منهج المؤمن بين العلم والتطبيق

د.عدنان رضا النحوي

منهج المؤمن بين العلم والتطبيق 

الدكتور عدنان علي رضا النحوي

إن محور هذا الكتاب هو " المنهاج الذاتي "أو " المنهاج الرباني " . ويهدف هذا المنهاجُ إلى أن يمثّل منهج المؤمن لدراسة أمرين وتدبّرهما : المنهاج الرباني ، والواقع . وهو يمثلّ كذلك ركائز التدريب والإعداد حتى تتحول الدراسة والتدبّر إلى ممارسة إيمانية واعية ، ممارسة تحمل خصائص العمل الصالح من شمول لميادين الحياة ، والتزام بمنهاج الله ، ونموّ وتطور ، يدفع حياة المؤمنين لتنتقل من هدف إلى هدف ، ومن معْلمٍ إلى معلمٍ ، في طريقهم المستقيم إلى الجنّة.

إنَّ هذا  المنهاج يمثّل منهج المؤمن في حياته ليكون صحبة وعمر ورفقة حياة دون تعطيل دور أي مؤسسات أخرى تساهم في تحقيق هذه الغاية . إن المنهاج هو منهاج ذاتيّ ، يقوم به الفرد المؤمن ، مستعيناً بأي طاقة تدفعه في هذا السبيل . منهاج ذاتي ، أو منهاج فردي ، ينهض المؤمن ذاته إلى مسؤولية التزامه وتنفيذه . هذا هو محور الكتاب .

إن الفصل الأول من الباب الأول هو " لماذا المنهاج الرباني  ؟ ولماذا دراسة الواقع ؟ " . وبالإجابة على هذا السؤال ، نوضح حقيقةً ونهجاً . نوضح أن دور القرآن والسنّة هو دور أكبر من شعار ، وأن دوره يجب أن يتمثل بنهج مدروس ، بنهج إيماني ، يحمل من المرونة واليسر ما يساعد  كلّ مؤمن على ملازمة منهاج الله إيماناً وتدبّراً وممارسة . لا ننكر أن هنالك كتباً تساعد على فهم منهاج الله ، ولكن الذي ننكره هو أن تأخذ هذه الكتب دور منهاج الله في نفوس بعضهم ، أو في ممارسة آخرين ، مع المحافظة على إعلان شعار المنهاج الرباني، ليكون دوره العملي هو دور الشعار ، أكثر مما هو دور بناء وتكوين كما كان في مدرسة النبوة .

ويشرح الفصل الثاني من الباب الأول موجز النظرية العامة للدعوة الإسلامية ، ويشرح الفصل الثالث موجز الأهداف : الهدف الأكبر والأسمى ، والأهداف الثابتة والأهداف المرحلية . ونريد من هذا الموجز أن يكون تمهيداً يبيّن كيف أن القضايا التي نطرحها في هذا الكتاب مرتبطة بالنهج العام للدعوة ، بالنظرية العامة والأهداف وغيرها ، ونابعة من منهاج الله كذلك مرتبطة به ، وملبية لحاجات واقعنا اليوم .

أما الباب الثاني فيأتي بفصليه ليعرض الأهداف والمراحل للدعوة والتربية الإيمانية . ويجيء الباب الثالث : المنهاج الذاتي ( الفردي ) نظريته وتطبيقه ، ليقدم في الفصل الأول التعريف والتمهيد ، والقواعد والبنود والفقرات والعناصر ، وفي الفصل الثاني نجد مراحل المنهاج الذاتي ، وفي الفصل الثالث خصائصه ، وفي الفصل الرابع نجد بحثاً موجزاً عن الخطة اليومية والخطة الأسبوعية والخطة السنوية . إن هذه الفصول الأربعة توفّر للمسلم الجاد الفرصة العملية للوفاء بأمانته ومسؤوليته في فهم دينه ، فهم منهاج الله ، على قدر وسعه وطاقته ، بأسلوب مرن يناسب الحالات المختلفة للمسلم . إنه واجب المؤمن أن ينهض لهذه المسؤولية ، وواجب الدعوة أن توفّر له العون والسبيل ، ليوائم المسلم بين هذا الواجب وبين واقعه بصورة عملية تطبيقية مرنة .

جاء الفصل الأول من الباب الخامس " منازل المؤمنين بين الحقوق والواجبات " ليقدِّم نموذجاً لما يواجهه المؤمن في ممارسته ، ليقدّم الصورة التطبيقية لهذه القضيّة ، قضيّة منازل الناس ، وليقدّم كذلك مثلاً عملياً على أهمية دراسة منهاج الله  وخطورتها .

وقضيّة أخرى لا تقلّ أهمية عن الأولى . قضيّة أخرى نعرضها في الفصل الثالث من الباب الخامس وهي " الموازنة بين مسؤولية الفرد ومسؤولية الأمة " فهذه  الموازنة ضرورية لحفظ سلامة الممارسة الإيمانية في عمل صالح ، دون أن ينجرف الفرد إلى هوى الأنانية الفردية ، ولا إلى ذوبان شخصيته حتى تزول . وبغير هذه الموازنة تختلّ ممارسات كثيرة في حياة المؤمن .

ومن هذا المنطلق جاء الفصل الرابع من الباب الخامس  ليعرض نماذج من قضايا أخرى تتعلق بالممارسة الإيمانية وتوضح بعض ملامحها . يعرض الفصل مقارنة بين الأمس واليوم ، نتلمس من خلالها بعض المسؤوليات ، ونتلمس بعض المنافذ التي دلف منها الأعداء . ثم يعرض الفصل " تناسق سلوك المؤمن وتكامله " حتى تكون ممارسته الإيمانية في واقع الحياة صورة مشرقة متكاملة .ويلي ذلك قضيّة من أخطر قضايا الممارسة الإيمانية ، ألا وهي " ردّ الأمور إلى منهاج   الله ". فنبيّن أهمية الموضوع وأهم خطواته العملية . ثمّ نعرض " استمرار الممارسة الإيمانية وامتدادها" ثمّ النظرة الإيمانية لبذل الجهد ، وما قد تطمح إليه النفس من جني الثمار . إن هذا الفصل الرابع جاء تحت عنوان : " بين الفقه والممارسة الإيمانية " . ويقع الكتاب في ( 345) صفحة من الحجم الكبير .