المشروعات الصغيرة ودورها في التنمية
هايل عبد المولى طشطوش
[email protected]
تأليف:
هايل عبد المولى طشطوش
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمه:
لاشك أن العالم يسعى وبخطى حثيثة إلى تحقيق الرفاه الاقتصادي لمواطنيه فترى الدول تركض مسرعة الخطى لتحقيق أقصى ما تستطيع من حياة اقتصاديه كريمه للإنسان فيها وذلك من خلال إتباعها وسائل مختلفة وطرائق متعددة ،ولقد كانت المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي أحدى هذه الوسائل ، وخاصة أن الدول النامية والضعيفة الإمكانيات وذات الموارد المحدودة والتي تعاني فيها التكنولوجيا من ضعف وهيمنة وتخلف فإنها تسعى إلى جعل المشروعات الصغيرة هي مفتاحها نحو تحقيق المزيد من الرفاه الاقتصادي
لمواطنيها.
لقد شهدت السنوات الأخيرة تزايد الإدراك من معظم الدول باختلاف درجات النمو فيها بأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم تقوم بدور حاسم في عملية التنمية الاقتصادية وتحقيق الأهداف الإنمائية الأساسية، وينبع هذا الاهتمام من دورها المتزايد في خلق فرص عمل جديدة ، ومساهمتها في زيادة الصادرات ، وقدرتها على الابتكار والتجديد، وفعالية الاستثمار فيها من خلال استجابتها للتغيير والمحافظة على استمرارية المنافسة وتقويتها ، وقدرتها العالية على استيعاب التكنولوجيا الجديدة.
إن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ليست ببساطة مؤسسات صغيرة أو متوسطة فحسب ، بل لها من المميزات والخصائص ما يجعلها تحتاج إلى سياسات خاصة بها ،هذا إذا ما علمنا أن هذه المشروعات تمثل الغالبية العظمى من الطاقة الصناعية في كثير من الدول.
وفي ظل العولمة وإنشاء منظمة التجارة العالمية (WTO) ، وتزايد عمليات تحرير التجارة والاستثمار وما نتج عنها من ارتفاع في حدة المنافسة للصناعة محليا وخارجيا ، فانه يُعتقد أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة الحجم سوف تواجه صعوبات كبيرة تجعلها من ناحية في مواجهة منافسة صعبة وغير متكافئة مع مثيلاتها من الصناعات المستوردة وفي منافسة كبيرة مع مثيلاتها من المنشآت الصناعية الأكبر منها والعاملة في نفس مجال إنتاجها في سبيل
الحفاظ على حصة مناسبة لها من السوق.
ومن هنا فان الفكر الاقتصادي الحديث يؤكد على ضرورة أن تولي السياسات الاقتصادية للحكومات هذه المشروعات الأهمية القصوى من خلال توفير المناخ المناسب لتنميتها وتطويرها ودعمها مادياً ومعنوياً .
يعتبر الانتعاش الاقتصادي هو الهدف والغاية التي تنشدها الدول والحكومات بغية تحقيق العيش الكريم لإفرادها من خلال وسائل وطرائق مختلفة ،ولاشك أن التغيرات التي تعيشها البشرية تلعب الدور الأكبر في تحديد الوسائل التي تناسبها لتحسين أوضاعها الاقتصادية وتحقيق العيش الكريم لمواطنيها ، وقد برزت في العقود الأخيرة المشروعات الصغيرة كوسيلة من وسائل الحد من الفقر والبطالة التي تعيشها كثير من الدول وخاصة دول العالم النامي ، وقد اثبت هذا النوع من المشاريع فاعليته ونجاحه في
تحسين المستوى الاقتصادي لبلدان كثيرة واعتبر من أهم أدوات التنمية الاقتصادية فيها حيث بينت تقارير البنك الدولي بأن المشروعات الصغيرة تساهم بحوالي 46% من الناتج المحلي العالمي ، و80% من حجم المشروعات العالمية الكلي ،كما تستحوذ على 35% من الصناعات اليدوية في العالم ..
ولاشك أن التنمية الاقتصادية تصب في النهاية بل وترتبط ارتباطا عضويا بالتنمية السياسية والاجتماعية ،ولابد لكي ندرك أهمية وقيمة المشروعات الصغيرة في الاقتصاديات الوطنية لكثير من الدول ولمعرفة دورها في التأثير على التنمية لابد أن نتعرف أولا على كنه هذه المشروعات من جوانب مختلفة أولها تحديد المفهوم . من اجل ذلك كلة فقد خطرت بذهني فكرة الكتابة حول المشروعات الصغيرة عندما كنت في مرحلة الماجستير وجمعت القدر الأكبر من المعلومات حولها فوجدت انه من المهم تبيانها
وتوضيحها وكانت رسالة الماجستير حول المشروعات الصغيرة في الأردن ولكن وجدت انه من المهم الكتابة حول المشروعات الصغيرة بشكل عام ودورها في التنمية وخاصة بعد الأزمة المالية العالمية والتي كشفت عن أهمية المشروعات الصغيرة ودورها الواعد في قيادة الاقتصاد العالمي إلى بر النجاة وخاصة بعد إعلان كثير من الشركات الكبرى إفلاسها وخروجها من السوق وبالمقابل نجاة المشروعات الصغيرة وصمودها في وجه التحديات والأزمات الاقتصادية ، لذا فقد جاء ها الكتاب ليجلي المشروعات الصغيرة ويوضح مفهومها وكنهها
ويبين دورها في التنمية؛ وقد وضع على شكل فصلين وتكوّن كل فصل من عدة مباحث وعلى النحو التالي :الفصل الأول وتكون من المباحث التالية :
المبحث الأول: مخصص للحديث عن تعريف المشروعات الصغيرة : وقد تطرقنا فيه إلى توضيح مفهوم المشروع الصغيرة ومن كل جوانبها تقريبا وقد تناولنا تعريفات من ثقافات اقتصادية مختلفة منها الشرقية ومنها من الغرب ومنها المحلي ومنها العربي ومنها الآسيوي وهكذا ... وبينا فيه المعايير التي تعتمدها كل جهة لتعريف المشروع الصغير ، وقد جاء ذلك مفصلا بعناية ، أما المبحث الثاني: فقد تحدث عن مميزات المشروعات الصغيرة ومزاياها الايجابية وبعض السلبيات التي قد تعتريها والتي قد تكون
خارجه عن إرادتها ونابعة من المحيط الذي يجاورها ، أما المبحث الثالث: فقد خصصناه للحديث عن المعوقات والصعوبات التي تواجه المشروعات الصغيرة وتحد من نموها وتقف عقبة في طريقها والتي من أبرزها قضيتا التمويل والتسويق .
أما الفصل الثاني فقد تكون المباحث التالية : المبحث الأول : دور المشروعات الصغيرة في الاقتصاديات الوطنية وهو يبين الدور الفعال للمشروعات الصغيرة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وانعكاس ذلك على استقرار المجتمع سياسيا وبالتالي نموه سياسيا ، أما المبحث الثاني : فهو موضوع جديد يتحدث عن دور الاقتصاد الإسلامي في النهوض ودعم المشروعات الصغيرة وأساليب التمويل التي قد تنقذ المشروعات الصغيرة وتحل أزمة التمويل لديها ، والمبحث الثالث: خصصناه للحديث عن واقع
المشروعات الصغيرة في الاقتصاد الأردني وبيان مكانتها ودورها في تنمية المجتمع الأردني من خلال مساهمتها الفاعلة في الاقتصاد سواء من حيث عدد الأيدي العالمة او من حيث مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ، وأما المبحث الرابع : فهو مخصص للحديث عن المشروعات الصغيرة والأزمة المالية العالمية فنظرا للظروف المالية والاقتصادية التي يمر بها العالم فانه لابد من بيان دور المشروعات الصغيرة في مقاومة الأزمات وكذلك بيان تأثير الأزمة المالية عليها . وفي النهاية نتطرق إلى استنتاجات قد تكون ذات
فائدة في إعطاء خلاصة عن الموضوع برمته راجيا أن يكون هذا الكتاب فيه الفائدة والنفع لطلاب العمل والباحثين وإثراءً جديداً للمكتبة العربية وإضافة نوعية لموضوع المشروعات الصغيرة .
والله من وراء القصد