عندما تتحول أجهزة الإعلام إلى مدفعية ثقيلة
عندما تتحول أجهزة الإعلام إلى مدفعية ثقيلة
جلال أمين يناقش الاعتداء الأميركي المعنوي على الحضارة الإسلامية
محمد أبو زيد-القاهرة
عصر التشهير بالعرب والمسلمين، نحن والعالم بعد 11 سبتمبر 2001 المؤلف: الدكتور جلال امين .
يبدو ان الاعتداء المادي لم يعد كافيا في عصر ما بعد سبتمبر، اذ لجأت الدول المتقدمة إلى استخدام السلاح القديم الذي ثبتت فاعليته، وهو الاعتداء المعنوي، والذي تزيد به فرص الانتصار على الخصم، فالاعتداء المعنوي يضعف ثقة
الخصم بنفسه ويثبط همته، كما انه يقلل من انتصاره، فيصبح ضحية اسهل مما كان.ويذكر الدكتور جلال امين في كتابه «عصر التشهير بالعرب والمسلمين، نحن والعالم بعد 11 سبتمبر 2001» والصادر حديثا عن مكتبة الأسرة بالقاهرة أن العرب والمسلمين تعرضوا لحملات من التحقير والاعتداء المعنوي، واضيفت إلى ذلك في الخمسين عاما الماضية، حملات التشهير المستمرة من جانب الصهاينة وابواق الدعاية الإسرائيلية والعاملين في خدمتها، واستمر ذلك من دون انقطاع منذ إعلان الدولة الإسرائيلية منذ نحو نصف قرن، ثم حدث في السنوات الأخيرة ما ضاعف هذا التشهير، وزاد هذه الحملات قسوة وضراوة خاصة في اعقاب أحداث 11 سبتمبر، فاصبح العرب والمسلمون اكثر شعوب العالم تعرضا لحملات تشويه السمعة والاعتداء المعنوي، وهى حملات في رأي المؤلف لا تستهدف إلا تسهيل اهداف اقتصادية وسياسية منبتة الصلة بما تدور حوله حملات التشهير، كانعدام الصلة مثلا بين مضاعفة الارباح من استغلال النفط العربي وبين وجود الديمقراطية أو عدمها في البلاد العربية، فضلا عن اهداف المشروع الصهيوني، وهى بدورها اهداف منبتة الصلة بما يقال في الاساءة إلى سمعة العرب كانعدام الصلة مثلا بين الرغبة في طرد المزيد من الفلسطينيين من اراضيهم وبين ما إذا كان مركز المرأة في الإسلام افضل أو اسوأ منه في الأديان الأخرى.
يلاحظ امين انه منذ 11 سبتمبر 2001، وكثير من الناس يقبلون الكثير مما تردده وسائل الاعلام عن الحادث وعن المتهمين بارتكابه واهدافهم من ورائه، على الرغم من أن جزءا كبيرا مما تقوله وسائل الاعلام يتعارض تعارضا صارخا مع المنطق السليم، بل ومع بعض البديهيات، فيلاحظ أن هذا الاستعداد للتسليم بما يتعارض مع البديهيات لا يستثنى منه حتى عقلاء الناس ومثقفوهم، مشيرا إلى انه رأى من بين هؤلاء مثلا من يقبل كثيرا مما يقال عن أسامة بن لادن مما يصعب أن يقبله العقل في رأيه، وكذلك عن هوية الأشخاص الذين تنسب إليهم عملية تفجير البرجين في نيويورك ووزارة الدفاع في واشنطن وما يقال عن اهدافهم من هذه العملية، مع الفارق الشاسع بين ما يتطلبه هذا الحادث من قدرات وبين القدرات المتاحة لهؤلاء الاشخاص.
كما يلاحظ امين اشياء مماثلة في موقف كثير من الناس من الأحداث في العراق، حيث وجدهم يصدقون الكثير مما يقال ويصعب تصديقه، عن موقف صدام حسين ودوره، وعن علاقته بالولايات المتحدة، وعن اهداف الادارة الأميركية من الاعتداء.وفي الحالتين كان هؤلاء الذين يصدقون ممن يجلسون أمام شاشة التليفزيون ساعات طويلة ويستمعون إلى مختلف القنوات الفضائية وغير الفضائية ولا يفوتهم تعليق أو تصريح نشرته الصحف ولا أي تفاصيل مهما كانت صغيرة، تتعلق بما يدور من أحداث، هذا الموقف يوضح لجلال امين اننا لا زلنا نتعامل مع ما يرد إلينا من معلومات كأنها في الاساس محايدة خالية من التحيز، ونميل إلى التمييز باكثر مما ينبغي، بين التعليق الذي نعرف انه قد يكون متحيزا وبين المعلومة التي نعاملها كأنها محايدة والخطر هنا من استخدام وسائل الاعلام كما يتصوره امين ليس هو مجرد أن يؤدي بالناس إلى اعتناق افكار خاطئة ولكنه يصل إلى حد تشكيل عواطف الناس وتوجه هذه العواطف في الاتجاه الذي يحقق مصالح المسيطرين على هذه الوسائل، فاذا اضفنا إلى هذا ما أصبحت تتسم به وسائل الاعلام من درجة لا يستهان بها من احتكار وان هناك تداخلا بين هذه الشبكات التلفزيونية، على قلتها يجعلها تكاد تعبر عن نفس الاتجاه وتصب في نفس المصالح فان الخطر الذي يتعرض له مشاهدو التليفزيون، بل وقراء الصحف والمجلات بدرجة متزايدة مع تزايد درجة الاحتكار في ملكيتها اصبح خطرا في رأيه شديدا إذا اصبح هؤلاء المشاهدون والقراء (محكومين) في تحديد اتجاه عواطفهم ودرجة التهاب هذه العواطف بما يناسب المسيطرين على هذه المصالح ويحقق اهدافهم.
أن ما حدث، والكلام هنا لامين، من اعتداء على العراق لم يحدث فقط بالمدافع والبنادق والدبابات بل حدث ايضا باجهزة التصوير ووسائل مندوبي التليفزيون والصحف ووكالات الانباء والقتل المادي الذي جرى لآلاف العراقيين لا يقل عنه ظلما وقسوة القتل النفس الذي جرى لملايين من العرب والمسلمين في العراق وخارج العراق، وقد اصطلح على تسمية الوسائل التي تم بها هذا النوع الثاني من القتل بوسائل الاعلام وهى تسمية لا تقل في درجة تضليلها عما تبثه من سموم.لكن يبدو أن عملية التغيير التي تحدث لا تتوقف عند اجهزة الاعلام، حيث يشير امين إلى انه لم تمض اكثر من أيام معدودة على احتلال الاميركيين للعراق حتى اعلن مسؤولون في الادارة الأميركية عزمهم على تغيير مناهج التعليم في العراق ومراجعة الكتب المقررة على الطلاب كتابا كتابا لحذف منها ما لا يجوز ووضع اشياء أخرى محلها، بل وقيل أن الولايات المتحدة ستقوم بنفسها بإعداد وطبع بعض الكتب وتوزيعها على التلاميذ العراقيين هدية منها إليهم.
ولم يكن غريبا في اعتقاد امين أن ينهض في بلادنا من الكتاب والمعلقين من يقول بان هذه الأهداف الأميركية من اصلاح نظام التعليم في العراق والبلاد العربية الاخرى هى نفسها اهداف للمصلحين العرب ولا يهم في الحقيقة ما إذا كانت الدعوة إلى الإصلاح تأتي من هنا أو هناك طالما أن الهدف واحد مشيرا إلى أنه كان هناك بعض المحتجين الذين رفعوا اشعار «بيدي لا بيد عمرو» قاصدين بهذا انه إذا فرض أن كان التغيير ضروريا فدعنا نقوم نحن به لا غيرنا فهذا شأننا ولا يجب أن يكون شأن أحد سوانا.ويقول المؤلف أن إصلاح التعليم شأن داخلي لكن الاخطر من هذا أن التغيرات المزمع تنفيذها لا علاقة لها بالاصلاح اصلا بل هي في حقيقتها اقرب إلى الافساد منها إلى الإصلاح وهو بالطبع ما يجب أن نتوقعه ولا نتوقع شيئا غيره والزعم بغير ذلك في رأيه خداع كريه كان المفروض أن يكون واضحا كالشمس.
ويعتقد امين انه ليس هناك عاقل يمكن أن يصدق الزعم بان من بين الأهداف التي تهتم الادارة الأميركية بها ازالة الاشارت التي تنطوي على تقديس حاكم بعينه أو المبالغة في تمجيده فالعالم الثالث مليء منذ ما يقرب من نصف قرن بالامثلة على نظم وحكومات موالية للولايات المتحدة وتتمتع برضائها ومباركتها وغارقة حتى قمة رأسها في مختلف اساليب تقديس الحاكم، وأي بادرة لاصلاح هذا الخلل أو تنبيه إلى ضرورة التخلي عنه أو الزعم بان طريقة التعليم تشجع على التعصب وتخلقان من التلميذ شخصا سهل القيادة ويجعله فريسة سهلة للحركات الدينية المتطرفة مما يجعل هذه المنطقة معمل تفريخ للارهاب فانه يثير في رأي امين كثيرا من المشكلات المنطقية فالمهم في نظر الاميركيين ليس هو الانقياد أو عدمه ولكن موضوع
الانقياد ووجهته، فاذا استطاعوا أن يضعوا نظاما للتعليم يجعل العرب اكثر استعدادا للانقياد للسياسة والادراة الأميركية واكثر قبولا للتصالح مع إسرائيل ونسيان محنة الفلسطينيين والسكوت على طريقة اسرائيل في ارهابهم فلابد انهم سوف يفضلون هذا النظام من نظم التعليم على نظام آخر يجعل العرب اكثر استقلالا في الرأي واكثر حرية في الفكر واكثر ممارسة لمكلة النقد.
ويقول امين أن كل الدلائل تشير إلى أن الادارة الأميركية كان لديها ولا يزال مخطط لاحكام سيطرتها على أماكن متعددة من العالم وعلى موارد اقتصادية اساسية خارج حدودها، من أهمها النفط وان أحداث 11 سبتمبر عام 2001 ساعدت الادارة الأميركية في السير سيرا حثيثا نحو تنفيذ هذا المخطط مشيرا إلى أن كان من المفيد جدا للادارة الأميركية وكذلك المشروع الإسرائيلي أن تستغل أحداث 11 سبتمبر إلى اقصى درجة لتشويه سمعة الإسلام والمسلمين، فسواء كان المخططون والمنفذون لهذا الحادث هم بالفعل عربا ومسلمين وان الهدف من تنفيذ هذه التفجيرات شيء له علاقة بالخلاف بين المسلمين أو العرب وبين السياسة
الأميركية ام لا، فقد كان ولا يزال في رأيه من المفيد جدا للادارة الأميركية الزعم بان
هذه هي الحقيقة ذلك أنه من الصعب أن تتصور أن تستطيع الادارة الأميركية السير في تحقيق مخططها العسكري والاقتصادي من دون وجود عدو بل عدو خطير يبرر كل هذا الخلاف على الحرب وكل هذه التضحيات التي لابد أن يتحملها الشعب الأميركي اقتصادية وبشرية وقد وجد أن الإسلام والمسلمين عدو مناسب جدا لوجوده وانتشاره في معظم المناطق التي يراد تنفيذ المخطط العسكري والاقتصادي فيها ولسهولة الربط بين العنف والخطر المراد تخويف الناس منهما وبين الدين، اذ أن التطرف أو التعصب الديني يمكن قبوله بسهولة كتفسير للعنف والقتل والاعتداء، ويعتقد امين أن من الارجح أن هذا المنحى من التفكير نشأ وبدأ وضعه موضع التنفيذ قبل أحداث 11 سبتمبر بل وحتى قبل سقوط الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة ذلك أن التفكير الاستراتيجي لا ينتظر حتى آخر لحظة لتفجير حملة دعائية مفيدة بل لابد من التمهيد لها شيئا فشيئا حتى يبدو التطور طبيعيا للغاية، لافتا إلى أن إسرائيل لابد أنها استفادت من أي تشويه لسمعة الإسلام والمسلمين منذ خمسين عاما على الاقل، كما أن تضخيم حجم ما سمى بالارهاب الإسلامي بل وربما خلقه خلقا في بعض الأحوال كان مفيدا لتحقيق اهداف أميركية مهمة حتى قبل 11 سبتمبر بكثير كتخويف بعض الحكومات العربية واجباره على الاعتماد على الدعم الاميركيى لمواجهة هذا الإرهاب وفي الوقت نفسه اعطاء هذه الحكومات مبررا للاستمرار في الحكم واستخدام اساليب القمع بحجة التصدي للارهاب الإسلامي.
ويذكر امين انه في أمر كهذا كان لابد من الاستعانة بمؤرخ بريطاني شهير اكتسب شهرته كمؤرخ خبير باي شيء يتعلق بالاسلام ولكن لا رغبة عنده البتة في ذكر الحقيقة كاملة عن الإسلام، بل لديه دافع قوي للغاية بسبب ولائه للصهيونية لذكر ما يسئ إلى الإسلام والمسلمين وهو برنارد لويس، الذي اصدر عقب أحداث 11 سبتمبر كتاب «اين مكمن الخطأ» ويقصد بهذا العنوان ما هو بالضط الذي جعل المسلمين يرتكبون أحداث 11 سبتمبر وطبعا اتبعتاميركا كل الاساليب لضمان نجاح الكتاب وتسويقه على اوسع نطاق ممكن فالرسالة التي يحملها من المهم أن تصل في هذا الوقت إلى اكبر عدد ممكن من الناس وهذا كله من دون أن يحقق من صحة القول بان الخاطئين كلهم مسلمون.
ثم اصدر كتابه الثاني «أزمة الإسلام» الذي يشترك مع الكتاب السابق في انهما يحملان الإسلام أسباب ما حدث، وفي حديثه عن محاولات تحسين صورة العرب والمسلمين يرى امين أن من الاستراتيجيات التي يلجأ إليها البعض لذلك محاولة التبرؤ من هؤلاء المسلمين الذين يكرههم الغرب فيقولوا «انهم ليسوا مسلمين حقيقيين أو ينتمون للاسلام وان الإسلام الحقيقي لا يقول هذا بالمرة ومن ثم فنحن نتبرأ منهم ونعتبرهم مجرمين مارقين مثلما يعتبرهم الغرب بالضبط» وهذا الاتجاه بالتمييز بين ما يسمى بالاسلام الحقيقي وغير الحقيقي هو اتجاه بغيض في رأيه كما انه اتجاه خطير قد يؤدي بالسائر فيه إلى التهلكة أما انه بغيض فلما يتضمنه من ادعاء وغرور اذ يزعم قائله ان هناك اسلاما «حقيقيا» لا يفهمه إلا هو وكل ما عداه اسلام «غير حقيقي» وكذلك لا يشعر امين باي ارتياح عندما يحاول «المحسنون» أن يبينوا فضل المسلمين على الحضارة الغربية، وكل هذا صحيح ولكن الإسلام لا ينحصر فضله في القيام بدور الوسيط بين جزء من الغرب وجزء آخر منه والمسلمون لديهم اكثر من سبب يبرر استحقاقهم للحياة غير قيامهم بهذه الخدمة للغرب في يوم ما من الماضي.ويخلص امين إلى أن لهجة الغربيين اليوم في كلامهم عن الإسلام والمسلمين ليست من النوع الذي يثير الرغبة في محاولة تحسين صورة الإسلام والمسلمين في اعينهم بل من النوع الذي يثير الغضب والحنق فقد اساءوا الأدب في الكلام عن شيء نبيل وعزيز لدينا مما لا يترك مجالا لتبادل الحديث معهم ومحاولة تبرئة النفس في مواجهة ظلم صارخ من هذا النوع هو من قبيل الامعان في اذلال النفس واحتقارها ويزيد الغضب والحنق عندما تجئ هذه الاتهامات والاهانات من سياسين في الغرب لا يعرف عنهم في رأيه الكثير من صفات التحضير إلا في اتفه الشكليات كنوع ما يرتدونه من ثيات مثلا أو طريقة تناولهم للطعام فلا يعرف عنهم سمو الاخلاق في معاملتهم لغيرهم من الشعوب أو الترفع عن الصغائر عندما يتعاملون مع خصومهم أو الحلم والصبر وضبط النفس عند الشدائد أو الاستعداد للعفو عندما يكونون قادرين عليه وكلها صفات اظهر العرب والمسلمون في تاريخهم قدرا وافرا منها.
الناشر: دار الشروق ـ القاهرة نحو علم نفس عربي دخوله إلى العالم العربي جاء في وقت متأخر لندن: «الشرق الأوسط»صدر للدكتور محمد أحمد النابلسي كتاب بعنوان «الخصوصية العربية والعقل الأسير / نحو سيكولوجيا عربية»، وهو يقع في 164 صفحة من الحجم الكبير، وفيه يربط المؤلف بين العلوم النفسية والسياسية والعلوم الإنسانية عامة. فقد تكون العلوم النفسية موغلة في القدم وقد يكون التراث الإنساني غنياً من الناحية الوصفية. لكن تحول
هذه الظواهر الموصوفة إلى علوم هو تحول حديث، إذ اضطر فرويد في بداياته إلى مناقشة هذا التحول في أوائل كتاباته والمعنون بـ «نحو علم نفس علمي». فصحيح أننا نجد وصفاً دقيقاً لمرض الفصام في النصوص الهندية القديمة، كما هو صحيح أن مصطلح الهيستيريا يعود إلى عصر أبقراط، عداك عما يحتويه تراثنا العربي من خطوات تجريبية في الميدان، لكن دخول معاناة النفس الإنسانية في ميدان وضمن مسؤوليات العاملين في علوم الشفاء هو دخول تأخر لغاية منتصف القرن الماضي. في العالم العربي كان دخول هذه العلوم، بثوبها العلمي، دخولاً خجولاً إذ تأخر الإعلان عنه لغاية تضافر جهود وطموحات أستاذين كبيرين هما مصطفى زيور ويوسف مراد.
هؤلاء الرواد الأوائل عملوا على إيجاد سيكولوجيا في العالم العربي. ثم حاولوا لاحقاً استخدام الدكتور محمد عثمان نجاتي بالمشاركة في الجمعية العالمية لعلم النفس عبر الحضاري، لكن هذه المشاركة توقفت بسبب العدوان الثلاثي على مصر في العالم 1956 منذ ذلك الحين ومع اتساع المد القومي توالت الدعوات إلى إرساء سيكولوجيا عربية. إلا أن غالبية هذه الدعوات انطلقت من دراسة الشخصية العربية فاتّسمت بعمومية ذات طابع فلسفي ينسجم مع امتزاج دراسة الفلسفة بدراسة العلوم النفسية.
حتى بدت هذه الدعوات وكأنها إصرار على إخراج هذه العلوم من عمليتها المكتسبة حديثاً. بل إنها بدت وكأنها نوع من أنواع الاحتجاج علمية عربية. فالمدقق في هذه الدعوات يمكنه ملاحظة اشتراكها في عدد من العثرات المنهجية ومنها: أولاً: هل يمكن لشخص مهما بلغ حماسه وسعة إطلاعه أن يقوم منفرداً بتحليل شخصية أمة كاملة متكاملة؟ في حين يتجه الباحثون المحدثون إلى اعتماد مبدأ «مجموعة بالينت»، حيث يقوم أعضاء المجموعة بتصحيح مسار العلاج الذي يعتمده هذا المعالج؟ ثانياً: هل يمكننا المزج بين المنهج وبين الموضوع في ميدان العلوم الإنسانية وخصوصاً النفسية، في حين تقوم دراسات عالمية عبر حضارية بالعمل على تصنيف المواضيع بحسب الثقافات؟
ثالثاً: هل يمكنا اعتماد المنهج بدون إدخال تعديلات عليه، في حين يصرّ النفسانيون الإنجليز على إعادة تقنين الاختبارات الأميركية قبل تطبيقها في عياداتهم؟
رابعاً: هل يمكن لمدرسة علمية ذات امتداد عبر عربي أن تقوم على جهود أفراد وجماعات من تلامذتهم؟ إن الفرد وتلامذته قد ينجون في إرساء تيار بحثي في اتجاه معين، لكنهم يفشلون حكماً في التأسيس لمدرسة علمية بالمعنى المقصود بشعار «سيكولوجيا عربية». خامساً: هل يعقل أن ندرك تمايزنا واختلافنا بمعزل عن الآخر، خصوصاً وأن الذات تتموقع نسبياً متعمدة على الآخر؟ فهل يمكن الكلام عن سيكولوجيا عربية بدون مشاركة عربية في الدراسات والتجارب عبر الحضارية؟
سادساً: هل يمكن لمدرسة علمية أن تقوم على أيدي غير المتخصصين أو أصحاب الاختصاصات الموازية؟ سابعاً: في غياب المؤسسات العربية الجامعية هل يتورط الأفراد في مشاريع هي ألصق بالاحتجاج النرجسي منها بالموضوعية العلمية؟
الخصوصية العربية والعقل الأسير.
المؤلف: محمد أحمد النابلسي.
استكشاف العوالم الداخلية لبنيان الحضارة«الثقافة الحضرية في مدن الشرق» يجول داخل المنازل والقصور الرباط: رشيد مرون
يشكل كتاب «الثقافة الحضرية في مدن الشرق» لجنيفر سكيرس، ترجمة ليلى الموسوي، الصادر عن سلسلة «عالم المعرفة» حديثا، دعوة لرؤية تاريخ بعض المجتمعات الشرقية الإسلامية من زاوية أخرى غير معتادة، دعوةلاكتشاف مميزات الحياة داخل منازل وقصور مصر وتركيا وإيران، في الفترة ما بين القرنين السادس عشر والثامن عشر الميلاديين، أي بين مرحلتي النضج وبدايات الإضمحلال.فهذا المؤلف الصغير الحجم المكون من ثلاث وسبعين صفحة معززة بملحق مكون من ثمانين لوحةوصورة ملونة، يقدم في الحقيقة رؤية متكاملة للمشهد الهندسي والاجتماعي للمدينة الشرقية ولما يميزها في إطار يتدرج ويتطور بتقدم فصول الكتاب التي رتبت بحيث تتجه من العام للخاص على الشكل التالي: المدينة، المنزل، المسكن، الحياة العائلية، الحياة الاجتماعية والعامة، ثم ملحق الصور.
ومن خلال استعراض المعالم الكبرى للحياة الاجتماعية اليومية للسكان وبالأخص للطبقات المتوسطة والعليا في القاهرة وإسطمبول وبعض الحواضر الإيرانية الكبرى في هذه الفترة التاريخية التي سادت خلالها الإمبراطورية العثمانية، يقدم الفصل الأول رؤية عامة للمدن العتيقة التي امتزج فيها السعي نحو التمتع بمباهج الملبس والمسكن والمأكل مع الحرص على احترام روح التعاليم والقيم الإسلامية. وهكذا شهدت المدن المذكورة فصلا دقيقا وصارما بين الفضاء العام والخاص. فالحياة العامة تدور في الشوارع حيث الخدمات والتجارة فيما تحتمي الحياة الخاصة داخل المنازل وتتوجه نحو الأفنية والغرف المحاطة بالأسوار التي قد تبدو متواضعة في الواجهة بينما هي تخفي مظاهر الزينة الداخلية. ومن خلال وصف العلاقة بين الداخل والخارج، ثم توضيح أسلوب تدبير المدينة للخدمات مثل الماء والطرق والمنشآت العامة والمعالم الدفاعية في إسطنبول وطهران، تعبر المؤلفة عن كثير من الإعجاب بخصوصيات البناء في مدن الشرق، قبل أن تتطرق لاحقا في الفصل المخصص للمنزل إلى التقسيمات التي تطال الفضاء الخاص بدوره ومكانة الأفنية والحدائق وأجنحة الرجال والنساء والخدم داخله.
غير أن الوصف الدقيق للفضاء الداخلي لا يكتمل إلا بالحديث عن الأثاث المستعمل في مدن الشرق الإسلامي بين القرنين 16 و 18 الميلاديين. والأثاث كان مثل الهندسة والبناء عاملا أساسيا في تأمين استخدام الفضاء الداخلي بكفاءة لخلق بيئة خصوصية للحياة الأسرية تتميز بالنظام. وكان ذلك يتم في بيئة خالية من الأثاث المعتمد لدى الأوروبيين بشكل يثير دهشة العين الغربية. ولم تتضمن مساكن الشرق الإسلامي عادة موائد طعام ثابثة أو خزائن جانبية أو أسرة أو خزائن ملابس أو مناضد تزيين.كان الأثاث يتكون من الحشايا والأغطية واللحف. ولم يكن هناك تقسيم حقيقي لوظائف الغرف باستثناء المخازن والحمامات والمطابخ. كان استعمال جميع الغرف يخضع لقدر كبير من المرونة، وحتى غرف الاستقبال في سلاملك الرجال وحرملك النساء كان يمكن تحويلها إلى مساحات لتناول الطعام والنوم بسهولة كبيرة. فقد كان المبدأ هو استخدام مساحات متعددة الاستعمال، وهو مبدأ ذو بعد جمالي واجتماعي في نفس الوقت، لأنه يدعم، حسب رأي سكيرس، الأولوية المعطاة للعائلة في الحضارة الإسلامية. فالمنزل المنظم بشكل أكثر مرونة قادر على توفير السكن والضيافة لكل أعضاء وأقرباء العائلة الممتدة. كما أن غرف الضيوف تزخرف بشكل خاص نظرا لأهمية الضيافة في ثقافة الشرق.
وانعكاسا لذلك، شكلت المنسوجات الحل الأمثل للمزج بين المرونة في توزيع المساحة والحاجة الإنسانية إلى الزخارف واللون. واحتلت الأثواب مكان قطع الأثاث الثابتة في تزيين وتقسيم القاعات والأفنية وتحويلها لوحدات قابلة للاستخدام. وكانت محتويات المنزل الشرق الأوسطي وطريقة زخرفتها تقدم رسالة عن مدى ثراء ومكانة مستخدميها. ولما كان داخل المنازل يخلو من وحدات الأثاث القائمة بذاتها استخدمت خزائن الحائط والكوات لتخزين وعرض المنسوجات والأواني وتحف الزينة، واشتركت جميع الغرف في هذه الصفات.
وكانت الخزائن والكوات، الأثاث الوحيد غير القابل للنقل. لدى كان من الممكن تحويل أي غرفة لمكان إطعام باستعمال الحشايا أو لغرف نوم. فالسرير يتألف من نفس الحشايا مضافا إليها اللحف السميكة والمخدات والشراشف الموضوعة في خزائن حائطية تتوالى أبوابها الخشبية المطلية على طول جدران الغرفة. في حين كان باقي الأثاث المنقول يتشكل من المزهريات وحوامل الكتب الخشبية القابلة للطي ثم حوامل الصواني التي تستعمل كخوان وقت الطعام.
في فصل «الحياة العائلية« تتناول سكيرس بالتحليل الطبيعة المعقدة للحياة العائلية في البيوت الكبرى للطبقات الغنية والمترفة في المجتمع الشرقي.
فهذه الحياة قائمة تقليديا على شبكة من علاقات القرابة والمصاهرة والواجبات اتجاه الآخرين، لذا تتطلب منزلا كبيرا وممتدا كي يؤدي كل هذه الوظائف بشكل فعال.
فالمنزل هو مقر سكنى الأب وزوجاته وحريمه وأبنائه المتزوجين وأسرهم، وأبناءه غير المتزوجين وبناته غير المتزوجات أو المطلقات، والحشم والخدم. وكانت وحدة العائلة حيوية ومرنة يمكن أن تضم العديد من الأقارب وأبناء العمومة والمطلقات والأرامل لأن الإحسان إلى الأشخاص الأقل حظا كان واجبا اجتماعيا ودينيا في المجتمع الشرقي. مع مراعاة عرف واحد يطبق بصرامة مهما كان حجم العائلة الممتدة ومقدار دخلها وهو الفصل بين الرجال والنساء بشكل يدفع لتقسيم المنزل إلى أجنحة منفصلة.
وكان الاحتفاء بالمنسوجات في ظل هذه البيئة الحضرية كفيلا بجعل نساء الطبقات الاجتماعية الموصوفة من طرف المؤلفة سكيرس، تتجهن نحو تخصيص الكثير من وقتهن لتجهيز الثياب والمفروشات التي تميزت بتنوع كبير وبمساحة تتضمن قدرا من حرية الذوق الشخصي الذي يتأثر غالبا بأنواع اللباس السائدة في البلاط التركي باسطنبول. إذ غالبا ما كانت نماذجوتقليعات الأناقة تنتقل من هذا البلاط نحو حواضر إيران ومصر بفعل حركية الأفراد بين هذه المناطق.وعلى امتداد بقية فصول كتاب «الثقافة الحضرية في مدن الشرق» تمضي المؤلفة باتجاه استكشاف سريع لأصناف الملبوسات والمأكولات ولنظام الحياة اليومية. وكذا لمظاهر الحياة الاجتماعية وطريقة تعامل سكان مدن الشرق العريقة مع اللحظات الأساسية في مسار الفرد من ولادة وختان وزواج وموت، مركزة على محاولة استكناه سر الخلطة السحرية للحياة في هذه المجتمعات. على أن العتب الاساسي على هذا الكتاب يظل هو شساعة الموضوع وضيق الحيز المخصص لجوانبه المختلفة، الشيء الذي يعطي القارئ إحساسا بأن ما يقدم له من معلومات لا يرضي نهمه لموضوع شيق جدير بدراسات أطول وأعمق في هذا الميدان الذي لم يحظ بعد بما يليق به من طرف الباحثين العرب.
: الثقافة الحضرية في مدن الشرق المؤلف: جنيفر سكيرس ترجمة: ليلى الموسوي
الناشر: سلسلة «عالم المعرفة» ـ الكويت
الغرب ألّف ما لا يقلّ عن 60 ألف كتاب عن الشرق الأدنى بين عامي 1800 و1950
بيروت: بلال عبد الهادي
يعترف الكاتب ان الغرب ليس واحدا بالنسبة لنا كأفراد ومجموعات، فلكل منا غربه كما يقول، وهذا ما يعقد مسألة تحديد الغرب. والكاتب يحاول رسم مسارات دلالة الغرب من بداياته أي من يوم ان خرج من رحم الأسطورة القديمة التي تقول ان«أوروبا» أو «عُربا» ليست إلا ابنة الملك الفينيقي اغنور التي اختطفها، من شواطئ لبنان، الإله الأغريقي «زفس». وعليه فان هذه الأسطورة ترخي بثقلها على الحاضر كما إنها تختزن دلالات متعددة، منها ان الشرقي يحاول إبراز الدور الذي لعبه الشرق في ولادة أوروبا التي التبست دلالتها فيما بعد بالغرب الشاسع الذي خرج من إطاره الجغرافي ليدل على أكثر من موقع شاملا أوروبا وأميركا، ويذهب البعض إلى إلحاق اليابان أيضا بالغرب. هنا لا يعود الغرب مكانا له صلة بالأرض بقدر ما له صلة بالفكر. والبعض يرى في دلالة الأسطورة بداية اختطاف لا ينتهي، فيرى الكاتب ان احد صور العلاقة مع الغرب مبنية على هذا التصوّر القائم
على «الاختطاف» و«الاغتصاب». أليست أوروبا فتاة في كلام الأسطورة؟ ومن طبيعة الأساطير طول العمر والاتسام بالثبات والتحول في آن، تبدل أزياءها ولكن لا تبدل روحها. ان الحاضر ما يزال إلى اليوم يقوم بتصفية حساباته مع الماضي البعيد، فعملية الاختطاف التي تعرضت لها الأميرة أوروبا ليست إلا إنذارا بسلسلة من الاغتصابات القادمة وبمرتكبيها بدءا بالاسكندر الأكبر وصولا إلى إسرائيل. وولادة إسرائيل في المنظور العربي فعل «اغتصاب»، وهي كلمة لا يفهم معناها إلا بربطه بمفهوم الشرف في التصوّر العربي، أي أن فضيحة وجود إسرائيل لا بد أن تنتهي «بجريمة شرف»، مرورا بالرومان والصليبيين والاستعمار الأوروبي أو الإمبريالية الحديثة التي دشنها نابليون بحملته على مصر. إزاء هذا التصور الدامي لا بد من وجود مقابل، أو خطاب يعدل من الصورة القاتمة، من هنا اللجوء عند طرف من رجال المَشرق إلى الماضي المُشرق البابليّ أو الفينيقيّ أو الفرعونيّ. وفي كلا الحالتين، الماضي أو الحاضر، السرقة قائمة. في الحالة الأولى، أوروبا مغتصبة للأنوار الفينيقية. وفي الحالة الثانية أوروبا مغتصبة للأنوار العربية الإسلامية. المفلسون يبحثون في دفاترهم القديمة، فهل نحن امّة مفلسة لنبحث في دفاتر أمجادنا القديمة؟ انه سؤال جارح، وكرامتنا المجروحة لا تبيح لنا الاعتراف العاقل والرزين والإصابة في الإجابة. هل بالإمكان اقامة علاقة سوية من تحت أنقاض التاريخ المكتوب بنزاعات تحولت إلى خلفيات واعية طورا وغير واعية طورا آخر، وأفكار مسبقة صلبة تفكيكها خطر خطورة تفكيك عبوة ناسفة؟.
يعتمد الكاتب في محاولته لتوصيف الحالة، وتجميع قطع الصورة إلى تقسيم الغرب إلى عدة أقسام أو أنواع، فمن الغرب الأسطوري ينتقل إلى الغرب التاريخي ويمكن هنا ان نتوقف عند صورة لا يعرف الكاتب نفسه مدى صحتها، إلا إنها تستحق فعلا التحري وهي انه قام في زيارة لقبيلة الفوّاز في الأردن، وهناك سمع من احد رجالات القبيلة ان «الحطة والعقال» اللذين يعتمرهما بعض العرب من البدو كانا في الأصل قطعة من قماش اسود اللون يرفعها الأسلاف حدادا على خسارة الأندلس، وقد يكون الأمر صحيحا. فكثيرا ما تكون ولادة الأزياء كما ولادة المآكل بنت لحظة مؤلمة أو مبهجة، في أي حال أليست الكوفية الفلسطينية اليوم لم تعد كوفية أو غطاء للرأس وإنما أصبحت حاملة لدلالة رمزية على أكتاف متمردين أو ثائرين في أماكن كثيرة في العالم. واللباس يدخل في حقل دلالي واحد مع صورة (الاغتصاب) ثم ينتقل الكاتب إلى دراسة الغرب المثال، أي دراسة الصورة المثالية التي يرسمها بعض الأشخاص في بلادنا للعالم الغربي، الغرب الفاتن، المدهش، الرائع بكل ما فيه ومن فيه، المقبول بحسناته وسيئاته. ان الغرب المثال هو الغرب غير المغربل، المأخوذ زؤانه على انه قمح. والغرب المثال هو اعتراف ضمني وموارب بهزيمتنا وإفلاسنا وعقد نقصنا، وهنا يستشهد الكاتب بكلمة دالة لابن خلدون حيث يقول: «ان المغلوب مولع دائما بالإقتداء بالغالب في شعاره وزيّه (عودة إلى دلالة الأزياء) ونحلته وسائر أحواله وعوائده». ويرى الكاتب ان النظرة المثالية للغرب ولّدت تيارات تقسيمية في العالم العربي المتمثلة في الدعوة إلى الفينيقية أو الفرعونية التي تدعو إلى الخروج على الذات أو بتر التاريخ، وكل بتر للتاريخ هو في الأخير عملية تشويه للذات وتزييف للتاريخ. إن القفز فوق جدار التاريخ لن تسلم منه أقدام القافزين. إلا أن الكاتب هنا يظهر شيئا من الحيرة حين يضع في سلة واحدة عددا من الأسماء أدى بعضها دورا بارزا في النهضة العربية ولكن من منطلقات ولغايات مختلفة فهو يضع رفاعة الطهطاوي (وهو من أوائل من حاولوا رسم صورة من الداخل للغرب، في كتابه الغني «تخليص الإبريز في تلخيص باريز» وطه حسين وفيليب حتي والشريف حسين والسادات، ثم يأتي الكاتب على ذكر نمط من الأزياء وهو الطربوش الذي رفض وأبدل بالقبّعة رمزا آخر للتماثل بالغرب. وثمة صورة أخرى يتناولها الكاتب تحت عنوان «الغرب المرفوض»،وظاهرة رفض الغرب تستحق النظر لأنها صورة متعددة، المنتمون إلى هذا التيّار ليسوا من لون واحد أو طائفة واحدة، فالكاتب يلحظ ان رفض الغرب يتبدى لدى مناضل إسلامي وبعثي وعوني (من أتباع ميشال عون)، لدى المسيحي والمسلم والعلماني والملحد على السواء. الا ان الرفض للغرب ليس رفضا للغرب كله، أي ان التيار الرافض للغرب يعرف ان الغرب ليس كتلة واحدة متراصة، والا يقع في حيرة الإجابة عن المظاهرات التي امتلأت بها شوارع الغرب تنديدا أو رفضا للحرب التي تخوضها الولايات المتحدة الأميركية في العراق حاليا. ويلحظ الكاتب ان الرافض للغرب يسقط أحيانا في فخ التعميم مما يفقده حلفاء محتملين أو، في الاقل، محاورين محتملين، هم في النهاية خميرة مستقبل لا مفرّ منه. وهنا يتوقف الكاتب عند أسماء لامعة منها الإمام محمد عبده الذي ميز بين قمح الغرب وزؤانه إذا صح التعبير.ونظرتهللغرب كانت أيضا لصالح التعدد الديني الموجود في البلاد العربية. كما يتوقف الكاتب عند حسن البنا وسيّد قطب وعبد الله النديم الذي يقول «نحن نحن وانتم انتم» وكأنه بقوله هذا صدى لمقولة «الشرق شرق والغرب غرب ولا يلتقيان» وهذا التيار نموذج قويّ لرفض الغرب رفضا صارما باعتباره منحطا حضاريا على ما يذهب إليه سيد قطب. كما يستشهد بكلام لجبران خليل جبران عن الازدواجية في النظرة إلى الغرب، ولا ريب ان جبران ذا اللسانين العربي والإنجليزي لخص بعبارته مأزق العربي مع الغرب حين قال: «ان روح الغرب صديق وعدوّلنا، صديق إذا تمكنا منه وعدو إذا وهبنا له قلوبنا، صديق إذا أخذنا منه ما يوافقنا، وعدو إذا وضعنا نفوسنا في الحالة التي توافقه>>
وفي الفصل الأخير، يعاود الكاتب تحت عنوان «تمزّق وبلبلة» النظر في الإبداعات العربية التي صورت العلاقة المشحونة أو المفتونة بين الغرب والشرق، أو صورة الغرب في أذهان أبطال روائيين كـ «قنديل أم هاشم» ليحيى حقي و«عصفور من الشرق» لتوفيق الحكيم و«الحي اللاتيني» لسهيل إدريس و«موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح، ويتوقف الكاتب مطولا أمام بطل رواية الطيب صالح، مصطفى سعيد الذي يبني علاقته بالغرب على فكرة«الاغتصاب» كردّ فعل على الاغتصابات التي مارسها الغرب بحقّ الشرق.
إن الكاتب يرى ان علاقتنا بالغرب لا يجوز لها ان تستمرّ على ما هي عليه، ويرى ان العرب المتناثرين في الجغرافيا الغربية، اليوم، عليهم القيام بدور فاعل كقنطرة للتواصل وإزالة خطّ التوتّر العالي، كما على المقيمين عبء إنشاء مراكز أبحاث ومعاهد متخصصة في دراسة الغرب وسبر عاداته وتقاليده وتاريخه أيلترسيخ ما اقترحه المفكر حسن حنفي تحت مصطلح «الاستغراب». فالغرب ألّف ما لا يقلّ عن 60 ألف كتاب عن الشرق الأدنى بين عامي 1800 و1950، في حين أننا ما نزال على شاطئ الكتابة عن الغرب، علما «ان صورتي عن الآخر هي بشكل ما صورتي أنا عن نفسي في المرآة» كما يقول المؤلف، وعليه لا مفرّ من ان تكون صورتي عن الآخر صورة حقيقية، حتى لا تكون صورتي عن نفسي وعلاقتي مع نفسي قائمة على التخيّل والوهم.
الغرب المتخيل، رؤية الآخر في الوجدان السياسي العربي كثيرة هي الأسئلة التي يطرحها نسيب الحسيني في كتابه «الغرب المتخيل، رؤية الآخر في الوجدان السياسي العربي»، الصادرأصلاً بالفرنسية وترجمته «دار الفارابي»، إذ يريد الكاتب فهم سر هذا التوتر العالي في العلاقة بين الشرق والغرب، بين الأنا والآخر، فينطلق من غموض المصطلحات والدلالات. فما معنى الغرب؟ وهل هناك غرب واحد أم «غروب»؟ وما هو الشرق؟ وهل ثمة شرق واحد أيضا أم «شروق»؟ وهل الغرب الحاضر هو سليل الغرب الغابر؟ أليس للغرب كما للشرق تعرجات وتضاريس واختلاف في المناخات؟ ولماذا تتولد من الجغرافيا ايديولوجيا تجعل الحياة مجبولة بالصراعات والنزاعات والدم. لعل قارئ الكتاب يخرج من ختامه بتصور وهو ان الكاتب حالم أو مثالي؟ أو هو مقتنع بأنه يمكن للإنسان ان يمشي في حقل من الألغام ويخرج سليما.
المؤلف: نسيب الحسيني الناشر: دار الفارابي ـ بيروت
ثورة النشر الإلكتروني والإبحار في ذاكرة الإنترنت
القاهرة: «الشرق الأوسط»
«لا تبحر في ذاكرتك قط، ابحر في ذاكرة الإنترنت»، هكذا يفتح الكاتب المصري احمد فضل شبلول كتابه «ثورة النشر الإلكتروني»، والذي صدر حديثا عن دار الوفاء بالاسكندرية، والذي يهديه للعالم العربي الخوارزمي مخترع الصفر، وامبراطور البرمجيات في العالم الآن بيل غيتس.
ويقول شبلول انه لا شك اننا نعيش الآن لحظات فارقة بين عصرين من عصور النشر، هما النشر الورقي والنشر الإلكتروني تماما مثلما عاشت البشرية تك اللحظات الفاصلة عندما اخترع يوهان غوتنبرج حروف الطباعة عام 1465، فتحقق لعالم النشر قفزة نوعية هائلة، وصفها مارتن لوثر مؤسس المذهب البروتستانتي بأنها أسمى فضائل الرب على عباده واستفاد منها المجتمع الانساني طوال القرون السابقة.
ويشير الكتاب الى توقعات العلماء بدخول الاحذية حلبة النشر الإلكتروني عن طريق شرائح إلكترونية صغيرة جدا توضع في كعب الحذاء يمكن أن يصعد ما بها من معلومات ضخمة إلى كف اليد عن طريق العروق والجلد الانساني الذي بطبيعته مالح وناقل للكهرباء وعند مصافحة شخص آخر تنتقل المعلومات إلى كفه وتنتقل بدورها هابطة إلى الشريحة الإلكترونية الموجودة بداخل هذا الشخص الآخر الذي يقوم باستعراضها على جهازه الشخصي.
منظمة التحرير الفلسطينية والانتفاضة: الحصيلة والمستقبل
بيروت: «الشرق الأوسط»
صدر حديثا عن «مركز دراسات الوحدة العربية» كتاب «منظمة التحرير الفلسطينية والانتفاضة: الحصيلة والمستقبل»، ضمن سلسلة كتب المستقبل العربي (36)، وبمشاركة نخبة واسعة تضم: عبد الإله بلقزيز ومجدي حماد وشفيق الحوت واسامة حمدان وحسين ابو النمل وصلاح الدين الدباغ وسهيل الناطور وسليمان الرياشي وابراهيم الدقاق وأنيس صايغ وأسامة عبد الرحمن ومحمد خالد الازعر واسعد عبد الرحمن وطلال ناجي ورمضان عبد الله شلح وصلاح صلاح وهشام شرابي ونواف الموسوي وعماد فوزي شعيبي وماهر الطاهر وخير الدين حسيب وسليم الحص وهيثم الكيلاني وعزمي بشارة وناصر قنديل وعماد جاد ومنير شفيق وجورج ناصيف ورفعت النمر.
تكمن اهمية هذا الكتاب في انه خلال هذا العام (2004)، تكون قد مرت اربعون سنة منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وثلاثون سنة على إعلان «البرنامج المرحلي» لمنظمة التحرير (الذي أسس لفكرة المرحلية ولفكرة قيام سلطة وطنية في المناطق المحتلة في حرب 1947)، واربعة اعوام منذ اندلاع انتفاضة الاقصى.
وهي مناسبات كبيرة ومفصلية في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، طبعت نضالها خلال مساره الطويل المتعرج. ومن الطبيعي ان يعاد فتح ملف العمل الوطني الفلسطيني في ضوء حصيلة هذه الحقبة من تراكمات النجاح والاخفاق فيه للتأمل في دروسها، واستيعاب ما يحتاج الى استيعاب من تلك الدروس. وليس من شك في ان تناول تجربة منظمة التحرير والانتفاضة يقع في قلب تلك الحاجة الى اعادة فتح ذلك الملف.
رسائل إلى العروبة ـ الخلفية الحضارية لأميركا بيروت: «الشرق الأوسط» صدر في بيروت كتاب جديد للباحث القانوني بشارة منسي بعنوان «رسائل الى العروبة ـ الخلفية الحضارية لأميركا».
يتألف الكتاب من 87 عنواناً منها: أميركا والعرب ـ الحرب الوقائية ونهاية التاريخ ـ الحضارة والمرأة ـ الولايات المتحدة والدين ـ الاستشهاد والإرهاب ـ المال والسلطة ـ الجنس والحياة ـ اللباس والحضارة ـ الحضارة والإرساليات ـ تشويه التاريخ ـ هل المسلمون في خطر ـ المسؤولية اللبنانية في أحداث لبنان ـ هل أن العرب أو المسلمين عنصريون ـ كيف تنقرض الأمم.. الخ.
قراءة في عصر التنوير الأندلسي العرب استعانوا بمختلف العلوم لإعادة صياغة الحياة في شبه الجزيرة الإيبيرية
القاهرة: ممدوح سالم في محاولة لالقاء الضوء علي تاريخ وحضارة العرب في الاندلس خصص كتاب العربي الذي تصدره وزارة الاعلام بالكويت عدده الجديد (58) حول الاندلس.
تضمن الكتاب مجموعة من المقالات اللافتة وصدره الدكتور سليمان العسكري بدراسة استهلالية استعرض فيها اهم الدراسات التي تناولت تاريخ الاندلس عبر ثمانية قرون من التنوير الذي ميز الحضور العربي الاسلامي هناك، مشيرا الى ان الدراسات المنشورة بين دفتي هذا الكتاب تؤكد ان حضارة العرب المسلمين في الاندلس لم تكن حضارة معمار فحسب، كما لم تكن هدية أدبية وفنية وكفى، بل انها على العكس استعانت بالعلوم جميعا لتعيد صياغة الحياة في شبه الجزيرة الايبيرية.
ويؤكد العسكري ان الموسوعة التي تكشف عنها فصول الكتاب لعدد كبير من اعلام الاندلس ظاهرة يمكن ان تمثل نقطة انطلاق لدراسة جوانب من التاريخ الاندلسي، حيث يقرر انه قلما نسمع عن شاعر من دون ان يكون موسيقيا او فلكيا، كما ان من بين الفقهاء من كان اديبا ورحالا، ولم يغفل الساسة فنون الخطابة والفروسية ولم ينس الامراء وهم يديرون دفة الحكم ان يكونوا بناة عظاما.
وعلى هذا يرى العسكري ان تلك الظاهرة الموسوعية جديرة بالبحث عن ذلك «الانسان الاندلسي» الذي كان يعتقد انه مركز العالم وانه مرسل ليعمر بفنه، ويرصف البحر بفنه، ويفتح صفحات جديدة في كل مكان يصل اليه.
وتناول الدكتور الطاهر احمد مكي في مبحثه (خمسة قرون على الخروج من الاندلس) الاسباب الخفية والظاهرة التي أدت الى ازاحة الاسلام عن اسبانيا، مصححا في البدء لبساً تقع فيه الغالبية من المثقفين وهو ان اسبانيا كانت بلدا مستقلا جاء العرب فاحتلوه زمنا، ثم تجمع الاسبان فحرروه منهم، مؤكدا انها مقولة مغلوطة من اولها الى اخرها.
وعرج مكي على الاسباب التي ادت اولا الى تمكين الفتح الاسلامي للاندلس، مشيرا الى دواعي انهيار اسبانيا المسيحية كلها في ذلك الوقت من الصراع القوي بين الاجناس والطبقات والاديان وعدم وفاق الدولة مع المجتمع فضلا عن افتقاد القاعدة الاجتماعية التي تقوم عليها.
ومن ثم فان حركة الفتح الاولى لم تجئ عفوا، ولكنها كانت مجرد مغامرة بل جاءت وليدة تخطيط محكم ودراسة واعية وادراك جيد بما كان يجرى على ارض اسبانيا نفسها، وكان عبور طارق بن زياد بعد عبورين سبقاه وحملة استطلاع تبينت الواقع، ومعلومات تؤكد ان الدولة القومية تتفكك والصراع بين امرائها على اشده. ويستدعي الطاهر مكي شهادة ابن خلدون الذي عاش الاحداث عن قرب حيث اسمى تلك المرحلة من انهيار الدولة الاسلامية وهن العصبية او تدهور الولاء للجماعة، فقد اصبح من المألوف ان يتآمر الاخ على اخيه، وان يقتل الابن اباه لكي يخلفه في الحكم، وكلهم يلوذون بالعدو المسيحي.
بينما يكشف عيسى الناعوري عن ذكريات الاندلس في ادب المهجر، مؤكدا انه لم يقتصر تأثير الاندلس في المهجرين على استكمال الوثبة التحريرية للشعر العربي التي بدأها الاندلسيون بالموشحات، فهناك تأثيرات اخرى من استيحاء امجاد العرب في ذلك الفردوس الذي اضاعوه فبكوه مثل النساء لانهم لم يعرفوا كيف يحافظون عليه مثل الرجال.
ويرى الناعوري ان ذلك الاستيحاء لادب المهجر الجنوبي يرجع الى ان شعراء المهجر الجنوبي يعيشون بين اقوام ذوي صلة وثيقة بالاسبان اهل الاندلس، وهذه الصلة كافية وحدها للتأثير العميق المباشر، يضاف الى ذلك انهم قد اتصلوا ببعض شعراء الاسبان الذين يذكرونهم بعهود الاندلس البائدة كالشاعر الشهير فرانسيسكو فيلا سباسا الذي عاش مدة من عمره في البرازيل، واتصل به عدد من شعراء العرب هناك ومن بينهم فوزي المعلوف.
ويضرب الناعوري عددا من الامثلة الدالة على تأثير الاندلس في ادب المهجر من حيث إلهاب العاطفة القومية، وإنارة الاحساس الوطني، مضيفا سببا اخر لذلك التأثير هو ان من دواعي الوطنية ان يعتز العربي بماضيه المجيد وان يذكر قومه به ويحثهم على بناء مجد مثله.
وادباء المهجر وشعراؤه عرب احرار يحبون قومهم ويحنون الى امجادهم، فلا عجب ان نراهم يستوحون امجاد الماضي لكي يبني قومهم امجادا جديدة مثلها في الحاضر.
وعما اذا كان التنوير يستمد شرارته بحق من قبول الاختلاف والتعددية يتخذ الدكتور نصر حامد ابوزيد من فكر ابن رشد مثالا لذلك الفكر النابع من انسان قادر على المعرفة، قابل لممارسة حق الاختلاف النابع من اختلاف القدرات وتعددية التأويل.
ويصرح ابوزيد بان الدلالة الاولى هي التعددية بكل ما تنطوي عليه من دلالة الاختلاف لا في شؤون الحياة والمجتمع فحسب بل في شأن الدين والعقيدة ايضا، مبينا انه اذا كان الاختلاف في شؤون الحياة والمجتمع هو اختلاف مصالح واغراض فان الاختلاف في شأن الدين والعقيدة هو اختلاف تأويلات ليست بمنأى تام عن اختلاف المصالح والاغراض.
ويخلص ابوزيد الى ان ابن رشد الداعي للتعددية والحريص عليها كان ينتج خطابه في سياق ثقافي حضاري مؤذن بالأفول، وان من اهم ما انحاز له ابن رشد التعددية والاختلاف وهما اللذان كانا بمنزلة الاساس للانجاز الانساني في مجال حقوق الانسان.
وفي فصول اخرى من الكتاب اتفق كل من د. رجاء عيد وفاروق شوشة في الكشف عن المعتمد بن عباد، فقد تناوله د. رجاء عيد ملكا شاعرا يقف وسط هذه المنحنيات التاريخية التي ترسم الوجه الاندلسي.
واستعرض فاروق شوشة رأي التاريخ الادبي والتاريخ السياسي في المعتمد بن عباد كشاعر وكسياسي، مشيرا الى ان امر المعتمد مختلف كل الاختلاف لانه كان بافعاله وسوء تدبيره مسؤولا عن سقوط الاندلس وضياع الحكم العربي فيها.
وضم الكتاب دراسة حول الشاعر ابن زيدون وجولاته مع ولادة بنت المستكفي ودراسة عن ابوحيان الاندلسي وجهوده في النحو والتفسير، كما كتبت سلمى الحفار الكزبري عن دور المرأة العربية الاندلسية المميز في ازدهار الثقافة وتطور المجتمع.
عشر سنوات على تجربة العرب في الإعلام الفضائي
بيروت : «الشرق الأوسط»
يشهد العالم اليوم ثورة غير مسبوقة في ميدان إنتاج الصورة وتوزيعها، وفي درجة الاستهلاك العالمي لها. ولا يضارع هذه الثورة الاعلامية في قيمتها التقانية اهمية الا النتائج الكبرى التي ولدتها على صعيد الثقافة والسياسة والاجتماع المدني.
وقد صدر حديثا عن «مركز دراسات الوحدة العربية»، كتاب «العرب والاعلام الفضائي»
الذي شارك فيه عدد كبير من الكتّاب ويرينا ان الوطن العربي لم ينكمش في الزاوية امام زحف هذه الثورة الاعلامية الجارفة، اذ رأت عشرات الفضائيات العربية النور منذ عام 1993.
ولعل تاريخ الانطلاقة والميلاد دليل في حد ذاته على سرعة الاستجابة العربية للتحدي الاعلامي الجديد، لكن القليل من تلك الفضائيات يشرّف تلك الاستجابة العربية، ويقيم دليلا على ان الوطن العربي لا يعاني من نقص في الطاقات والكفاءات العلمية والبشرية.
يضع «مركز دراسات الوحدة العربية» امام القارئ هذا الكتاب الذي تحاول مادته ان تطالع هذه الثورة الاعلامية الجديدة في دلالاتها وتأثيراتها المختلفة، بما فيها تلك التي تلقي بنتائجها على الاجتماع المدني والاجتماع السياسي في الوطن العربي.
مثلما تحاول وضع تجربة الفضائيات العربية وأدائها الاعلامي حيال القضايا المصيرية للأمة موضع قراءة نقدية وتقييمية بهدف ترشيد ذلك الاداء وتصويب اتجاهاته والرفع من مستواه.
وفي هذا الكتاب مشاركات لعبد الرحمن عزي وعصام سليمان موسى ومي العبد الله سنو وهادي نعمان الهيتي ونبيل دجاني وصباح ياسين والحبيب الغريبي وفادي اسماعيل وفيصل القاسم ومحمد الزياني وجميل مطر وحنان يوسف وسمير كرم وشاكر حامد وعارف العبد وعبد الإله بلقزيز وعمرو ناصف وغسان بن جدو ومحمد كريشان ومصطفى المسناوي ومعن بشور وياسمين عبد الله.