيونية في انتزاع ملكية الأرض من أصحابها، أو العاملين عليها، من سكانها الأصليين.
وهو شهادة من عصره على الممارسات الاستيطانية الصهيونية، والأساليب الملتوية التي استخدمتها الكيرن كييمت في استملاك الأراضي واقتلاع الفلاحين العرب منها..
ومما يذكر أن الدكتور إلياس شوفاني ألف العديد من الكتب الهامة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إسرائيل في خمسين عاما ويقع في ثلاثة أجزاء، وهو كتاب فريد في شموليته وعمقه، الموجز في تاريخ فلسطين السياسي منذ فجر التاريخ حتى العصر الحديث، وهو سفر نفيس يستحق أن يدرس في جميع المدارس في العالم العربي، هذا بالإضافة إلى كتابين في سيرته الذاتية، أحدهما رحلة في الرحيل، فصول من الذاكرة لم تكتمل الذي صدر سنة 1994 وأعقبه في سنة 2009 بكتاب مرثية الصفاء، كما أن له العديد من الكتب الأخرى جميعها تبحث في الصراع العربي الصهيوني حتى روايته منصور جاءت من وحي مآساة فلسطين ومعاناة شعبها ، أما رسالة الدكتوراه التي كتبها فقد كانت عن حروب الردة ..
الكتاب : مذكرات سمسار أراض صهيوني
المؤلف : يوسيف نحماني
تحرير: يوسيف فايتس
ترجمة: الدكتور إلياس شوفاني
الطبعة : الأولى -2010 م
عدد الصفحات : 366 صفحة من القطع الكبير
الناشر : دار الحصاد- دمشق – سورية