العقيل يؤرخ لرجال الحركة الإسلامية المعاصرة

العقيل يؤرخ لرجال الحركة الإسلامية المعاصرة

ياسر الزعاترة

ألمس –بفعل صلتي ببعض الأجيال الجديدة من الشبان الإسلاميين- جهلاً فاضحاً برموز الصحوة الإسلامية وصناعها خلال القرن العشرين وهو ما يثير الكثير من الحزن، نظراً لما ينطوي عليه ذلك من ضعف النموذج في النفوس.

صحيح أن في سيرة الصحابة والتابعين ما يكفي من نماذج حية تتحرك بالدين وتعمل له، إلا أن اختلاف الزمان والمكان قد يجعل النماذج الحديثة ذات تأثير ربما كان أكبر من تلك القديمة، ولاشك أن حجم الابتلاء الذي تعرض له الدعاة المعاصرون في أكثر من بلد عربي وإسلامي قد يفوق ما تعرض له الصحابة والتابعون الذين لم يطل بهم المقام في حالة الضعف، حيث بدأت انتصاراتهم سريعاً.

لهذه الصحوة صناعها، فقد كانت نتاج دم وعرق ودموع وعذابات لا حصر لها، قدمتها جحافل من الرجال الرائعين في طول هذا العالم العربي والإسلامي وعرضه، ومن الضروري أن تتعرف الأجيال الجديدة على أولئك الرجال وما قدموه.

تلك هي رسالة الكتاب الضخم والرائع الذي أصدره المستشار عبد الله العقيل مؤخراً، والذي اشتمل على سير سريعة وخصبة لواحد وسبعين من الشخصيات الإسلامية المعاصرة ممن تركوا أثراً كبيراً في محيطهم.

المستشار العقيل هو واحد من أهم مؤرخي الصحوة الإسلامية المعاصرة، فقد أتاحت له التجربة فرصة التواصل مع هذا الكم الكبير من الدعاة والمجاهدين، فهو العراقي الأصل الذي درس في القاهرة وعمل في الكويت والسعودية وجاب البلدان طولاً وعرضاً خصوصاً عندما عمل أميناً مساعداً لرابطة العالم الإسلامي.

العقيل لم يكتب إلا عن أناس له تجربة شخصية معهم، وأضاف إلى ذلك شروطاً مهمة للكتابة أهمها أن يكون الشخص من دعاة الإسلام العاملين ورجال الحركة الإسلامية المجاهدين وليس من أهل العلم وحده، إضافة إلى شرط آخر هو أن يكون الشخص متوفى، لأن الأحياء لا تؤمن فتنتهم حسب رأيه –الصحيح طبعاً-

يحتوي الكتاب على "ببلوغرافيا" رائعة لرموز الصحوة الإسلامية المعاصرة، ويقدم معلومات مهمة عن رجال غابوا عن دنيانا بعد أن قدموا نماذج رائعة ومساهمات كبيرة في حقول العلم والدعوة والجهاد.

جهد رائع للمستشار العقيل مدّ الله في عمره، وهو ما يفتح الباب أمام آخرين عاصروا هذه الصحوة ورجالها ويمكن أن يقدموا ما ينفع الأجيال الجديدة من تجاربهم وتجارب الآخرين.