الأقليات غير المسلمة في المجتمع الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

عرض كتاب : الأقليات غير المسلمة  في المجتمع الإسلامي

تأليف الأستاذ  دنـدل جبـر

توزيع دار عمار للنشر والتوزيع  ، عمان ، الأردن ، 1423هـ ، 2003م

عرض : خالد أحمد الشنتوت

يقع هذا الكتاب في (444) صفحة من القطع العادي ، تضم المقدمـة وثلاثة أبواب :

1 ـ تناول في الباب الأول : حقوق الإنسان في الإسلام ، أي إنسان ، مسلم وغير مسلم ، ومنها حق الحياة والأمن و حرية العقيدة والعبادة ، وحرية الفكر والرأي ، ومنها العدل والمساواة ، وحق العلم والتعلم ، ثم حق العمل والملكية . وهذا الباب توطئة لمابعده من أبواب .

2 ـ وتناول في الباب الثاني : الجزيـة وعقـد الذمـة :

أما الجزيـة فخلاصتها أنها بدل الخدمة العسكرية في الدولة المسلمة ، لأن الدولة المسلمة مكلفة بحماية مواطنيها (مسلمين وغير مسلمين ) ، ورأى بعض العلماء أن الجزية تسقط عن غير المسلمين إذا ساهموا في الدفاع عن الدولة المسلمة ، وإمام المسلمين يقدر المصلحة ، ويرسم ذلك عندما يرى أن من المصلحة أن يسهم غير المسلمين في الدفاع عن الدولة المسلمة . ولذلك لاتؤخذ الجزية من النساء ، ولا الأطفال لأنهم غير مطالبين بالخدمة العسكرية ، ولا الطاعنين في السـن .

كما يرى بعض العلماء أن تؤخذ الجزية من غير المسلمين باسم الصدقة (الزكاة ) ، وتضاعف عليهم كما فعل عمر رضي الله عنه مع تنوخ وبهراء وبني تغلب بالشام ( ص84) .

وأما عقد الذمـة  فهو عقد بين الدولة المسلمة ومواطنيها من غير المسلمين ، وكلمة ذمة لاتشير إلى نقص ، بل أضيفت إلى الله عزوجل ، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم  ، وأهل الذمة هم المواطنون غير المسلمين الذين يدفعون الجزية مقابل حمايتهم من قبل الدولة المسلمة . وتسري عليه أحكام العقود الشرعية .

3 ـ أما الباب الثالث فهو صلب الكتاب ؛ إذ كان عن حقوق وواجبات أهل الذمـة ، الفصل الأول عن الحقوق ، وأهمها الحقوق السياسية وهي :  1 ـ الإقامة في دار الإسلام  ( باستثناء جزيرة العرب أو الحجاز والحرم فلها أحكام خاصة )  وقد فصل الباحث في أقوال العلماء واجتهاداتهم في هذا الميدان . 2 ـ حق المواطنة (الجنسية ) .

3 ـ تولي الوظائف العامة   : وقد أجمع علماء السلف والخلف على عدم تولية أهل الذمة الوظائف ذات االصبغة الدينية الإسلامية  كالإمامة الكبرى ، وإمارة الجيش ، أما المساهمة في جيش المسلمين فتوجد ثلاثة أقوال : الأول : الجواز ، والثاني يمكنهم إذا رغبوا ، ثالثا ً : لايكلفوا بأعمال في الجيش ذات صبغة دينية ، أما إذا كان القتال للدفاع عن الوطن يصبح واجباً وطنياً على غير المسلمين المشاركة في رد العدوان عن الوطن .   ووزارة التفويض ( رئيس الوزراء ) لأن شروطه هي شروط الخليفة ذاتها ماعدا القرشية ، وإمارة الأقاليم لأن أمير الإقليم يمثل الخليفة في إقليمه ، والقضاء فلايجوز أن يكون القاضي غير مسلم ( وأجاز أبو حنيفة أن يقضي غير المسلم بين أهل دينه )   .

أما الوظائف ذات الصبغة غير الدينية فقد منع بعض العلماء توليها من قبل غير المسلمين منعاً مطلقاً ، كما أجاز بعضهم بدون قيود ، وفريق ثالث ترك الأمر  حسب الأحوال : ويختم الباحث بقوله : " بالنظر في أدلة الفرقاء يتبين أن هذه الأدلة  ليس فيها دلالة صريحة بمنع إسناد الأعمال لغير المسلمين ، كما أنها لاتفيد الجواز المطلق ، ويبدوا أن أدلة المجيزين هي أقرب إلى توجه الإسلام وتشريعه في معاملة غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ، آخذين بعين الاعتبار الضوابط الشرعية  " ص  240 .

ثم يختم الباحث بقوله : " وفي الختام يمكن القول بأنه يجوز لغير المسلمين تولي الوظائف العامة في الدولة المسلمة وفق الضوابط التالية :

1 ـ أن لاتكون الوظيفة أو المهمة ذات صبغة دينية .

2 ـ أن لايعرف عن المتقدم إلى الوظيفة أي عداوة أو بغضاء للمسلمين .

3 ـ غير معروف عنه الاتصال بالعدو .

4 ـ أن تتوافر فيه شروط تلك الوظيفة .

 

4 ـ المشاركة في الشورى .

وهنا تكلم الباحث عن حق الانتخاب ، وحق عضوية مجلس الشورى .  وجمع الباحث الحديث عن هذين الحقين معاً ، (ولو فصلهما لكان أسهل وأوضح )، وعرض رأي المانعين ، ورأيهم قوي يستند إلى نصوص الكتاب ، والحديث الشريف ، [ وعضو مجلس الشورى من أولي الأمر  ( منكم ) .... لأنه يختار الخليفة ، ويجب أن يكون عضو الشورى من العلماء المجتهدين ] ص 258 بتصرف .

  أما من يرى جواز مشاركة الذمي في مجالس الشورى في الدولة المسلمة مثل (محمد عبده ) فهؤلاء يوسعون مجلس الشورى ليشمل كبار التجار والزراع وزعماء الأحزاب ، والأطباء والمحامون ، كما يرى الزحيلي بأن أهل الاختصاص والخبرة وهم جزء من مجلس الشورى ؛ تشمل غير المسلمين .

وصلاحيات أعضاء مجلس الشورى من غير المسلمين هي : 1 ـ عرض مشكلات أهل الذمة . 2 ـ المشاركة في الأمور الفنية كالزراعة والطب ... ويختم الباحث بقوله ص 270 " والذي أراه أنه من الممكن مشاركة المواطنين غير المسلمين بأعضاء يمثلونهم في مجالس أهل الحل والعقد ( مجالس الشورى ) على أن يكون هؤلاء الأعضاء بمثابة مراقبين حين مناقشة الأمور والقضايا التي لها صفة دينية تشريعية أو عقائدية إسلامية وعدم التصويت عليها ، كما أنه يمكن مشاركتهم في المجالس الاستشارية التي تعتبر قراراتها بمثابة اقتراح أو توصية على أصحاب القرار في مجلس الشورى .." .

5 ـ حق إبداء الرأي وحرية والتفكير والاحتجاج والتظلم . وذلك ضمن قيود منها : احترام قوانين الدولة المسلمة ، واحترام الشعائر الإسلامية ، وعدم التبشير بدينهم بين أبناء المسلمين ، ولايجاهروا بالمنكرات الجائزة لهم حسب معتقدهم بين المسلمين كشرب الخمر وأكل الخنزير .

القسم الثاني : الحقوق الدينيـة :

وتشمل حرية الدين والعبادة : ونصوص الكتاب كثيرة ومنها [ لا إكراه في الدين .. ] ، وهذه من البدهيات عند المسلمين ، وفي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم  وسيرة خلفائه أمثلة كثيرة تؤكد ذلك .

 ومزاولة التعليم والتربية الدينية لأولادهم : فلهم تعليم أولادهم وفق ديانتهم ، وإنشاء المدارس الخاصة بذلك !!؟ أما بناء وترميم الكنائس فله أحكام حسب البلد :

ـ البلدان التي مصرها المسلمون كالكوفة والبصرة وبغداد فلايجوز بناء البيع والكنائس فيها .

ـ البلدان التي فتحت حرباً لايجوز بناء كنائس جديدة فيها ، واختلف على ترميم القديمة .

ـ البلدان التي فتحت صلحاً ، فالشرط هو ماصولحوا عليه ،

ـ أما في القرى أو في موضع ليس من أمصار المسلمين فلايمنع بعض العلماء من بناء البيع والكنائس .

ـ لايجوز بناء البيع والكنائس في الحجـاز ( الجزيرة العربية ) بالاجماع .

وأرجح الأقوال أن الأمر بيد الإمام فإن سمح لهم بناء كنائس فعلوا ، والإمام يقدر مصلحة المسلمين والدولة المسلمة . وتلحق معابد النار عند المجوس ببيع اليهود وكنائس النصارى .  أما مايجري من هدم معابد غير المسلمين فإنما تفعله العامة من المسلمين نتيجة جهلهم بالأحكام الشرعية .

 أحكام الأسرة في الزواج والطلاق : ويلحق به شرب الخمر وأكل الخنزير ، ويباح لهم تطبيق دينهم كزواج اليهودي من ابنة أخيه !!! وزواج المجوسي من إحدى محارمه .

 وإقامة شعائرهم الدينية :  شريطة أن لاتكون خارج كنائسهم مراعاة للمصلحة العامة ، كي لاتحدث الفتنة والاضطراب ، ولذلك لايمنع إظهارها في القرى والأمصار التي لايوجد فيها المسلمون ، وعلى العموم فهذه من االسياسة الشرعية التي تترك لولي الأمر الذي يقر منها ما لايجلب مفسدة على المسلمين .

 

القسم الثالث : الحقوق المالية والاقتصادية :  فأموالهم معصومة ، وتحميها الدولة كما تحمي أموال المسلمين ،  وفي الحديث (( من آذى ذمياً فأنا خصمه .... ))  (( من آذى ذمياً فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله )) ، وحكم أموالهم لايختلف عن حكم أموال المسلمين .

ولهم حق التملك ، ولايختلفون عن المسلمين بشيء من هذه الحقوق . ولهم حق الانتفاع بالمرافق العامة للدولة شأنهم في ذلك شأن المسلمين ، فينتفعون بالماء والكهرباء والمواصلات ... كما ينتفع المسلمون تماماً (( الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار )) والناس لفظ يشمل المسلمين وغير المسلمين . ولهم حق العمل ، والتمتع بأمور التجارة والبيوع وسائر التصرفات المالية ومنها حق العمل في وظائف الدولة ـ كما سبق بيانه ـ  أما في القطاع الخاص فقد تمتع غير المسلمين به وأبدعوا وتفوقوا منذ فجر الدولة المسلمة وتجوز مشاركة المسلم للذمي في هذه الأعمال ، ويملك الذمي في إحياء الأرض الموات كالمسلم ، وكان الخلفاء المسلمون يعتمدون كثيراً على أهل الذمة في أمور الصناعة والطب والحرف . فكانوا صيارفة وتجاراً وأصحاب ضياع وأطباء ، وحتى طبيب الخليفة !!!

 ولهم حق التكافل الاجتماعي في بيت مال المسلمين ، وأقوى الأدلة ماجاء عن عمر رضي الله عنه (أنه مرّ بباب قوم عليه سائل يسأل ، شيخ كبير ، ضرير البصر ، فقال له : من أي أهل الكتاب أنت ؟ فقال : يهودي ، قال عمر : فما ألجأك إلى ما أرى ؟ قال : الجزية ، والحاجة ، والسن ، فأخذ عمر بيده ، وذهب به إلى منزله ، فرضخ له بشيء من المنزل ، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال : انظر هذا وضرباءه فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ، ثم نخذله عند الهرم ...) .

االحقوق الاجتماعيـة : ومن حقوقهم :  1 ـ حسن المعاشرة :

أ ـ البر والإحسان والرحمة  ب ـ رعاية الجوار  ج ـ مشاركتهم في أعيادهم ومناسباتهم  د ـ مؤاكلتهم   هـ ـ عيادة مرضاهم  و ـ التهادي  زـ أدب الحوار  ح ـ عدم إيذائهم . والنصوص في حسن معاشرتهم مستفيضة وكثيرة من الكتاب ومن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم  .

2 ـ الزواج من نسا ء أهل الكتاب  ( اليهود والنصارى ) :  وفي ذلك آراء :

 أ ـ يرى الجمهور جواز نكاح الذمية  .

ب ـ يرى الإمام مالك يرحمه الله وعبد الله بن عمر  كراهة الزواج من الكتابية .

 ج ـ يحرم بعض الزيدية وبعض الشيعة الإمامية وآخرون الزواج من نساء أهل الكتاب .

   ــ أما الزواج من نساء المجوس  فقال الجمهور عدم حل ذلك [ ولاتنكحوا المشركات حتى يؤمن ]  ، وأجاز الظاهرية ذلك ، وعند الشيعة قولان يحرم الزواج الدائم ، ويحل زواج المتعـة منهن .

ــ والزواج من نساء الصابئة فقد اختلف فيه فهل هم أهل كتاب أم لا ؟

ــ أما الزواج من نساء عباد الأوثان ونحوهم فلا خلاف بين أهل العلم في تحريم نسائهم [ ولاتمسكوا بعصم الكوافر ] .

3 ـ العدل والمساواة  : نادى الإسلام بإقامة العدل بين الناس كافة ( مسلمين وغير مسلمين ) ومنها : 1 ـ المساواة أمام القانون : والقانون هو الكتاب والسنة وجميع المواطنين سـواء  .

2 ـ المساواة أمام القضاء  وقصة القاضي شريح مع الخليفة علي رضي الله عنه واليهودي مشهورة .

3 ـ المساواة أمام تولي الوظائف العامة : كما سبق بيانه .

4 ـ إقامة المؤسسات الاجتماعية : كملاجئ العجزة ، ودور الأيتام ، وأوقافها ..

5 ـ الوفاء بالعهد

ونختم ذلك بشهادة الدكتور ( إدوار غالي ) في كتابه ( معاملة غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ) يقول : ( ودراستنا السابقة تكشف بجلاء كيف أن الإسلام قد بلغ شأواً عظيماً في حسن معاملة الأقليات ، والبر بهم ، والقسط إليهم حتى لو كانوا من الأعداء ، واتبع القاعدة الذهبية الحكيمة ( لهم ما لنا وعليهم ماعلينا ) التي تضعهم على قدم المساواة مع المسلمين ، ولم يتدخل في شــؤون عقيدتهم وتركهم ومايدينون به عملاً بالآية [ لا إكراه في الدين ] .

القسم الخامس : الحقوق الخاصة (الشخصية ) :  وتقسم إلى :

1 ـ حق التكريم الشخصي : [ ولقد كرمنا بني آدم على العالمين ]  ، وهو من المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية .   2 ـ حرية التنقل : ولغير المسلمين حرية التنقل في جميع البلدان الإسلامية ، ولهم دخول الحجاز بغرض التجارة على أن لاتكون إقامتهم فيها دائمة . ولايدخلون الحرم في مكة ( وأجاز الحنفية ذلك )

3 ـ حق الأمن والحماية : ويشمل عصمة الدماء والأموال .  4 ـ حرمة المسـكن : فلايدخل أحد عليهم إلا بإذنهم ، ورضاهم . 5 ـ سرية المراسلات :  فالرسالة مملوكة لصاحبها ، وهي وديعة حتى تصله . 

 6 ـ حرية اللباس والطعام : وذلك في عصر الرسالة والخلفاء الراشدين وحتى أواخر القرن الثاني الهجري ، وجاءت فيما بعد ( الشروط العمرية ) التي بنى عليها ابن القيم إلزام غير المسلمين بلباس معين ، ويرى الدكتور صبحي الصالح أن ابن القيم لم يحقق صحة إسناد هذه الشروط إلى عمر بن الخطاب ، وخلاصتها إلزام غير المسلمين بلبس الزنانير العريضة المدورة على الوسط ليعرفوا ... وهذا من اجتهاد المتأخرين ، وبعد الدراسة يتبين أن هذا الإلزام جاء نتيجة ظروف طارئة : مثلما دخل التتار بغداد ووقف بعض الذميين في صف التتار ، وكذلك لما دخل المغول دمشق ، فجاهر النصارى بشرب الخمر في رمضان .

7 ـ حرية الطعام والشراب : ولهم مايرونه حلالاً في شرعهم ، دون المجاهرة به ، كي لاتحدث الفتنـة .

الفصل الثاني : واجبات غير المسلمين :

أولاً : الواجبات المالية : 1 ـ دفع الجزية وقد سبق الحديث عنها .  وشروط وجوبها : العقل والبلوغ والذكورة ، والسلامة من الزمانة والكبر فلا تجب على أعمى وشيخ كبير . وأن لايكون فقيراً عاطلاً عن العمل . وأن يكون حراً ، وأن لايكون راهباً . وقد سبق الحديث عنها وهي أنها في أرجح الأقوال بدلاً لحمايتهم في الدولة المسلمة .

2 ـ الخراج : وهو مايدفع عن الأرض المفتوحة عنوة أو صلحاً  ، وصار أهلها ذمـة  ؛ من حقوق  وتقديره أمر اجتهادي يعود للإمام . ويجب على صاحب الأرض رجلاً أم صبياً أم امرأة . وهو اجتهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وموافقة الصحابة له .

3 ـ العشور : وهي ضريبة تجب على المسلم وغير المسلم والحربي المستأمن ، وهي من المسلم ربع العشر ( زكاة المال ) ومن الذمي ( نصف العشر ) ومن الحربي ( العشر ) .ودليلها السنة والاجماع . وشروطها أن تكون من أموال  معدة للتجارة  . وتؤخذ مرة في العام ، وأن تبلغ النصاب .

وتضعف ضريبة العشر على الذمي لأنها لاتؤخذ إلا من أمواله المنقولة من بلد إلى بلد ، أما أمواله التي في يده ( يكنزها ) فلا يؤخذ منها ، أما المسلم فإن الزكاة فريضة عليه في جميع أمواله .

ثانياً : التزام أحكام الشريعة الإسلامية :  ومنها دفع الجزية ، والتزام أحكام الإسلام كالمعاملات المدنية والجنائية ، والعقود ، والربا محظور عليهم . واستثني من ذلك شرب الخمر وأكل الخنزير بدون مجاهرة . ويلتزم غير المسلم بعقوبات القتل والزنا والسرقة والقذف والحرابة ونحوها ؛ كما هي في الشريعة الإسلامية .

ثالثاً : الدفاع عن دار الإسـلام : وقد شرط عليهم ذلك في عقد الذمـة ، كما ورد في صحيفة المدينة التي كتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اليهود . أما إذا لم يشرط عليهم في العقد ففيه خلاف .

رابعاً : الولاء السياسي للدولة المسلمة : مع العلم أن القوى العالمية المعادية للإسلام تحاول استغلال الأقليات في المجتمع الإسلامي ، التي عاشت مئات السنين في ظل الدولة المسلمة ، مطمئنة وآمنة ، وتريد هذه القوى العالمية زعزعة أمن الدولة المسلمة ، مما يلحق الضرر بهذه الأقليات نفسها .

خامساً : ترك مافيه ضرر على المسلمين وكيانهم . مثل امتناعهم عن قتال المسلمين ، وعدم التجسس لحساب عدوهم . ولايساعدوا أعداء المسلمين بأي شكل .

سادساً : احترام العقائد والشعائر الإسلامية : فلايذكر كتاب الله ورسوله ودين الإسلام بسـوء ، ولايفتنوا مسلماً عن دينه ، ولايزني الذمي بمسلمة أو يصيبها بنكاح .

ملاحظــات حول الكتـــاب

بعد قراءة سريعة للكتاب أرى مايلي :

1 ـ جزى الله أخانا أبا أسامة ( مؤلف الكتاب ) على اختيار هذا الموضوع الهام ، والذي يقدم إجابات موضوعية  للعلمانيين الذين يخوفون الناس من تطبيق الشريعة الإسلامية ، بحجـة وجود غير مسلمين في هذه البلاد المسلمة . ويتخذون هذه الحجـة لإبعاد الشريعة الإسلامية عن الحكم ، وفصل الدين عن الدولة ، وهو مطلب علماني لايستند إلى أساس موضوعي ، ولايمت إلى الحقيقة العلمية بصلة . وكل باحث منصف يجد أن أهل الكتاب في بلاد المسلمين عاشوا عصورهم الذهبية عندما كان الحكم للشريعة الإسلامية .

وقد عودنا أخونا ( أبو أسامة ) على اختيار الأبحاث الهامة ، فقدم لنا قبل سنتين أو ثلاث كتابه عن ولاية المرأة وهي من أشد القضايا سخونة في يومنا هذا . وأدعو الله أن يستمر في تناول القضايا الساخنة والتي تحتاجها الحركة الإسلامية اليوم .

2 ـ لقد تميز البحث بالصبغة الأكاديمية ، ليناسب الباحثين في الجامعات ومراكز البحث العلمي ، والدراسات االسياسية الاستراتيجية ، وقد أجهد الباحث نفسـه في توثيق البحث والإشارة إلى مصادر المعلومات .

3 ـ من حسنات هذا البحث الكبيرة اعتماده على المراجع القديمة والحديثة معاً ، فقد نقل عن الماوردي وغيره من القدماء ، كما نقل عن عبد الكريم زيدان وغيره من المعاصرين . ولست بصدد تعداد إيجابيات الكتاب لأنها كثيرة ، واسأل الله عزوجل أن يجعله في صحائف أعماله يوم لاينفع مال ولابنون .

3 ـ كنت أود أن يكون حجم الكتاب أقل من ذلك ليشجع القراء العاديين ( غير الأكاديميين ) على قراءته ، ويمكن اختصار حجم الكتاب من خلال :

أ ـ بلغت حواشي الكتاب (79) صفحة ، وهذا كثيرجداً ، ولو جعل الحاشية في نهاية الصفحة ؛ فيذكر اسم المرجع والصفحة فقط ، وفي نهاية الكتاب يثبت المراجع بالتفصيل ، لاستطاع أن يختصر نصف هذه الصفحات على الأقل  .

ب ـ دخل الباحث في التفاصيل والتفريعات كثيراً ، وكنت أرى أن يفهما ثم يلخصها للقارئ ، ويحيل من أراد التفريعات إلى المرجع ، أقول ذلك لأن الفضائيات والانترنت التهمت وقت القارئ ـ حتى لو كان باحثاً أكاديمياً ـ ولم يعد له النفس الطويل لقراءة هذه التفصيلات .

3 ـ لم أجد توضيحاً لمشاركة غير المسلمين في الانتخاب !!؟ هل ينتخب غير المسلمين المرشحين المسلمين !!؟ وهل ينتخب المسلمون مرشحاً غير مسلم !!؟ أم يحصر انتخابهم في دوائرهم فقط !!؟ وهذه من القضايا الشائكة التي تواجهني في كتابي ( الانتخابات شهادة وأمانة ) .

وفي الختام أدعو الله عزوجل أن يبارك للباحث في عمره وعافيته ، وأن يعينه على تبصير المسلمين بأمور دينهم ، وخاصة في جانب الفقـه السياسي الذي عـزف عنـه كثير من الدارسين لأسباب لاتخفى على أحـد .

والحمد لله رب العالمين