المنبر
المنبر
غرناطة عبد الله الطنطاوي
كتاب جميل من القطع الكبير، يضم 428 صفحة، جمع فيها مؤلف الكتاب الطبيب "محيي الدين كحالة" بعض الخطب له ولغيره من خطباء الجمعة المتميزين.
وقد أسهب في الحديث عن أهمية خطبة الجمعة، لما لها من أثر كبير في نفوس الناس، ولأنها مسؤولية أمام الله ورسوله، وأمانة عظيمة على من يقوم بها أن يؤديها أحسن الأداء، لأن الخطيب متحدث باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد تحدث المؤلف بإسهاب عن شخصية الخطيب من الناحية النفسية والجسمية والروحية والثقافية والشكلية والعلمية.
وعن طريقة الخطيب في أداء الخطبة بحيث يراعي تنوع طبقات الناس الذين يخاطبهم، وتنوع عقولهم وإدراكهم، ومعرفة واقعهم المعيش لمعالجتها، ضمن أطر إسلامية متجددة.
وأكد المؤلف على مدة الخطبة من ناحية طولها وقصرها.
واستشهد ببعض أقوال الخطباء في بعض النقاط التي تحدث عنها.
ومن ثم ينتقل المؤلف إلى فاصل علمي جميل، بين الحين والآخر، يتحدث فيه عن بعض عجائب خلق الله، بأسلوب علمي رصين موجز، كعادة المؤلف في حديثه مع مريضاته أو مع الناس، فهو بطبعه هادئ رصين حيي.
وقد أورد المؤلف بعض الخطب لبعض العلماء، وأورد أيضاً بعضاً من خطبه، والتي تحدث فيها عن الواقع المعيش مثل عطلة يوم السبت التي صدرها لنا معسكرات الكفر كي نتعلم على الراحة والسبات، والانقطاع عن العمل.
وتحدث أيضاً عن بعض الموضوعات العلمية التي تهمّ المسلم في حياته، وبعض الموضوعات الاجتماعية والدينية، وبعض الموضوعات في الإعجاز العلمي في القرآن، كما ورد في القرآن الكريم قصة آل لوط وعقوبتهم، كما ظهر مع علماء الآثار.
وتحدث في فاصل علمي آخر عن الألوان وأسرارها، وغيرها من أسرار الطبيعة.
ولكن كعادة الطبيب "كحالة" دائماً يوجز في كلامه إيجازاً، حتى في كتابه هذا كان يوجز في سرد المعلومات، ولكنه أسهب في أمور الخطابة والخطيب، وأعطاه حقه الكامل تقريباً، لأهمية الموضوع، ولجهل خطباء هذا الزمان بما يتعلق بالخطابة.
فهو كتاب يستحق القراءة، وخاصة لخطباء المساجد، لأن الخطباء يتحدثون إلى عدد كبير من الناس على اختلاف ميولهم، وأعمالهم، وتوجهاتهم، وشهاداتهم العلمية، ومستوياتهم المادية والنفسية، أي أنها فرصة كبيرة لبحث المستجدات على الساحة الاجتماعية، والدينية، والسياسية، وحتى العالمية.