الفقه امتداده وشموله في الإسلام
الفقه امتداده وشموله في الإسلام
بين المنهاج الرباني والواقع
|
تأليف: د.عدنان رضا النحوي
|
كنتُ أعدُّ موضوع : " الفقه امتداده وشموله في الإسلام بين المنهاج الرباني والواقع " ليكون الأساس والمنطلق لدراسة أخرى هي " فقه الإدارة الإيمانية " .
ولقد رأيت بعد الانتهاء من الموضوع أهميته وأهمية النقاط والقضايا التي يطرقها ، فرأيت أن أخرجه أولاً بحثاً مستقلاً يمكن أن ينضمّ لأبحاث أخرى تكون بمجموعها الدراسة المطلوبة لكتاب " فقه الإدارة الإيمانية في الدعوة الإسلامية " .
إن بعض هذه القضايا المطروحة في هذا الكتاب سبق أن طُرحت في كتب أخرى مثل : " دور المنهاج الرباني في الدعوة الإسلامية " ، " منهج المؤمن بين العلم والتطبيق " ، لقاء المؤمنين " بجزئيه ، " النظرية العامة للدعوة الإسلامية نهج الدعوة وخطة التربية والبناء " وغيرها .
وجميع الموضوعات التي أطرقها تخرج من نهج محدد ونظرية عامة مفصلة ، تنضم إلى الموضوعات الأخرى لتكوِّن كلّها النهجَ الذي أعرضه والنظريّة التي أبيّنها ، حتى ينمو النهج ويتطور ويتجه إلى التكامل ، وليظلّ يحمل المرونة الضرورية الملائمة للحاجات المتجددة في ميدان الدعوة الإسلامية ، وسائر ميادين الممارسة الإيمانية في الواقع البشري .
هناك قضايا تثور بين الحين والآخر في واقع المسلمين ، وتنال دراسات مختلفة ، ووجهات نظر متعددة . ونأمل أن يكون في ذلك خير ما دامت الدراسة ووجهة النظر والرأي ، وكلّ ذلك ، نابعاً من منهاج الله ـ قرآناً وسنة ولغة عربية ـ وتظل الفرصة مواتية دائماً لتقريب وجهات النظر ما دامت البيّنة والحجة من الكتاب والسنة ، ومادام الهدف تلبية حاجات الواقع المتجددة في صورة منضبطة بالكتاب والسنة .
ويبقى الجهد البشري ، مع كل ما يحمل من نقص وضعف ، خيراً للإنسان ما دام منضبطاً بالحق المطلق ، بالكتاب والسنة ، بمنهاج الله ، نابعاً منه مهتدياً به. فإذا خرج عنه اضطرب وضلّ وعاد شراً على الإنسان حتى ولو حمل شيئاً من الحقيقة لا تنحصر في النصّ الذي تحمله ، ولكنها تمتدّ إلى ممارسته وتطبيقه في واقع الإنسان ، وإلى مدى ما يُعين الإنسان على الاهتداء إلى الدرب القويم والصراط المستقيم والعمل الصالح ، وإلى مدى ما يربط هذه الحياة الدنيا بما بعد الموت ، بالدار الآخرة .
فكثير من حقائق العلم اليوم كانت وبالاً على الناس أفنت مئات الألوف والملايين ، ودعمت الظلم والفساد في الأرض ، وأطلقت العدوان والجريمة ، ونزعت الأمن والسلامة ، وعزلت عن الدار الآخرة ، فخسر الدنيا والآخرة .
في هذا الكتاب الذي يقع في ( 236) صفحة من الحجم الكبير ، نعرض في الباب الأول منه قضايا نؤمن بأهميتها في ميدان الفقه ، نؤمن بحاجتنا إليها ونوجزها بما يلي :
ـ امتداد التكاليف والمسؤولية في الإسلام وامتداد الفقه معها .
ـ امتداد الفقه في جميع ميادين الحياة .
ـ العوامل المؤثرة في امتداد الفقه والمسؤوليات .
ـ المسؤوليّة بين الوسع الصادق والوسع الكاذب .
ـ ما هو الفقه وما هو مفهومه وتعريفه .
ـ بين الفقه والحكمة .
ـ الفقه بين المنهاج الرباني والواقع .
ويدخل مع هذه الموضوعات قضايا أخرى ترتبط بها ، تظهر من خلال البحث .
ولقد شغلت قضيّة الواقع وعلاقته بالفقه بعض الأساتذة ، ومال بعضهم إلى تسمية الفقه في الإسلام بـ " فقه الواقع " . وقد سبق أن درسنا علاقة الواقع بالفقه في الإسلام ، وبالإسلام من حيث التصور والفكر والنهج في كتاب " دور المنهاج الرباني في الدعوة الإسلامية " وامتدّت الدراسة في كتب كثيرة . ولكننا لا نرى تسمية الفقه بـ " فقه الواقع " بل نرى الاكتفاء بكلمة " الفقه " الدالة على جميع عناصره ، لأسباب فصّلناها في هذا البحث . وإذا أردنا أن نشير إلى دور الواقع في الفقه ، فيمكن أن نقول : " الفقه والواقع " .
وفي الباب الثاني نعرض القواعد والأسس في ثلاث فصول تدور حول أهمية الإيمان بالعلم والنهج والتخطيط في الوصول إلى طريق النصر ، وكذلك حول مصدر التشريع وأبواب الاجتهاد ، وكذلك حول الأسس الأربعة : الإيمان والتوحيد ، المنهاج الرباني ، الواقع ، الممارسة الإيمانية .
ويعرض الباب الثالث : " الفقه في الميدان " ، خمس قضايا : بني الإسلام على خمس ، ذكر الله ، في سبيل الله ، أمانة الكلمة والفكرة ، ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة .
وأما الباب الرابع ، وهو الأخير ، " الفقه وحضارة العصر " ، فهو يتناول المقارنة بين عهد النبوّة الخاتمة والصحابة وبين واقع المسلمين اليوم ، والوسط والغلو ، واليسر والتيسير ، الغلو في الدين ، الموازنة وحضارة العصر الحاضر .
وكان الهدف الرئيس من عرض هذه القضايا هو ربط واقع المسلمين اليوم بالفقه الإسلامي ، كما كان الحال أيام النبوة الخاتمة والصحابة الأبرار رضي الله عنهم، وكما يأمرنا كتاب الله وسنة نبيّه محمد صلى الله عليه وسلّم ، ومن أجل هذا الهدف ، لا نعتبر هذا الكتاب وحده يسعى إليه ، وإنما جميعاً ما أصدرناه من كتب فإنها تقدم مساهمة عملية في تحقيق هذا الهدف .