الإمبراطورية الرومانية الجديدة

الإمبراطورية الرومانية الجديدة

عرض لكتاب جديد حول السياسة الامريكية

محمد هيثم عياش

[email protected]

 لم يكتسب فكر القومية الحديثة مثل القومية العربية والقومية الاوروبية وعلى راسها القومية الالمانية علماء في مجالات شتى وفنانين في مختلف علوم الفن والحضارة الانسانية الى صفوفها مثل ما اكتسبه الفكر الاسلامي والفكر الاشتراكي أيضا من كسبهما  علماء أناروا طريق المعرفة لأجيال كثيرة  كما اكتسب هذان الفكران فنانين وشعراء لا تزال بصمات فنهم وأدبهم  موجودة في الادب الانساني الحديث ، فقد كان الفكر القومي فكرا متعصبا أغلق على نفسه ثقافة شعوب الاخرى وخاص من اجل نشره قوميته وفكره حروبا خرج منها خاسرا مثل  خوص النازيون حربا في اوروبا اهلكت الحرث والنسل لا تزال بصمات هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية وما تبعها من حروب باردة متمثلة في حرب الجواسيس بين الشرق الشيوعي والغرب الراسمالي ظاهرة للعيان  الى الآن .

وقد استطاع الفكر الراسمالي مما اوتي من قوة مالية وعلمية واعلامية الانتصار على الفكر الشيوعي بعد حرب استمرت حوالي 70 عاما ابتدأت منذ سيطرة البلاشفة على روسيا ودول أخرى في  شرق اوروبا  وانتهت بتفكك الاتحاد السوفيتي بعد انهيار جدار برلين الذي انهارت معه الشيوعية والافكار السياسية  الأخرى المشابهة للفكر الشيوعي التي استطاعت  ان تحقق لشعوبها الفقر والتخلف رغم ان الفكر الراسمالي استطاع أن يجعل الفقير اكثر فقرا والغني اكثر غنى . ومنذ الانتصار على الشيوعية اتجهت انظار الغرب الراسمالي وفي نشوة انتصاراته للتفرغ الى القضاء على الفكر الاسلامي الذي يملك نظرياته الخاصة بتحقيق العدالة الاجتماعية ومساعدة الشعوب الفقيرة في العالم على تحقيق شيئا من الرخاء الاقتصادي من خلال نظرية الاسلام الاقتصادية والاجتماعية اضافة الى نظرياته السياسية حول مشاكل العالم .

الا ان الحرب بين الفكرين الراسمالي والاسلامي لم تبدأ بحرب تعتبر حربا كلاسيكية تكمن في المواجهة المسلحة بل بدأت بحرب اعلامية من خلال تشويه الاسلام في الاعلام الغربي على انه دين منكمش على نفسه ينظر الى النصرانية على انها السبب الرئيسي للمشاكل التي يعاني منها العالم الاسلامي منذ أن زرع الغرب السرطان الصهيوني في جسد الامة الاسلامية للقضاء على وجودها من خلال انتشار اورامه الخطيرة في جسدها هذه الامة التي اشار اليها استاذ مادة التاريخ الوسيط في جامعة هومبولدت بيتر بيندر بأنها اكثر امم العالم التي عانت من المصائب حتى ابيض فاحمها واستطاعت بالرغم من المآسي التي تعرضت لها التغلب عليها والظهور من جديد كقوة كبيرة في العالم بعد ان ظن العالم اثر استرداد فرديناند وزوجته ايزابيلا الاندلس من المسلمين  ان الاسلام قضي عليه الا ان مجيء المسلمين من تركيا بعد استيلائهم على القسطنطينية / استانبول/ عام 1452 جعل موازين القوى في العالم تتغير من جديد ويصبح المسلمون سادة الموقف على الساحة الاوروبية والاسلامية الى ان اقلت شمس مجدهم في عام 1918 اثر اندحار تركيا مع المانيا في الحرب العالمية الاولى .

وقد استطاع الغرب بضربة معلم ان يجعلوا من العالم الاسلامي متقسما على نفسه  منذ عام 1918 وقد باءت جميع المحاولات التي بذلها مخلصون من حكام الدول الاسلامية ولا سيما مؤسس الدولة السعودية الثانية الملك عبد العزيز آل سعود  جمع شمل الامة الاسلامية من جديد بالفشل من خلال غزو افكار متشتتة من اجل جمع العالم الاسلامي ومواجهة الخطر الذي يحدق بها من كل جانب واستطاع هذا الخطر ان يهدد حصون الامة الاسلامية من داخلها وذلك من اجل سعيها للحيلولة دون عودة سيادة المسلمين الى المسرح الدولي من جديد ومن أجل ذلك فقد عمل الساسة في الغرب الى اعادة الامبراطورية الرومانية من جديد الا ان عاصمة هذه الامبراطورية لم تعد روما لأنها فشلت في صد مواجهة قياصرة اوروبا الذين ارادوا الاستيلاء عليها لمكانتها الدينية والسياسية بل أصبحت عاصمة الامبراطورية الرومانية الجديدة واشنطن لأنها على حسب اعتقاد / بيندر/ في كتابه : الامبراطورية الرومانية الجديدة  الذي من المقرر أن يناقش على هامش معرض فرانكفورت  للكتاب الدولي هذا العام  تملك القوة والمال من اجل اعادة المجد للغرب من واشنطن التي أصبحت منطلقا للعسكرية الرومانية الجديدة .

وأكد  بيندر ان واشنطن اصبحت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عاصمة جديدة للقيصرية الرومانية من خلال فرض سياستها على العالم بالقوة اذ لا يوجد شعب يعيش على اليابسة الا وقد عانى من هيمنتها عليه ولا سيما شعوب منطقة الشرق الاوسط التي تريد واشنطن ارغام اوروبا مجاراتها في تغيير هيكله بالقوة اذ انه ومنذ اعلان الرئيس الامريكي السابق جورج بوش /المتقاعد / الى ضرورة فرض نظام عالمي جديد على الشرق الاوسط بعد إخراج الجيش العراقي من الكويت معلنا الى أن ايعاز الادارة الامريكية لصدام حسين باحتلال الكويت كان من اجل جعل المنطقة تعيش في بلبلة وفوضى سياسية وانهيار  امني وتدهور اقتصادي يعمل على الحيلولة دون عودة الاسلام كقوة كبيرة على الساحة السياسية في العالم  مؤكدا أن الحرب الافغانية التي نجمت عن حوادث 11 أيلول/سبتمبر من عام 2001 كانت بمثابة المضي في تحقيق قيام دولة رومانية جديدة تقف في مواجهة المد الاسلامي والقضاء على الفكر الاسلامي الذي يتجدد بين الحين والآخر مضيفا ان جورج بوش /الحالي / يريد المضي قدما في سياسة والده في إزالة العالم الاسلامي من خلال مطالبته الدول العربية الاسلامية بالاصلاحات والا فالويل والثبور لهم مؤكدا الى أن بوش /الابن/ يعتبر نفسه أحد حماة المسيحية في العالم .

الا أن بيندر أعلن انه وبالرغم من القوة العسكرية  والسياسية اضافة الى الاقتصادية والاعلامية التي تملكها عاصمة الامبراطورية الرومانية الجديدة فان محلها الى الاضمحلال اذ ان الاوروبيين الذين اعلنوا الحرب ضد ما يسمى بمنظمات الارهاب الدولي والتي تكمن في مواجهة الاسلام لا يمكنهم ان يبقوا في مواجهة المد الاسلامي وحدهم اذ انهم بدأو ينظرون الى ان المصالح الامريكية في مواجهة ذلك الارهاب تكمن في مصلحة واشنطن الاقتصادية فقط وان الحذر من الهيمنة الامريكية على اوروبا بدأ ينتشر بين الزعماء الاوروبيين بشكل اكثر من ذي قبل معلنا الى ان الامبراطورية الجديدة التس تسعى واشنطن  لإحيائها من جديد ستنتهي بنهاية غير سعيدة وذلك من خلال اقتراب يوم يمد الاوروبيون ايديهم بصدق الى العالم الاسلامي لمواجهة خطر واشنطن بجدية على حد قول بيندر .

وقد شعل بيندر /82عاما / وهو من مواليد برلين عام 1923 اضافة الى كرسي تدريس مادة التاريخ الوسيط والحديث في جامعة هومبولدت البرلينية صحافيا في صحيفة /دي تسايت / اللامعة ويشغل حاليا رئيس أعضاء  معهد لندن للدراسات الاستراتيجية القدامى ويقع الكتاب في حوالي 290 صفحة من الحجم الوسط ومن المقرر أن يصل سعره في المكتبات العامة الى 25 يورو .