من كتب التراث

ثامر إبراهيم المصاروة

ثامر إبراهيم المصاروة

[email protected]

كانت جولة رائعة تلك التي جُلتها في مكتبة الجامعة (جامعة مؤتة)، إذ كنتُ أقصد الإطلاع على كتب الأدبِ واللغةِ فيها، فراعني التراث الزاخر والعلم الوافر فتنقلتُ بين أفنان ذلك الروح العظيم ونهلتُ قليلاً من معينه الذي لا ينضب وكانت جولتي محصورة في الكنوز التالية :

أولاً: مقدمة ابن خلدون :

يتناول هذا الكتاب طريقة كتابة التاريخ، وأسباب تقلب الدول، والمظاهر التي يشتملُ عليها التاريخ الإنساني، وشملت مقدمة ابن خلدون ما يأتي :

حقيقة التاريخ ومهمة المؤرخ، العوامل الطبيعية في تكوين الأمم، العوامل الاجتماعية في نشوء الأمم، المؤسسات الاجتماعية في البدو والحضر، العوامل العارضة في المجتمع الإنساني، وقد تُرجمت المقدمة إلى معظم لغات العالم الحية، وأصبحت من المراجع الأساسية للعلوم الاجتماعية .

أما مؤلفه فهو: عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي، ولد في تونس عام (732هـ / 1332م)، تلقى العلم على يد أبيه وعلى يد نفر من علماء تونس، تبحرّ في علوم اللغة والدين، فقد حفظ القرآن والحديث وتعلم اللغة والنحو، ثم توسع في علوم المنطق والفلسفة، انتهى به المقام في القاهرة حيث تولى القضاء مِرارًا حتى وفاته عام (808هـ / 1406م) .  

ثانيًا: المستظرف في كل فن مستطرف :

يضم هذا الكتاب الموسوعي الشامل أطرافًا متباينة من فنون الأدب والحكمة والقول، ولا يرتكز إلى موضوع واحد وفكرة محددة؛ لأن مؤلفه حين وضعه كان يهدف إلى غاية معينة وهي تنمية الفضائل الإنسانية في النفوس التي فقدت في عصره ـ الذي عاش فيه ـ التهتك والتحلل من القيم الإسلامية الخيّرة، فضلاً عن شيوع العادات والتقاليد التي لا تُمت للعقيدة السمحاء بصلةٍ .

أما مؤلف هذا الكتاب هو: محمد بن أحمد بن منصور أحمد بن عيسى البهاء العباسي المحلي الشافعي، ولد سنة (790) للهجرة، بأبشوبة من القُرى الغربية في مصر وهناك تلقى دروسه الأولى، فحفظ القرآن الكريم، ثم قرأ بعض كتب الفقه والنحو عن بعض علماء عصره، ونظم الشعر وصنف في الأدب وغيره، كما أن كلامه ونظمه لم يخلوا من بعض الهفوات النحوية التي تدل على عدم إلمامهِ الإلمام الكافي في هذا المجال، وكانت وفاته سنة (800) للهجرة .

ثالثًا: جامع الدروس العربية :

 وهو كتاب حديث يتناول قواعد الصرف والنحو مما لا يسع الأديب جهله ـ ومن يريد بعض التوسع في القواعد العربية إغفاله ـ لأنه يشتمل على ما تدعو إليه حاجتهما من قواعد وفوائد، فجاء كتابًا جامعًا صحيحًا، فيه الكفاية للأدباء والمتعلمين على اختلاف مستوياتهم وتباين مراتبهم .

ومؤلف هذا الكتاب هو: مصطفى الغلاييني، المولود في مدينة حنة سنة (1330) للهجرة سنة (1912) ميلادي .

رابعًا: جمهرة أنساب العرب :

وهذا كتاب يتناول الأنساب العربية بالتفصيل ويربطها مع بعضها ربطًا وثيقًا ويتناول الأحداث التاريخية والقبلية والأدبية بدقة والتزام، ويذكر المدن والمساكن التي تجمهرت فيها القبائل، وحفظ أسماء تلك البلدان، ويقدم بعض الملاحظات التي تُشير إلى سبب تسمية هذه البلدان .

كما تكلم المؤلف عن المُفاخرة بين عدنان وقحطان، وهما الأصلان الأساسيان لقبائل العرب، بالإضافة إلى قضاعة، فمرة يُنسب إلى عدنان وأخرى يُنسب إلى قحطان أو قضاعة، فحصر أنساب العرب في هؤلاء الثلاثة، كما قدّم لنا دراسة قيمة لنسب بني إسرائيل معتمدًا في دراسته على التوراة .

أما مؤلفه فهو: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، ولد بقرطبة عام (384هـ / 1994م) درس المذهب الشافعي، وقام بتنقيح مذهب دواد، وتتلمذ على يد بعض الشيوخ منهم أبو عمر بن الحسين ويونس بن عبد الله القاضي، ومن تلاميذه: ابناه: يعقوب والمصعب، وتتلمذ له أيضًا الوزير الإمام أبو محمد المغربي، ومن مؤلفاته الناسخ والمنسوخ وحجة الوداع .

خامسًا: لسان العرب :

يتناول هذا الكتاب بين دفتيه مفردات اللغة العربية بالتفسير والشرح باعثًا الارتقاء فيها والحياة مبتعدًا بها عن قاموسيتها الجامدة الميتة، فقدم لنا ما يُغني عن كتب اللغة، معجمًا موسوعةً فكان فيه مُحلِقًا: عالمًا ومُحدِثًا وفقيهًا وأديبًا ومُؤرِخًا، وق اعتمد في تألفيهِ هذا المعجم عل كل المعجمات وكتب اللغة التي سبقته .

أما مؤلف هذا المعجم فهو: محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري محمد بن جلال الدين مكرم بن نجيب الدين أبي الحسن علي بن أبي القاسم بن حقبة بن محمد بن منظور ولد سنة (630) في مصر، أما طفولته كانت مشغولة بالعلم والتحصيل، وجذبته الحركة العلمية التي صخب بها بيته .

تلقى العلم على يد بعض علماء عصره منهم ابن المقبر، ومرتض بن حاتم، وعبد الرحمن بن الطفيل، ويوسف بن المخيلي، ولكن الغريب أن ابن منظور أهمل شيوخه ولكن تلاميذه لم يهملوه، ومن بينهم السبكي والذهبي، وانتهى به المقام كما أجمع المترجمون لابن منظور على أن وفاته كانت في شعبان سنة (711) .

سادسًا: شروح سقط الزند (أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري):

هذا الكتاب من أعرف كتب أبي العلاء، وأكثرها تداولاً بين المتأدبين والباحثين، وقد تولى تفسيره والقيام عليه في سالف الدهر أئمة فاضلون، بذلوا جُهدهم في بيان معانيه، واكتشاف أسراره ومراميه .

وقد جرت عادة أبي العلاء في كثيرٍ من كتبه أن يضع لها تفسيرًا يوضِّح مبهماتها، وأبو العلاء لم يشرح جميع سقط الزند، بل أملى شرحه على تلاميذه ومن أهم شرّاح سقط الزند :

شرح التبريزي، شرح ابن السيد البطليوسي، شرح التنوير وهو لأبي يعقوب يوسف بن طاهر الخوري، الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي، شرح صدر الأفاضل لقاسم بن الحسين بن محمد الخوارزمي، شرح القاضي لشرف الدين هبة الله عبد الرحيم البارزي .

سابعًا: المعجم المفصل في الإعراب :

يتناول هذا الكتاب ـ وهو من الكتب الحديثة ـ بعض المشاكل التي تواجه شباب المستقبل الذين نفروا وابتعدوا عن اللغة العربية جارين وراء علوم أخرى من رياضيات وعلوم وغير ذلك، وقد حاول المؤلف جاهدًا أن يضعَ بين أيدينا كتابًا قد ينفرد عن غيره من بقية المصنفات في هذا المجال .

فقد اعتمد على الترتيب الهجائي للكلمات التي يعربها ثم وهو يهتم بالكلمات الصعبة التي تحتمل أكثر من وجه من وجوه الإعراب محاولاً تبسيط الإعراب وعدم الخوض في متاهات اللغة وهو يدعم ذلك كله بأمثلة من القرآن الكريم والشعر العربي.

أمّا مؤلفه فهو: الأستاذ طاهر يوسف الخطيب .

ثامنًا: تاريخ الطبري :

 وهو كتاب موسوعي شامل في التاريخ وقد سماه صاحبه (تاريخ الأمم والملوك)، وقد بدأه بذكر الدِّلالة على حدوث الزمان وخلق القلم ثم ذكر آدم وما كان بعده من أخبار الرسل والأنبياء متعرضًا للحوادث التي وقعت في زمانهم ومعرجًا على أخبار الملوك الذين عاصروهم مع ذكر الأمم التي جاءت بعد الأنبياء حتى مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم .  

أما القسم الإسلامي فقد رتبه على الحوادث من عام الهجرة حتى سنة (302هـ) وذكر في كل سنة ما وقع فيها من الأحداث، وقد استطاع الكتاب أن يجمع بين دفتيه جميع المواد المودعة في كتب الحديث والتفسير واللغة والأدب والسير والمغازي والشعر والخطب والعهود وعرضها عرضًا رائعًا ناسبًا كل رواية إلى صاحبها، حتى بلغ الكتاب سنة أجزاء .

أما مؤلفه: فهو أبو جعفر بن جرير الطبري المولود في (224هـ) المتوَّفى في سنة (310هـ)، ولد في (آمل) بطبرستان وقد حفظ القرآن وهو ابن سبع سنوات وقد رحل وأخذ عن علمائها وشيوخها ثم إلى الكوفة وأخذ القراءات عن الطلحي ثم عاد إلى المدينة ورحل بعدها إلى مصر ومرّ على أجناد الشام، له مؤلفات بلغت حيفًا وعشرين مؤلفًا أبرزها تاريخ الأمم والملوك .

تاسعًا: الطبقات الكبرى لابن سعد :

  والقسم المتوفر في مكتبة الجامعة هو المتمم لتابعي أهل المدينة ومن بعدهم (من ربع الطبقة الثالثة إلى منتصف الطبقة السادسة) وقد حوى أربعمائة وسبع ترجمات وهي تراجم لخيرة رجالات المدينة المنورة من كبار التابعين وصغارهم لعل أقدمهم وفاة هو عبد الرحمن بن مسود (90 هـ) وآخرهم وفاة هو شعيب بن طلحة (174 أو 175هـ) .

وهو جزء تتجلى أهميته من حيث أنه متمم لكتاب أصيل في بابه ومادته ومن حيث احتواؤه لتراجم عدد كبير من رجالات أعظم مركز إسلامي علمًا وحضارةً في تلك الفترة .

أما مؤلفه: فهو محمد بن سعد بن منيع الهاشمي مولى أبي عبد الله البصري، ولد سنة ثمان وستين ومائة للهجرة في البصرة ثم قدم بغداد وسكن فيها ثم قدم الكوفة سعيًا في طلب العلم وارتحل إلى المدينة المنورة وإلى مكة وجميع هذه المدن كانت تشهد حركة علمية نشطة أفاد منها ابن سعد، وتوفى عام (230هـ) على الأغلب .

عاشرًا: الكامل في اللغة والأدب :

يتناول هذا الكتاب تفسير الكلام الغريب أو المعنى المستغلق الذي قد يقع فيه الأديب، كما شرح ما يعرض فيه من الإعراب شرحًا وافيًا حتى يكون الكتاب نفسه مكتفيًا عن أن يرجع إلى غيره في تفسيره .

كما يتناول بعض خطب العرب وقصائدهم بالشرح والتفسير وبعض تراجم الرجال المشاهير، وضروبًا من الأدب ما بين كلام منثور وشر موصوف ومثل سائر وموعظة بالغة .

أما مؤلف هذا الكتاب هو: العلاّمة أبو العباس محمد بن يزيد المعروف بالمبرَّد النحوي .

الحادي عشر: ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري :

لا شك أن المتنبي شاعر عصره إن لم يكن شاعر العربية على مر العصور ولا يزال شعره خالدًا فينا قوي التأثير في نفوسنا يملؤنا إعجابًا بنبوغه وحرصه على التمسك بالمثل العليا .

وقد لاقى شعره اهتمامًا واسعًا وشُرح ديوانه عشرات المرات فتبوأ عرش القلوب بعد وفاته حين لم يمتلك عرش السلطان في حياته، ومن أبرز من شرح ديوان المتنبي العكبري بعد أن اعتمد على أقاويل شُرّاحه السابقين من الأعلام أمثال أبي الفتح ابن جني وأبي العلاء المعري وأبي زكريا الخطيب وعلي بن أحمد العرامدي وأبي بكر الخوارزمي وغيرهم، وقد سمى العكبري هذا الشرح (التبيان في شرح الديوان) .  

أما منهجه في الشرح أولاً غريب الإعراب ثم غريب اللغة ثم غريب المعاني.أما شارح الديوان فهو: أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري الأصل البغدادي المولد وعكبر بلدة على دجلة ولد في سنة (538 هـ) وتوفي في (616هـ) .

وقد قرأ القرآن على مشايخ كبار وقرأ الأدب على الشيخ عبد الرحيم العصار والنحو على أبي محمد بن الخشاب، وقد حاز قصب السبق في العربية وصار فيها من الرؤوساء المتقدمين .

الثاني عشر: الكشاف للزمخشري :

هو كتاب في تفسير القرآن الكريم بلغ الغاية في البيان والكشف عن أسرار القرآن مبينًا ما في الآيات من غريب اللغة مستشهدًا بشعر العرب عارضًا لبعض القراءات القرآنية موجهًا لها معتمدًا على آراء السلف الصالحين وعلماء الإسلام المخلصين حتى خرج التفسير في ثلاثة أجزاء كانت حقًا كاشفة عن ذلك الكتاب العظيم المنزل على الرسول العظيم .

وتتضمن حواشي الكتب التالية :

1)     الإنتصاف للإمام أحمد بن منير الإسكندري .

2)     الكافي الشافي في تخريج الكشاف للحفاظ ابن حجر .

3)     حاشية الشيح محمد عليان المرزوقي في تفسير الكشاف .

4)     مشاهد الإنصاف عن شواهد الكشاف للشيخ محمد عليان المذكور .

  أما مؤلفه فهو: الإمام أبو القاسم جاد الله محمود بن عمر بن محمد الزمخشري المولود في سنة (467هـ) والمتوفى (538هـ) .

الثالث عشر: الجامع لأحكام القرآن ( لفضيلة الشيخ خليل محيي الدين الميس ) :

وهو كتاب جليل في تفسير القرآن، عظيم النفع، أسقط منه القصص والتواريخ بالجملة؛ ليثبت عوضها الأحكام الشرعية مستنبطة من القرآن الكريم مع أدلتها ووجه الاستدلال على منهج الفقهاء كما ذكر القراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ كما يعرض لبيان الغريب من ألفاظ القرآن الكريم ويُكثر من الاستشهاد بأشعار العرب ويردُّ على المعتزلة والقدرية والروافض والفلاسفة وغلاة الصوفية، وقد بلغ الكتاب عشرة أجزاء .

الرابع عشر: سنن النسائي :

وهو كتاب في الحديث، وقد جعله بعض العلماء بعد صحيح بخاري وصحيح مسلم في الصحة والقبول فقد قال فيه الإمام أبو الحسن المعافري: " إذا نظرت إلى ما يخرجه أهل الحديث فما خرجه النسائي أقرب إلى الصحة مما خرجه غيره " .

وقال فيه الإمام أبو عبد الله بن مشيد: " كتاب النسائي أبدع الكتب المصنفة في السنة تصنيفًا وأحسنها ترصيفًا وكتابه جامع بين طريقتي البخاري ومسلم مع حظ كثير من بيان العلل "، وقد بلغ الكتاب ثمانية أجزاء .

أما مؤلفه فهو: الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني النسائي، ولد في (نسا) سنة خمس عشرة ومائتين، كان ركنًا من أركان الحديث حاذقًا متفننًا ساد أهل عصره وبذ علماءهم، وقد توفي سنة ثلاث وثلثمائة بعد أن عُمّر تسعًا أو ثماني وثمانين سنة .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .