قراءة منهجية في كتاب الرسائل

قراءة منهجية في كتاب الرسائل

محمود

[email protected]

تجتهد هذه القراءة في تقديم تبويب منهجي لما ورد في مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا حيث قام فيها الباحث - شكر الله له -بتصنيف فقرات الرسائل وفقا للموضوعات التالية :

الرقم

الفقرة

الرسالة المصدر

أولا : التعريف بالجماعة

1

من هم الإخوان المسلمون؟

إلى الشباب

2

طبيعة فكرتنا

الإخوان تحت راية القرآن

3

إسلام الإخوان المسلمين

المؤتمر الخامس

4

إسلامنا

دعوتنا

5

الإسلام الشامل

في مؤتمر طلبة الإخوان المسلمون

6

الإخوان فكرة إصلاحية شاملة

المؤتمر الخامس

7

وصفنا 

في اجتماع رؤوساء المناطق ومراكز الجهاد

8

نحن والسياسة

المؤتمر السادس

9

مهمّتنا

الإخوان تحت راية القرآن

10

ربانية عالمية

دعوتنا في طور جديد

11

خصائص دعوة الإخوان

المؤتمر الخامس

 

 

 

ثانيا : الغاية

12

الغاية أصل الأعمال

إلى أي شيء ندعوالناس

13

الغاية

المؤتمر الخامس

 

 

 

ثالثا :  الأهداف

14

أهدافنا

بين الأمس واليوم

15

ماذا نريد؟

إلى الشباب

16

عدتنا

الإخوان تحت راية القرآن

 

 

 

رابعا :  الوسائل

17

الوسائل

دعوتنا

18

وسائلنا العامة

بين الأمس واليوم

19

وسيلة الإخوان المسلمين

المؤتمر السادس

20

وسائلنا

في اجتماع رؤوساء المناطق ومراكز الجهاد

21

من أين نبدأ؟

إلى أي شيء ندعوالناس

22

العقبات في طريقنا

بين الأمس واليوم

23

عوامل النجاح

بين الأمس واليوم

24

وصية

بين الأمس واليوم

25

واجبات

بين الأمس واليوم

26

دعوتنا في العصر الحديث

إلى الشباب

27

فناء

دعوتنا

 

 

 

خامسا : أركان البيعة

28

أركان البيعة

 رسالة التعاليم

( 1 ) التعريف بالجماعة

من هم الإخوان المسلمون؟

أيها الشباب:

يخطئ من يظن أن جماعة الإخوان المسلمين (جماعة دراويش)  قد حصروا أنفسهم في دائرة ضيقة من العبادات الإسلامية ، كل همهم صلاة وصوم وذكر وتسبيح. فالمسلمون الأولون لم يعرفوا الإسلام بهذه الصورة، ولم يؤمنوا به على هذا النحو؟ ولكنهم آمنوا به عقيدة وعبادة، ووطنا وجنسية ، وخلقا ومادة ، وثقافة وقانونا ، وسماحة وقوة . واعتقدوه نظاما كاملا يفرض نفسه على كل مظاهر الحياة وينظم أمر الدنيا كما ينظم الآخرة . اعتقدوه نظاما عمليا وروحيا معا فهوعندهم دين ودولة ، ومصحف وسيف . وهم مع هذا لا يهملون أمر عبادتهم ولا يقصرون في أداء فرائضهم لربهم ، يحاولون إحسان الصلاة ويتلون كتاب الله ، ويذكرون الله تبارك وتعالى على النحوالذي أمر به وفي الحدود التي وضعها لهم، في غير غلوولا سرف ، فلا تنطع ولا تعمق ، وهم أعرف بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى) ، وهم مع هذا يأخذون من دنياهم بالنصيب الذي لا يضر بآخرتهم، ويعلمون قول الله تبارك وتعالى:

 (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (لأعراف:32) .

وإن الإخوان ليعلمون أن خير وصف لخير جماعة هووصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : (رهبان في الليل فرسان في النهار) ، وكذلك يحاولون أن يكونوا والله المستعان.

ويخطئ من يظن أن الإخوان المسلمين يتبرمون بالوطن والوطنية، فالمسلمون أشد الناس إخلاصا لأوطانهم وتفانيا في خدمة هذه الأوطان واحتراما لكل من يعمل لها مخلصا، وها قد علمت إلى أي حد يذهبون في وطنيتهم والى أي عزة يبغون بأمتهم . ولكن الفارق بين المسلمين وبين غيرهم من دعاة الوطنية المجردة أن أساس وطنية المسلمين العقيدة الإسلامية. فهم يعملون لوطن مثل مصر ويجاهدون في سبيله ويفنون في هذا الجهاد لان مصر من أرض الإسلام وزعيمة أممه؟ كما أنهم لا يقفون بهذا الشعور عند حدودها بل يشركون معها فيه كل أرض إسلامية وكل وطن إسلامي ، على حين يقف كل وطني مجرد عند حدود أمته ولا يشعر بفريضة العمل للوطن إلا عن طريق التقليد أوالظهور أوالمباهاة أوالمنافع، لا عن طريق الفريضة المنزلة من الله على عباده . وحسبك من وطنية الإخوان المسلمين أنهم يعتقدون عقيدة جازمة لازمة أن التفريط في أي شبر أرض يقطنه مسلم جريمة لا تغتفر حتى يعيدوه أويهلكوا دون إعادته، ولا نجاة لهم من الله إلا بهذا.

ويخطئ من يظن أن الأخوان المسلمين دعاة كسل أوإهمال، فالإخوان يعلنون في كل أوقاتهم أن المسلم لا بد أن يكون إماما في كل شيء ، ولا يرضون بغير القيادة والعمل والجهاد والسبق في كل شيء ، في العلم وفي القوة وفي الصحة وفي المال. والتأخر في أية ناحية من النواحي ضار بفكرتنا مخالف لتعاليم ديننا ، ونحن مع هذا ننكر على الناس هذه المادية الجارفة التي تجعلهم يريدون أن يعيشوا لأنفسهم فقط وأن ينصرفوا بمواهبهم وأوقاتهم وجهودهم إلى الأنانية الشخصية ، فلا يعمل أحدهم لغيره شيئا ولا يعنى من أمر أمته بشيء ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) ، كما يقول: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء).

ويخطئ من يظن أن الإخوان المسلمين دعاة تفريق عنصري بين طبقات الأمة فنحن نعلم أن الإسلام عني أدق العناية باحترام الرابطة الإنسانية العامة بين بني الإنسان في مثل . قوله تعالى: (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) (البقرة:285). وقد حرم الإسلام الاعتداء حتى في حالات الغضب والخصومة فقال تعالى: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوأَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)(المائدة:8) وأوصى بالبر والإحسان بين المواطنين وإن اختلفت عقائدهم وأديانهم: (لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) (الممتحنة:8).

كما أوصى بإنصاف الذميين وحسن معاملتهم: ( لهم ما لنا وعليهم ما علينا ). نعلم كل هذا فلا ندعوإلى فرقة عنصرية ، ولا إلى عصبية طائفية .

 ولكننا إلى جانب هذا لا نشتري هذه الوحدة بإيماننا ولا نساوم في سبيلها على عقيدتنا ولا نهدر من أجلها مصالح المسلمين ، وإنما نشتريها بالحق والإنصاف والعدالة وكفى. فمن حاول غير ذلك أوقفناه عند حده وأبنا له خطأ ما ذهب إليه: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.

ويخطئ من يظن أن الإخوان المسلمين يعملون لحساب هيئة من الهيئات أويعتمدون على جماعة من الجماعات . فالإخوان المسلمون يعملون لغايتهم على هدى من ربهم، وهي الإسلام وأبناؤه في كل زمان ومكان ، وينفقون مما رزقهم الله ابتغاء مرضاته، ويفخرون بأنهم إلى الآن لم يمدوا يدهم إلى أحد ولم يستعينوا بفرد ولا هيئة ولا جماعة.                 

( رسالة: إلى الشباب)

طبيعة فكرتنا

أيها الإخوان المسلمون ...

بل أيها الناس أجمعون ...

لسنا حزباً سياسياً  ، وإن كانت السياسة على قواعد الإسلام من صميم فكرتنا..

ولسنا جمعية خيرية إصلاحية ، وإن كان عمل الخير والإصلاح من أعظم مقاصدنا..

ولسنا فرقاً رياضية ، وإن كانت الرياضة البدنية والروحية من أهم وسائلنا..

لسنا شيئاً من هذه التشكيلات ، فإنها جميعاً تبررها غاية موضعية محدودة لمدة معدودة ، وقد لا يوحي بتأليفها إلا مجرد الرغبة في تأليف هيئة ، والتحلي بالألقاب الإدارية فيها.

ولكننا أيها الناس : فكرة وعقيدة ، ونظام ومنهاج ، لا يحدده موضع ، ولا يقيده جنس ، ولا يقف دونه حاجز جغرافي ، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، ذلك لأنه نظام رب العالمين ، ومنهاج رسوله الأمين .

نحن أيها الناس  ولا فخر  أصحاب رسول الله ، وحملة رايته من بعده ، ورافعولوائه كما رفعوه ، وناشرولوائه كما نشروه ، وحافظوقرآنه كما حفظوه ، والمبشرون بدعوته كما بشروا ، ورحمة الله للعالمين (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (صّ:88).

أيها الإخوان المسلمون :

هذه منزلتكم ، فلا تصغروا في أنفسكم ، فتقيسوا أنفسكم بغيركم ، أوتسلكوا في دعوتكم سبيلا غير سبيل المؤمنين ، أوتوازنوا بين دعوتكم التي تتخذ نورها من نور الله ومنهاجها من سنة رسوله ، بغيرها من الدعوات التي تبررها الضرورات ، وتذهب بها الحوادث والأيام .

لقد دعوتم وجاهدتم ، ولقد رأيتم ثمار هذا المجهود الضئيل أصواتا تهتف بزعامة رسول الله وهيمنة نظام القرآن ، ووجوب النهوض للعمل ، وتخليص الغاية لله ، ودماء تسيل من شباب طاهر كريم في سبيل الله ، ورغبة صادقة للشهادة في سبيل الله . وهذا نجاح فوق ما كنتم تنتظرون ، فواصلوا جهودكم ، واعملوا ، (وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) (محمد:35) .

فمن تبعنا الآن فقد فاز بالسبق ، ومن تقاعد عنا من المخلصين اليوم فسيلحق بنا غدا ، وللسابق عليه الفضل . ومن رغب عن دعوتنا ، زهادة ، أوسخرية بها ، أواستصغارا لها ، أويائسا من انتصارها ، فستثبت له الأيام عظيم خطأه ، وسيقذف الله بحقنا على باطله فيدمغه فإذا هوزاهق.

فإلينا أيها المؤمنون العاملون ، والمجاهدون المخلصون ، فهنا الطريق السوي ، والصراط المستقيم ، ولا توزعوا القوى والجهود .

 (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام:153) .

( رسالة : الإخوان تحت راية القرآن )

إسلام الإخوان المسلمين

( 1 ) نحن نعتقد أن أحكام الإسلام وتعاليمه شاملة تنتظم شؤون الناس في الدنيا والآخرة ، وأن الذين يظنون أن هذه التعاليم إنما تتناول الناحية العبادية أوالروحية دون غيرها من النواحي مخطئونفي هذا الظن ، فالإسلام عقيدة وعبادة ، ووطن وجنسية ، ودين ودولة ، ، وروحانية وعمل ، ومصحف وسيف ، والقرآن الكريم ينطق بذلك كله ويعتبره من لب الإسلام ومن صميمه ويوصي بالإحسان فيه جميعه ، وإلى هذا تشير الآية الكريمة  : (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) (القصص:77)

وإنك لتقرأ في القرآن وفي الصلاة إن شئت قول الله تبارك وتعالي في العقيدة والعبادة  : (وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة:5)  .

وتقرأ قوله تعالى في الحكم والقضاء والسياسة :  (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65)

وتقرأ قوله تعالى في الدين والتجارة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوضَعِيفاً أَولا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوفَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوكَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) (البقرة:282)

وتقرا قوله تعالى في الجهاد والقتال والغزو: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوتَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوكُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) (النساء:102)  ،  وإلى غير ذلك من الآيات الكثيرة البارعة في هذه الأغراض نفسها وفي غيرها من الآداب العامة وشؤون الاجتماع .

وهكذا اتصل الإخوان بكل بكتاب الله واستلهموه واسترشدوه فأيقنوا أن الإسلام هوهذا المعنى الكلي الشامل ، وأنه يجب أن يهيمن على كل شؤون الحياة وأن تصطبغ جميعها به وأن تنزل على حكمه ، وأن تساير قواعده وتعاليمه وتستمد منها ما دامت الأمة تريد أن تكون مسلمة إسلاما صحيحا ، أما إذا أسلمت في عباداتها وقلدت غير المسلمين في بقية شؤونها ، فهي أمة ناقصة الإسلام تضاهئ الذين قال تعالى فيهم : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة:85)

 ( 2 )  إلى جانب هذا يعتقد الإخوان المسلمون أن أساس التعاليم الإسلامية  معينها هوكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، اللذان إن تمسكت بهما فلن تضل أبدا ، وأن كثيرا من الآراء والعلوم التي اتصلت بالإسلام وتلونت بلونه تحمل لون العصور التي أوجدتها والشعوب التي عاصرتها ، ولهذا يجب أن تستقي النظم الإسلامية التي تحمل عليها الأمة من هذا المعين الصافي معين السهولة الأولى ، وأن نفهم الإسلام كما كان يفهمه الصحابة والتابعون من السلف الصالح رضوان الله عليهم ، وأن نقف عند هذه الحدود الربانية النبوية حتى لا نقيد أنفسنا بغير ما يقيدنا الله به ، ولا نلزم عصرنا لون عصر لا يتفق معنا.

( 3 ) وإلى جانب هذا أيضا يعتقد الإخوان المسلمون أن الإسلام كدين عام انتظم كل شؤون الحياة في كل الشعوب والأمم لكل الأعصار والأزمان ، جاء أكمل وأسمى من أن يعرض لجزئيات هذه الحياة وخصوصا في الأمور الدنيوية البحتة ، فهوإنما يضع القواعد الكلية في كل شأن من هذه الشؤون ، ويرشد الناس إلى الطريق العملية للتطبيق عليها والسير في حدودها .

ولضمان حق الصواب في هذا التطبيق أوتحريهما على الأقل ، عني الإسلام عناية تامة بعلاج النفس الإنسانية وهي مصدر النظم ومادة التفكير والتصوير والتشكل ، فوصف لها من الأدوية الناجعة ما يطهرها من الهوى ويغسلها من أضرار الغرض والغاية ويهديها إلى الكمال والفضيلة ، ويزجرها عن الجور القصور  العدوان ، وإذا استقامت النفس وصفت فقد أصبحت كل ما يصدر عنها صالحا جميلا ، يقولون إن العدل ليس في نص القانون ولكنه في نفس القاضي ، وقد تأتي بالقانون الكامل العادل إلى القاضي ذي الهوى والغاية فيطبقه تطبيقا جائرا لا عدل معه ، وقد تأتي بالقانون الناقص والجائر إلى القاضي الفاضل العادل البعيد عن الأهواء والغايات فيطبقه تطبيقا فاضلا عادلا فيه كل الخير والبر والرحمة والإنصاف ومن هنا كانت النفس الإنسانية محل عناية كبرى في كتاب الله ، وكانت النفوس الأولى التي صاغها هذا الإسلام مثال الكمال الإنساني ، ولهذا كله كانت طبيعة الإسلام تساير العصور والأمم ، وتتسع لكل الأغراض والمطالب ، ولهذا أيضا كان الإسلام لا يأبى أبدا الاستفادة من كل نظام صالح لا يتعارض مع قواعده الكلية وأصوله العامة .

       ( رسالة : المؤتمر الخامس )

إسلامنا

اسمع يا أخي : دعوتنا دعوة أجمع ما توصف به أنها ( إسلامية ) ولهذه الكلمة معنى واسع غير ذلك المعنى الضيق الذي يفهمه الناس، فإنا نعتقد أن الإسلام معنى شامل ينتظم شؤون الحياة جميعا، ويفتي في كل شأن منها ويضع له نظاما محكما دقيقا، ولا يقف مكتوفا أمام المشكلات الحيوية والنظم التي لا بد منها لإصلاح الناس. فهم بعض الناس خطأ أن الإسلام مقصور على ضروب من العبادات أوأوضاع من الروحانية، وحصروا أنفسهم وأفهامهم في هذه الدوائر الضيقة من دوائر الفهم المحصور.

ولكنا نفهم الإسلام على غير هذا الوجه فهما فسيحا واسعا ينتظم شؤون الدنيا والآخرة ، ولسنا ندعي هذا ادعاء أونتوسع فيه من أنفسنا ، وإنما هوما فهمناه من كتاب الله وسيرة المسلمين الأولين، فإن شاء القارئ أن يفهم دعوة الإخوان بشيء أوسع من كلمة إسلامية فليمسك بمصحفه وليجرد نفسه من الهوى والغاية ثم يتفهم ما عليه القرآن فسيرى في ذلك دعوة الإخوان.

أجل : دعوتنا إسلامية ، بكل ما تحتمل الكلمة من معان ، فافهم فيها ما شئت بعد ذلك وأنت في فهمك هذا مقيد بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة السلف الصالحين من المسلمين ، فأما كتاب الله فهوأساس الإسلام ودعامته وأما سنة نبيه فهي مبينة الكتاب وشارحته وأما سيرة السلف الصالح فهم رضوان الله عليهم منفذوأوامره والآخذون بتعاليمه وهم المثل العملية والصورة الماثلة لهذه الأوامر والتعاليم.       

 ( من رسالة دعوتنا)

الإسلام الشامل

 أنا أعلن أيها الإخوان من فوق المنبر بكل صراحة ووضوح وقوة ، أن الإسلام شئ غير هذا المعنى الذي أراد خصومة والأعداء من أبنائه أن يحصرون فيه ويقيدون به ، وأن الإسلام عقيدة وعبادة ، ووطن وجنسية ، وسماحة وقوه ، وخلق ومادة ، وثقافة وقانون ، وأن المسلم مطالب بحكم إسلامه أن يعني بكل شؤون أمته ، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم .

     ( رسالة : في مؤتمر طلبة الإخوان المسلمون  )

 

الإخوان فكرة إصلاحية شاملة

كان من نتيجة هذا الفهم العام الشامل للإسلام عند الإخوان المسلمين أن شملت فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة ، وتمثلت فيها كل عناصر غيرها من الفكر الإصلاحية ، وأصبح كل مصلح مخلص غيور يجد فيها أمنيته ، والتقت عندها آمال محبي الإصلاح الذين عرفوها وفهموا مراميها ، وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك ، إن الإخوان المسلمين :

( 1 ) دعوة سلفية : لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله.

( 2 ) وطريقة سنية : لأنهم يحملون أنفسهم علي العمل بالسنة المطهرة في كل شيء ، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا .

( 3 ) وحقيقة صوفية : لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس ، ونقاء القلب ، والمواظبة علي العمل ، والإعراض عن الخلق ، والحب في الله ، والارتباط علي الخير .

( 4 ) وهيئة سياسية : لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل وتعديل النظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم في الخارج ، وتربية الشعب علي العزة والكرامة والحرص علي قوميته إلي أبعد حد .

( 5 ) وجماعة رياضية : لأنهم يعنون بجسومهم ، ويعلمون أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم يقول : (إن لبدنك عليك حقاً) وإن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تؤدي كاملة صحيحة إلا بالجسم القوي ، فالصلاة والصوم والحج والزكاة لا بد لها من جسم يحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق ، ولأنهم تبعاً لذلك يعنون بتشكيلاتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثيراً من الأندية المتخصصة بالرياضة البدنية وحدها .

( 6 ) ورابطة علمية ثقافية : لأن الإسلام يجعل طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة ، ولأن أندية الأخوان هي في الواقع مدارس للتعليم والتثقيف ومعاهد لتربية الجسم والعقل والروح .

( 7 ) وشركة اقتصادية : لأن الإسلام يعني بتدبير المال وكسبه من وجهه وهوالذي يقول نبيه صلي الله عليه وسلم  : (نعم المال الصالح للرجل الصالح) ويقول : (من أمسي كالاً من عمل يده أمسي مغفوراً له) ، (إن الله يحب المؤمن المحترف)

( 8 ) وفكرة اجتماعية : لأنهم يعنون بأدواء المجتمع الإسلامي ويحاولون الوصول إلي طرق علاجها وشفاء الأمة منها .

       ( رسالة : المؤتمر الخامس )

وصفنا

وسيقول الناس ما معني هذا وما أنتم أيها الإخوان ؟ إننا لم نفهمكم بعد ، فأفهمونا أنفسكم وضعوا لأنفسكم عنواناً نعرفكم به كما تعرف الهيئات بالعناوين .

هل أنتم طريقة صوفية ؟ أم مؤسسة اجتماعية ؟ أم حزب سياسي ؟ كونوا واحداً من هذه الأسماء والمسميات لنعرفكم بأسمائكم وصفتكم .

فقولوا لهؤلاء المتسائلين : نحن دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة :

 طريقة صوفية نقية : لإصلاح النفوس وتطهير الأرواح وجمع القلوب علي الله العلي الكبير .

 وجمعية خيرية نافعة تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتواسي المكروب وتبر بالسائل والمحروم وتصلح بين المتخاصمين .

 ومؤسسة اجتماعية قائمة : تحارب الجهل والفقر والمرض والرذيلة في أية صورة من الصور .

 وحزب سياسي نظيف يجمع الكلمة ويبرأ من الغرض ويحدد الغاية ويحسن القيادة والتوجيه.

وقد يقولون بعد هذا كله لازلتم غامضين فأجيبوهم : لأنه ليس في يدكم مفتاح النور الذي تبصروننا علي ضوئه ... نحن الإسلام أيها الناس فمن فهمه على وجهه الصحيح فقد عرفنا كما يعرف نفسه فافهموا الإسلام أوقولوا عنا بعد ذلك ما تريدون .!

 (في اجتماع رؤوساء المناطق ومراكز الجهاد)

نحن والسياسة

وقد يقول بعض الناس : وما للإخوان والبرلمان والإخوان جماعة دينية وهذه سبيل الهيئات السياسية؟ أليس هذا يؤيد ما يقول الناس من أن الإخوان المسلمين قوم سياسيون لا يقفون عند حد الدعوة للإسلام كما يدعون؟

وأقول لهذا القائل في صراحة ووضوح : أيها الأخ .. أما أننا سياسيون حزبيون  نناصر حزبا ونناهض آخر فلسنا كذلك ولن نكونه ، ولا يستطيع أحد أن يأتي على هذا بدليل أوشبه دليل.

وأما أننا سياسيون بمعنى أننا نهتم بشئون أمتنا ، ونعتقد أن القوة التنفيذية جزء من تعاليم الإسلام تدخل في نطاقه وتندرج تحت أحكامه ، وأن الحرية السياسية والعزة القومية ركن من أركانه وفريضة من فرائضه ، وأننا نعمل جاهدين لاستكمال الحرية ولإصلاح الأداة التنفيذية فنحن كذلك ، ونعتقد أننا لم نأت فيه بشيء جديد ، فهذا المعروف عن كل مسلم درس الإسلام دراسة صحيحة ونحن لا نعلم دعوتنا ولانتصور معنى لوجودنا إلا تحقيق هذه الأهداف. ولم نخرج بذلك قيد شعرة عن الدعوة إلى الإسلام ، والإسلام لا يكتفي من المسلم بالوعظ والإرشاد ولكنه يحدوه دائما إلى الكفاح والجهاد  (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69).

       ( رسالة : المؤتمر السادس )

مهمّتنا

ما مهمتنا إذاً نحن الإخوان المسلمين؟

أما أجمالا : فهي أن نقف في وجه هذه الموجة الطاغية من مدنية المادة ،وحضارات المتع والشهوات ،التي جرفت الشعوب الإسلامية ، فأبعدتها عن زعامة النبي وهداية القرآن ، وحرمت العالم من أنوار هديها ، وأخرت تقدمه مئات السنين ، حتى تنحسر عن أرضنا ويبرأ من بلائها قومنا ، ولسنا واقفين عند هذا الحد بل سنلاحقها في أرضها ، وسنغزوها في عقر دارها ، حتى يهتف العالم كله باسم النبي ، وتوقن الدنيا كلها بتعاليم القرآن ، وينتشر ظل الإسلام الوارف على الأرض ، وحينئذ يتحقق للمسلم ما ينشده ،فلا تكون فتنة ويكون الدين كله لله (للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ، بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوالْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الروم:5) .

هذه مهمتنا نحن الإخوان المسلمين إجمالا.

وأما في بعض تفاصيلها : فهي أن يكون في مصر أولا – بحكم أنها في المقدمة من دول الإسلام وشعوبه – ثم في غيرها كذلك :

 نظام داخلي للحكم يتحقق به قول الله تبارك وتعالى :

 (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ) (المائدة:49) .

 ونظام للعلاقات الدولية يتحقق به قول القرآن الكريم :

(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة:143) .

 ونظام عملي للقضاء يستمد من الآية الكريمة :

(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65).

 ونظام للدفاع والجندية يحقق مرمى النفير العام :

(انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) (التوبة:41) .

 ونظام اقتصادي استقلالي للثروة والمال والدولة والأفراد أساسه قول الله تعالى :

(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً) (النساء:5) .

 ونظام للثقافة والتعليم يقضي على الجهالة والظلام ، ،ويطابق جلال الوحي في أول آية من كتاب الله : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق:1) .

 ونظام الأسرة والبيت ينشئ الصبي المسلم والفتاة المسلمة والرجل المسلم  ويحقق قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (التحريم:6) .

 ونظام للفرد في سلوكه الخاص يحقق الفلاح المقصود بقوله تعالى :

(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) (الشمس:9) .

 وروح عام يهيمن على كل فرد في الأمة من حاكم أومحكوم قوامه قول الله تعالى :

(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ) (القصص:77) .

 

نحن نريد:

 الفرد المسلم ...

 والبيت المسلم ...

 والشعب المسلم ...

 والحكومة المسلمة ...

 والدولة التي تقود الدول الإسلامية ،

 وتضم شتات المسلمين ، وتستعيد مجدهم ، وترد عليهم أرضهم المفقودة وأوطانهم المسلوبة وبلادهم المغصوبة ، ثم تحمل علم الجهاد ولواء الدعوة إلى الله ، حتى تسعد العالم بتعاليم الإسلام.                

( رسالة : الإخوان تحت راية القرآن )

ربانية عالمية

أخص خصائص دعوتنا أنها ربانية عالمية :

أ  أما أنها ربانية فلأن الأساس الذي تدور عليه أهدافنا جميعا ، أن يتعرف الناس إلى ربهم ، وأن يستمدوا من فيض هذه الصلة روحانية كريمة تسموا بأنفسهم عن جمود المادة الصماء وجحودها إلى طهر الإنسانية الفاضلة وجمالها. نحن الإخوان المسلمين لنهتف من كل قلوبنا:

"الله غايتنا" فأول أهداف هذه الدعوة أن يتذكر الناس من جديد هذه الصلة التي تربطهم بالله تبارك وتعالى والتي نسوها فأنساهم الله أنفسهم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21) وهذا في الحقيقة هوالمفتاح الأول لمغاليق المشكلات الإنسانية التي أوصدها الجمود والمادية في وجوه البشر جميعاً فلم يستطيعوا إلى حلها سبيلاً، وبغير هذا المفتاح فلا إصلاح .

ب  وأما أنها عالمية فلأنها موجهه إلى الناس كافه لأن الناس في حكمها إخوة : أصلهم واحد ، وأبوهم واحد ، ونسبهم واحد ، لا يتفاضلون إلا بالتقوى وبما يقدم أحدهم المجموع من خير سابغ وفضل شامل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1). فنحن لا نؤمن بالعنصرية الجنسية ولا نشجع عصبية الأجناس والألوان ، ولكن ندعوإلى الأخوة العادلة بين بنى الإنسان .

قرأت لأحد زعماء الغرب أنه يقسم الجنس البشرى إلى مبتكرين ومحافظين ومخربين ، وهويعتبر قومه مبتكرين ويعتبر قوما آخرين من الغربيين محافظين ، ويعتبرنا نحن الشرقيين وما إلينا عدا هذين مخربين ومدمرين ، هذا التقسيم ظالم جائر فضلا عن أنه غير صحيح بأصله ، فالجنس البشرى كله مرده إلى دم واحد وطينه واحدة وإن اختلفت البيئات والوسائط والمدارك والثقافات . وإذا هذب الإنسان استطاع أن يرتقي من رتبته إلى أعلي منها بدرجة ما يصل إليه من تهذيب . وليس هناك جنس من بني آدم لا يمكن إصلاحه في حدود ظروفه وبيئته الخاصة به .

هذا من جهة ، ومن جهة أخري فإن هذا الشرق الذي وضع في صف المخربين والمدمرين هومبعث المدنيات ومشرق الحضارات ومهبط الرسالات ، وهومفيض ذلك كله علي الغرب ، لا ينكر هذا إلا جاحد مكابر . ومثل هذه المزاعم الباطلة إنما هي نزوات من غرور الإنسان وطيش الوجدان لا يمكن أن تستقر علي أساسها  نهضات أوتقوم على قاعدتها مدنيات ، وما دام في الناس من يشعر بمثل هذا الشعور لأخيه الإنسان فلا أمن ولا سلام ولا اطمئنان حتى يعود الناس إلى علم الأخوة فيرفعونه خفاقاً ، ويستظلون بظله الوارف الأمين ، ولن يجدوا طريقاً معبدة إلى ذلك كطريق الإسلام الذي يقول كتابه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات:13) . ويقول نبيه صلى الله عليه وسلم  : (ليس منا من دعا إلى عصبية ، وليس منا من مات علي عصبية) رواه أحمد من حديث جبير بن مطعم  .

ولهذا كانت دعوة الإخوان المسلمين ربانية إنسانية .

       ( رسالة : دعوتنا في طور جديد )

 

خصائص دعوة الإخوان

تميزت هذه الدعوة بخصائص خالفت فيها كثيرا من الدعوات التي عاصرتها .

ومن هذه الخصائص : 

( 1 ) البعد عن مواطن الخلاف

( 2 )  البعد عن هيمنة الأعيان والكبراء

( 3 ) البعد عن الأحزاب والهيئات

( 4 ) العناية بالتكوين والتدرج في الخطوات

( 5 ) إيثار الناحية العملية الإنتاجية على الدعاية والإعلانات

( 6 ) وشدة الإقبال من الشباب

( 7 ) وسرعة الانتشار في القرى والمدن

       ( رسالة : المؤتمر الخامس )

الغاية

الغاية أصل الأعمال

وبما أن الغاية هي التي تدفع إلى الطريق ، ولما كانت الغاية في أمتنا غامضة مضطربة  كان لابد من أن نوضح ونحدد ، وأظننا وصلنا إلى كثير من التوضيح واتفقنا على أن مهمتنا سيادة الدنيا وإرشاد الإنسانية كلها إلى نظم الإسلام الصالحة وتعاليمه التي بغيرها أن يسعد الإنسان .

 ( رسالة : إلى أي شيء ندعوالناس )

الغاية

إن غاية الإخوان تنحصر في تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح يعمل علي صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة في كل مظاهر حياتها :  صيغة الله ومن أحسن من الله صيغة وأن وسيلتهم في ذلك تنحصر في تغيير العرف العام وتربية أنصار الدعوة علي هذه التعاليم حتى يكونوا قدوة لغيرهم في التمسك بها والحرص عليها والنزول علي حكمها ؛ وأنهم ساروا إلى غايتهم في حدود وسيلتهم فوصلوا إلى درجة من النجاح يطمئنون إليها ويحمدون الله عليها

       ( رسالة : المؤتمر الخامس )

الأهداف

أهدافنا

اذكروا دائما أن لكم هدفين أساسيين :

1 - أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي وذلك حق طبيعي لكل إنسان ، لا ينكره إلا ظالم جائر أومستبد قاهر .

2 - أن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي وتعلن مبادئه القويمة وتبلغ دعوته الحكيمة الناس  ، وما لم تقم هذه الدولة فإن المسلمين جميعاً آثمون مسؤولون بين يدي الله العلي الكبير عن تقصيرهم في إقامتها وقعودهم عن إيجادهم .

ومن العقوق للإنسانية في هذه الظروف الحائرة أن تقوم فيها دولة تهتف بالمبادئ الظالمة وتنادي بالدعوات الغاشمة ولا يكون في الناس من يعمل لتقوم دولة الحق والعدالة والسلام .

  نريد تحقيق هذين الهدفين في وادي النيل وفي بلاد العروبة وفي كل أرض أسعدها الله بعقيدة الإسلام : دين وجنسية وعقيدة توحد بين جميع المسلمين .

( رسالة : بين الأمس واليوم )

ماذا نريد؟

أيها الشباب :

إن منهاج الإخوان المسلمين محدود المراحل واضح الخطوات، فنحن نعلم تماما ماذا نريد ونعرف الوسيلة إلى تحقيق هذه الإرادة .

ا - نريد أولا الرجل المسلم في تفكيره وعقيدته ، وفي خلقه وعاطفته ، وفي عمله وتصرفه. فهذا هوتكويننا الفردي.

2- ونريد بعد ذلك البيت المسلم في تفكيره وعقيدته وفي خلقه وعاطفته وفي عمله وتصرفه ونحن لهذا نعنى بالمرأة عنايتنا بالرجل ، ونعنى بالطفولة عنايتنا بالشباب وهذا هوتكويننا الأسري.

3- ونريد بعد ذلك الشعب المسلم في ذلك كله أيضا ونحن لهذا نعمل على أن تصل دعوتنا إلى كل بيت ، وأن يسمع صوتنا في كل مكان ، وأن تتيسر فكرتنا وتتغلغل في القرى والنجوع والمدن والمراكز والحواضر والأمصار، لا نألوفي ذلك جهدا ولا نترك وسيلة.

4- ونريد بعد ذلك الحكومة المسلمة التي تقود هدا الشعب إلى المسجد ، وتحمل به الناس على هدى الإسلام من بعد كما حملتهم على ذلك بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر وعمر من قبل . ونحن لهذا لا نعترف بأي نظام حكومي لا يرتكز على أساس الإسلام ولا يستمد منه ، ولا نعترف بهذه الأحزاب السياسية ، ولا بهذه الأشكال التقليدية التي أرغمنا أهل الكفر وأعداء الإسلام على الحكم بها والعمل عليها، وسنعمل على إحياء نظام الحكم الإسلامي بكل مظاهره ، وتكوين الحكومة الإسلامية على أساس هذا النظام.

5- ونريد بعد ذلك أن نضم إلينا كل جزء من وطننا الإسلامي الذي فرقته السياسة الغربية وأضاعت وحدته المطامع الأوروبية. ونحن لهذا لا نعترف بهذه التقسيمات السياسية ولا نسلم بهذه الاتفاقات الدولية، التي تجعل من الوطن الإسلامي دويلات ضعيفة ممزقة يسهل ابتلاعها على الغاصبين، ولا نسكت على هضم حرية هذه الشعوب واستبداد غيرها بها. فمصر وسورية والعراق والحجاز واليمن وطرابلس وتونس والجزائر ومراكش وكل شبر أرض فيه مسلم يقول : لا إله إلا الله ، كل ذلك وطننا الكبير الذي نسعى لتحريره وإنقاذه وخلاصه وضم أجزائه بعضها إلى بعض.

ولئن كان الرايخ الألماني يفرض نفسه حاميا لكل من يجري في عروقه دم الألمان ، فإن العقيدة إسلامية توجب على كل مسلم قوي أن يعتبر نفسه حاميا لكل من تشربت نفسه تعاليم القرآن . فلا يجوز في عرف الإسلام أن يكون العامل العنصري أقوى في الرابطة من العامل الإيماني. والعقيدة هي كل شيء في الإسلام، وهل الإيمان إلا الحب والبغض؟

6- ونريد بعد ذلك أن تعود راية الله خافقة عالية على تلك البقاع التي سعدت بالإسلام حينا من الدهر ودوى فيها صوت المؤذن بالتكبير والتهليل ، ثم أراد لها نكد الطالع أن ينحسر عنها ضياؤه فتعود إلى الكفر بعد الإسلام . فالأندلس وصقلية والبلقان وجنوب إيطاليا وجزائر بحر الروم ، كلها مستعمرات إسلامية يجب أن تعود إلى أحضان الإسلام ، ويجب أن يعود البحر الأبيض والبحر الأحمر بحيرتين إسلاميتين كما كانتا من قبل ، ولئن كان السنيور موسوليني يرى من حقه أن يعيد الإمبراطورية الرومانية ، وما تكونت هذه الإمبراطورية المزعومة قديما إلا على أساس المطامع والأهواء ، فإن من حقنا أن نعيد مجد الإمبراطورية الإسلامية التي قامت على العدالة والإنصاف ونشر النور والهداية ببن الناس.

7- نريد بعد ذلك ومعه أن نعلن دعوتنا على العالم وان نبلغ الناس جميعا ، وأن نعم بها آفاق الأرض ، وأن نخضع لها كل جبار ، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ، ينصر من يشاء وهوالعزيز الرحيم .،،،،،،،،ولكل مرحلة من هذه المراحل خطواتها وفروعها ووسائلها، وإنما نجمل هنا القول دون إطالة ولا تفصيل ، والله المستعان وهوحسبنا ونعم الوكيل.

           ( رسالة : إلى الشباب )

( 4 ) الوسائل

عدتنا

هذه غايتنا أيها الناس ... وهذا منهاجنا

فما عدتنا لتحقيق هذا المنهاج ؟

عدتنا هي عدة سلفنا من قبل ، والسلاح الذي غزا به زعيمنا وقدوتنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته معه العالم ، مع قلة العدد وقلة المورد وعظيم الجهد :

هوالسلاح الذي سنحمله لنغزوبه العالم من جديد .

لقد آمنوا أعمق الإيمان وأقواه وأقدسه وأخلده :

 بالله ونصره وتأييده : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ) (آل عمران:160).

 وبالقائد وصدقه وإمامته : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب:21).

 وبالمنهاج ومزيته وصلاحيته : (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) (المائدة:15-16) .

 وبالإخاء وحقوقه وقدسيته : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10) .

 وبالجزاء وجلاله وعظمته وجزالته : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُونَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (التوبة:120) .

 وبأنفسهم : فهم الجماعة التي وقع عليها اختيار القدر لإنقاذ العالمين ، وكتب لهم الفضل بذلك ،فكانوا خير أمة أخرجت للناس .

لقد سمعوا المنادي ينادي للإيمان فآمنوا ، ونحن نرجوأن يحبب الله إلينا هذا الإيمان ، ويزينه في قلوبنا كما حببه إليهم وزينه من قبل في قلوبهم ...فالإيمان أول عدتنا .

ولقد علموا أصدق العلم وأوثقه أن ، أن دعوتهم هذه لا تنتصر إلا بالجهاد ، والتضحية والبذل وتقديم النفس والمال ، فقدموا النفوس وبذلوا الأرواح ،وجاهدوا في الله حق جهاده ، وسمعوا هاتف الرحمن يهتف بهم :  (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) (التوبة:24) .

فأصاخوا للنذير ، وخرجوا عن كل شيء ، طيبة بذلك نفوسهم ، راضية قلوبهم ، مستبشرين ببيعهم الذي بايعوا الله به .

يعانق أحدهم الموت وهويهتف : ركضا إلى الله بغير زاد .

ويبذل أحدهم المال كله قائلا :  تركت لعيالي الله ورسوله .

ويخطر أحدهم والسيف على عنقه :

ولست أبالي حين اقتل مسلما        عن أي جنب كان في الله مصرعي

كذلك كانوا : صدق جهاد ، وعظيم تضحية ، وكبير بذل ، وكذلك نحاول أن نكون ... فالجهاد من عدتنا كذلك .

ونحن بعد هذا كله واثقون بنصر الله ، مطمئنون إليه :

 (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ، الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) (الحج:40-41).

           ( رسالة : الإخوان تحت راية القرآن )

الوسائل

أما الوسيلة  التي وعدتك الكلام عليها فهي أركان ثلاثة تدور عليها فكرة الإخوان:

أولها- المنهاج الصحيح: وقد وجده الإخوان في كتاب الله وسنة رسوله وأحكام الإسلام حين يفهمها المسلمون على وجهها غضة نقية بعيدة عن الدخائل والمفتريات فعكفوا على دراسة الإسلام على هذا الأساس دراسة سهلة واسعة مستوعبة.

وثانيها- العاملون المؤمنون: ولهذا أخذ الإخوان أنفسهم بتطبيق ما فهموه من دين الله تطبيقا لا هوادة فيه ولا لين، وهم بحمد الله مؤمنون بفكرتهم مطمئنون لغايتهم واثقون بتأييد الله إياهم ما داموا له يعملون وعلى هدي رسوله يسيرون.

 

وثالثها- القيادة الحازمة الموثوق بها: وقد وجدها الإخوان المسلمون كذلك، فهم لها مطيعون وتحت لوائها يعملون.   

( من رسالة دعوتنا)

وسائلنا العامة

والوسائل العامة للدعوات لا تتغير ولا تتبدل ولا تعدوهذه الأمور الثلاثة :

1 - الإيمان العميق .        

2 - التكوين الدقيق .

3 - العمل المتواصل .      

وتلك هي وسائلكم العامة أيها الإخوان فآمنوا بفكرتكم وتجمعوا حولها واعملوا لها واثبتوا عليها .       

 ( رسالة : بين الأمس واليوم )

وقد أعددنا لذلك إيمانا لا يتزعزع ، وعملا لا يتوقف، وثقة بالله لا تضعف ، وأرواحا أسعد أيامها يوم تلقى الله شهيدة في سبيله.

          ( رسالة : إلى الشباب )

وسيلة الإخوان المسلمين

أما وسائلنا العامة:

 فالإقناع ونشر الدعوة بكل وسائل النشر حتى يفقهها الرأي العام ويناصرها عن عقيدة وإيمان.

 ثم استخلاص العناصر الطيبة لتكون هي الدعائم الثابتة لفكرة الإصلاح.

 ثم النضال الدستوري حتى يرتفع صوت هذه الدعوة في الأندية الرسمية وتناصرها وتنحاز إليها القوة التنفيذية، وعلى هذا الأساس سيتقدم مرشحوالإخوان المسلمين حين يجيء الوقت المناسب إلى الأمة ليمثلوها في الهيئات النيابية، ونحن واثقون بعون الله من النجاح مادمنا نبتغي بذلك وجه الله (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج:40).

أما سوي ذلك من الوسائل فلن نلجأ إليه إلا مكرهين ن ولن نستخدمه إلا مضطرين ، وسنكون حينئذ صرحاء شرفاء ، لا نحجم عن إعلان موقفنا واضحاً لا لبس فيه ولا غموض معه ، ونحن علي استعداد تام لتحمل نتائج عملنا أياً كانت ، لا نلقي التبعة علي غيرنا ، ولا نتمسح بسوانا ، ونحن نعلم أن ما عند الله خير وأبقي ، وأن الفناء في الحق هوعين البقاء ، وأنه لا دعوة بغير جهاد ، ولا جهاد بغير اضطهاد ، وعندئذ تدنوساعة النصر ويحين وقت الفوز ، ويتحقق قول الملك الحق المبين : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف:110).      

( رسالة : المؤتمر السادس )

أما وسائلكم من هذه الغاية فهي وسائل الدعوة الأولي :

1  نشر الدعوة للتبليغ وتربية النفوس علي هذه التعاليم عملياً للتكوين.

2  ووضع المناهج الصالحة في شؤون الحياة للتوجيه والتقدم إلي الأئمة والهيئات النيابية والتنفيذية والدولية.

3  وفي أثناء ذلك من مهمتكم إسداء الخير والمعروف للناس .

هكذا كنتم منذ وضع الأساس الأول لدعوتكم في شهر ذي القعدة 1347ه ، 1928م ، وعلي هذا ظللتم وثبتم وستظلون وتثبتون حتى يحقق الله وعده إن شاء الله .

     (في اجتماع رؤوساء المناطق ومراكز الجهاد)

وسائلنا

أيها الأخوة الكرام ..

ويقول الناس كذلك :

وما وسائلكم أيها المغلوبون علي أمركم لتحقيق مطالبكم والوصول إلي حقكم ؟

ونقول نحن في سهولة ويسر : وماذا يريد منا الناس ؟ ولوأننا مغلوبون علي أمرنا مدفوعون عن حقنا ؟ وهل يليق بكريم أن يذل ويستخزى والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (من أعطي الذلة من نفسه طائعاً غير مكره فليس مني) ؟.

والله يقول : (وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون:8) .

إن لنا سلاحاً لا يفل ولا تنال منه الليالي والأيام هو(الحق ) والحق باق خالد والله يقول : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوزَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الأنبياء:18) .

ويقول: (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ) (الرعد:17) ، ويقول : (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) (الإسراء:81) .

ولنا سلاح آخر بعد ذلك وهو(الإيمان) .

والإيمان كذلك سر من أسرار القوة لا يدركه إلا المؤمنون الصادقون ، وهل جاهد العاملون من قبل وهل يجاهدون من بعد إلا بالإيمان ، وإذا فقد الإيمان ؟ فهل تغني أسلحة المادة جميعاً عن أهلها شيئاً ؟ .

وإذا وجد الإيمان فقد وجدت السبيل إلي الوصول ، وإذا صدق العزم وضح السبيل ، (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (الروم:47) ، ولئن تخلي عنا جند الأرض فإن معنا جند السماء (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) (لأنفال:12).

والأمل بعد ذلك سلاح ثالث فنحن لا نيأس ولا نتعجل ولا نسبق الحوادث ولا يضعف من همتنا طول الجهاد والحمد لله رب العالمين ، لأننا نعلم أننا مثابون متي حسنت النية وخلصت الضمائر وهي خالصة بحمد الله ، فكل يوم يمضي تبنا فيه ثواب جديد والنصر من وراء ذلك لا يتخلف (كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة:21) ، (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف:110)، ففيم اليأس وفيم القنوط . لن يجد اليأس إلى قلوبنا سبيلاً بإذن الله  (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف:87).

وسنعمل علي ضوء هذه المشاعر وسنعمل بالحق يدفعنا الإيمان ويحدونا الأمل ، فنذيع النشرات والبيانات ونوضح للناس ما خفي عنهم من حقوقهم ونكشف لهم ما ستر من ألاعيب المخادعين لهم والمغررين بهم في الداخل والخارج وسنجمع كلمة الناس علي هذا في مؤتمرات جامعة في كل مكان وسندعوإلي عقد مؤتمر عربي إسلامي جامع لتوحيد الجهود وتنسيق الخطط ، وسنبعث بإخواننا في كل مكان من البلدان الأجنبية يثيرون الشعوب والحكومات في القضية الإسلامية الوطنية فإذا لم يفد ذلك كله ولم نجد النصفة من العالم الجديد الذي يريد أن تتركز الحياة فيه علي الطمأنينة والسلام فسنعرف كيف نضبط أنفسنا ونضع حاجزاً حصيناً قوياً بيننا نحن المؤمنين وبين هؤلاء الظالمين المفترين ، وسيرون أن هذا السلاح السلبي سيفوت عليهم قصدهم ويعكس عليهم عدوانهم ويرد عليهم كيدهم في نحورهم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ولنا النصر في النهاية والله معنا . (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ) (آل عمران:160).

أيها الأخوة الفضلاء ..

إنها الساعات الفاصلة في تاريخكم ففكروا وقرروا واعملوا واثبتوا واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون والله أكبر ولله الحمد .

       والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        (في اجتماع رؤوساء المناطق ومراكز الجهاد)

من أين نبدأ؟

إن تكوين الأمم، وتربية الشعوب، وتحقيق الآمال، ومناصرة المبادئ: تحتاج من الأمة التي تحاول هذا أوالفئة التي تدعوإليه على الأقل، إلى "قوة نفسية عظيمة" تتمثل في عدة أمور: إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدوعليه تلون ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه، والخديعة بغيره. على هذه الأركان الأولية التي هي من خصوص النفوس وحدها، وعلى هذه القوة الروحية الهائلة، تبنى المبادئ وتتربى الأمم الناهضة، وتتكون الشعوب الفتية، وتتجدد الحياة فيمن حرموا الحياة زمناً طويلاً.

      ( رسالة : إلى أي شيء ندعوالناس ) 

العقبات في طريقنا

 أحب أن أصارحكم أن دعوتكم لا زالت مجهولة عند كثير من الناس ، ويوم يعرفونها ويدركون مراميها ستلتقي منهم خصومه شديدة وعداوة قاسية ، وستجدون أمامكم كثيراً من المشقات وسيعترضكم كثير من العقبات ، وفي هذا الوقت وحده تكونون قد بدأتم تسلكون سبيل أصحاب الدعوات . أما الآن فلا زلتم مجهولين تمهدون للدعوة وتستعدون لما تتطلبه من كفاح وجهاد . سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبة في طريقكم ، وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للإسلام وينكر عليكم جهادكم في سبيله ، وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذووالجاه والسلطان ، وستقف في وجهكم كل الحكومات علي السواء ، وستحاول كل حكومة أن تجد من نشاطكم وأن تضع العراقيل في طريقكم .

وسيتذرع الغاصبون بكل طرق لمناهضتكم وإطفاء نور دعوتكم ، وسيستعينون في ذلك بالحكومات الضعيفة والأيدي الممتدة إليهم بالسؤال وإليكم بالإساءة والعدوان . وسيثير الجميع حول دعوتكم غبار الشبهات وظلم الاتهامات ، وسيحاولون أن يبصقوا بها كل نقيصة ، وأن يظهروها للناس في أبشع صورة ، معتمدين علي قوتهم وسلطانهم ، ومعتدين بأموالهم ونفوذهم : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوكَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة:32) . وستدخلون بذلك ولا شك في دور التجربة والامتحان ، فستجنون وتعتقلون ، وتنقلون وتشردون ، وتصادر مصالحكم وتعطل أعمالكم وتفتش بيوتكم ، وقد يطول بكم مدي هذا الامتحان : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2) . ولكن الله وعدكم من بعد ذلك كله نصرة المجاهدين ومثوبة العاملين المحسنين  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ .......... فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) (الصف:10-14) .

 فهل أنتم مصرون علي أن تكونوا أنصار الله ؟

       ( رسالة : بين الأمس واليوم )

عوامل النجاح

 ومن الحق أيها الأخوان أن نذكر أمام هذه العقبات جميعاً أننا ندعوبدعوة الله وهي أسمي الدعوات ، وننادي بفكرة الإسلام وهي أقوي الفكر ، ونقدم للناس شريعة القرآن وهي أعدل الشرائع ، (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) (البقرة:138) ، وأن العالم كله في حاجة إلى هذه الدعوة وكل ما فيه يمهد لها ويهيئ سبيلها ، وأننا بحمد الله براء من المطامع الشخصية بعيدون عن المنافع الذاتية ، ولا نقصد إلا وجه الله وخير الناس ولا نعمل إلا ابتغاء مرضاته ، وإننا نترقب تأييد الله ونصره الله فلا غالب له : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ) (محمد:11).

فقوة دعوتنا وحاجة إليها ونبالة مقصدنا وتأييد الله إيانا هي عوامل النجاح التي لا تثبت أمامها عقبة ولا يقف في طريقها عائق  : (وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21).

       ( رسالة : بين الأمس واليوم )

وصية

أيها الإخوان المسلمون ، اسمعوا

أردت بهذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم فلعل ساعات عصيبة تنتظرنا يحال فيها بيني وبينكم إلي حين ؛ فلا أستطيع أن أتحدث معكم أو أكتب إليكم ، فأوصيكم أن تتدبروا هذه الكلمات وأن تحفظوها إذا استطعتم وأن تجتمعوا عليها ، وإن تحت كل كلمة لمعاني جمة.

أيها الإخوان : أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزباً سياسياً ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد . ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن ، ونور جديد يشرق فيسدد ظلام المادة بمعرفة الله ، وصوت داو يعلو مردداً دعوة الرسول صلي الله عليه وسلم  ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلي عنه الناس .

إذا قيل إلام لكم تدعون ؟ ... فقولوا ندعو إلي الإسلام الذي جاء به محمد صلي الله عليه وسلم  والحكومة جزء منه والحرية فريضة من فرائضه ، فإن قيل لكم هذه سياسة ! فقولوا هذا هو الإسلام ونحن لا نعرف هذه الأقسام .

وإن قيل لكم أنتم دعاة ثورة ، فقولوا نحن دعاة حق وسلام نعتقده ونعتز به ، فإن ثرتم علينا ووقفتم في طريق دعوتنا فقد أذن الله أن ندفع عن أنفسنا وكنتم الثائرين الظالمين . وإن قيل لكم إنكم تستعينون بالأشخاص والهيئات فقولوا : (آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) (غافر:84) , فإن لجّوا في عدوانهم فقولوا :  (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (القصص:55) .

واجبات

أيها الإخوان ..

 آمنوا بالله واعتزوا بمعرفته والاعتماد عليه والاستناد إليه ، فلا تخافوا غيره ولا ترهبوا سواه. وأدوا فرائضه واجتنبوا نواهيه .       

 وتخلقوا بالفضائل وتمسكوا بالكمالات . وكونوا أقوياء بأخلاقكم أعزاء بما وهب الله لكم من عزة المؤمنين وكرامة الاتقاء الصالحين .

 وأقبلوا علي القرآن تتدارسونه ، وعلي السيرة المطهرة تتذاكرونها ، وكونوا عمليين لا جدليين ؛ فإذا هدي الله قوما ألهمهم العمل ؛ وما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إلا أوتوا الجدل.     

       وتحابوا فيما بينكم ، واحرصوا كل الحرص علي رابطتكم فهي سر قوتكم وعماد نجاحكم ، واثبتوا حتى يفتح الله بينكم وبين قومكم بالحق وهوخير الفاتحين .    

     واسمعوا وأطيعوا لقيادتكم في العسر واليسر والمنشط والمكره ، فهي رمز فكرتكم وحلقة الاتصال فيما بينكم .  

     وترقبوا بعد ذلك نصر الله وتأييده . والفرصة آتية لا ريب فيها ، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ، بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوالْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الروم: 4-5) .     

     وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه ، وسلك بنا وبكم مسالك الأخيار المهتدين ، وأحياناً حياة الأعزاء السعداء وأماتنا موت المجاهدين والشهداء إنه نعم المولي ونعم النصير .

       ( رسالة : بين الأمس واليوم )

دعوتنا في العصر الحديث

لقد آمنا إيمانا لا جدال فيه ولا شك معه، واعتقدنا عقيدة أثبت من الرواسي وأعمق من خفايا الضمائر، بأنه ليس هناك إلا فكرة واحدة هي التي تنقذ الدنيا المعذبة وترشد الإنسانية الحائرة وتهدي الناس سواء السبيل، وهي لذلك تستحق أن يضحي في سبيل إعلانها والتبشير بها وحمل الناس عليها بالأرواح والأموال وكل رخيص وغال، هذه الفكرة هي الإسلام الحنيف الذي لا عوج فيه ولا شر معه ولا ضلال لمن اتبعه : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُووَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوالْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوالْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران:18) . (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً) (المائدة:3) .

ففكرتنا لهذا إسلامية بحتة، على الإسلام ترتكز ومنه تستمد وله تجاهد وفي سبيل إعلاء كلمته تعمل ، لا تعدل بالإسلام نظاما ، ولا ترضى سواه إماما ، ولا تطيع لغيره أحكاما. (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (آل عمران:85) .

فأول واجباتنا نحن الإخوان أن نبين للناس حدود هذا الإسلام واضحة كاملة بينة لا زيادة فيها ولا نقص بها ولا لبس معها، وذلك هوالجزء النظري من فكرتنا، وأن نطالبهم بتحقيقها ونحملهم على إنفاذها ونأخذهم بالعمل بها، وذلك هوالجزء العملي لي هذه الفكرة.

وعمادنا في ذلك كله كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسيرة المطهرة لسلف هذه الأمة ، لا نبغي من وراء ذلك إلا إرضاء الله وأداء الواجب وهداية البشر وإرشاد الناس.

وسنجاهد في سبيل تحقيق فكرتنا، وسنكافح لها ما حيينا وسندعوالناس جميعا إليها ، وسنبذل كل شيء في سبيلها ، فنحيا بها كراما أونموت كراما ، وسيكون شعارنا الدائم : الله غايتنا ، والرسول زعيمنا ، والقرآن دستورنا ، والجهاد سبيلنا ، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا.

        ( رسالة : إلى الشباب )

فناء

ونحب أن يعلم قومنا إلى جانب هذا أن هذه الدعوة لا يصلح لها إلا من حاطها من كل جوانبها ووهب لها ما تكلفه إياه من نفسه وماله ووقته وصحته قال تعالى :

 (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (التوبة:24) .

فهي دعوة لا تقبل الشركة إذ أن طبيعتها الوحدة فمن استعد لذلك فقد عاش بها وعاشت به ، ومن ضعف عن هذا العبء فسيحرم ثواب المجاهدين ويكون مع المخلفين ويقعد مع القاعدين ، ويستبدل الله لدعوته به قوما آخرين (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ) (المائدة:54) .       

( من رسالة دعوتنا)

أركان البيعة

أيها الإخوان الصادقون

أركان بيعتنا عشر فاحفظوها:

الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخوَّة والثقة.

الفهم

إنما أريد بالفهم :

أن توقن بأن فكرتنا إسلامية صميمة  وأن تفهم الإسلام كما نفهمه ، في حدود هذه الأصول العشرين الموجزة كل الإيجاز :

1 - الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا فهودولة ووطن أوحكومة وأمة ، وهوخلق وقوة أورحمة وعدالة ، وهوثقافة وقانون أوعلم وقضاء ، وهومادة أوكسب وغنى ، وهوجهاد ودعوة أوجيش وفكرة ، كما هوعقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء .

2 - والقرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع كل مسلم في تعرف أحكام الإسلام ، ويفهم القرآن طبقا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف ، ويرجع في فهم السنة المطهرة إلى رجال الحديث الثقات .

3 - وللإيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفهما الله في قلب من يشاء من عباده ، ولكن الإلهام والخواطر والكشف والرؤى ليست من أدلة الأحكام الشرعية ، ولا تعتبر إلا بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه.

4 - والتمائم والرقي والودع والرمل والمعرفة والكهانة وادعاء معرفة الغيب ، وكل ما كان من هذا الباب منكر تجب محاربته إلا ما كان آية من قرآن أورقية مأثورة .

5 - ورأي الإمام ونائبه فيما لا نص فيه ، وفيما يحتمل وجوها عدة وفي المصالح المرسلة معمول به ما لم يصطدم بقاعدة شرعية ، وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات ، والأصل في العبادات التعبد دون الالتفات إلى المعاني ، وفي العاديات الالتفات إلى الأسرار والحكم والمقاصد.

6 - وكل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه ، وإلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالإتباع ، ولكنا لا نعرض للأشخاص  فيما اختلف فيه  بطعن أوتجريح ، ونكلهم إلى نياتهم وقد أفضوا إلى ما قدموا .

7 - ولك مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إماما من أئمة الدين ، ويحسن به مع هذا الإتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته ، وان  يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح من أرشده وكفايته ، وأن يستكمل نقصه العلمي إن كان من أهل العلم حتى يبلغ درجة النظر .

8 - والخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين ، ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء ولكل مجتهد أجره ، ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة ، من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب .

9 - وكل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعا ، ومن ذلك كثرة التفريعات للأحكام التي لم تقع ، والخوض في معاني الآيات القرآنية الكريمة التي لم يصل إليها العلم بعد ، والكلام في المفاضلة بين الأصحاب رضوان الله عليهم وما شجر بينهم من خلاف ، ولكل منهم فضل صحبته وجزاء نيته وفي التأول مندوحة .

10 - ومعرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام ، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه ، نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ، ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء ، ويسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب  (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) (آل عمران:7) .

11 - وكل بدعة في دين الله لا أصل لها  استحسنها الناس بأهوائهم سواء بالزيادة فيه أوبالنقص منه  ضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها بأفضل الوسائل التي لا تؤدي إلى ما هوشر منها .

12 - والبدعة الإضافية والتَّركِية والالتزام في العبادات المطلقة خلاف فقهي ، لكل فيه رأيه ، ولا بأس بتمحيص الحقيقة بالدليل والبرهان.

13 - ومحبة الصالحين واحترامهم والثناء عليهم بما عرف من طيب أعمالهم قربة إلى الله تبارك وتعالى ، والأولياء هم المذكورون بقوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) ، والكرامة ثابتة بشرائطها الشرعية ، مع اعتقاد أنهم رضوان الله عليهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا في حياتهم أوبعد مماتهم فضلا عن أن يهبوا شيئا من ذلك لغيرهم .

14 - وزيارة القبور أيا كانت سنة مشروعة بالكيفية المأثورة ، ولكن الاستعانة بالمقبورين أيا كانوا ونداؤهم لذلك وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أوبعد والنذر لهم وتشيد القبور وسترها وأضاءتها والتمسح بها والحلف بغير الله وما يلحق بذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتها ، ولا نتأول لهذه الأعمال سدا للذريعة .

15 - والدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله تعالى بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة .

16 - والعرف الخاطئ لا يغير حقائق الألفاظ الشرعية ، بل يجب التأكد من حدود المعاني المقصود بها ، والوقوف عندها ، كما يجب الاحتراز من الخداع اللفظي في كل نواحي الدنيا والدين ، فالعبرة المسميات لا بالأسماء .

17 - والعقيدة أساس العمل ، وعمل القلب أهم من عمل الجارحة ، وتحصيل الكمال في كليهما مطلوب شرعاّ وإن اختلفت مرتبتا الطلب .

18 - والإسلام يحرر العقل ، ويحث على النظر في الكون ، ويرفع قدر العلم والعلماء ، ويرحب بالصالح والنافع من كل شيء ، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهوأحق الناس بها .

19 - وقد يتناول كل من النظر الشرعي والنظر العقلي ما لا يدخل في دائرة الآخر ، ولكنهما لن يختلفا في القطعي ، فلن تصطدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة ، ويؤول الظني منهما ليتفق مع القطعي ، فإن كانا ظنيين فالنظر الشرعي أولى بالإتباع حتى يثبت العقلي أوينهار .

20 - ولا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض  برأي أوبمعصية  إلا إن أقر بكلمة الكفر ، أوأنكر معلوما من الدين بالضرورة ، أوكذب صريح القرآن ، أوفسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال ، أوعمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر .

وإذا علم الأخ المسلم دينه في هذه الأصول ، فقد عرف معنى هتافه دائما (القرآن دستورنا والرسول قدوتنا) .

الإخلاص

وأريد بالإخلاص :

أن يقصد الأخ المسلم بقوله وعمله وجهاده كله وجه الله ، وابتغاء مرضاته وحسن مثوبته من غير نظر إلى مغنم أومظهر أوجاه أولقب أوتقدم أوتأخر ، وبذلك يكون جندي فكرة وعقيدة ، لا جندي غرض ومنفعة ، (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162) ، وبذلك يفهم الأخ المسلم معنى هتافه الدائم (الله غايتنا) و(الله أكبر ولله الحمد) .

العمل

وأريد بالعمل :

ثمرة العلم والإخلاص : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:105) .

ومراتب العمل المطلوبة من اللأخ الصادق :

1 – إصلاح نفسه حتى يكون : قوي الجسم ، متين الخلق ، مثقف الفكر ، قادرا على الكسب ، سليم العقيدة ، صحيح العبادة ، مجاهدا لنفسه ، حريصا على وقته ، منظما في شؤونه ، نافعا لغيره ، وذلك واجب كل أخ على حدته .

2- وتكوين بيت مسلم ، بان يحمل أهله على احترام فكرته ، والمحافظة على آداب الإسلام في مظاهر الحياة المنزلية ، وحسن اختيار الزوجة ، وتوقيفها على حقها وواجبها ، وحسن تربية الأولاد ، والخدم وتنشئتهم على مبادئ الإسلام ، وذلك واجب كل أخ على حدته كذلك .

3 – وإرشاد المجتمع ، بنشر دعوة الخير فيه ، ومحاربة الرزائل والمنكرات ، وتشجيع الفضائل ، والأمر بالمعروف ، والمبادرة إلى فعل الخير ، وكسب الرأي العام إلى جانب الفكرة الإسلامية ، وصبغ مظاهر الحياة العامة بها دائما ، وذلك واجب كل أخ على حدته ، وواجب الجماعة كهيئة عاملة .

4 – وتحرير الوطن بتخليصه من كل سلطان أجنبي  غير إسلامي  سياسي أواقتصادي أوروحي .

5 - وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق ، وبذلك تؤدي مهمتها كخادم للأمة وأجير عندها وعامل على مصلحتها ، والحكومة إسلامية ما كان أعضاؤها مسلمين مؤدين لفرائض الإسلام غير متجاهرين بعصيان ، وكانت منفذة لأحكام الإسلام وتعاليمه 0

ولا بأس أن نستعين بغير المسلمين عند الضرورة في غير مناصب الولاية العامة ولا عبرة بالشكل الذي تتخذه ولا بالنوع ، مادام موافقا للقواعد العامة في نظام الحكم الإسلامي .

ومن صفاتها : الشعور بالتبعية ، والشفقة ، على الرعية ، والعدالة بين الناس ، والعفة عن المال العام ، والاقتصاد فيه .

ومن واجباتها : صيانة الأمن ، وإنفاذ القانون ، ونشر التعليم ، وإعداد القوة ، وحفظ الصحة ، ورعاية المنافع العامة ، وتنمية الثروة ، وحراسة المال ، وتقوي الأخلاق ، ونشر الدعوة .

ومن حقها - متى أدت واجبها - : الولاء والطاعة ، والمساعدة بالنفس والأموال .

فإذا قصرت : فالنصح والإرشاد ، ثم الخلع والإبعاد ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

6 - إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية ، بتحرير أوطانها وإحياء مجدها وتقريب ثقافتها وجمع كلمتها ، حتى يؤدى ذلك كله إلى إعادة الخلافة المفقودة والوحدة المنشودة .

7 – وأستاذية العالم بنشر دعوة الإسلام في ربوعه (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ) (لأنفال:39)، (وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوكَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة:32) .

وهذه المراتب الأربعة الأخيرة تجب على الجماعة متحدة وعلى كل أخ باعتباره عضوا في الجماعة ، وما أثقلها تبعات وما أعظمها مهمات ، يراها الناس خيالا ويراها الأخ المسلم حقيقة ، ولن نيأس أبدا ، ولنا في الله أعظم الأمل (وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21) .

الجهاد

وأريد  بالجهاد

الفريضة الماضية إلى يوم القيامة والمقصود بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من مات ولم يغز ولم ينوالغزومات ميتة جاهلية ) ، وأول مراتبه إنكار القلب ، وأعلاها القتال في سبيل الله ، وبين ذلك جهاد اللسان والقلم واليد وكلمة الحق عند السلطان الجائر ، ولا تحيا دعوة إلا بالجهاد ، وبقدر سموالدعوة وسعة أفقها ، وبقدر سموالدعوة وسعة أفقها تكون عظمة الجهاد في سبيلها ، وضخامة الثمن الذي يطلب لتأييدها ، وجزالة الثواب للعاملين: (وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ) (الحج:78).

وبذلك تعرف معنى هتافك الدائم : (الجهاد سبيلنا) .

التضحية

وأريد بالتضحية :

بذل النفس والمال والوقت والحياة وكل شيء في سبيل الغاية ، وليس في الدنيا جهاد لا تضحية معه ، ولا تضيع في سبيل فكرتنا تضحية ، وإنما هوالجر الجزيل والثواب الجميل ومن قعد عن التضحية معنا فهوآثم : (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ) الآية ، (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ..) الآية ، (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ) الآية ،( فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً)، وبذلك تعرف معنى هتافك الدائم : (والموت في سبيل الله أسمى أمانينا)  .

الطاعة

وأريد بالطاعة :

امتثال الأمر وإنفاذه توا في العسر واليسر والمنشط والمكره ، وذلك أن مراحل هذه الدعوة ثلاث:

1 – التعريف : بنشر الفكرة العامة بين الناس ، ونظام الدعوة في هذه المرحلة نظام الجمعيات الإدارية ، ومهمتها العمل للخير العام ووسيلتها الوعظ والإرشاد تارة وإقامة المنشآت النافعة تارة أخرى ، إلى غير ذلك من الوسائل العملية ، وكل شعب الإخوان القائمة الآن تمثل هذه المرحلة من حياة الدعوة ، وينظمها القانون الأساسي ، وتشرحها وسائل الإخوان وجريدتهم ، والدعوة في هذه المرحلة عامة .

ويتصل بالجماعة فيها كل من أراد من الناس متى رغب المساهمة في أعمالها ووعد بالمحافظة على مبادئها ، وليست الطاعة التامة لازمة في هذه المرحلة بقدر ما يلزم فيها احترام النظم والمبادئ العامة للجماعة .

2 - التكوين : باستخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد وضم بعضها إلى بعض ، ونظام الدعوة – في هذه المرحلة – صوفي بحت من الناحية الروحية ، وعسكري بحت من الناحية العملية ، وشعار هاتين الناحيتين (أمر وطاعة) من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج ، وتمثل الكتائب الإخوانية هذه المرحلة من حياة الدعوة ، وتنظمها رسالة المنهج سابقا ، وهذه الرسالة الآن .

والدعوة فيها خاصة لا يتصل بها إلا من استعد استعدادا تاما حقيقيا لتحمل أعباء جهاد طويل المدى كثير التبعات ، وأول بوادر هذا الاستعداد كمال الطاعة .

3 – التنفيذ : وهي مرحلة جهاد لا هوادة فيه ، وعمل متواصل في سبيل الوصول إلى الغاية ، وامتحان وابتلاء لا يصبر عليهما إلا الصادقون ، ولا يكفل النجاح في هذه المرحلة إلا كمال الطاعة كذلك وعلى هذا بايع الصف الأول من الإخوان المسلمين في يوم 5 ربيع الأول سنة 1359ه .

وأنت بانضمامك إلى هذه الكتيبة ، وتقبلك لهذه الرسالة ، وتعهدك بهذه البيعة ، تكون في الدور الثاني ، وبالقرب من الدور الثالث ، فقدّر التبعة التي التزمتها وأعدّ نفسك للوفاء بها .

الثبات

وأريد بالثبات :

أن يظل الأخ عاملا مجاهدا في سبيل غايته مهما بعدت المدة وتطاولت السنوات والأعوام ، حتى يلقى الله على ذلك وقد فاز بإحدى الحسنيين ، فإما الغاية وإما الشهادة في النهاية ، (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب:23)، والوقت عندنا جزء من العلاج ، والطريق طويلة المدى بعيدة المراحل كثيرة العقبات ، ولكنها وحدها التي تؤدي إلى المقصود مع عظيم الأجر وجميل المثوبة .

وذلك أن كل وسيلة من وسائلنا الستة تحتاج إلى حسن الإعداد وتحين الفرص ودقة الإنفاذ ، وكل ذلك مرهون بوقته  (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوقُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) (الاسراء:51)

التجرد

أريد بالتجرد:

أن تتخلص لفكرتك مما سواها من المبادئ والأشخاص ، لأنها أسمى الفكر وأجمعها وأعلاها : (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) (البقرة:138) ، (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (الممتحنة:4) .

والناس عند الأخ الصادق واحد من ستة أصناف: مسلم مجاهد ، أومسلم قاعد ، أومسلم آثم ، أوذمي معاهد ، أومحايد ، أومحارب ، ولكل حكمه في ميزان الإسلام ، وفى حدود هذه الأقسام توزن الأشخاص والهيئات ، ويكون الولاء أوالعداء .

الأخوة

وأريد بالأخوة :

أن ترتبط القلوب والأرواح برباط العقيدة ، والعقيدة أوثق الروابط وأغلاها ، والأخوة أخت الإيمان ، والتفرق أخوالكفر ، وأول القوة : قوة الوحدة ، ولا وحدة بغير حب ، وأقل الحب: سلامة الصدر ، وأعلاه : مرتبة الإيثار ، (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوكَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:9).

والأخ الصادق يرى إخوانه أولى بنفسه من نفسه ، لأنه إن لم يكن بهم ، فلن يكون بغيرهم ، وهم إن لم يكونوا به كانوا بغيره ، (وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) ، (والمؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضاً). (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (التوبة:71)، وهكذا يجب أن نكون .

الثقة

وأريد بالثقة :

اطمئنان الجندي إلى القائد في كفاءته وإخلاصه اطمئنانا عميقا ينتج الحب والتقدير والاحترام والطاعة ، (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65).

والقائد جزء من الدعوة ، ولا دعوة بغير قيادة ، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة ، وإحكام خططها ، ونجاحها في الوصول إلى غايتها ، وتغلبها على ما يعترضها من عقبات (فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) (محمد:20-21).

وللقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية ، والأستاذ بالإفادة العلمية ، والشيخ بالتربية الروحية ، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة ، ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعا ، والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات .

ولهذا يجب أن يسأل الأخ الصادق نفسه هذه الأسئلة ليتعرف على مدى ثقته بقيادته :

1 – هل تعرف إلى قائده من قبل ودرس ظروف حياته ؟

2 – هل اطمأن إلى كفايته وإخلاصه ؟

3 – هله هومستعد لاعتبار الأوامر التي تصدر إليه من القيادة في غير معصية طبعا قاطعا لا مجال فيها للجدل ولا للتردد ولا للانتقاص ولا للتحوير مع إبداء النصيحة والتنبيه إلى الصواب؟

4 – هل هومستعد لأن يفترض في نفسه الخطأ وفي القيادة  والصواب ، إذا تعارض ما أمر به مع ما تعلم في المسائل الاجتهادية التي لم يرد فيها نص شرعي ؟

5 – هل هومستعد لوضع ظروفه الحيوية تحت تصرف الدعوة ؟ وهل تملك القيادة في نظره حق الترجيح بين مصلحته الخاصة ومصلحة الدعوة العامة .

بالإجابة على هذه الأمثلة وأشباهها يستطيع الأخ الصادق أن يطمئن على مدى صلته بالقائد ، وثقته به ، والقلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء  (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوأَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:63).

واجبات الأخ العامل

أيها الأخ الصادق :

إن إيمانك بهذه البيعة يوجب عليك أداء هذه الواجبات حتى تكون لبنة قوية في البناء :

1 – أن يكون لك ورد يومي من كتاب الله لا يقل عن جزء ، واجتهد ألا تختم في أكثر من شهر ، ولا في أقل من ثلاثة أيام .

2 – أن تحسن تلاوة القرآن والاستماع إليه والتدبر في معانيه ، وأن تدرس السير المطهرة وتاريخ السلف بقدر ما يتسع له وقتك ، وأقل ما يكفي في ذلك كتاب (حماة الإسلام) ، وإن تكثر من القراءة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن تحفظ أربعين حديثا على الأقل ولتكن الأربعين النووية ، وأن تدرس رسالة في أصول العقائد ورسالة في فروع الفقه .

3 – أن تبادر بالكشف الصحي العام وان تأخذ في علاج ما يكون فيك من أمراض ، وتهتم بأسباب القوة والوقاية الجسمانية وتبتعد عن أسباب الضعف الصحي .

4 – أن تبتعد عن الإسراف في قهوة البن والشاي ،ونحوها من المشروبات المنبهة ، فلا تشربها إلا لضرورة ، وأن تمتنع بتاتا عن التدخين .

5 – أن تعني بالنظافة في كل شيء في المسكن والملبس والمطعم والبدن ومحل العمل ، فقد بني الدين على النظافة .

6 – أن تكون  صادق الكلمة فلا تكذب أبدا .

7 – أن تكون وفيا بالعهد والكلمة والوعد ، فلا تخلف مهما كانت الظروف .

8 – أن تكون شجاعا عظيم الاحتمال ، وأفضل الشجاعة الصراحة في الحق وكتمان السر ، والاعتراف بالخطأ والإنصاف من النفس وملكها عند الغضب .

9 - أن تكون وقورا تؤثر الجد دائما ، ولا يمنعك الوقار من المزاح الصادق والضحك في تبسم .

10 – أن تكون شديد الحياء دقيق الشعور ، عظيم التأثر بالحسن والقبح ، تسر للأول وتتألم للثاني ، وأن تكون متواضع في غير ذلة ولا خنوع ولا ملق ، وأن تطلب أقل من مرتبتك لتصل إليها .

11 – أن تكون عادلا صحيح الحكم في جميع الأحوال ، لا ينسيك الغضب الحسنات ولا تغضي عين الرضا عن السيئات ، ولا تحملك الخصومة على نسيان الجميل ، وتقول الحق ولوكان على نفسك أوعلى أقرب الناس إليك وإن كان مرّا .

12 – أن تكون عظيم النشاط مدربا على الخدمات   العامة ، تشعر بالسعادة والسرور إذا استطعت أن تقدم خدمة لغيرك من الناس ، فتعود المريض وتساعد المحتاج وتحمل الضعيف وتواسي المنكوب ولوبالكلمة الطيبة ، وتبادر دائما إلى الخيرات .

13 – أن تكون رحيم القلب كريما سمحا تعفووتصفح وتلين وتحلم وترفق بالإنسان والحيوان ، جميل المعاملة حسن السلوك مع الناس جميعا ، محافظا على الآداب الإسلامية الاجتماعية فترحم الصغير وتوقر الكبير وتفسح في المجلس ، ولا تتجسس ولا تغتاب ولا تصخب ، وتستأذن في الدخول والانصراف ..الخ .

14 – أن تجيد القراءة والكتابة ، وأن تكثر من المطالعة في رسائل الإخوان وجرائدهم ومجلاتهم ونحوها ، وأن تكون لنفسك مكتبة خاصة مهما كانت صغيرة ، وأن تتبحر في علمك وفنك إن كنت من أهل الاختصاص ، وان تلم بالشؤون الإسلامية العامة إلماما يمكنك من تصورها والحكم عليها حكما يتفق مع مقتضيات الفكرة .

15 – أن تزاول عملا اقتصاديا مهما كنت غنيا ، وأن تقدم العمل الحر مهما ضئيلا ، وأن تزج بنفسك فيه مهما كان كانت مواهبك العملية .

16 – ألا تحرص على الوظيفة الحكومية ، وأن تعتبرها الضيق أبواب الرزق ولا ترفضها إذا أتيحت لك ، ولا تتخل عنها إلا إذا تعارضت تعارضا تاما مع واجبات الدعوة .

17 – أن تحرص كل الحرص على أداء مهنتك من حيث الإجادة والإتقان وعدم الغش وضبط الموعد .

18 – أن تكون حسن التقاضي لحقّك ، وأن تؤدي حقوق الناس كاملة غير منقوصة  بدون طلب ، ولا تماطل أبدا .

19 – أن تبتعد عن الميسر بكل أنواعه مهما كان المقصد من ورائها ، وتتجنب وسائل الكسب الحرام مهما كان وراءها من ربح عاجل.

20 – أن تبتعد عن الربا في جميع المعاملات وأن تطهر منه تماما .

21 – أن تخدم الثروة الإسلامية العامة بتشجيع المصنوعات والمنشآت الاقتصادية الإسلامية ، وأن تحرص على القرش فلا يقع في يد غير إسلامية مهما كانت الأحوال ، ولا تلبس ولا تأكل إلا من صنع وطنك الإسلامي .

22 – أن تشترك في الدعوة بجزء من مالك ، تؤدي الزكاة الواجبة فيه ، وان تجعل منه حقا معلوما للسائل والمحروم مهما كان دخلك ضئيلا .

23 – أن تدخر للطوارئ جزءا من دخلك مهما قل ، وألا تتورط في الكماليات أبدا .

24 – أن تعمل ما استطعت على إحياء العادات الإسلامية وإماتة العادات الأعجمية في كل مظاهر الحياة ، ومن ذلك التحية واللغة والتاريخ والزي والأثاث ، ومواعيد العمل والراحة ،والطعام والشراب ، والقدوم والانصراف ، والحزن والسرور ..الخ ، وأن تتحرى السنة المطهرة في ذلك .

25 – أن تقاطع المحاكم الأهلية وكل قضاء غير إسلامي ، والأندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة .

26 – أن تديم مراقبة الله تبارك وتعالى ، وتذكر الآخرة وتستعد لها ، وتقطع مراحل السلوك إلى رضوان الله بهمة وعزيمة ، وتتقرب إليه سبحانه بنوافل العبادة ومن ذلك صلاة الليل وصيام ثلاثة أيام من كل شهر على الأقل ، والإكثار من الذكر القلبي واللساني ، وتحرّي الدعاء في المذكور في كل الأحوال .

27 – أن تحسن الطهارة وأن تظل على وضوء غالب الأحيان .

28 – أن تحسن الصلاة وتواظب على أدائها في أوقاتها ، وتحرص على الجماعة والمسجد ما أمكن ذلك .

29 – أن تصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ، وتعمل على ذلك إن لم تكن مستطيعا الآن ذلك .

30 – أن تستصحب دائما نية الجهاد وحب الشهادة وأن تستعد لذلك ما وسعك الاستعداد .

31 – أن تجدد التوبة والاستغفار دائما وأن تتحرز من صغائر الآثام فضلا عن كبارها ، وأن تجعل لنفسك ساعة قبل النوم تحاسبها فيها على ما عملت من خير أوشر ، وأن تحرص على الوقت فهوالحياة فلا تصرف جزءا منه من غير فائدة ، وأن تتورع عن الشبهات حتى لا تقع في الحرام .

32 – أن تجاهد نفسك جهادا عنيفا حتى يسلس قيادتها لك ، وأن تغض طرفك وتضبط عاطفتك وتقاوم نوازع الغريزة في نفسك ، وتسموبها دائما إلى الحلال الطيب ، وتحول بينها وبين الحرام من ذلك أيا كان .

33 – أن تتجنب الخمر والمسكر والمفتر وكل ما هومن هذا القبيل كل الاجتناب .

34 – أن تبتعد عن أقران السوء وأصدقاء الفساد وأماكن المعصية والإثم .

35 – أن تحارب أماكن اللهوفضلا عن أن تقربها ، وأن تبتعد عن مظاهر الترف والرخاوة جميعا.

36 – أن تعرف أعضاء كتيبتك فردا فردا معرفة تامة ، وتعرفهم نفسك معرفة تامة كذلك ، وتؤدي حقوق أخوتهم كاملة من الحب والتقدير والمساعدة والإيثار وأن تحضر اجتماعاتهم فلا تتخلف عنها إلا بعذر قاهر ، وتؤثرهم بمعاملتك دائما .

37 – أن تتخلى عن صلتك بأية هيئة أوجماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة فكرتك وخاصة إذا أمرت بذلك .

38 – أتعمل على نشر دعوتك في كل مكان وأن تحيط القيادة علما بكل ظروفك ولا تقدم على عمل يؤثر فيها جوهريا إلا بإذن ، وأن تكون دائم الاتصال الروحي والعملي بها ، وأن تعتبر نفسك دائما جنديا في الثكنة تنتظر الأوامر .

خاتمة

أيها الأخ الصادق :

هذه مجمل لدعوتك ، وبيان موجز لفكرتك ، وتستطيع أن تجمع هذه المبادئ في خمس كلمات:

(الله غايتنا ، والرسول قدوتنا ، والقرآن شرعتنا ، والجهاد سبيلنا ، والشهادة أمنيتنا) .

وأن تجمع مظاهرها في خمس كلمات أخرى :

البساطة ، والتلاوة ، والصلاة ، والجندية ، والخلق .

فخذ نفسك بشدة بهذه التعاليم ، وإلا ففي صفوف القاعدين متسع للكسالى والعابثين .

وأعتقد أنك إن عملت بها وجعلتها أمل حياتك وغاية غايتك ، كان جزاؤك العزة في الدنيا والخير والرضوان في الآخرة ، وأنت منا ونحن منك ، وإن انصرفت عنها وقعدت عن العمل لها فلا صلة بيننا وبينك ، وإن تصدرت فينا المجالس وحملت أفخم الألقاب وظهرت بيننا بأكبر المظاهر ، وسيحاسبك الله على قعودك أشد الحساب ، فاختر لنفسك ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق .

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ :

( 1 )  تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ

( 2 ) وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ :

1 - يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ

2 - وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

3 - وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ

4 - وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) (الصف:10-14).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته