قراءة في رواية مارد في صدري

مارد في صدري

لست أغالي إذا قلت إن مشاعر الكاتبة المبدعة نعماء محمد المجذوب وخواطرها المتدفقة قد ذابت في هذه الرواية الجديرة بالقراءة، وهي تعبر بقلمها الساحر عن مشاعر المضطهدين الصامتين، وتقتحم بخيالها المجنّح عالمهم الحزين، وترسم البؤس في وجوههم، وتنطق الكلمات الجامدة في أفواههم، بأسلوب رمزي رفيع، وبلغة سهلة وعبارات جزلة.

يكتشف قارئ رواية: (مارد في صدري) تلك العلاقة الحميمية التي تربط الكاتبة بالبحر، حيث أمضت أجمل أيام طفولتها في رعاية أبيها الشيخ محمد المجذوب أحد أبرز روّاد الرواية السورية المعاصرة، والشعر الإسلامي.

أما أبطال الرواية فقد اختارتهم من عالم القهر والاضطهاد، وانتقتهم من مجتمع أضنته تقاليد جاهلية كبلت معه الأيدي والعقول، فحياة سناء التي غادرت طفولتها مبكرة بعد طلاق أمها رحلة طويلة من الشقاء والمتاعب، وراحتها في الوحدة والهدوء على شاطئ ساحر يسمع وحده صراخ نفسها، ويغرق على صخورها همومها، ويدغدغ نسيمه وجهها الجميل، أما أم خالد زوجة أبيها فلا مبرر لكراهيتها إياها سوى مشابهتها لمطلقة زوجها التي لم تشاهدها وترتقي سناء بنفسها عن عالم الكراهية وتسمو بحفظها القرآن الكريم وتثقف نفسها فتصاب أم خالد بالفزع، لأن الظالم عدو الحق والعلم.

وتأتي أم سناء من المهجر فتلتقي بابنتها المعذّبة وتحاول إقناعها بالهجرة، لكن سناء تأبى الرحيل لأن روحها معلقة بالبحر والوطن رغم كل ما أصابها من ظلم واضطهاد في الوطن، ومن أقرب الناس إليها.

رواية رائعة بكل المقاييس الفنيّة العالية المستوى، استطاعت السيّدة المجذوب أن تضع يدها على الجراح، وأن تقتحم بها عالم الرواية العربية بكل جرأة، نرجو أن تلقى القبول لدى جمهور النقاد، وأن تحظى بمحبة أصدقاء الكتاب لأنها تستحق القراءة.