الحياة الاقتصادية وأثرها في الشعر الأموي
لمؤلفته الدكتورة انعام موسى رواقة
د. حسن الربابعة
قسم اللغة العربية
جامعة مؤتة
صدر هذا الكتاب الموسوم باعلاه للدكتورة انعام موسى ابراهيم رواقة ـ رحمها الله تعالى واسكنها فساح جناته ـ عن مؤسسة الوراق للنشر ولتوزيع ، عمان ، 2002م ، وهو رسالة دكتوراة حصلت عليها الباحثة ، وجاء الكتاب في مقدمة وستة فصول وخاتمة ضمن (392) تنتين وتسعين وثلاثمائة من القطع الكبير ، وقد اتَّكأت على (190) مائة وتسعين مصدرا ومرجعا ودورية ،
اما المقدمة فذكرت فيها ان كتابها كان اطروحة لرسالة دكتوراة في الجامعة الاردنية ، اقامتها على اكتناه العلاقة بين الشعر والمجتمع ، اما الفصل الاول فعنونته "البيئة الاقتصادية "عرضت فيه للبيئات الاقتصادية في كل من بلاد الشام والعراق ونجد والحجاز، وذكرت الفتوحات وأهميتها الاقتصادية كما عرضت للانظمة الاقتصادية من زراعة وتجارة وصناعة وحرف ومرت بنظام الكلأ وما يتطلب من حماية لاهميته لتناغمه بين جغرافية المكان ومناخه في المجتمع القبلي ،
اما الفصل الثاني فعنونته ب"البيئة الاجتماعية واثرها في التطور الاقتصادي "وقسمت البيئة الاجتماعية الى العرب والموالي والرقيق ثم درست مستوى الميشة عند هذه الطبقات وانتبهت الى انواع الطعام والشراب والبستهم وزينتهم ومجالس الترف واللهو والغناء واختتمته بحركة البنيان العمراني .
اما الفصل الثالث فعنونته ب"اثر الحياة الاقتصادية في شعر الفتوح" ،وابرزت العلقة بين الراعي والرعية، وادرجت جوانب دينية في شعر الجند كان للكسب المادي ظهور في اشعارهم ،وقد غلبت ظاهرة الجهاد في سبيل الله على الشعراء في هذا الفصل، وان كان بعض الشعراء المجاهدين يرون الا تعارض بين اجر الجهاد في الاخرى والكسب المادي في الاولى ، وبعض الجند شكا طول القتال وتمنى انتهاءه فيقول احدهمص215)
فابلغ امير المؤمنين رسالة سوى ما يقول اللوذعي الصمحمح
اكلنا لحوم الخيل رطبا ويابسا واكبادنا من اكلـــنا الخـــيل تفـرح
وبعضهم وقع في الاسر فنقل لنا معاناته فيقول ص216)
ارقتُ وبان عني من يلوم ولكن لم انم أنا والهموم
كاني من تذكر ما الاقي اذا ما اظلم الليل البهـــيم
وبعض الجند كان يشعر بالحيف في توزيع الغنائم فيقول احدهم (ص217)
نحن كفينا اهل مرو وغيرهم ونحن نفينا الترك عن اهل كردر
فان تحعلوا ما قد عنمنا لغيرنا فقد يظلم المرء الكريم ويصبر
واما الفصل الخامس فعنونته ب"ظاهرة شكوى الفقر والاحتجاج الاقتصادي في الشعر الاموي ودرست فيه شكوى الفقر والاحتجاج الاقتصادي والشكوى من عمال الصدقات وذكرت نظام العطاء ، اما شكوى الفقر فشاع في البادية والمدينة ، وقد قُطع العطاء مرة عن اهل الحجاز وعن اهل المضيرية في عهد عبد الملك بن مروان فقال عبد الملك بن مروان يحذر الحجاج من زيادته العطاء الى اهل الشام المقيمين في العراق ويحرم بالوقت ذاته العراقيين منه فيقول ص250)
عليك بتقوى الله في الامر كله ومن يا عبيد الله تخشى تتضرع
ووفِّر خراج المسلمين وفيأهم وكــــن لهم حصنا تجبر وتمنع
وكان للفقر اسباب منها اختلاف الراي والانتماء لبعض الفرق دون الدولة الاموية
وبعضهم احتج على التفاوت الطبقي ونادى بالتكافل الاجتماعي كقول بعضهم (ص67):
واني لاستحيي من الله ان ارى اجرِّر حبلا ليس فيه بعيرُ
وان اسال العبد اللئيم بعيره وبُعران ربي في البلاد كثيرُ
وبعض الشعراء خاطب معاوية بن ابي سفيان احتجاجا جماعيا بين في شعره انه وابنه يزيد اكلوا الارض ولم يبق فيها من قائم او حصيد فيقول (276):
اكلتم ارضنا فجردتموها فهل من قائم او من حصيد؟
وبعضهم وصف عمَّال عمر بن عبد العزيز بالذئاب فقال 278)
ان كنت تحفظ ما يليك فانما عمال ارضك بالبلاد ذئاب
لن يستجيبوا للذي تدعو له حتى تجلد بالسيوف رقاب
وابرزت الدكتورة انعام رحمها الله تعالى الصراع بين الدولة والشعب اذ كانت الدولة تضيِّق على شعبها وحذر بعضهم من وقوع شر اذا منعت الزيادة فقال(282):
زيادتنا نعمان لا تحبسنها خف الله فينا والكتاب الذي تتلو
فانك قد حملت منا امانة بما عجزت عنه الصلاخمة البزَّل
فلا يك باب الشر تحسن فتحه وباب الندى والخيرات له قفل
اما الفصل السادس الاخير فعنونته ب"التفسير الاقتصادي لشعر الغزل
" وعزت الثراء في الحجاز الى بروز شعراء منهم عمر بن ابي ربيعة ، وظهر الغناء وشعر ابن ابي ربيعة شاهد كقوله 320)
لقد ارسلت جاريتي وقلت لـــــــها خذي حذرك
وقولي في ملاطفة ل"زينب" نوِّلي عمرك
اما الغزل السياسي فهو الغزل الكيدي او الهجائي فلا تدري هل الشاعر يتغزل او يهجو ويعزى للغضب السيياسي ـوبعضهم كان يشبب بالأميرات الامويات ، فذاك هو عبيد الله بن قيس الرقيات راح يتغزل بأم البنين بنت عبد العزيز بن مروان زوح الخليفة الوليد بن عبد الملك ويمح مصعب بن الزبير منها(346):
الا هزئت بنا قريشية يهتز موكبها
رأت بي شيبة في الراس مني ما اغيبها
فقالت اين قيس ذا وغير الشيب يعجـــــبها
راتني قد مضى مني وغضبات صواحبها
ومثلك قد لهوت بها تمام الحسن اعيبها
لها بعل غيور قاعد بالبـــاب يحـــــــــجبها
يراني هكذا امشي فيوعــــدها ويضربها
وظلت على نمارقها افدِّيها واخلبها
الى ام البنين متى يقربها مقربها؟
وابرزت اصناف الغزل الأخرى منا العذري ومنه والغزل عند شعراء البلاط ، وانتهت الخاتمة تلخص اهمية دراستها.، وكانت الدكتورة انعام زميلة الدكتور حسن الربابعة اذ تخرجت معه في درجة الماجستير عام 1989 ، منجامعة اليرموك وكان مشرفها الاستاذ الدكتور عبد القادر الرباعي ، وكانت زميلة لي في جامعة مؤتة رحمها الله تعالى وجعل الجنة مثواها ان الله سميع مجيب الدعاء.