عرض لكتاب "خطة الهجوم"

كاظم فنجان الحمامي

أسرار التواطؤ العربي ضد العراق

عرض لكتاب

"خطة الهجوم"

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

اسم الكتاب: خطة الهجوم

المؤلف: بوب وود ورد

الطبعة الانجليزية الأولى 2004

عدد الصفحات: 467

الناشر: سيمون آند شوستر- نيويورك

الطبعة العربية الأولى 2004

ترجمة وتحقيق فاضل جتكر

عدد الصفحات 658الناشر مكتبة العبيكان.

ثم صدرت عدة طبعات منقحة في السنوات اللاحقة, وكانت الإصدارات الجديدة معززة بالصور والخرائط والوثائق الرسمية المضافة للطبعات السابقة, وتُرجم الكتاب إلى معظم اللغات الحية, وتصدّر قائمة المبيعات في المكتبات العالمية خلال السنوات الماضية.

أثار كتاب (خطة الهجوم) للكاتب الأمريكي الاستقصائي (بوب وود ورد) ضجة إعلامية واسعة, وفجّر عاصفة عارمة من الفضائح والأسرار المخبئة في أروقة الدوائر السياسية والعسكرية الأمريكية, وأزاح التراب عن الدسائس المدفونة في أوكار العواصم المتحالفة معها, فجاءت ردود الأفعال العالمية على شكل لقاءات متلفزة, وعروض تحليلية معمقة, وتعليقات إذاعية مؤثرة, ارتكز معظمها على المعلومات السرية الحساسة, التي حصل عليها المؤلف من خلال لقاءاته المستمرة مع التماسيح والضباع المسيطرة على غابة النظام العالمي الجديد, والتي اشتركت في وليمة الحرب على العراق, وفى مقدمتهم الرئيس بوش شخصيا, ولم تشأ دوائر البيت الأبيض أن تشكك في موثوقية المعلومات, لكنها أعلنت إنها تختلف مع بعض ما توصل إليه المؤلف من أحكام واستنتاجات ونتائج.

وشهد شاهد من أهلها

يعد (بوب وود ورد) من أبرع الصحفيين الأمريكيين, وهو مدير تحرير (الواشنطن بوست)، وتحتل كتبه رأس قائمة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة. و(بوب) هذا هو صاحب السبق في كشف تفاصيل فضيحة (ووتر غيت), التي قصمت ظهر الرئيس نيكسون, وأخرجته من البيت الأبيض عام 1974 غير مأسوف عليه, ومن المؤكد انه أصبح بعد نشره لكتابه الجديد أول صحفي يكشف جرائم بوش الصغير وزبانيته من جوقة العملاء والخونة العرب, الذين سيلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. اعتمد (بوب) في إعداد كتابه على شهادات ووثائق حصل عليها من 75 مسئولا أمريكيا, في مقدمتهم الرئيس بوش نفسه, ووزير دفاعه (دونالد رامسفيلد)، ويضم الكتاب نصوصا لأحاديث وتعليقات وآراء وتحليلات معمقة, إضافة إلى لقاءات خاصة من داخل البيت الأبيض, ولم يتردد الكاتب في أن يشفع كتابه بتعليقات ساخرة وتلميحات جارحة, وحرص منهجيا على متابعة مسار القنوات الخلفية, التي كان البيت الأبيض يستخدمها في الخفاء لتشكيل مسار الأحداث, وبالتنسيق والتعاون المباشر مع بعض القادة العرب, من الذين باعوا ضمائرهم بثمن بخس, ووضعوا أراضيهم ومياههم وأجوائهم في خدمة أغراض البيت الأبيض وغربان البنتاغون.

حوار على أطلال بغداد

يفتتح الكاتب فصول كتابه بالحوار الذي دار ببغداد  بين الرئيس الأمريكي بوش والجنرال جورج كيسي. كان بوش في زيارة رسمية لبغداد للقاء رئيس الوزراء والتباحث معه, لكنه آثر التحاور أولا مع الجنرال الذي أمضى في بغداد عامين حافلين بالأحداث الدامية, ويبحر الكاتب في سطور الصفحات الأولى في  تفاصيل ملامح التركيبة الشخصية المعقدة للرجلين, كان كيسي على يقين تام بوجود مشكلة رئيسية تكتنف سير العمليات الحربية في العراق, وهذه المشكلة هي الرئيس بوش نفسه, الذي كان يتابع تطورات هذه الحرب من المنظور التقليدي الانتقامي القديم, فلا يكف عن السؤال عن عدد أفراد المقاومة العراقية, الذين وقعوا أسرى, أو سقطوا قتلى, في حين كانت للجنرال كيسي رؤية مغايرة على نحو ما, ويرى أن المعركة لم تحقق اية مكاسب ملموسة في الميدان, وان الحل النهائي يتمثل في أمر جوهري واحد, هو: إعداد العراقيين لحماية وطنهم, وحكم أنفسهم بأنفسهم, ومغادرة العراق في اقرب فرصة, كان الجنرال كيسي يشعر أن العراقيين من العرب الاصلاء الذين يعتزون بأنفسهم, ويرفضون الاحتلال رفضا قاطعا, ولابد أن يتسلموا مقاليد الأمور في نهاية المطاف. ومن ثم فإن وجود قوات أمريكية بهذا الحجم الكبير يعني التعدي على كرامتهم, والأسوأ من هذا كله أنه يجعلهم معتمدين على الغير, ويواصل المؤلف قراءته لأفكار القائد العسكري الأمريكي في العراق فيقول: كان العراقيون بحاجة إلى استرجاع بلدهم, والتخلص من الهيمنة الأجنبية، وتلك أمور منطقية نابعة من تربيتهم الوطنية الصادقة. وكانوا بحاجة إلى أن يخوضوا حربهم الخاصة بهم, وأن يديروا حكومتهم النابعة منهم, بينما كان بوش يعكس آراء وموقف الجناح المتطرف من الحزب الجمهوري, ويميل للعنف, وافتعال الحروب الطائشة, وتنفيذ العمليات العسكرية الاستباحية.

التواطؤ العربي مع البيت الأبيض

يكشف الكتاب أن إدارة بوش كانت متلهفة لضرب العراق منذ أيامها الأولى, وبالتحديد عقب هجمات 11 سبتمبر 2001, باثنين وسبعين يوما, أي في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه. على الرغم من تأكيدات أشخاص مثل (كولن باول), بأن العراق ليس له علاقة من قريب أو بعيد بتنظيم القاعدة، وقد بدأت التقديرات لتلك الحرب في خضم الحرب الأمريكية على أفغانستان, وكان هدف بوش أن يثبت للعالم أجمع أن ما قاله عن شن حرب عالمية على الإرهاب لم يكن بهدف المبالغة اللفظية. كانت إدارة بوش تدرك أن الملوك والرؤساء العرب لديهم رغبات مكبوتة للتخلص من النظام العراقي, الذي بات يسبب إحراجا لهم أمام شعوبهم، خاصة بعدما تمادى النظام العراقي في إظهار عدم احترامه لهم والرغبة بالتسيد عليهم, من هنا يكشف الكاتب (بوب وود ورد) أسرار التواطؤ العربي في الهجوم الأمريكي على العراق, ويفضح بالأدلة الدامغة مؤازرة الدول العربية لجيوش التحالف في شن اعنف الغارات الجوية والبرية على المدن العراقية. لذا فإن فكرة التشكيك فيما أورده المؤلف من حقائق تعد نوعا من عبث الصبيان, فالمتواطئون من الزعماء العرب، على عكس ما يروج له جلاوزة الأقلام الرخيصة، لم يساندوا العراق في مواجهة الجيوش الغازية الجرارة, ولم يتخذوا موقفا مشرفا واضحا يعارض الحرب على العراق, بل إنهم لم يخجلوا من الارتماء في أحضان البيت الأبيض, وحاولوا قدر الإمكان حفظ كراسيهم الرئاسية, وعروشهم الملكية, والانصياع للرغبات الاستباحية الأمريكية, والظهور أمام شعوبهم, التي كانت تغلي من الغضب, بمظهر الرافض لكافة العمليات الحربية الموجهة ضد العراق. الأمر الذي اضطرهم إلى منح الامريكان تأييدا غير معلن, مقابل أن يتكتم الامريكان على أسرارهم, ويصونوا ماء وجوههم, وتناقضت مواقفهم المعلنة مع ما كانوا يتفقون عليه مع واشنطن, وسارت مراحل اللعبة على هذا النهج المغلف بالخبث والمبطن بالتآمر، لدرجة أن السفير السعودي في واشنطن (الأمير بندر بن سلطان) كان من أركان الحرب الأمريكية, بل انه كان من ضمن عناصر معسكر الصقور في إدارة بوش إلى جانب كل من (ديك تشيني) نائب الرئيس و(كوندليزا رايس) مستشارة الأمن القومي الأمريكي, وكان يتنقل بين العواصم العربية والأوروبية المتشككة في جدوى الحرب, محاولا إقناعها بضرورة التدخل العسكري الأمريكي في العراق, وكانت مهمته الخبيثة متوافقة تماما مع ما قام به نجل الرئيس المصري (جمال مبارك), الذي توجه قبل الحرب في مهمة سرية للقاء الرئيس الأمريكي، وهي المهمة التي كان ظاهرها الرحمة وباطنها النقمة. ويكشف لنا المؤلف المزيد من التحركات السرية العربية التي دفعت بالأمور باتجاه الحرب الكاسحة, والتي تميط اللثام عن التأييد العربي الذي ضمنته واشنطن, واعتمدت عليه في أطار سعيها المحموم لمهاجمة العراق.

كانت خطة (تشيني) في المرحلة الأولى أن يواصل التنسيق مع زعماء هذه الدول لتوحيد مواقفهم في الحرب على العراق, وفتح بوابات قواعدهم العسكرية، وحثهم على التعامل بحزم مع الموقف وبخاصة في ساعة الجد, التي ستقرر فيها الولايات المتحدة استخدام القوة الضاربة, ويذكر الكتاب أن مباحثات (تشيني) مع العاهل الأردني كانت موفقه جدا, لكنها لم تكن على نفس الدرجة من التوفيق في مباحثاته مع مبارك, إلا إنها كانت مقبولة بالنسبة لتشيني.

التنسيق السري العربي لضرب العراق

يتحدث الكاتب في الصفحة 263 عن تفاصيل الاجتماع الذي دار بين (تشيني) و(رامسفيلد), ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال (ريتشارد مايرز) والأمير بندر بن سلطان في 11 كانون الثاني (يناير) 2003. كان الهدف من الاجتماع تقديم مسودة طلبات للسعودية تتضمن أن تسمح بانطلاق القوات الأمريكية من أراضيها, وإقلاع الطائرات من قواعدها, وعرض (مايرز) خلال الاجتماع خرائط سرية للغاية تتضمن تفاصيل الهجوم المتوقع على العراق, ويقدم الكاتب عرضا تاريخيا متسلسلا للخديعة الكبرى, ويستعرض أهم التفاصيل التحليلية لدور الدول الأوربية, التي اشتركت في تضليل الرأي العالمي, وكيف حشدوا قواتهم لغزو العراق بمباركة بعض الملوك والأمراء والرؤساء العرب, ويتناول الكتاب سردا مفصلا للأحداث, التي دفعت بعض القادة العرب إلى الوقوع في أوحال المستنقع الأمريكي, ويحلل الكاتب الوثائق والتقارير الإخبارية والعسكرية, ويضعها في سياق مترابط لكي يبين للقارئ حجم الخديعة الكبرى, التي تعرض لها الأمريكيون والبريطانيون من حكومتي بلادهم عندما قادتهم لحرب عبثية لا مصلحة لهم فيها, ففي الجانب البريطاني يستعرض الكاتب الملف الملفق, الذي أعدته الحكومة لتبرير مشاركتها في غزو العراق، اما في الجانب الأمريكي، فيقدم المحاولات الأمريكية لربط النظام العراقي بتنظيم القاعدة، وهي العلاقة الواهية التي حاولت أمريكا تحويلها إلى حقيقة. ويبين لنا الكاتب كيف نجحت صناعة الأكاذيب الأمريكية في بناء العلاقة بين النظام العراقي والقاعدة, والفضل في هذا يعود إلي دهاء وخبث (كولن باول)، وزير الخارجية الأسبق الذي قرأ في الخامس من شباط (فبراير) 2003 كلمة أمام مجلس الأمن، حاول فيها الربط بين العراق والقاعدة عبر معسكرات كانت تابعة لأنصار الإسلام في كردستان، وأعطت هذه المرافعة, التي تبين فيما بعد إنها قامت على معلومات مضللة وملفقة, بيد إن (كولن باول) اعترف مؤخرا أمام الناس بان كلمته التحريضية أمام مجلس الأمن الدولي كانت وصمة عار في تاريخه، لكن هذا الاعتراف جاء بعد فوات الأوان، أي بعد خراب البصرة, وهكذا ركز الكاتب على المرحلة الأولي من عملية التضليل الخداع، وهي إنشاء البنتاغون مكتب الخطط الخاصة, ووضعوه خارج نطاق المؤسسات الأمنية الكبيرة في أمريكا، وانحصرت مهمة المكتب في إيجاد صلة بين العراق والقاعدة، وقام المكتب الذي أداره المحافظون الجدد، بفتح صلات مع مكتب آخر أنشأه رئيس الوزراء الإسرائيلي (ارييل شارون)، فيما التف (دونالد رامسفيلد) على المؤسسات الأمنية، وقام بالاتصال بمكتب (توني بلير), ويقول الكاتب في هذا السياق، إن كلا من بلير وبوش استخدما طوال مراحل التحضير للحرب عمليات التضليل والخداع والكذب التي لم يسبق لها مثيل، ويتساءل الكاتب قائلا، كيف يمكن ان يقوم شخصان مثل (بلير وبوش)، يدعيان الالتزام بتعاليم الإنجيل بتضليل الرأي العالمي, وحياكة سلسلة من الأكاذيب لتبرير غزو بلد في الطرف الآخر من الأرض مثل العراق. ويلاحظ الكاتب، إن بريطانيا وأمريكا استخدمتا استراتيجيات مختلفة لإقناع الرأي العام، ووجد بلير صعوبة في تمرير خططه الرامية لإقناع البريطانيين بضرورة الحرب على العراق، فبعد الملف المثير للجدل لم يكن بمقدور بلير إقناع الشعب البريطاني الواثق من صحة التقارير المكثفة, التي تعدها المؤسسات الإعلامية البريطانية عن العالم الثالث، ثم ان بريطانيا تعد بمثابة القطب الرئيس في منظومة الكومنولث، وليس من مصلحتها خداع الناس بالطرق الرخيصة.

دهاء بندر وخبث كولن باول

تلقى بوش تقارير من بعض أفراد إدارته بأن العالم العربي سيثور في الشوارع إذا شنت أمريكا حربا على العراق, وأن المصالح الأمريكية ستتعطل وتتعرض للخطر، لكن الأمير بندر طمأنه, قائلا: ((سيادة الرئيس هل تعتقد أنك ذاهب لمهاجمة السعودية واعتقال الملك فهد؟ إنه صدام حسين, الذي لن يجد من يذرف دمعة عليه. لكن إذا هاجمته أمريكا ونجا هذه المرة فسيكون أكبر من الحياة نفسها، سيسمع كلامه الجميع. لقد حذر كثيرون والدك من أن العالم العربي سيثور من المحيط إلى الخليج إذا ضرب العراق ولم يحدث ذلك، المشكلة الوحيدة ستكون إذا نجا صدام هذه المرة)).

وحمل الأمير بندر رسالة تأكيدية من بوش بأن صدام لن ينج هذه المرة, وكانت معها قائمة بما هو مطلوب من السعودية, معنونة إلى الأمير عبد الله, الذي نصحه بأن يكتم الأمر حتى تقرر السعودية ماذا ستفعل, ومنذ ذلك الحين صار السفير السعودي في أمريكا من ضمن تشكيلات معسكر الصقور, الذين يروجون للحرب. وقام الأمير بندر, بتكليف من الأمير عبد الله, بعدة زيارات شملت فرنسا ومصر ولبنان, لحث زعمائها على تأييد الموقف الأمريكي، وقد عبر له الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن وجود خلاف جوهري مع الولايات المتحدة, وشكا من نقطتين رئيسيتين: أولهما أن بوش والأمريكيين لا يكنون له شخصيا أي احترام, وثانيهما أن المخابرات الأمريكية لا تتبادل المعلومات مع نظيرتها الفرنسية. وعندما عاد الأمير بندر إلى واشنطن سألته (كوندليزا رايس) عن مهمته الفرنسية, فأعرب لها عن اعتقاده أن شيراك يمكن أن يساعد وربما يؤيد الحرب. وقال: إنه استقى هذا الاستنتاج من ثلاثة مصادر هي: الرئيس المصري, ورئيس الوزراء اللبناني, إضافة إلى لقائه مع شيراك نفسه, الذي جعله يصل إلى الاستنتاج نفسه. لكن ما كشفه بندر عن تفاصيل لقائه بالرئيس مبارك يستحق التوقف عنده, فقد نقل عن مبارك قوله: إن مصر لديها الكثير من مصادر الاستخبارات داخل العراق, وإن هذه المصادر أكدت : ((امتلاك العراق لمعامل متنقلة لتصنيع الأسلحة البيولوجية)). وحسب الرواية نفسها والمرجح أنها منقولة عن الأمير بندر في صفحة 312 من الكتاب, فإن مبارك قال: إنه تلقى رسالة من صدام تقول: ((لدينا عدد من النساء والأطفال والرجال, الذين سنخبركم بأسمائهم في وقت لاحق يريدون اللجوء إلى مصر، فهل هناك إمكانية لتخصيص أحد القصور الرئاسية لهم ؟). وقال مبعوث صدام لمبارك إنهم سيحضرون معهم خزائن كبيرة تحتوى ملياري دولار وكميات من الذهب. ورد الرئيس المصري بقوله : إنه سيرحب بالنساء والأطفال, لكن أي شيء يتعلق بالرجال والمسئولين (فعليكم التوصل لاتفاق بشأنه مع الأمريكيين وإلا سوف اتصل أنا بالأمريكيين)), ورفض الرئيس مبارك السماح بنقل الأموال العراقية خوفا - على حد قوله - من أن يتهم بسرقتها وتحويلها إلى بنوك سويسرية، وفى السابع من شباط (فبراير) 2003، وصل (جمال مبارك) نجل الرئيس المصري في مهمة سرية للاجتماع بالرئيس الأمريكي في البيت الأبيض حاملا معه رسالة من أبيه. ويصف الكاتب (مبارك الابن) بأنه: (مسئول كبير ذو ميول إصلاحية مؤيدة للولايات المتحدة في حزب أبيه). وكان يحمل الرسالة نفسها التي نقلها بندر وهى: أن (صدام) يفكر في مغادرة العراق إلى المنفى, ويريد إرسال عائلته وبعض الأموال إلى مصر، وقد طرحت هذه الفكرة لتجنب الحرب من قبل عدة دول مثل مصر والسعودية وتركيا، وسأل جمال مبارك الرئيس بوش عن رأيه في المقترح, فرد عليه بوش بأن الولايات المتحدة لن تضمن حماية صدام حتى لو ذهب إلى المنفى، وقال لجمال: (إذا كنت تريد الحصول منى على ضمانات بأننا لن نفعل له شيئا إذا اختار المنفى فليس عندي هذه الضمانات). ويقول المؤلف: إن بوش كان يتخذ موقفا متشددا من الدول التي تأوي أعدائه, وأن صدام كان في نظره إرهابيا. وعلى الرغم من ذلك أضاف بوش أمام مبارك الابن في تعبير غامض: (هناك حالات كثيرة في التاريخ تجنبت الدول فيها الحرب بسبب اختيار البعض للمنفى، لسنا جاهلين بهذه الحقيقة). بيد إن كل الوقائع كانت تشير إلى أن خيار الحرب هو الخيار الأول والأخير, وان الدول العربية كانت متحمسة لتقديم الدعم والإسناد للغزاة.

مجريات التحضير لشن الحرب

وفي آذار (مارس) 2003 قرر (تشيني) القيام بزيارة للشرق الأوسط لطلب المزيد من الدعم من الدول العربية، وطلب من (فرانكس) أن يعد له قائمة بالدول المؤيدة لأمريكا, والتي يتعين التنسيق والتباحث مع قادتها, فكانت الكويت والسعودية ومصر وعمان والإمارات واليمن والبحرين وقطر والأردن وإسرائيل وتركيا. ويروى الكتاب في صفحة 111 أن (فرانكس) قدم إلى نائب الرئيس مذكرة سرية بما هو مطلوب من كل دولة، وتنوعت المذكرة بين المشاركة العسكرية الفعلية, وبين السماح بعبور الأجواء, أو تقديم تسهيلات مرور القوات الأمريكية وتوقفها, أو التجسس وتقديم المعلومات السرية, وتعترف المذكرة بأن كل هذه الدول العربية والإسلامية سوف تذرف دموع التماسيح, وتتظاهر بإعلان معارضتها للحرب, لكنها متحمسة جدا للتخلص من صدام مهما كان الثمن, وهي على أتم الاستعداد للوقوف مع أمريكا في خندق واحد, وقد قدم (فرانكس) ملفا عن كل زعيم عربي, وكان متفائلا بأن الأردن واليمن ستكونان في طليعة الدول العربية المتعاونة.

زار تشيني في يوم واحد ثلاث عواصم خليجية من بينها قطر, التي تبرعت بتوفير مركز القيادة ومسرح العمليات. وخلال غداء زوجته (ليني تشيني) مع زوجة أمير قطر (الشيخة موزة) سألها : (متى سيبدأ العام الدراسي لديكم هنا في البحرين؟ فردت عليه الشيخة: هذه قطر وليست البحرين).

في الحادي والعشرين من آذار (مارس) اجتمع (تشيني) مع بوش لإطلاعه على نتائج جولته, والتقى الصحفيون مع بوش وتشيني في البيت الأبيض, وسألوا (تشيني) عما إذا كان قد لمس من الزعماء العرب رغبة في التحرك ضد العراق، فقال : كنت حريصا على الاستماع إلى نصيحتهم وآرائهم حتى يمكنني إيصالها للرئيس. وهنا تدخل بوش ليقول: (من المهم جدا لهؤلاء الزعماء أن يفهموا طبيعة هذه الإدارة، عندما نقول شيئا فإننا نعنيه).

ويتابع الكاتب تطورات الوضع العراقي وعلاقته بالأساليب, التي استخدمتها الإدارة الأمريكية لتمرير مشروعها القاضي بتدمير العراق، ويعيد إلي الأذهان, وبتسلسل تاريخي وحدثي, مجريات التحضير للحرب، والتي تبدو للوهلة الأولى مثل فصول فيلم فيه حشد كبير من الممثلين، الذين يتدافعون لإثبات كذبهم أمام الجماهير. فرامسفيلد مثلا استخدم المخابرات الأمريكية (CIA) ومديرها (جورج تينت) لاختلاق صلة الوصل بين العراق والقاعدة، فيما مارس (ديك تشيني) ضغوطا بهذا الشأن. واللافت للنظر في تحليل الكاتب هو ربطه مشروع غزو العراق بمشروع القرن الأمريكي، ومراكز القوة التي احتلها المحافظون الجدد، وكيف قاموا بتغذية الإدارة الأمريكية بالتقارير الكاذبة عن قدرات العراق.

أرذل المواقف العربية التآمرية

ويكشف الكتاب عن الدور الخطير الذي كان يمارسه الأمير بندر بن سلطان السفير السعودي لدى واشنطن, والذي كانت بلاده تتظاهر أمام الناس  بمعارضة الحرب, فيما كان يقوم هو بدور تحريضي في الدهاليز المظلمة لإقناع الدول بالانضمام إلى التحالف الذي تشكله الولايات المتحدة لضرب العراق. ويقول الكاتب: ان (دك تشيني) استدعى  بندر بن سلطان إلى الجناح الغربي في البيت الأبيض, وبحضور وزير الدفاع (دونالد رمسفيلد), ورئيس هيئة الأركان الجنرال (ريتشارد مايرز), وأخبره بنية الولايات المتحدة خلع صدام, وبأن القوات الأميركية ستحتاج الى استخدام الأراضي السعودية في حربها, وكان هذا هو الطلب الرئيسي, ومن أجله عرض الجنرال مايرز خارطة سرية أمام الأمير بندر من سلطان تشرح مخطط العمليات العسكرية لغزو العراق, وكانت الخارطة موسومة بثلاث كلمات، ((سري للغاية نوفورن)), وان كلمة (نوفورن) تعني غير مسموح بعرضها على الأجانب (غير الامريكان), وقال مايرز لبندر: إن الحملة ستبدأ بقصف جوي مركز يستمر عدة أيام فقط, لكنه سيكون قصفا جويا هائلا, وأكثر عنفا من ذي قبل بثلاث أو أربع مرات. عندئذ طلب بندر بن سلطان أن يأخذ نسخة من الخارطة كي يريها للأمير عبد الله, حتى يقنعه بجدية الأميركيين هذه المرة بخلع صدام, لكن (تشيني, ورمسفيلد, ومايرز) رفضوا, وقالوا له إن بإمكانه أن يطمئن على صدق امريكا, ونيتها الجادة نحو اعلان الحرب على العراق, وانها مصرة على تحقيق هذا الهدف, وبإمكان الأمير بندر نقل هذا الإصرار إلى ولي العهد, ويروى الكتاب أن الأمير بندر كان حريصا على التأكد من جدية الولايات المتحدة هذه المرة, وأنها لن تترك صدام في مكانه كما حدث بعد حرب عام 1991، وكانت لدى الأمير بندر رغبة جامحة للانتقام من صدام, فرد عليه (تشيني) مؤكدا أن (صدام سينتهي امره بمجرد انطلاق الشرارة الأولى للحرب). أدرك الأمير بندر ما هو مطلوب من السعودية وطلب من الحضور ترتيب اجتماع مع الرئيس بوش ليحمل الطلبات منه إلى ولى العهد السعودي الأمير عبد الله. وقد رتبت (كوندليزا رايس) الاجتماع في اليوم التالي، وكان بوش قلقا من محاولات فرنسا وألمانيا وروسيا تمديد مهمة (هانز بليكس) وفرق التفتيش، وخفف بندر من قلقه قائلا:  (هؤلاء الناس لا يضرون ولا ينفعون - يقصد الدول الثلاث- إنهم يحاولون لعب دور أكبر من حجمهم).

نعم إنها تباشير الحرب يا عزيزتي كوندي

يتناول الكتاب قبيل الختام  تفاصيل اللحظات المرعبة التي سبقت إعلان الحرب, فقد حددت الإدارة الأمريكية ساعة الصفر يوم الجمعة 21 آذار (مارس), لكنها قررت وعلى حين غرة تقديم الموعد المقرر يوما واحدا, بناءا على معلومات استخبارية عاجلة أرسلها فريق (روك ستار) المكلف بالتجسس على العراق, تفيد بوجود صدام وأولاده في إحدى المزارع, وتمكن الفريق من رصد تحركاتهم, من خلال اعتماده على عناصر عراقية وغير عراقية مجندة لهذا الغرض ومقربة من الدائرة الضيقة لصدام. وهكذا جاء القرار الأمريكي الاستباقي بضرب صدام قبل مغادرته المزرعة. وكان من المهم إعلام الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة بهذا التحول المفاجئ، فاتصل جورج بوش بالمفوض البريطاني, وطلب منه إبلاغ (توني بلير), وطلب من (كوندليزا رايس) إعلام السفير السعودي (بندر بن سلطان) والإسرائيليين. وحين اتصلت رايس بوزير المالية الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) قال لها: إنه على علم بآخر التطورات (أي بالقرار الجديد للحرب), وتمنى لهم حظا طيبا. وهكذا اتصلت (كوندليزا رايس) ببندر بن سلطان, وطلبت منه التوجه إلى البيت الأبيض للقائها في السابعة و45 دقيقة مساء بتوقيت واشنطن. فأشار إليها بندر بأن زياراته للبيت الأبيض بعد أوقات الدوام الرسمي (السادسة والنصف مساء) أصبحت تثير الشكوك, خاصة أن كثيرين أصبحوا ينظرون إلى تلك الزيارات المتأخرة على أنها لقاءات مع الرئيس نفسه, لكن رايس قالت له إن الأمر عاجل, ولما وصل بندر إلى البيت الأبيض استقبلته (كوندليزا رايس) في الثامنة و25 دقيقة, وفوجئ بمصور فوتوغرافي يعمل لصالحها يلتقط صور المصافحة. ولما سألها ما العاجل ؟, قالت له: ((إن الرئيس طلب مني إخبارك )), فأكمل بندر: (( ما أسعدنا, أننا ذاهبون إلى الحرب)). وكاد يطير من الفرح, وأردف قائلا: إنني أقابلك يا عزيزتي (كوندي) في هذا المكتب منذ عامين ولم يكن هناك أي مصور, كما أن انتهاء فترة الإنذار لصدام حسين وأولاده يعني أنها الحرب. وسألها : عما إذا كان هناك أي أجنبي غيره يعرف بالحرب, فقالت: لا, لكن الإسرائيليين أصبحوا الآن يعلمون بها، ثم أضاف أن الصورة التي أخذها المصور ستكون تاريخية, لأنها تؤرخ بأنه الأجنبي الأول الذي علم بالحرب مباشرة, وليس عن طريق التلفون. قالت له: ستفتح أبواب الجحيم في التاسعة مساء, وأصر صديقك, الرئيس, أن تعلم بالأمر مباشرة، فعقب بندر مازحا: قولي له إنني في المرة القادمة التي سأراه إذا اندلعت الحرب سأكون حليقا، فقالت رايس مرة أخرى: لا تتعجل, فلا أحد يعرف ماذا سيحدث في الدقائق القادمة, وكيف سيتغير العالم للأفضل أم الأسوأ. سأل بندر: ولكن أين الرئيس الآن؟. أجابت رايس: إنه يتناول عشاءه الآن مع زوجته, وبعدها طلب أن يكون وحيدا. فقال لها بندر: قولي له سيكون في دعواتنا وقلوبنا, فليساعدنا الله جميعا. وفي الثامنة والنصف اتصل الرئيس مع رايس أثناء وجود بندر, وسألها عنه فأجابت بأنه, أي بندر, ما زال معها وأنها أخبرته, وأنه طلب منها أن يقول للرئيس بأنه في صلواتهم. ثم أقفلت التلفون قائلة لبندر إنه يشكرك, ويقول تابعوا الدعاء والصلاة (صفحات 394 و395). بعدها خرج بندر من اجتماعه القصير مع رايس, واتصل فورا بالأمير عبد الله ليخبره بقرب اندلاع الحرب في الدقائق القليلة القادمة برموز وعبارات متفق عليها، فكانت كلمة السر التي قالها للأمير عبد الله على الهاتف: ((أخبار الطقس تقول إنها ستمطر بشدة في الروضة هذه الليلة)), والروضة ضاحية من ضواحي مدينة الرياض. فقال له الأمير: هل أنت متأكد ؟. فأجاب بندر: نعم متأكد جدا, وأرجو أن تتابع التلفزيون الليلة.

أسرار وفوازير غامضة

ويستفيض الكاتب، في إعطائنا معلومات هي خارج إمكانياتنا على التحصيل، مثل المعلومة التي أوردناها هنا, والتي تقول، بأن سفير السعودية الأمير بندر، كان يعلم بـخطة الهجوم، قبل أن يعلم بها وزير الخارجية (كولن باول) نفسه، وعلى الرغم من إنكار (كولن باول)، لهذه المعلومة، إلا أننا نستغرب كيف يمكن لإنسان أن ينكر أو يثبت واقعة يجهلها، فيما يثبت الكاتب بأسلوبه الخاص، حقيقة توصية (كوندليزا رايس) للأمير بندر، بأنه ليس من الضروري أن يعلم الوزير (كولن) بما يدور الآن.

وهناك معلومة ثانية، يذكرها كتاب (خطة الهجوم)، تقول بأن ارييل شارون، كان يعلم هو الآخر بالهجوم، قبل اثنتين وسبعين ساعة من وقوعه، وأن خطوط الخطة على الخرائط السرية، كان يعلم بها، قبل رسالة (تجديد الصداقة) التي أرسلها ولي عهد المملكة، الأمير عبد الله بن عبد العزيز، إلى الرئيس الأمريكي بوش، أو قبل إرسال نجل الرئيس المصري (جمال مبارك)، ليفرغ هو الآخر، ما في جعبته من أسرار المخابرات المصرية عن العراق وخباياه.

وتستمر المؤامرة الخسيسة

تخيم علينا سحب الحزن والقهر, ونشعر بخيبة كبيرة بسبب هذه المواقف الخسيسة التي تعكس مدى انحطاط المستوى الأخلاقي لبعض الحكام المتخاذلين, الذين سعوا ومازالوا يسعون لتسليم الوطن العربي كله بيد الأمريكان والصهاينة, مقابل احتفاظهم بكراسيهم وسلطانهم وقصورهم وثرواتهم وجواريهم ويخوتهم الفارهة ونعيمهم الزائل. ولا هم لهم هذه الأيام سوى زرع الفتن, وتدبير الدسائس, وترويج الكذب والتدليس, وإشاعة النعرات الطائفية, وتشجيع الإرهاب, والسعي نحو التفرقة والتمزق والتشرذم, وتشويه صورة الإسلام والمسلمين, والتآمر على العراق وشعبه, والتفاخر بالتبعية للبيت الأبيض, والتلذذ بالتآمر على الشعوب العربية المنكوبة, والكيد لهم, والتهافت في تقديم الدعم والعون والإسناد المطلق للقوات الغازية, والسماح للسفن الحربية الجبارة بعبور قناة السويس للانقضاض على بلد الرافدين, وتسهيل تحرك القوات الأمريكية الجوية، وتزويدها بالوقود, ومنحها حرية استخدام المجال الجوي العربي للقيام بمهام عسكرية فوق العراق. ومنحها ست ثكنات حربية, وست قواعد لإطلاق الصواريخ البعيدة المدى في السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات, وممارسة البغاء السياسي في السر والعلن, والسماح بايواء مئة وخمسين ألف جندي أمريكي، وثلاثة آلاف دبابة وآلية، عدا قوات التحالف من أوروبية انتقامية منتفعة، أو أوروبية شرقية متسولة، أو أمريكية لاتينية موعودة. ناهيك عن التنازلات السخية للتواجد الدائم في المياه الإقليمية العربية، ذلك وغيره ما يشير إلى عمالة الأنظمة العربية المتخاذلة المتسلطة على رقاب الناس، والتي أصبحت متخصصة بالتمويه والخداع باسم العروبة والإسلام, وأصبحت متفننة بإطلاق الشعارات الكاذبة والكلمات الطنانة عن الجهاد والرجولة والشهامة. وتوظيف جوقة وعاظ السلاطين في الهاء الناس وتضليلهم وتخديرهم, وتبرير الغزو الأمريكي للعراق, ووصلت بهم الصلافة إلى تزييف وتحريف الوقائع, وإنكار ما قامت به الأقطار, التي فتحت بوابات عواصمها لقوات التحالف الأمريكي, وحرضتها وشجعتها على تدمير العراق.

ختاما لابد من طرح مجموعة من الأسئلة الملحة, التي ماانفكت تغلي في صدر المواطن العربي, ويرددها في خلواته متلهفا لمعرفة الجواب الشافي, من مثل: ما سر سكوت الجامعة العربية على هذه الفضيحة المخزية, التي تشيب لها رؤوس الولدان, وما هو مبرر هذه الجريمة التي ارتكبها بعض الحكام العرب ضد الشعب العراقي ؟, سيما إن كل من يقرأ الكتاب, ويطلع على هذا الكم الهائل من الأسرار والدسائس, سيقف مذعورا مخذولا بين مفترق طريقين, اما أن يكون الكاتب يبغض العرب والمسلمين ويحاول أن يلصق بهم خصلة الـتآمر, ويلفق لهم التواطؤ مع البيت الأبيض ضد العراق ؟, عندئذ يفترض أن توجه للكاتب تهمة الكذب والتدليس وقلب الحقائق, وبالتالي يفترض أن يصار إلى سحب الكتاب من المكتبات . دفاعا عن سمعة الحكام الذين اهتزت صورتهم في ذهن المواطن العربي, أو انه أصاب كبد الحقيقة, ونجح في توثيق هذا التآمر السافر على العراق, وتشخيص أبعاده الخبيثة, ثم كيف نفسر ضلوع شخصيات عربية حاكمة، في السعودية ومصر وقطر واليمن والكويت والأردن ولبنان بمؤامرة تدمير العراق واحتلاله، فيما الهدف تحديدا القضاء على صدام ونظامه، كما ورد تماما في صفحات هذا الكتاب, الذي فضح التواطؤ العربي المخزي في هذه الحرب الكارثية, وكيف نفسر هذا التدخل لشيخ السفراء العرب في واشنطن، بندر بن سلطان، وهو يتوسل ببوش، بأن لا يتردد هذه المرة في سحق العراق وتهديمه.

ما يميز هذا الكتاب انه جمع خيوط المؤامرة على العراق, ورسم فصولها بطريقة مثيرة للدهشة، ونجح في ملاحقة الأحداث, وكشف لعبة التضليل، وحاز على شهرة واسعة من خلال اعتماده على الوثائق, والمقابلات الشخصية, ومن خلال قراءته لما وراء التصريحات، والتي تعد في غاية الأهمية في تحديد ملامح الأوضاع العراقية المتقلبة والتي لم تستقر بعد، وهكذا نجح الكاتب في توثيق الرغبات الأمريكية الجامحة لاحتلال العراق, واستطاع أن يصور المشاهد التاريخية لتحالفات المحافظين الجدد مع عملائهم وعبيدهم في المنطقة, وكيف هيئوا الأجواء السياسية لتدمير العراق من خلال إصرارهم على تركيز الأنظار عليه أكثر من منظمة القاعدة.