على أبواب القدس

د.عدنان رضا النحوي

د.عدنان رضا النحوي

على أبواب القدس!هناك يقف أبد الدهر في رباط وجهاد،هنالك وقف أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه في زحفه وجهاده،وهناك وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه في نصر من عند الله،وهناك وقف صلاح الدين الأيوبي في عزّة وإباء،وستظلّ مواكب الإيمان تتزاحم في أرض فلسطين،في ملحمة ماضية مع الزمن،تتدفق منها الدماء الزكية مسكاً يملأ العصور والآفاق،ويدفع نصراً بعد نصرٍ.

ولا ينال المؤمنون هذا الشرف العظيم إلا إذا صفا ولاؤهم لله سبحانه وتعالى،وبرئوا من كلّ عصبية جاهلية،وامتلأت صدورهم بآيات الله علماً يفتح القلوب،ونوراً يندحر أمامه المشركون في فزعٍ،إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد،وإلا أن يدخلوا صادقين في مواكب الإيمان.

إنَّ قضية فلسطين وتاريخها سِفْر عظيم ضخم لا تكفيه عشرات الآلاف من الصفحات.سِفْر مليء بالدروس والعبر وآيات الله البيّنات.ولا نستطيع نحن أن نلمّ بذلك كلّه.ولكننا نقدّم في هذا الكتاب موجزاً للأحداث نردّها جميعها إلى منهاج الله ، حتى نرى الرؤية الأصدق والأوفى.

نستعرض في هذا الكتاب الذي يقع في(334 صفحة) التصور الحقّ لقضية فلسطين،وأهم ثوراتها منذ سنة (1920م) حتى يومنا هذا،وما أخذت قضية فلسطين تؤول إليه.والناحية البارزة في هذا الكتاب هو استعراض مسيرة محمد صلى الله عليه وسلم وجنوده وصحابته إلى فلسطين وبلاد الشام كلها وإلى المسجد الأقصى،ثمّ مسيرة واقعنا اليوم،لنقارن مسيرةً بمسيرةٍ،ومنهجاً بمنهجٍ،وخطةً بخطةٍ،ولنعرف أخطاءنا،ونُصحّح مسيرتنا.

وينضمُّ إلى هذا الكتاب كتب أخرى:ملحمة فلسطين،ملحمة الأقصى،فلسطين بين المنهاج الرباني والواقع. وكل كتاب من هذه الكتب يعالج موضوعاً حتى تتكامل الموضوعات وتتناسق،ولكنها تخضع إلى قواعد ربانية ثابتة.

وأهم هذه القواعد هو أنَّ فلسطين حقّ الأمة المسلمة الواحدة،حقّ يثبته منهاج الله بنصوصه الثابتة.فهو حق ثابت بالنصّ وليس اجتهاداً،والتفريط بأيّ جزء من فلسطين،أو القبول بانفصالها عن أمة الإسلام مخالف لجميع النصوص.

والقاعدة الثانية هي أنه ليس لليهود أيُّ حقّ في فلسطين لا على أساس تاريخ ولا على أساس التوراة و الإنجيل.وما يدّعونه من ذلك هو تحريف لما أنزل الله،باطل متناقض مكشوف زيفه وضلاله،فمن مسؤولية المسلمين كشف هذا الباطل وهذا الزيف والادّعاء الباطل لا ترديده كأنه حق مسلّمٌ به.

وبعد أكثر من سبعين عاماً من العمل،وبعد هذه النتيجة،كان لا بُدّ من وقفة مؤمنة،نتدبّر بها دربنا إلى فلسطين،نراجع فيها حسابنا،ونراقب أنفسنا.ومثل هذه الوقفة ضرورية في حياة المؤمنين.وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يجعل من هذه الدراسة وقفة مؤمنة،إنه هو السميع المجيب.

ولتكون الوقفة مجدية،عرضنا خطين:

الخطّ الأول:نهج البنوة في طريق أصحابها إلى فلسطين،وأهم خصائص هذا النهج.

الخط الثاني:نهج المسلمين المعاصر في فلسطين في مختلف الميادين.

ثم مقارنة النهجين في دراسة موجزة لإبراز أهم المعالم والملامح لجهاد المسلمين ولنهج البنوة،عرضتهما نثراً في هذه الدراسة،وأعرضها شعراً في" ملحمة الأقصى"في كتاب منفصل.

لقد استغرقت هذه الدراسة النثرية ثلاثة أبواب،الباب الأول بعنوان"معالم الدرب إلى فلسطين"والباب الثاني بعنوان:"ملامح الجهاد المعاصر للمسلمين في فلسطين"،والباب الأخير بعنوان"أين الطريق؟"

ولا نهدف من هذه الدراسة أن تكون سجلاً تاريخياً لتفاصيل وأحداث.ولكننا نحاول أن نأخذ من الأحداث ما يكفي لرسم مسيرة ونهج،وما يكفي لردّ النهج والمسيرة إلى منهاج الله،لتشرق أمامنا درب الإيمان إلى أبواب القدس.