فصول من سيرة العذاب
رواية المعذبين في الأرض
محمد موسى سويلم
في روايته (المسكوبية..فصول من سيرة العذاب)الصادرة في بداية نيسان2010 عن منشورات أوغاريت في رام الله، استعرض الأديب أسامة العيسة شسئا مما عانى ويعاني المعتقلون الفلسطينيون في أقبية المعتقلات الاسرائيلية، على ايدي ثلة من المجرمين وزنادقة الغاصبين لحرية الارض والانسان،البانين وطنا على ارث الكرامة والعزة والكبرياء، وعلى صمود الابطال الرافضين للهوان والمذلة والساعين لنيل الحرية .
( يطول الشبح ويصبح غير الممكن ممكنا، فالمشبوح الذي يمسك نفسه عن التبول يأخذ في نهاية الأمر عند اشتداد آلام المثانة قرارا لا اراديا باراحتها، ومثل كل الأمور تكون الصعوبة في البدايات ) ص69 نعم الصعوبة في البدايات فالنصر صبر ساعة كما يقال، وأما ما يقولة علماء النفس،وهذا ما أثبته العلم ايضا فان الانسان حين يضرب تكون الضربة الاولى مؤلمة جدا، ثم تخف حدة الألم الى ان يفقد الانسان في نهاية المطاف أحاسيسه، أو يفقد وعيه، أو يصبح الضرب وسيلة غير مجدية، ولا تؤتي أيّ فائدة منه.
المحقق (كان يتعامل مع المعتقلين باستهانة، ويشعر بأن لديه القدرة على هزيمة أيّ منهم، وعلى انتزاع الاعترافات خلال فترة وجيزة، وكان يشجعة على ذلك عدم عناية فصائل المقاومة باعداد أعضائها لتجربة التحقيق) ص72 ومتى كان التحقيق علما يدرس؟ ولكن مع مرور الزمن وتعاقب الاعتقالات وكثرة الذين كتبوا عن تجاربهم في المعتقلات، اصبح الكثير يعرف خبايا وأساليب كثيرة، على الأقل نظريا وانشاء الله لن يجربه أحد .
( استحالة دماء الشهداء الى ماء بين أيدي السياسيين ) ص75 ، يتساءل الكاتب من لهؤلاء؟ وماذا سيكتب التاريخ عنهم؟ وانا اضم صوتي الى صوته وأسأل من لهؤلاء؟ وهل سيصبحون أثرا بعد عين؟ وهل عظمتهم ..... قوتهم ..... حبهم لوطنهم ..... علاقاتهم ...... تضحياتهم .... كل ذلك سيكتب قصصا للأجيال القادمة؟ وهل ستحفظ هذه الكتب على رفوف المكتبات أم ان انجازاتهم وصبرهم سيكون شيئا من الماضي؟ وشكرا لهم أم ماذا؟ كيف سنوفيهم حقهم المقدس؟ وكيف ستكتب أسمؤهم بأحرف من نور وذهب في وجدان وعقول كل ابناء المجتمع؟
عن ماذا تحدث الكاتب؟
· تحدث عن شهادات حية في التعذيب.
· نقل شهادة حية عن تدمير حارة الشرف باب المغاربة مسجد البراق.
· عن فروق الزمن في السجن وخارجه.
· تحدث عن مرحلة تاريخية في القدس هى حرب 1967 وعن دار البلدية وادارتها للوضع والاتصالات، وما آلت اليه الحرب، وعن دفن الموتى، وعن لقاء ابي عوض بقائده في عمان واعتراف القائد بالخطأ، وان الحرب لا تدار هكذا، وهذه شهادة لها مدلولاتها حسب رأي أبي عوض والقائد.
· روى عن النزوح الثاني 1967 وكيف ان البعض رفض النزوح، وآثر البقاء، والبعض زج بنفسه في نزوح آخر ولم يتعلم من التجربة الاولى.
· تحدث عن الارث التاريخي لباب العامود، أو باب دمشق، وأورد روايات حول التسمية وضياع العامود الأصلي، وعن الصراع بين الفلاحات الصابرات وشرطة ما يسمى بلدية القدس، ومصادرة البضاعة منهن.
· روى بمنتهى الروعة عن العلاقة الاجتماعية التي كانت سائدة في ذاك الزمن الجميل بين بائع الجرائد الذي اعتبرة عامودا دائما لباب العمود، ثم عرج الى الشاعر توفيق زياد والى القاص زكي العيلة، وعن الصراع الدائر بين الثقافات من الشيوعية ..... الى الاسلامية.
· روى عن أحداث اقتحام الحاقدين للمسجد الأقصى عام 1982 واطلاق النار، وسقوط اليماني وبدر شهداء، واصابة العشرات ونسبت الحادثة الى شخص معتوة وما أكثر معاتيههم!
وكان مسك الختام حديثة عن المحبة بين افراد الشعب في الفصل الاخير، وهو مطر القدس، وكيف انه نام على سطح كنيسة القيامة، والصداقة التي جمعته مع الكثيرين من ابناء هذا الشعب بكل فئاته، وطوائفه ومعتقدداته، نعم روى التاريخ بكل شفافية وصدق، روى عن ذاك الزمن الجميل، روى عن ألم وعذابات المناضلين وصبرهم على الهوان، روى عن الأماكن التاريخية، وكيف تحولت من أماكن وآثار تاريخية الى أماكن لتدمير وتحطيم الكرامة والعزة، من مكان يجب ان يذكر بخير الى مكان يذكرنا بالآلام والأحزان والكره.