الأسلوب والأسلوبية بين العلمانية والأدب الملتزم بالإسلام
الأسلوب والأسلوبية بين العلمانية
والأدب الملتزم بالإسلام
|
تأليف: د.عدنان علي رضا النحوي |
يبحث هذا الكتاب موضوع " الأسلوبية والأسلوبية " من منظورين ومسيرتين : منظور العلمانية الغربية ومسيرتها ، والمنظور الإسلامي ومسيرة الفكر والأدب في التاريخ الإسلامي .
نريد أن نوضّح في دراستنا هذه أن هنالك منهجين مختلفين كل الاختلاف من حيث النظر والتصوّر للكون والحياة والإنسان ، وكذلك للغة ودورها ، ومن ثمّ للأدب ومهمته ودوره . وأن كلّ تصوّر من هذين التصورين يقود إلى تصور خاص به للأسلوب والأسلوبية .
وأهمية هذا الموضوع في واقع المسلمين اليوم تبرز حين تسلّل الفكر العلماني إلى العالم الإسلامي ، بكل أوجه نشاطه السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وكذلك الأدبي بميادينه المختلفة ، وكذلك دور اللغة ومنزلتها . لقد أخذت اللغات الأجنبية تحتلّ مكانة واسعة في العالم العربي ، حتى أصبحت كثير من الشركات والمؤسسات والفنادق تحمل أسماء غير عربية ، ثم تكتب بالأحرف العربية بلفظها الأجنبي . إنها صورة لا تكاد تجدها في العالم الغربي وبلدانه ، حيث تحتلّ لغة كل قوم مكانها الأول والرئيس في كلّ أوجه النشاط الرسمي والشعبي .
إنَّ موقف بعض المسلمين من هذا الغزو موقف الاستسلام والتبعيّة المطلقة، وتعطيل الجهود لبناء تصورات إسلامية إيمانية لما نجابه في الواقع من قضايا ومشكلات .
ومن أوضح هذه المظاهر هو ظنّ بعض الأدباء أنه لا علاقة للدين بالأدب. وكان هذا التصور مؤذياً كل الإيذاء ، ففيه فهم خاطئ للدين الإسلامي ورسالته، وفهم خاطئ للأدب ودوره وفهم خاطئ تبعاً لذلك لعلاقة الدين بالأدب .
إنَّ أهم سبب لإثارة الإنكار لدى بعض الأدباء ، هو ضعف الالتزام لدى بعض المسلمين ، فمنهم من يحمل الإسلام شعاراً ، ويدفع الأدب الحائر المتردد ، أو يدفع الأدب العلماني ، أو التصور المختلط المتناقض ، أو يقول : " لا نرضى بأن نضحي بالجمالية الفنية الشكلية في سبيل الإسلامية ، وقدمنا الفنيّة على المضمون " .
لا حاجة للناس بالأدب الإسلامي إذا كان لا يمثل الإسلام حقّ التمثيل ، وإذا لم يكن قوة من قواه ، وإذا لم يكن الالتزام حقيقة بارزة يلمسها الناس حتى يقولوا : هذا هو الأدب الملتزم بالإسلام حقّاً حين تتفاعل الخصائص الإيمانية والفنية ولا نضحي في ميدان الأدب الملتزم بالإسلام بواحدة ، ونقدم الناحية الإيمانية لتصوغ هي الناحية الفنية . لذلك نقدم في هذا الكتاب الذي يقع في(368 صفحة ) خمسة أبواب : الباب الأول : بفصوله الأربعة يعرض موجزاً سريعاً لمسيرة الفكر والمعتقدات في أوروبا ، ولمحة سريعة أيضاً عن الحداثة والبنيوية والتفكيكية .
والباب الثاني : بفصوله الثلاثة يعرض موجزاً سريعاً لمسيرة الفكر والأدب عند المسلمين ، والفرق بين النظريتين الإيمانية والعلمانية للكون والإنسان واللغة ، والتصور الحقّ للدين الإسلامي ، وتميّزه بأنه منهج شامل للحياة كلها ، يصل الدنيا بالآخرة وصلاً لا يجوز فصله أبداً في أيّ قضيّة من قضايا الإنسان .
والباب الثالث : يعرض بفصوله الستة دراسة الأسلوب والأسلوبية في النظرة العلمانية الغربية : نظرة عامة ، المدارس والمذاهب ، العلاقات باللسانيات والأدب والنقد ، نظرية النصّ ، النصّ بين ميزاني الإسلام والعلمانية ، وموضوعات متفرّقة تتعلق بالأسلوب والأسلوبية .
والباب الرابع : يعرض نظرة الإسلام لقضية الأسلوب والأسلوبية ، فيعرض قانون الفطرة ، ونظرية ولادة النص الأدبيين ، وموجز العناصر التي تبني الأدب الملتزم بالإسلام ، ثم الأسلوب والأسلوبية على ضوء ذلك في الأدب الملتزم بالإسلام ، والأسلوب والجمال الفني الإيماني في الأدب الملتزم بالإسلام .
والباب الخامس : يقدم نماذج تطبيقية محدودة ، تهدف إلى إعطاء ملامح فقط للفروق بين النظريتين والنهجين : نموذج مع آيتين من سورة التوبة ، ونموذج مع خطبة لأبي بكر رضي الله عنه ، ثم نموذج بنيوي من كمال أبو ديب ، ثم نماذج من الأسلوبية الإحصائية .