الأخوات المؤمنات

لمنير محمد الغضبان

د. منير محمد الغضبان

[email protected]

يحيى بشير حاج يحيى

[email protected]

  مما لا شك فيه أن تأثير المرأة في المرأة لا يقل عن تأثير الرجل في الرجل ! بل يذهب الكثيرون إلى أن تأثير المرأة أسرع وأعمق ، ولذا ترتب علينا أن نبحث لأخواتنا وبناتنا عن الأسوة الحسنة والنموذج الذي يقتدين به ، في الوقت الذي أصبحت فيه الكثيرات عرضة للاستهواء ، وهدفاً للتأثير ، وغرضاً للاستلحاق بما تبثه وسائل الإعلام المختلفة من قيم مجسدة ، وأفكار مهيئة ، وسلوكيات خاطئة بأساليب متعددة ينساق خلفها من لم تحصن ، بالعقيدة الصحيحة ، والتربية الرفيعة ، والمثل الأعلى ، حتى وصلت الحال بالكثيرات الكثيرات إلى تقليد من لا يحسن تقليدهن ، واتباع من يضر اتباعهن في الدين والدنيا .

  وعلى هذا وجب على أهل التربية عدم اقتصار التوجيه على التهذيب المباشر ، فقد ظهرت الحاجة إلى وسائل أخرى ، ومنها القصة لأنها كما يقول المختصون في الأدب وممن لهم باع طويل في التربية أيضاً " كانت ولا تزال مدخلاً طبيعياً يدخل منه أصحاب الرسالات والدعوات والهداة والقادة إلى الناس وإلى عقولهم ليلقوا فيها بما يريدونهم عليه من آراء ومعتقدات وأعمال " وقد كان كتاب " الأخوات المؤمنات " للأستاذ منير الغضبان ، من هذا القبيل ، فرأى فيه أهل الاختصاص وسيلة من وسائل التربية المفيدة ، فقررته الرئاسة العامة لتعليم البنات في المملكة العربية السعودية لمناسبته للفتيات في المرحلة الثانوية ، ومن في مستواهن ، لما فيه من الأسوة الحسنة والنوذج الطيب الناجح ، إذ ضم تراجم لست من الصحابيات ، سيقت بأسلوب قصصي جذاب ، تعرض صوراً من حياتهن .

  وقد ضم القسم الأول ، الأخوات الأربع اللاتي قال فيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم " الأخوات الأربع مؤمنات : ميمونة ، وأم الفضل ، وسلمى ، وأسماء "

  فأم المؤمنين " ميمونة " رضي الله عنها ، فقدت زوجها ، وهي لم تتجاوز الخامسة والثلاثين ، وقد أكرمها الله تعالى بالزواج من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانت نعم الزوجة الصالحة ، عزفت نفسها عن الدنيا وبهارجها ، فتوجهت بكليتها إلى أعمال البر ، وصلة الرحم ، وفيها قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : أما إنها كانت من أتقانا وأوصلنا للرحم .

  " وأم الفضل بنت الحارث " التي آمنت بعد خديجة رضي الله عنها ، كانت أماً لحبر الأمة عبدالله بن عباس ، ومثلاً للمرأة المسلمة التي فهمت إسلامها .

  وأما الأخت الثالثة " أسماء بنت عميس " زوجة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقد كانت نعم المرأة المهاجرة التي تقف مع زوجها في ساعات الشدة تشد من أزره !!

  ويتمثل في الأخت الرابعة " سلمى بنت عميس " زوجة حمزة رضي الله عنه ، المرأة الحريصة على إسلام زوجها ، الصابرة المحتسبة عند استشهاده .

  وفي القسم الأخير يترجم المؤلف لأختين مجاهدتين : كانت الأولى " أم سليم بنت ملحان " الداعية التي أبت أن يكون مهرها مالاً ، وأصرت على أبي طلحة حين تقدم لخطبتها أن يعلن إسلامه ، وضربت المثل الأعلى للمرأة المسلمة التي تقوم بدورها في المعارك .

  ولم تكن أختها " أم حرام بنت ملحان " بأقل منها حرصاً على الجهاد في سبيل الله ، فقد بشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها ممن سيركبون البحر كالملوك على الأسرة .. وقد كان ! فما يزال قبرها معروفاً إلى اليوم في جزيرة قبرص بقبر المرأة الصالحة .