تَاريخُ التلاعُب بالامْتحَانَات المهَنيَة في المَغْرب

محمد سعيد الريحاني

في أول يوم للحملة الانتخابية لسنة 2009، الإصدار السابع للكاتب المغربي

مُحَمد سَعيد الرّيْحَاني:

تَاريخُ التلاعُب بالامْتحَانَات المهَنيَة في المَغْرب

محمد سعيد الريحاني

[email protected]

http://raihani.free.fr

مع أول يوم لانطلاق الحملة الانتخابية بالمغرب لسنة 2009، خرج للوجود الإصدار السابع للباحث والمترجم والقاص المغربي محمد سعيد الريحاني بعنوان "تاريخ التلاعب بالامتحانات المهنية في المغرب" في طبعته الاولى  ﴿الناشر: محمد سعيد الريحاني﴾ في 96 صفحة من القطع المتوسط وفي حلة أنيقة يزينها لونان: لون خلفيتها "سواد" الواقع ولون خطوطها "حمرة" الاحتجاج.

أما ظهر غلاف الكتاب، فبدل الصورة الفوتوغرافية للكاتب وسيرته الداتية، نقرأ في صورة شمسية لقصاصة خبرية نشرتها جريدة يومية مغربية "اعتداء"  تعرض له الكاتب بمناسبة دخوله تجربة الكتابة والنشر والتوزيع سنة 2004...

وقد قسم الكتاب إلى ثلاثة أبواب: تضمن الباب الاول حوارات صحفية منشورة على صفحات جرائد مغربية وجزائرية حول دور المثقف في ما يجري حوله على ارض الواقع؛ بينما تضمن الباب الثاني "بيانات أكتوبر السنوية حول التلاعب بالامتحانات المهنية في المغرب" وهي البيانات التي انطلقت مع أكتوبر سنة 2004 وتناوبت مند دلك الحين في تقليد سنوي الجرائد المغربية على نشرها اتباعا؛ أما الباب الثالث والأخير فيتضمن نصوصا سردية منشورة قدمت في الكتاب ك"ملخصات سردية" لواقع التلاعب بإرادة المهنيين في البلاد.

أما في مقدمة الكتاب التي تحمل توقيع المؤلف فنقرأ:

"عزيزتي القارئة، عزيزي القارئ،

هذا الكتاب هو ثمرة نضال حقيقي ضد أشكال الشطط والتلاعب بإرادة المهنيين وكرامة الموظفين من سنة 2003 إلى سنة 2009. وقد نضج هدا الكتاب سنة بعد سنة، بيانا بعد بيان فاستحق بدلك أن ينشر مجمعا كشهادة صارخة للتاريخ ضد كل أشكال التزوير والعبث الممنهج بإرادة الموظفين ليكون بدلك وثيقة تاريخية من جهة وشكلا من أشكال رفع سقف حرية التعبير من جهة ثانية.

إنه لم دَوَاع الأسف أن نجد في زمن الحداثة وما بعد الحداثة بمقولاتها "موت الإنسان" ، "موت المؤلف"، "موت الزعيم"، "موت الإيديولوجيا"... شعوبنا وأنظمتنا  ترفع شعارات الردة من قبيل "موت الشفافية"، "موت المصداقية"، "موت الكفاءة"، "موت النقابي" ، "موت السياسي"...

وفي ظل موت النقابي والسياسي، صدرت هده البيانات كصرخات سنوية حرة وَأَبيّة ومستقلة دَوّتْ قوية على المستوى الوطني وحفرت حضورها عميقا  في أداء الجهات الوصية على تزوير الإرادات مضاعفة بذلك الارتباك في مراكز الشطط  وأطرافه.

وقد تدرجت بيانات أكتوبر السنوية حسب السنوات:

*من إحداث الصدمة، البيان الأول (10 أكتوبر 2004).

*إلى رصد ردود الفعل الصاخبة لقوى الصيد في المياه العكرة، البيان الثاني (18 أكتوبر 2005).

*إلى إدانة الانحراف النقابي في المغرب، البيان الثالث (بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2006).

*إلى النبش في الأهواء الإدارية في التعامل مع ملف التعليم، البيان الرابع (31 أكتوبر 2007).

*إلى مساءلة  مفهوم "الكفاءة" في  التسيير الإداري لقطاع التعليم بالمغرب، البيان الخامس (30 أكتوبر 2008).

والكتاب يعرضها مرتبةً ترتيباً كرونولوجياً.

لقد تناولت التعليم في المغرب أبحاث شتى بمقاربات شتى لغايات شتى لكن أغلبها، إن لم يكن جميعها، يقع في أحضان البحث الأكاديمي الصارم الذي لا يسمح للذات الباحثة؛ بينما يقع الباقي في أحضان التحقيق الصحفي الذي يصغي للشهادات بالأذن ليُدَونها مرتبة ومُبوبة بالقلم. أما الكتاب الحالي، "تاريخ التلاعب بالامتحانات المهنية في المغرب"، فيختلف في طبيعته ومنهجه وغايته عن البحث الأكاديمي وعن التحقيق الصحفي معا. إنه شهادة حية عاشتْ تجربة التلاعب بمصائر الموظفين وكانتْ ضحيتها وناضلتْ لتغيير هذا الشطط الإداري منذ مرحلته الجنينية. ولذلك، فالكتاب يقدم نفسه ك"وثيقة مرجعية" لمرحلة تاريخية يقف شاهدا عليها. 

فإذا كانت أغلب التحقيقات والدراسات والبيانات التي تناولت التعليم المغربي، تركز على "الأداء في قطاع التعليم" (الأداء الإداري، والأداء المهني والأداء التأطيريفإن "بيانات أكتوبر السنوية 2003-2009"، وهي بالمناسبة لُحْمَةُ كتاب "تاريخ التلاعب بالامتحانات المهنية في المغرب"،  فقد ركزت على ما هو أشمل وأرقى وأهم وأكثر إحاطة بالمنع والتعتيم والتحريم: "فلسفة تدبير قطاع التعليم".

لذلك، فقد كانت بيانات أكتوبر السنوية 2003-2009 "استبيانات" حية حول قضايا حية. فمن جهة أولى، تعرضنا، خلال تجربة استقرائها واستنتاج خلاصاتها وإعلانها للعموم عبر وسائل الإعلام، للاعتداء الفعلي من قبل عصابات مسلحة بالسكاكين والاعتداء الرمزي من طرف نقابات مهنية وأحزاب سياسية ومتطفلين على الكتابة على صفحات الجرائد الورقية وللمضايقة في عملي... ومن جهة ثانية، أتاحت لنا التجربة "التّخلّصَ" من أغلب من كنا مخطئين في اعتبارهم "أصْدقاء"، الجيل الجديد من "البْيَّاعَة وَالشّْرّايَة" الذين "يَبيعُونَ" كل من حواليهم "مُقَابلَ" إقحام أسمائهم خفْيَةًَ ضمن "لوائح الترقي" أو تهريبهم في ظلام السرﱢية نحو "سَبُّورَة التّنْجيح".

أما الجهود خلال عملية نشر البيانات، فقد كانت موزعة على واجهتين: الواجهة الورقية والواجهة الإلكترونية. فعلى الواجهة الإلكترونية، كانت البيانات ترسل إلى أزيد من اثني عشر ألف 12000 عنوان بريدي إلكتروني لمبحرين على الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت) في قارات العالم الخمس، وهو عدد قراء لا تصله أغلب الصحف اليومية "الحزبية" في المغرب.

أما على الواجهة الورقية، فقد كانت الجرائد الورقية المغربية، "تتناوب سنويا" على نشر البيانات. فخلال عملية نشر بيانات أكتوبر السنوية 2003-2009 ، كانت البيانات تُعَممُ على كل الصحافة العربية الحاضرة على الإنترنت وربما صار  من الأهمية بمكان الحديث عن خلاصة التجربة مع الصحافة الورقية العربية والمغربية على السواء. ففي الوقت الذي كانت فيه الصحافة الورقية العربية تتهرب من نشر البيانات بذريعة أن الأمر شأن مغربي داخلي، كانت الصحافة المغربية الورقية تقف عارية من كل تبرير ماعدا بعض الصحف المغربية "المستقلة" بينما تعاملت الصحافة الورقية الحزبية مع البيانات بمنطق اللامبالاة أو بمنطق الظرفية السياسية.

الجدير بالذكر أن الصحافة الورقية المغربية "المستقلة" ذاتها التي سبق لها أن نشرت بيانا من بيانات أكتوبر كانت لا تعيد نشر البيان السنوي الموالي لأسباب غير واضحة: ربما كانت ضغوطات متعددة من جهات متعددة...

 أسبوعية مغربية ورقية وليدة حاولت تكسير القاعدة من خلال نشر بيان أكتوبر السنوي الرابع لسنة 2007 على حلقتين فحدث ما كان أكبر من التحدي وهو "النهاية الفورية للجريدة" مباشرة بعد نشر الحلقة الثانية من بيان أكتوبر لسنة 2007...

إن مشكلة التعليم بالمغرب لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزالها في مشكل مقرر مدرسي أو مشكل طرائق التدريس أو تغيبات المدرس أو غيرها من المشاجب الشائعة، كما لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستمرار في دفن الرأس في الرمال حين يُلْحَقُ بزمرة المشاكل المتداولة "فلسفة وأشكال تدبير القطاع التعليمي": فعوضَ "تغيير العقلية المتحكمة في تدبير أمور التربية في البلاد"، يتم تغيير "المعجم التربوي والإداري" وكأن المشكل في المعجم!

إن أزمة التعليم المغربي أزمة ذات جذور متفرعة ومتعددة تعود فترات نموها إلى سياسات متضاربة على مدى عقود من عمر استقلال المغرب "تناوب" عليها و"توافق" وزراء يدينون بالولاء لعدة أحزاب سياسية مغربية. لذلك، فلا بد للمجالس العليا والدنيا للتعليم التحلي بالشجاعة في التناول والشمولية في الرؤية  قبل إدانة المُدَرس، في تقاريرها، وَتَحْميله مسؤوليات فشل المنظومة التعليمية...

هنا، بين دفتي هذا الكتاب، جُمّعَتْ كل البيانات والمقالات والحوارات ذات الصلة بالتلاعب بالامتحانات المهنية في عهد مَغْرب «التناوب والتوافق والت...» سواء المنشور منها على الصحافة الورقية أو غير ذلك".