مذيعة ألمانية تروي كيف غير الإسلام حياته

مذيعة ألمانية تروي

كيف غير الإسلام حياته

صلاح سليمان

من الكتب التي صدرت حديثا بالالمانية حول الإسلام، كتاب يحمل عنوان "من محطة التليفزيون MTV الى مكة – كيف غير الاسلام حياتي" لمذيعة التليفزيون الالمانية الشهيرة كريستيان بيكر. يتضمن الكتاب اسلوبا غير معتاد عليه القارئ العربي، فالكاتبة كانت ولاتزال من اشهر مذيعات التليفزيون الالماني، عملت في عدة قنوات تليفزيونية، ولها خبرة واسعة في العمل الاعلامي وتبلغ من العمر الان 43 سنة. فهي تكتب بأسلوب ادبي راق عن خبرتها التي امتدت علي مدار سنوات عديدة من العمل الاعلامي اختلطت فيها بالفن والفنانين من خلال تقديم البرامج الموسيقية في محطة MTV الشهيرة، وهنا تكمن قيمة هذا الكتاب في فيما يحمله من معاني وتفسيرات لحياة الانسان التي يمكن ان تتغير من النقيض الي النقيض، فمن وهج الاستمتاع بمباهج الحياة التي لاتنتهي الي الالتزام بمنهج الايمان والدين، والنظر الي ماهو اعمق وابعد في هذه الحياة، وهو ما بحثت عنه الكاتبة ووجدته في الدين الاسلامي.

لهذا تبدو الاثارة في قراءة الكتاب لانه لايخرج عن الثقافة الاوروبية فالكاتبة اوربية والقراء اوروبيون وتبدو المتعة بشكل خاص للقارئ العربي عندما يتابع مثل هذه الاصدارات فالقارئ الاوروبي لايزال يجهل الكثير عن الاسلام. والكتاب ليس كتابا دينيا باي حال انما صيغ بشكل كتب السيرة الذاتية الا ان فيه الكثير من الرد علي اسئلة واستفسارات الاوروبيين عن الاسلام بطريقة الحكي والخبرة الشخصية التي تعطي كاتبته الكثير من المصداقية.

تروي الكاتبة عبر صفحات الكتاب لماذا تحولت الي الدين الاسلامي؟ وما هو الباعث لذلك ؟وكيف تري الاسلام؟

تقول انه رغم النجومية الشديدة التي تمتعت بها، والفرص التي اتيحت لي للقاء الشخصيات الشهيرة حول العالم، والحوارات التي اجريتها مع شخصيات فنية مثل Rolling Stones" و"Lenny Kravitz" وعشرات المقابلات الاخري، وافخم الفنادق التي اقمت فيها وسفرياتي المتواصلة في التسعينات بين لندن ونييويورك وميونيخ، وتقديمي لمهرجانات وحفلات كان يحضرها في بعض الاحيان 75 الف متفرج...الا انني كنت اشعر دائما بأن هناك شيئا ناقصا وانني غير سعيدة.

 وهي تحاول هنا ان تعطي فكرة للقارئ عن كيفية الحياة التي عاشتها لتنقله بعد ذلك الي احساس اخر مختلف عندما تقول وعندما كان ينفض الحفل وكل هذا الصخب والضجيج اليومي من المتعة الحسية، اذهب الي غرفتي وحيدة وبداخلي خواء نفسي شديد، لم تستطع كل هذه النجومية والاصدفاء الكثرحولي من ملء هذا الفراغ.

وفي موضع اخر من الكتاب نراها في ذروة تألقها الاعلامي: تتعرف في التسعينات بنجم رياضة الكراكيت الباكستاني عمران خان وتقع في حبه وتنتقل معه الي الاقامة في باكستان وتبدأ حياتها في التحول التدريجي، فعمران خان مهتم باعمال الخير وبنى مستشفي للفقراء وهناك تتاح لها الفرصة للاحتكاك بالفقراء وتكتب في هذا الصدد "ان اعين الفقراء كانت تلمع بشئ ما غامض عندما انظر اليهم، ورغم انهم لايملكون شيئا من حطام الدنيا الا انهم مستعدون دائما بالفطرة النقية لمشاركة الاخرين ما يملكون، و يتمتعون باداب القناعة والبساطة التي كان الاسلام مصدرها.. وعندما اعجبني ذلك وتقربت منهم اكثر ووجدتهم لايهتمون بالمظاهر الدنيوية لان عندهم هدف اسمي وارقي وهو الله.وكانت هذه بداية التحول.

 لكنها في موضع اخرتقول ان الحب مع عمران خان هو الذي عرفها هذا الطريق ورغم ان شعلته انطفأت بعد سنوات الا انها ظلت مشتعلة مع الله ودين الاسلام.

تسرد ايضا شيئا من معاناتها عندما تحولت الي الاسلام خاصة عندما جاءت المضايقات من الاصدقاء والزملاء ومن ثم فقد الوظيفة في بعد القنوات التليفزيونية التي تعمل بها، الا انها بقيت صامدة معتمدة علي قناعتها وثقافتها والشئ الذي ملء الفراغ الذي كانت تشعر به.

هي تحاول تأدية الصلوات الخمس في اوقاتها وعندما لايتسني ذلك فانها تجمها معا، وتكتب انها تصلي في السيارة والمنزل واي مكان..

وتنتقل الي بعض الاشكاليات التي تثار في الغرب عن حقوق المرأة في الاسلام وتقول ان تلك الفكرة الشائعة في الغرب من ان الاسلام يقمع المرأة ليست صحيحة، لكن يمكن القول ان الرجال هم الذين يقمعون النساء ! اما عن الجهاد فتقول انه في الاساس جهاد النفس والتغلب علي ملذات الحياة وليس مقصودا به الحرب كما يراه الاوربيون.. انها تري قوة ايضا في اسلام بعض مشاهير العالم وتكتب عن اسلام يوسف اسلام والجوانب المشتركة التي جمعت بينهم في الايمان بالدين الاسلامي وانه متيمة باغانية الجميلة.

اما عن احداث 11 سبتمبر فتكتب انه كان موقفا صعبا لها وكيف اضرت هذه العمليات بالاسلام والمسلمين لانها تري ان هذا يتنافي مع الاية الكريمة التي تقول "من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا"، وتقول ان الاسلام هو دين سلام.

وهي تقرأ القرأن ومن خلاله تدخل في حوار مباشر مع الله دون وساطة ثالث وهو يمنحها قوة غامضة. وفي موضع اخر من الكتاب تتحدث عن العمارة الاسلامية و كيف انبهرت بها كذلك الفنون الاسلامية ثم تنتقل التي التصوف ورقصات المتصوفين وروحانياتهم الجميلة وتقول لاشك انها الان تشعر بسعادة وهي تكتب وتتحدث عن الاسلام اكثر بكثير مما كانت تشعر به وهي تتحدث عن "مادونا" وعلاقاتها المتعددة..

عملت Kristiane Backer في قناة MTV وفي سنة 93 الي 95 ثم انتقلت الي العمل في قناة الشباب Bravo TV وفي سنة 2006 تزوجت الصحفي التليفزيوني رشيد جعفر ولكنها طلقت منه بعد فترة قصيرة وهي تعمل في البرامج السياحية التليفزيونية الان.