تاريخ غطفان وأنسابها
أحمد الجدع
المؤلف : أحمد عبد اللطيف الجدع
الناشر : دار الضياء للنشر والتوزيع
مضر بن نزار بن معد بن عدنان أصل عظيم من أصول العرب ، تفرع منه فرعان كبيران ، قيس عيلان بن مضر والياس ( اليأس ) بن مضر .
أما قيس عيلان فقد تفرعت منه قبائل كبيرة وممتدة ، كثيرة العدد عظيمة البأس: خصفة بن قيس عيلان بن مضر الذي تفرعت عنه قبائل كثيرة أهمها هوازن وعمرو بن قيس عيلان الذي تفرع منه فَهْم وعَدوان ، وسعد بن قيس عيلان الذي تفرع منه قبائل غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر .
لا نعرف الشيء الكثير عن قيس عيلان إلا ما ورد في الحديث الشريف أنه كان على دين إبراهيم عليه السلام، وأن الرسول r قد ترحم عليه وامتدحه .
فقد روى الطبراني عن جابر بن أبجر قال : ذكرتُ قيساً عند النبي r فقال : "رحم الله قيساً " قيل : يا رسول الله ، ترحَّمُ على قيس ؟ قال : " نعم ، إنه كان على دين أبينا إبراهيم خليل الله " .
ثم قال : " يا قيس حيّ يمناً، يا يمن حيّّ قيساً ، إن قيساً فرسان الله في الأرض، والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان ليس لهذا الدين ناصر غير قيس، وإنما قيس بيضة فغلقت عنا أهل البيت، إن قيساً ضراء الله ".
وإنما يعني عليه السلام بضراء الله أسدها .
وسوف نقصر الحديث عن غطفان، وهي إحدى قبائل قيس عيلان الكبيرة التي تفرع عنها عبس وذبيان وأنمار، وعبد الله بن غطفان وأشجع .
وقد كتبنا عن عبس كتاباً مستقلاً وكذلك عن ذبيان، ثم رأينا أن نكتب كتاباً شاملاً عن غطفان نفصل فيه الحديث عن عبد الله بن غطفان وعن أشجع بن ريث بن غطفان وعن أنمار بن بغيض بن ريث بن غطفان ، ونضمنه مشاهير عبس وذبيان .
وقد امتدح رسول الله r أشجع بن ريث بن غطفان :
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r : " قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وأشجع مواليَّ ، ليس لهم مولى دون الله ورسوله" .
فقد قرن رسول الله r في هذا الحديث بين أشجع وقريش والأنصار، وجعل أشجع من مواليه وكفى بذلك فخراً .
أما عبد الله بن غطفان فقد كانوا يدعون ببني العزى، وعندما وفدوا على رسول الله r حوّل اسمهم إلى بني عبد الله، وكان منهم عقبة بن كلدة أحد السبعين النقباء يوم العقبة الكبرى ، وقد لازم رسول الله r بمكة ثم هاجر معه إلى المدينة .
وكان عقبة حليف الأنصار، فلهذا قيل له مهاجري أنصاري .
كان عقبة بن كلدة مهاجري أنصاري ، وليس لأحد غيره هذا الشرف .
وكان أنمار بن بغيض بن ريث قليل العدد ، أشتهر بنسائه اللاتي كن من منجبات العرب، وعلى رأسهم فاطمة بن الخرشب التي ولدت الكملة من بني عبس.
وقد قرأت في كتاب نشوة الطرب أن أشجع " لا ذكر لها الآن في الحجاز ولا في غيرها " ، وأنا لا أرى صواب هذا الرأي ، ذلك لأن القبائل العربية بقيت أصولها وجذورها وما تفرع عنها في جزيرة العرب ، وقد سبق أن قال ابن خلدون عن هذيل بأنها " لم يبق لها حيّ بطرق في جزيرة العرب " وقد أثبت في الكتاب الذي أصدرته عن هذيل بأنها لا زالت في مواطنها من سراة هذيل في الحجاز وأن لها من أبنائها العدد الجم الوفير في باقي أجزاء الجزيرة بعد أن ساد هذه الجزيرة التحضر وتوفرت فيها وسائل النقل والاتصال وعم فيها الخير الذي طال كل قبائل العرب .