قراءة في ديوان "تقولين"
قراءة في ديوان "تقولين"
أسامة محمد أمين الشيخ
استمراراً لمسيرته الشعرية وشذرات عشقه وحبه اللامحدود ونظرات غزله الوردية فى العيون الربيعية ولحظات الكبرياء والحب الذى يراه فى عيون محبوبته ومن باب الوفاء والإخلاص لأسرته طاف بنا شاعرنا فى طيات أسرته وحديث للجراح وأنشودة النصر المهداه إلى الطفل الفلسطينى كل ذلك كان محتوى ديوان تقولين للشاعر / محمود بن سعود الحليبى – عضو رابطة الأدب الإسلامى العالمية – وعضو نادى المنطقة الشرقية الأدبى .
ففى البداية وفوق خارطة الشعر وبأسلوب ادبى متمكن وبألفاظ رصينة ومعانى شاعرية رقيقة عن قصائد ما مصيرها فقد تقع بين فكى تائه فقال :-
قد تلد الصحراء العاقر بيتاً
والليل الأمرد ينبت شتلة شيب
وتضج الدنيا بالموتى
أبصرت فى العالم معتوها
ويناجى مدينة الشعر وكل بقاع الأرض خارطته والهم دربه فقال :
جعلت ظهر الأمانى سرج راحلتى مـا بين امتى الثكلى وحلم غدى مـه أيـها الشعر لا تبخل بزائرة يـا شعر نبئ جريراً عن مدينته | والصبر زادى وتقوى الله وبـيـن قلبى عهد غير منكوس يـا طالما سمعت بوحى ونفيسى أنـى ضممت رباها فى فراديينى | ملبوس
وفى قصيدة هجرت رسائلى عن شكوى وجفاء القاضى الذى هجر شعره الذى سلطه على الأعداء سهاماً وفى شعره الدفاع عن قومه وجراحهم وأحزانهم وآلامهم وشعره مثل العسل المصفى ومثل النهر الجارى فى الفخر فقال :
شـعـرى يـا حـبيبة نهر كـرام خـصـهـم ربى بأرض وشـعـرى مسرح لجراح قومى وصـحـت بـأمتى : هيا أفبقى إلـى القاضى شكوت جفاك علىّ جعلت ظهر الأمانى سرج راحلتى | فخربـقـوم لا تـزيـن لـهـم لئاماً ودود لــم تـلـد إلا كـرامـاً تـئـن بـه الـثـكالى واليتامى بـنـومـك كـم غفا مجد وناما أرى فـى حـكـمه وملا يحامى والصبر زادى وتقوى الله ملبوس |
ونأتى إلى العشق الوردى وقبلت على جدران العشق فحينما يخاطب محبوبته فيرى فى عينها رشفتا عسل والورود والحياء والربيع والظباء وروضتان والغزالة كل هذه الألفاظ ذات المدلول العشقى الفج وكأنما لا يرى من محبوبته سوى العينين ولم يذكر سموها وروحها وجمالها الروحى مما دفعنا إلى اعتباره لوناً من ألوان الغزل أو مزيج من الغزل الصريح والعفيف .. فقال :
عيناك حلوتان رشفتا عسل
عيناك وردتان نامتا على وسائد الخجل
بحيرتان مقلتاك فامنحينى لحظة
عيناك روضتان واحسبينى غيمة
وعيون الحليبى تختلف عن عيون الشاعر / محمد أمين الشيخ – فمن ديوانه مواكب الفجر وفى قصيدة " عيناها " قال الشيخ :
مـازلت أرقب فى عينيك قـد كـنـت احسبها للقلب واحته نـهران عذبان ما شارفت وردهما يـا حلوة العين ما للحسن يظلمنى هـل الـفراش تجنى فى تراقصه | أحلاميحـتـى تبينت أنى عشت أوهامى فـراعـنـى أن أراها نبع آلامى ورمـت فى أيكها وحبى وإلهامى وهـل أنا مذنب فى حبى السامى حول الزهور ؟ فما للعاشق الظامى |
وشاعرنا شديد الإخلاص والوفاء لأهله شديد البر بهم ونلاحظ أن الحليبى شديد التعلق بجده فقال فى قصيدة " وراح جدى " :
جـداه جـداه وا جـداه وأقفر البيت بعد الشيخ وانطفأت وراح جدى ولاحت للغروب يد | جـداهوحلقت عن دنايا الأرض أنـوار أنـس تنامت فى زواياه تحثو على القبر تبراً حين واراه | عيناه
نجد أن شاعرنا متأثراً بألفاظ القرآن الكريم تأثراً واضحاً ففى سورة الفرقان ويمشى على الأرض هوناً ولفظ " فسيلة " فى قوله :
وراح جدى وصاحت فى النخيل أسى فسيلة كم سقتها الحب كفاه
وفى نهاية قصيدته قال :
فأرحم إلهى فقيداً سل من دمنا وأجعل بنانك مثوانا ومثواه
وكذلك عطوف حنون على ابنه سعود ففى قصيدة ضحكات ترسم الأمل قال :
اضحك ولدى اضحك مالاً ضحكاتك ترسم لى الأملا
ضحكاتـك باقة أحلام في دربى أحملها شعلاً
وفى قصيدته " خيال " قال :
خيال يا صغيرتى ابسمى
أبوك مغرم ببسمة الصغار ألف ألف مغرم
خيال يا حبيبتى تبسمى
كبسمة الهلال هيا أمرحى
وفى نهاية ديوانه حديث الجراح عن هموم أمته وقصيدته المؤثرة على مشارف النصر إلى الطفل الفلسطينى الذى أحال بحجره جسد الظالم إلى صدوع تنفجر بالدماء .. فقال :
بجبينك يا أمل الأمة وبكفك تنفجر الغمة مـادامت لله غدت فـالـنـصر لأمتنا | نـور رغـم الـظـلمات كـل الـخـطوات قـسما قسما هوات | الآيـات
ويبدو أن شاعرنا يحدوه الأمل فى غد أفضل للعرب والعروبة وينتظر الفرج والنصر الآتيين من عند الله عز وجل والمتأمل فى صور الحليبى نجدها مقتبسة من بيئته ، ومعانية قريبه وألفاظ رقيقة بعيدة عن الغرابة والخشونة وألفاظه رقيقة مع ما يناسبها وجزله وفخمه مع ما يلائمها فذلك يكون حزيناً على أوتار الحليبى الرائعة فى الأغراض الشعرية المختلفة ..