أعلام من جيل الرواد

إشادة من يحيى رباح في الكتاب

علامات على الطريق-

نعمان عبد الهادي فيصل

يحيى رباح

في مجلد أنيق الطباعة، يزيد عن سبعمئة صفحة وملحق للصور الفوتوغرافية يصل إلى مئة وأربع وسبعين صورة صدر كتاب الأخ والصديق العزيز نعمان عبد الهادي فيصل عن دار الدكتور للطباعة والنشر في القاهرة وهو بعنوان "أعلام من جيل الرواد " في غزة هاشم.

وقد حشد المؤلف مائتي سنة ، وخمسين شخصية من أبناء قطاع غزة، الذين اشتهرت اسماؤهم، عاشوا وما زال بعضهم على قيد الحياة في الفترة من عام 1800 إلى عام 2000 ميلادية، حيث عرض الكتاب لنبذة مختصرة عن حياة كل واحد منهم والادوار التي قاموا بها في مسيرتهم الوطنية الفلسطينية، والمناصب والوظائف التي تقلدوها، والانجازات التي أبدعوها، فكرا وسياسة، فقها وتاريخا، نضالا واعمارا، أدبا وفنا وثقافة، !!! وهو عمل استغرق ثلاث سنوات، كما تطلب قدرا كبيرا من الجلد والمثابرة والجهد المشكور الذي بذله المؤلف نعمان عبد الهادي فيصل، فجزاه الله خيرا.

عندما التقيت مع الأخ نعمان في الثامن عشر من آذار  العام الماضي 2009، وشرح لي فكرة هذا الكتاب المجلد الضخم، أشفقت عليه كثيرا من ثقل هذه المسؤولية، خاصة وانه في ريعان شبابه فهو من مواليد 1976 وكنت أتخيل أن مثل هذا الجهد الكبير ربما لا يستطع أن يحمله هذا الشاب الوسيم الذي رأيته أمامي، ولكني دهشت فعلا وبسعادة غامرة عندما عرفت انشغاله العميق بالمطالعة، وما يتمتع به من سعة الأفق، ولفت انتباهي بقوة إحساسه العميق بالتاريخ !!! وقد تجسدت كل هذه الصفات في هذا المجلد الضخم الذي صدر أخيرا وتحول إلى ضيف عزيز من الطراز الرفيع في المكتبة الفلسطينية.

وأود أن أشير هنا إلى ما ذكره المؤلف نفسه ونوه إليه في مقدمة كتابه، وهو أن عمه رجل الأعمال الغزاوي المعروف أنور نعمان فيصل هو الذي تحمل نفقة طباعة هذا الكتاب في القاهرة ومن ثم إحضاره إلى قطاع غزة عبر الأنفاق التي أصبحت في زمن الحصار الإسرائيلي الشاذ ابرز شرايين الحياة، ليكون الكتاب بين يدي القراء والباحثين والمهتمين، وهذه وقفة تستحق الإشادة والاهتمام بجدارة، فيا ليت تتحول هذه المبادرة إلى جهد موصول من قبل رجال الأعمال والقطاع الخاص عموما، في تمويل مشاريع وفعاليات ثقافية كما يحدث في كثير من بلدان العالم.

وعودة إلى هذا الكتاب المهم والجاد " أعلام من جيل الرواد " فان المؤلف حرص على إيداعه في دار الكتب المصرية تحت الرقم (21863 )بتاريخ الخامس عشر من تشرين الثاني 2009، وضمن بذلك أن يكون هذا المجلد عن هؤلاء الأعلام من أبناء قطاع غزة على امتداد مائتي سنة، وثيقة متاحة للباحثين في التاريخ الفلسطيني المعاصر، وهذه قضية مهمة، ففي تاريخنا الفلسطيني وصراعنا الوجودي مع هذه الموجة الصهيونية الاحلالية المستمرة، هناك آلاف من النساء والرجال ساهموا بجهد كبير، وأعطوا فأجزلوا العطاء، ولم يبخلوا حتى بدمائهم، ولكنهم سقطوا من ثقوب الذاكرة الجماعية لشعبنا الفلسطيني، لان أحدا لم يهتم بزرعهم في حدائق الذاكرة الجماعية، عبر مراكز التوثيق وكتب التاريخ، وذلك بسبب شتاتنا المأساوي، والمحطات التراجيدية التي تواجهنا في الطريق الطويل مثل هذا الانقسام الفظيع، الذي يتنكر فيه الكثيرون لأنسابهم الوطنية.

باسم كل هذا العدد الوفير من الأعلام الذين سجلت سيرتهم في هذا المجلد الضخم، فإنني اشكر الأخ والصديق العزيز نعمان عبد الهادي فيصل، على جهده الخارق وجديته الطموحة، وذاكرته اللامعة، وحبه العميق لفلسطين.