بحر الصمت

عبد الرشيد كمال

عن دار الحضارة للنشر والتوزيع بالقاهرة، صدرت الطبعة الثانية من "بحر الصمت" للروائية الجزائرية ياسمينة صالح، وهي الرواية التي فازت بجائزة مالك حداد التي أشرفت عليها عام 2001 الروائية الجزائرية الكبيرة أحلام مستغانمي وصدرت طبعتها الأولى عن دار الآداب ببيروت.. تتناول رواية "بحر الصمت" الصراع الدائر بين جيل الثورة وجيل الاستقلال، صراع على المبادئ، وصراع تاريخي تجسده شخصية " السي سعيد" كواحد من الإقطاعيين الانتهازيين أصبح "واحدا من الخاوة"، هذا لأن الحب غيّر مجرى حياته ونقله من حيادية سلبية إلى حيادية أخرى جعلت منه "ثائرا نموذجيا" على حساب الثوار الحقيقيين الذين أصبحوا شهداء لأنهم رحلوا، ولأنه بقي من بعدهم يتقلد المناصب وينهب من خيرات البلاد على نخب ذاكرتهم المجروحة. تعد رواية "بحر الصمت" من الأعمال الروائية المهمة لجيل الروائيين الجزائريين الجدد بشهادة النقاد، وقد ترجمت الرواية إلى الفرنسية عام 2002 وإلى الاسبانية عام 2004، كما تعد الروائية ياسمينة صالح واحدة من الأسماء الروائية النسائية المتميزة بين جيلها الأدبي في الجزائر، وقد احتلت المرتبة الثالثة ضمن أحسن الأسماء الروائية النسائية الجزائرية في استفتاء نشرته جريدة الوحدة التونسية، من إصداراتها الروائية أيضا "أحزان امرأة من برج الميزان"، "وطن من زجاج" (صادرة عن الدار العربية للعلوم ببيروت)، ورواية جديدة سوف تصدر قريبا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت. يذكر أخيرا أن غلاف الطبعة الثانية من رواية بحر الصمت من تصميم الفنان التشكيلي العراقي "إحسان الخطيب".

·  وهذا مقطع قصير من الرواية:

(( تساءلت بعد تلك الليلة عن مصيري لو لم أكن واحدا منهم!

واحدا منهم؟ يا للكلمة الكبيرة.. لم أكن واحدا منهم.. كنت أقلهم تحمسا للثورة و أكثرهم حلما.. تلك العينان جعلتا مني رجلا" آخر يريد اكتشاف ذاته في ذوات الآخرين، و في معنى الثورة التي يسميها "عمر":الوطن..!  أجل.. الوطنية معناها أن تكون واحدا من كل هؤلاء الجزائريين، و أن تفرح و تحزن و تبكي و تتألم في نفس الوقت معهم.. الوطنية معناها أن أجلس مع "بلقاسم" و أقتسم معه خبزه و كلاما حميما عن "الخاوة" و الجبل، و الاستقلال.. و أنا ـ بهذا التعريف ـ لم أكن وطنيا. كنت أريد وطنية خارقة وعلى مقاسي.. تقربني من الناس و تبعدني عنهم في نفس الوقت! كنت أريد وطنية على مقاسي بالضبط، و كان ذلك جزءا" من خيانة اقترفتها في حق نفسي!   في ليلة مدهشة جاءني الوطن على شكل امرأة مغمورة بالتساؤل، و الغرور.. و قالت لي "تعال.. فجئت.. أكان ممكنا" بعدما قابلتك ألا أجيء؟ يا امرأة مدججة بالسلاح.. يا معركة دخلتها خاسرا و خرجت منها معطوبا حد الموت.. يا ذاكرة بلون الوطن، و قسوة الوطن، و عقاب الوطن.. يا حكاية تلخصها حروف اسمك السهل/الصعب/المستحيل..! ))