أبطال الإسلام ـ محمد فاروق بطل

عبد الله الطنطاوي

أبطال الإسلام

في موكب النبوة الخالد

تأليف : محمد فاروق بطل     عرض : عبد الله الطنطاوي

هذا الكتاب الكبير المؤلف من خمسة مجلدات كبيرة، جاءت في 2139 صفحة من القطع الكبير، من تأليف الأستاذ الشيخ محمد فاروق البطل، وهو -في الأصل- أحاديث إذاعية، أذاعها من إذاعة القرآن الكريم في مكة المكرمة، في برنامج أسبوعي تحت عنوان (من أبطال الإسلام) طوال ثماني سنين. بث فيها الداعية تجاربه الدعوية، وخبراته في ميادين الدعوة التي صال فيها وجال طوال نصف قرن من الزمان، من خلال أحاديثه عن مواكب الصحابة الأطهار الأبرار الذين رُبُّوا على عين الرسول القائد صلى الله عليه وسلم، ثم انطلقوا في أنحاء المعمورة، يدعون إلى الله، ويبشّرون بالإسلام، وينشرون عدله ومبادئه وأخلاقه في الأرض.

تحدث الشيخ الداعية عن صحابي جليل أو أكثر في كل حلقة من حلقاته، فبلغ عدد الذين تحدث عنهم أكثر من مئة وثلاثين صحابياً وصحابية، رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم، فهم نجوم الإسلام، وبُناته، والدعاة إليه على بصيرة، وكلّ واحد منهم ومنهن قدوة صالحة، ما أحوجنا إلى الاقتداء بها، فهم الذين اهتدوا إلى الإسلام، ونشؤوا عليه، على يد الرسول القائد صلى الله عليه وسلم، وكان قدوتهم، وكان تأسّيهم به من أسباب عظمتهم ونجاحهم في هذه الحياة، ونجاتهم في الدار الآخرة، وليس هذا بمستغرب على من قرأ قول الله تعالى:

(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة). فتأسَّوا به، وكانوا كما وصفهم بارئهم وهاديهم: (أولئك الذين هدى الله).

قدّم للكتاب الشاعران المؤمنان الكبيران: الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري، والأستاذ محمد على مغربي، رحمهما الله تعالى، وأثنيا على الكتاب ومؤلفه، ثم جاء تقديم المؤلف وتمهيده له، بالحديث عن حاجة الصحوة الإسلامية وشبابها إلى القدوة الصالحة، حتى لا يتيهوا مع التائهين في هذا الزمان الذي علا فيه المفسدون، ونشروا الفساد في البر والبحر، وعاش شبابه ضياعاً وأزمات، كان من أسبابها فقدان القدوة التي يقتدون بها، ويهتدون بهديها، وكانوا وقوداً لمجون الماجنين، وسبباً وجيهاً لما أصاب الأمة من تخلف وانحطاط قاداها من هاوية إلى أخرى، من انتكاسة إلى انتكاسة.

تحدّث -في هذا التقديم- عن الأهداف الخبيثة للغزو الفكري، وعن عقوق أبناء الأمة لقادتها الكرام، وتكريم الأجانب لقادتهم، وخلص إلى ضرورة إحياء سيرة الرسول القائد عليه صلوات الله، والصحابة الكرام، رضي الله عنهم، وبيّن أهمية كتب السِّيَر، وضرورة إصلاح مناهجنا التعليمية التي أفسدها الغزو الفكري، لإنقاذ أبنائنا وبناتنا من آثامها وشرورها المتفاقمة.

ونهج المؤلف في هذه الأحاديث –الكتاب، أنه يقدّم لسامعه وقارئه صورة متكاملة أو شبه متكاملة، عن الصحابي الذي يتحدث عنه، ومن أجل ذلك، ولأن مدة الحديث قصيرة جداً -عشر دقائق- فإنه كان مضطراً إلى تجزيئه، ليقدّم كل جزء في حلقة، على أن يكون الجزء/ الحلقة ذا موضوع واحد، تليه أجزاء أخرى في حلقات أخرى، حتى تكتمل الصورة لدى السامع والمشاهد عن الصحابي الكريم.

ولأن الحديث الإذاعي يختلف أسلوبه عن أسلوب الكتاب المؤلف، فقد التزم الشيخ البطل أسلوب الحديث الإذاعي الذي يعتمد الجمل القصيرة، يخاطب بها عقل السامع وقلبه، ويثير مشاعره وعواطفه، وهو بهذا، يستطيع أن يشدّ المستمعين إليه.

ومما يُحسب لهذا الكتاب الكبير، أن مؤلفه تحدّث عن عدد من الصحابة الكرام غير المشهورين، وقد زاد هذا من تعبه، كما زاد من أجره إن شاء الله، لأنه قدّمهم لنا بعد تعب ونصب في التفتيش عن دقائق حياتهم التي لا يجمعها كتاب، فانطلق يقتنصها من مجموعة كتب، وفي هذا ما فيه من مشقة البحث وعناء التنقيب.

وكما لم يقصر الشيخ البطل حديثه عن المشهورين من الصحابة الكرام، كذلك لم يقصره على الرجال من الصحابة دون النساء، فقد تحدث عن عدد من الصحابيات الكريمات عرضاً كما جاء عن أم سعد بن معاذ، أو خصّهنّ بحلقات كما فعل في الحديث عن السيدة أم سُليم، والسيدة أم عطية، والسيدة أم هانئ، وسواهن من عظيمات النساء الخالدات.

الحق يقال: إن هذه الأحاديث الإذاعية الرائعة، قد أحسن صاحبها الشيخ الداعية في تقديم نماذج دعوية كبيرة، وخبرات دعوية بديعة، وخاصة في المقدمات والخلاصات، ثم في جمعها في كتاب كبير نرجو أن يحرص الناس على أن تكون في مكتباتهم، لتكون مراجع لهم، ولأولادهم، يطالعونها في كل آن..