الشعب المختار في الميزان

عبد المعز عبد الستار

عبد المعز عبد الستار

نداء في التوراة من موسى إلى الشعب المختار في سفر التثنية

يا شعبنا غبياً غير حكيم

ألرب تكافئون بهذا؟ يا شعبنا غبياً غير حكيم

إنكم لم تزالوا معاصين للرب منذ عرفتكم

إنه ليس لأجل برك يعطيك الرب هذه الأرض الجيدة لأنك شعب صلب الرقبة.

إنكم أمة عديمة الرأي لا بصيرة لهم بنون لا أمانة فيه.

أيها الجيل المتعوج الأزور

لقد جعلتم التوراة التي نزلت هدى ورحمة (تمليك أرض وتسويد شعب).

وجعلتم موسى مثير شر ومجرم حرب دخل الأردن فأباد الرجال والنساء والأطفال بأمر الله (والله لا يأمر بالفحشاء).

وجعلتم موسى ويشوع شراً من فرعون فقد كان يذبح أبناءكم ويستحيي نساءكم فجعلتم موسى لا يبقى على نسمة آدمي ويشوع لا يُبقي على نسمة حي.

والأرض وضعها الله للأنام فجعلتموها حجراً عليكم وكل ما تطؤه أقدامكم يكون لكم.

وتظن أنك تستطيع أن تملك الأرض وتطرد الأهل وتهود القدس وتمد الدولة من الفرات إلى النيل وتتحدى ملياراً من العرب والمسلمين يطوقونك اعتماداً على الأسلحة العبرية والحماية الأمريكية فاحذر فإنك داخل بهذا في معاندة الحق وحرب الله والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وصية نهديها إلى المسلمين

أيها الإخوة

لقد كان من حسن حظنا أن نشهد ذلك العصر الذي تقف فيه اليهودية العالمية متحدية الأمم العربية والإسلامية معتدية على مقدساتها وتراثها بالحديد والنار وإنا لنقبل هذا التحدي معتقدين أن الله تبارك وتعالى قد ادخر لنا فضل مقاومة هذا العدوان والقضاء عليه.

كنا قد ابتلينا في الماضي بنفر من تلاميذ المدرسة الاستعمارية أضاع علينا الكثير من الفرص والمناسبات بما جبلوا عليه من فقر في المواهب وخوف من الغاصب وفقدان الثقة بالنفس وبالله وبقوة الشعب وحرص على المزيد من المال والجاه والنصب وفرار من الجهاد إلى إعطاء الدنية وإيثار العافية والاستسلام والدعة.

فإن عليكم أيها المسلمون وقد استروحتم العزة من الإيمان بالله واستمددتم أعظم معاني القوة من تأييده ونصره أن تتداركوا ما فات.

إن الله ميزكم بهذا الإسلام فاحرصوا على التميز بآدابه وشعائره وأصلحوا سرائركم وأحسنوا أعمالكم واستقيموا على أمر الله وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر وتوجهوا بالنصيحة في رفق ولين إلى الناس أجمعين واستعدوا للبذل والاحتمال والجهاد بالنفس والمال وأكثروا من تلاوة القرآن وحافظوا على الصلوات والجماعات واعملوا لله مخلصين له الدين وانتظروا بعد ذلك نصر الله (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز).

النظافة

وإن أخص ما أوصيكم به أن يكون شعارنا النظافة في الضمير والتفكير وفي اللسان وفي السير وفي الثوب وفي البدن وفي المطعم والمشرب والمسكن والتعامل والمسلك والقول والعمل وإن مما أوصانا به الرسول (صلى الله عليه وسلم) تنظفوا حتى تكونوا كالشامة بين الأمم (وتنظفوا فإن الجنة لا يدخلها إلا نظيف) "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين".

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الناس سواء

قال تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منهما زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً) النساء(1).

وقال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأثنى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليكم خبير) الحجرات (13).

وقال صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد وكلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى).

هذا الخطاب الإلهي هو الإعلان العالمي الذي يقرر المساواة العامة بين الناس والرحم الجامعة في الإنسانية وأنهم في الحقيقة إخوة وفي الحقوق سواء لا يتفاضلون إلا بالتقوى، أعلنه الإسلام من قبل أن نسمع عن هذه الدول التي تتحدث عن حقوق الإنسان وتدعي المحاماة عنه وتقوى الله فيه.

التقوى

وتقوى الله هي طاعته وإتباع مرضاته واتقاء سخطه ووصل ما أمر الله به أن يوصل بالوفاء بعهده والنصح لعباده والتعاون معهم على البر والتقوى والتناهي عن الإثم والعدوان فتلك الغاية من التعارف الذي دعاهم الله إليه شعوباً وقبائل.

وهذا الإعلان الذي يقرر حقوق الإنسان وكرامته والحرية والمساواة ويقرر الإخوة ويدعو إلى المحبة ويطهر المجتمع الإنساني من أسباب الفساد والدمار والاستعلاء والاستكبار ويضع قواعد للتفاضل والتعامل لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه.

أقول هذا الإعلان (تفرد به الإسلام ونبيه) نظرية وتطبيقاً لا تقرؤه في غير كتابه ولا تجده في غير دينه فهو (الذي جاء بالصدق وصدق به) ودعا إليه وقاتل دونه تراه في سيرته وسنته وعمل أصحابه وما سجله تاريخ الإسلام الأغر في حياة البشر.

أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يقول في مناجاته لربه إذا أصبح (اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة).

وكان يقوم للجنازة إذا مرت به فإذا قيل له إنها ليهودي قال أليست نفساً؟ مع ما هو معروف من عداء اليهود للإسلام والمسلمين (وأنهم وراء كل محنة وفتنة أصابت الإسلام والمسلمين) في قديم وحديث.

وقد سب أحد الصحابة رجلاً وقال له يا ابن السوداء فقال له (صلى الله عليه وسلم): طف الصاع طف الصاع إنك امرؤ فيك جاهلية ليس لابن البيضاء على ابن السوداء ولا لابن السوداء على البيضاء فضل إلا بالتقوى).

يتفاضلون بالتقوى

وليس معنى أن الناس إخوة متساوون أن تلغى الفروق بين العامل والخامل والمؤمن والكافر والمحسن والمسيء والبر والفاجر.

لا: إن الناس سواء في الحقوق الإنسانية العامة في حق الحياة والحرية والعمل وعصمة الدم والمال.. إلخ ولكنهم مطالبون بحقوق أخرى يتفاوتون في أدائها وتقاس كرامتهم بها تجمعها كلمة التقوى.

وهذا الإسلام الذي قرر المساواة كما قرر الإخوة وضع للناس قاعدة للتفاضل هي التقوى وجماعها الإيمان والعمل الصالح وأول آثارها وثمارها التخلص من الأنانية والاستكبار وأمراض القلوب من الشرك والكبر والحقد والحسد والكذب والبخل وعامة خصال السوء، التي تنشأ عن الأنانية (أنا.. أنا).

(أنا.. أنا)

قالها إبليس (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)

فقيل له (اخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين)

ووسوس بها إبليس لآدم (قال هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) وانخدع آدم وحواء (فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما) (وقيل اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو) وأخرجا من الجنة وما نفعهما إلا أن تابا وأنابا (وقالا ربنا ظلمنا أنفسنا) (فتاب عليه وهدى).

إن روح الأنانية والاستئثار والاستكبار هي السبب الأول لشقاء العالم ويعزوها العلماء إلى رذيلة الحسد ويقولون إنه أول ذنب عصي الله به في الأرض وأول ذنب عصي به في السماء.

وليس للكبر أو للحسد معنى إلا طغيان الأنانية وحب الذات بحيث لا يطيق صاحبهما أن يرى غيره في نعمة ويأبى إلا أن يكون خيراً منه ولو كان من بعده الطوفان.

وحين تبلغ الأنانية والأثرة بالناس هذا المستوى ولا يكون هناك مقياس للتفاضل والترجيح ويقول كل امرئ أنا.. أنا هنا ينقض المجتمع ويتناثر ولا يستمسك له بناء.

وحين يضج الحجر الذي في الأساس أو يتمرد كل حجر في البناء ويصر على أن يكون في الأعلى لأنه هو الأعلى فلا بد أن يتقوض هذا البناء ويتفتت ويصبح هشيماً تذروه الرياح.

من أجل ذلك جعل الله العلي الحكيم رحماً بين الناس يتعاطفون بها ويتماسكون ليقوم بناؤهم على رحم الأخوة الذي يتساوون فيه وجعل بينهم مقياساً يتفاضلون به ويرجعون إليه هو التقوى وما يؤتى الناس ولا تغلب عليهم شقوتهم إلا من هاهنا.

ينسون أن بينهم رحماً فيقطعونها.

ينسون أن للرجحان ميزاناً (هو التقوى) فيكفرونها.

وصدق الله العظيم (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) يتجاهل كل عقيدة أو قيمة أو قانون ويحكم أنانيته وشهوته وهواه ذلك مرض الاستكبار يصيب الأفراد والأمم أما في الأفراد فقد نتخلف آثاره لكنه في الأمم حتم أن تصيبهم قارعة(1),

لقد شهدنا بأعيننا حالة الاستكبار والاستئثار قبيل الحرب العالمية الثانية وكيف أصابت أكبر دول أوربا حمى الغرور والأنانية وجنون العظمة تستعلن في مثل هذه الشعارات والصيحات يستفزون بها شبابهم للحرب ويرضون غرورهم بالكذب.

ألمانيا فوق الجميع

إيطاليا فوق الجميع

سودي يا بريطانيا واحكمي

علو واستكبار أورثهم بعد النار والدمار

ونتساءل ما مسوغات هذا العلو وما مؤهلات هذه السيادة؟

والجواب: القوة والأسطول وامتلاك الطيارات والدبابات..إلخ فماذا أغنت عنهم؟

لقد التقت واصطدمت ودمر بعضهم بعضاً (فما أغنى عنهم جمعهم وما كانوا يستكبرون).

لقد غرقوا وأغرقوا العالم في طوفان من الدم والهدم والثكل واليتم والخراب.

وأقحموه في براكين تتضرم وزلازل تتقلب ببؤس الحاضر وسوء المستقبل وأبادوا 50 مليوناً من البشر وأذاقوا العالم كله لباس الجوع والخوف بما صنعوا فأي تفوق يكون لهؤلاء وأي حق لهم في سيادة أو استيلاء وهم عار ونكبة على البشرية.

إنما يتفاضل الناس ببرهم ومدى نفعهم لغيرهم ليصيروا فوق الجميع؟

فماذا قدمت بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وباقي هذه الدول ليكونوا فوق الجميع؟.

إنما يستحق الصدارة والكرم إنسان صلح في ذات نفسه وعمل لإصلاح غيره إنسان لا يعيش لبطنه وشهوته وغروره واستكباره.

إنسان صاحب إيمان وعمل صالح ورسالة حق يحيا لها ويموت في سبيلها كما نبأنا الله.

بسم الله الرحمن الرحيم

(والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) سورة العصر.

هذه هي مؤهلات النجاح والتفوق واستحقاق الصدارة والتقديم والامتياز في كل عصر ومصر ومن فقدها خسر الدنيا والآخرة.

أمور أربعة لا بديل منها ولا غناء عنها ولا تصلح الدنيا بدونها جعلها الله قياما للناس ومقياساً لصلاحهم والتفاضل بينهم.

الإيمان: وكلما كان صاحبه أثبت يقيناً كان أحسن ديناً وأهدى سبيلاً.

العمل الصالح: كلما كان أحسن عملاً كان أحسن أثراً وأعظم أجراً.

التواصي بالحق: طلباً له وعملاً به ودعوة إليه وجهاداً في سبيله فما تصلح الدنيا بدونه.

الصبر: القاسم المشترك الأعظم بين كل الفضائل ومؤهلات التفوق.

أمور أربعة هي مقياس التفوق والامتياز بين الأفراد والأمم لا يرغب عنها ولا يجادل فيها إلا من سفه نفسه وإنما استحقت أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) أن تكون خير أمة أخرجت للناس بهذا بإصلاح نفسها بالإيمان والعمل.

وإصلاح غيرها بالحق والصبر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه المثل العليا التي قدمها الإسلام للعالم من الإنسانية والأخوة العامة والحرية والمساواة والتفاضل بالتقوى.

وهذه الوسائل التي تعين عليها من الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والصبر خفيت على أمم وشعوب قل علمها وضل سعيها فراحت تصنف البشر طبقات أعلى ودون في الخلق والنسبة إلى الله.

فمنهم من يقول أن الحكام والكهنة خلقوا من رأس الإله.

وإن الجند والتجار خلقوا من ذراعي الإله.

وإن الفلاحين والمنبوذين خلقوا من قدمي الإله.

ولا تدري كيف يقال هذا أو كيف يتصور صدوره عن الله.

ولولا أن الملايين من الهنود يدينون به اليوم ما ظننا أن يقول به أحد.

الشعب المختار

لكنا ندع هذا التخريف وتخرص الوثنيين ونتناول أهل الكتاب الذين يقولون (نحن أبناء الله وأحباؤه) ونتناول اليهود الذين يزعمون أنهم شعب الله المختار بل الشعب المقدس الذي أحل له ما حرم على غيره.

حين قال الشعب الألماني يوماً ألمانيا فوق الجميع

وحين قال الشعب الإيطالي يوماً إيطاليا فوق الجميع

وحين قال الشعب الإنجليزي يوماً إنجلترا فوق الجميع

لم يكونوا يدعون أو يزعمون أن لديهم موثقاً من الله وعهداً اختارهم به وجعلهم فوق خلقه وعباده.

ولكن كانوا يريدون أنهم بقوتهم وكفاءتهم وتقدمهم المادي وتفوقهم العلمي والعسكري ونظامهم النازي والفاشي أرفع من أمم مثلهم أو دونهم قوة وحضارة وحماسة وطموحاً لكنها أكثر استعماراً وأوسع استئثاراً بخيرات الأرض وجهود الكادحين المستعيدين يريدون أن يكونوا مثلهم أو فوقهم فكانت شعاراتهم بلجيكا وفرنسا وإنذاراً بغد كئيب وحرب ما حقه ما لم يسمحوا لهم بحرية الانتشار وحق الاستعمار وتقاسم الاحتكار كباقي المستعمرين والمستغلين الظالمين.

شعب اختاره الله

لكن اليهود بني إسرائيل حين يقولون إنهم فوق جميع الشعوب وأنهم شعب الله المختار يريدون أن الله اختارهم من بين خلقه واصطفاهم من بين عباده ليكونوا شعباً خاصاً له وأطلق لهم الحرية والتملك في البلاد وقال لهم (كل موضع تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم)(1) مع أنه تعالى يقول في القرآن الكريم (والأرض وضعها للأنام) الرحمن (5).

ويقول: (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) هود (61).

ويقول: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) الأنبياء (105).

وبهذه الآية حسم الله عز وجل القضية وجعل وراثة الأرض لعباده الصالحين لا لشعب خاص من العالمين وجعل مقياس الاستحقاق الصلاح للعمارة والعبودية لله.

ويروي المفسرون أن نفراً من المسلمين والنصارى واليهود جمعهم يوماً مجلس بالمدينة ودار الحديث بينهم فقال اليهود نحن أولى بالله منكم آمنا بموسى. وعندنا التوراة وقال النصارى بل نحن أولى بالله منكم آمنا بموسى وعيسى وعندنا الإنجيل وقال المسلمون بل نحن أولى بالله منكما لأننا آمنا بموسى وعيسى ومحمد وعندنا القرآن فأنزل الله عز وجل:

(ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أثنى وهو مؤمن، فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً) النساء (123-125).

هذا هو مقياس التفاضل عند الله (الإيمان والعمل الصالح وجماعه التقوى).

لا مقياس غيره ولا أرضى لله ولا أوثق بالحق منه (ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) النساء 125 (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين) فصلت 33.

هذا هو مقياس الفطرة وبداهة العقل، (صلاح الباطن بالإيمان وصلاح الظاهر بالعمل) وهذا هو الصراط المستقيم الموصل إلى الرفعة في الدنيا والسعادة في الآخرة وهو الذي أمر الله به محمداً (صلى الله عليه وسلم) وهو ملة إبراهيم الذي يعتبره بنو إسرائيل أباهم الأكبر (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) الأنعام (161-163).

عهد إبراهيم لا ملة إبراهيم

لكن بني إسرائيل الشعب المختار لم يعتمدوا في إثبات اختيار الله لهم على ملة إبراهيم والاهتداء إلى الصراط المستقيم!! ولكن على شيء آخر هو عهد إبراهيم القديم.

وما عهد إبراهيم هذا؟ هو خرافة اخترعها اليهود لا يمكن إثباتها ولا يمكن تصديقها جعلوها محور توراتهم وغاية محياهم ومماتهم وقصة هذا العهد:

أن الله جل شأنه جاء لإبراهيم عليه السلام في المنام وقال له ارتحل من بلدك من حاران إلى أرض كنعان (فلسطين) ففعل فجاءه ثانية في المنام وقال له انظر يميناً وشمالاً هذه الأرض لك أعطيتها ولنسلك ثم تكرر المجيء لإبراهيم أربع مرات في كل مرة كانت مساحة الأرض تزيد حتى وصلت من الفرات إلى النيل ثم تكرر هذا العهد لإسحاق ويعقوب (هذه الأرض لك ولنسلك).

لكن هذا الوعد بكل أسف لم يتحقق فقد عاش إبراهيم مائة سنة في فلسطين لم يملك فيها شبراً كما جاء في سفر أعمال الرسل ولما ماتت زوجه سارة لم يكن يملك لها قبراً كما جاء في سفر التكوين 26.

وكذلك عاش إسحاق ويعقوب أكثر من مائة سنة بفلسطين أصحاب خيام وأنعام ثم ارتحل يعقوب (إسرائيل) بنبيه إلى مصر وبقوا فيها 430 سنة خدماً وعبيداً لفرعون لا يملكون أرضاً لا في مصر ولا فلسطين.

موسى

وأخيراً بعث موسى بعد نحو 700 سبعمائة من صدور هذا الوعد لإبراهيم فبدأ الناس يسمعون به لأنه ذكرت قصته وحكايته في التوراة وبدأ موسى يحقق هذا الوعد ويثير الحرب لامتلاك الأرض فاستولى على شرق الأردن وأباد أهلها الرجال والنساء والأطفال كما جاء في التثنية ثم تابع تلميذه يشوع النبي غاراته من بعده فاستولى على فلسطين بنفس مخطط الإبادة بل أشد. أباد موسى مملكتين ويشوع 31.

ويتساءل المرء

ما قيمة هذا العهد وفائدته وما مصداقيته؟

* ما دام إبراهيم وبنوه عاشوا وماتوا ولم يملكوا من الأرض شيئاً.

* وما دام امتلاك الأرض كلف موسى وبني إسرائيل كل هذا الجهد والجرم والإبادة.

* وأي إله هذا الذي يمنح أرضاً مسكونة للناس ويبيح للممنوح لهم أن يبيدوا سكانها ليستولوا عليها.

* إنه وعد كذب ولكن الشعب المختار جعله السند القانوني لحقه في امتلاك الأرض.

ونعود للشعب المختار وماذا فعلوا بهذه الأرض؟

بعد موت يشوع قام في الأرض عهد القضاة نحو 200 سنة لم ينقطع فيها الشر ولا الفتن ولا الحروب وقتل الفلسطينيين.

ثم جاء من بعدهم عهد الملوك فكان امتداداً للشر والفساد والبغي في الأرض بغير الحق.

وقد حكم الملك داود 40 سنة قتل فيها من الفلسطينيين أكثر من مائة ألف رجل كما جاء في سفر الملوك 2.

وبعد سليمان ابنه مزقت المملكة بين أولاده وقسمت إلى يهوذا في القدس وإسرائيل في شكيم (نابلس) ولم تتوقف الحروب بينهما.

ثم جاء الغزو البابلي فاجتاحهم وخرب ديارهم ودمر هيكلهم وأحرق توراتهم وساقهم سبايا إلى بابل ثم تحنن عليهم (كورش) ملك الفرس فأعادهم وبنوا هيكلهم وأسوارهم ثم عادوا فأعانوا الفرس على الروم فأباد الروم خضراءهم ودمروا هيكلهم ومزقوهم في الأرض مزقاً وحرموا عليهم أورشليم.

عهد الإسلام

وجاء الإسلام وهو محرم عليهم سكنى فلسطين وهم مقطعون في الأرض أمماً ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا.

فلما هاجر النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة عاهدهم معاهدة الصداقة والرحمة والند للند جاهدة تكافل ونصرة.

هذه أهم بنودها

* إن اليهود مع المسلمين أمة واحدة لليهود دينهم وللمسلمين دينهم.

* يتعاونون فيما بينهم على البر دون الإثم.

* وعلى معاونة المحتاج وإنصاف المظلوم.

* وعلى ألا يؤخذ امرؤ بذنب حليفه.

* وعلى أن يكونوا يداً واحدةً في الدفاع عن الوطن (المدينة).

(معاهدة لا أبر منها ولا أشرف ولا أرحم ولا أعدل)

نقض العهد

لكن اليهود بكل أسف كدأبهم (كلما عاهدوا عهداً نبذه فريقٌ منهم) البقرة 100، نقضوا كل عهودهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلى (صلى الله عليه وسلم) يهود بني قينقاع وبني النضير وقتل مقاتلة قريظة وأجلى عمر (رضي الله عنه) يهود خيبر وكان ذلك من آيات الله ومن أنباء الغيب التي نبأنا بها القرآن الكريم وكانت آية على إعجازه وصدق محمد (صلى الله عليه وسلم) في نبوته ودعوته.

سورة بني إسرائيل(1)

لقد نبأنا بها الله عز وجل في سورة الإسراء وتسمى سورة بني إسرائيل أنهم سيفسدون في الأرض مرتين.

فقال سبحانه: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً).

إن تاريخ بني إسرائيل كله فساد وإفساد ولكن الله عز وجل ذكر مرتين من إفساد مستقبل وعلواً وعتواً سيكون منهم للمسلمين.

المرة الأولى

قال سبحانه: (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأسٍ شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً).

هذا هو الدور الأول الذي حدث منهم والكيد الذي كادوا للنبي (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين في نقض عهدهم وإعانة عدوهم والطعن في دينهم وهتك حرماتهم.

وهي المرة الأولى التي بعث الله عليهم فيها رسوله والمؤمنين عباداً له أولي بأسٍ شديد لم يكلفهم تأديب اليهود إلا أن جاسوا خلال الديار فأجلوا يهود بني قينقاع والنضير وقتلوا مقاتلة قريظة وأجلوا يهود خيبر وانتهى أمرهم وطهرت الأرض من رجسهم وكيدهم وكان وعداً مفعولاً وأمراً مقضياً فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.

المرة الثانية

وهي الدور الذي نحن فيه الآن

بعد قرون كثيرة وتقصير وغفلة منا رد الله لليهود الكرة علينا وأمدهم بأسباب القوة والقهر تأديباً لنا.

فقال سبحانه: (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً).

رد الله لليهود الكرة علينا إعمالاً لقانون العدل وأن الجزاء من جنس العمل فقد جدوا وهزلنا وتجمعوا وتفرقنا وبذلوا وبخلنا وعملوا وقعدنا والله تعالى يقول: (إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض).

فلذلك رد الله لليهود الكرة وأمدهم بثلاث لم يمدوا بمثلها في تاريخهم كله.

1- أموال تتدفق معونات ومنح وتعويضات وقروض... إلخ.

2- بنين مهاجرين مدربين معدين لبناء دولة.

3- أكثر نفيراً ناصراً ينفر العالم كله لنصرتهم وحمايتهم والدفاع عن أخطائهم وجرائمهم.

وبهذا الرد والإمداد قامت دولتهم وقويت شوكتهم ومكن لهم وهم الآن يعملون على إقامة دولتهم الكبرى إسرائيل من الفرات إلى النيل.

امتحان

لكن هذا التمكين كما كان عقوبة من الله لنا على تفريطنا، كان امتحاناً لإسرائيل على مدى أهليتهم لينظر كيف يعملون.

لذلك اتبع الله عز وجل هذا الإمداد بقوله (إن أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) يعني أن هذا الرد والتمكين اختبار لكم لتثبتوا أهليتكم واستحقاقكم للنعمة.

فإن أحسنتم

فشكرتم نعمة الله عليكم ولم تظلموا عباده وانتهيتم عن الفساد والعلو وعايشتم أهل الأرض بالمعروف واحترمتم دينهم ومقدساتهم أحسنتم لأنفسكم وعاد ذلك الإحسان عليكم.

وإن أسأتم

فعدوتم على أصحاب الأرض تخرجونهم من ديارهم وتتقونها وتسيرون الجرافات وتبنون المستوطنات وتمحون الآثار والمقدسات وتحفرون الأنفاق تحت المسجد الأقصى لتقوضوا بناءه وتعجلوا انتهاءه إن أسأتم فلكم السوأى.

سقوط

والشعب المختار لا يتخلى عن سجيته ولا ينفك عن جبلته ولا يختار إلا ما ورثه آباؤه وأنبياؤه وما سجلته التوراة لهم من جرائم الخيانة والغدر والفتك والسلب والنهب وأعمال التدمير والإبادة ولذلك سقط في الامتحان بجدارة.

ولذلك لم يقل الله عز وجل (وستسيؤون) فذلك أمر مفروغ منه ولن يصدر عنهم غيره.

إنما قال سبحانه بعد (فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا عسى ربكم أن يرحمكم).

وهذا معناه أن الدمار يا بني إسرائيل واقع بكم لا محالة فما دمتم اخترتم السيئة على الحسنة فلكم السوأى.

وسيسوء المسلمون وجوهكم أي يرونكم المساءة والذل والهزيمة في وجوهكم وسيدخلون الأرض المقدسة عباداً ملبين يعيدون إليها قداستها ومسجدها كما دخلوا أول مرة.

وليدمروا ما علوا عليه وغلبوا من مستوطنات واستحكامات ومفاعلات ومعدات ولن يمنعكم من بأس الله إذا جاءكم شيء.

عندئذٍ عسى ربكم أن يرحمكم فقد وصلتم إلى حد يكرهكم فيه طوب الأرض ولا تستحقون معه رحمة.

وبعد

فقد جاء في التوراة في وصف الشعب المختار أنه غبي شرير أحمق لا بصيرة له وهذا الشعب يتحدى العرب والمسلمين اليوم بل يتحدى العالم ولا يعترف بمعاهدات ولا اتفاقيات ولا شيء بما يتواصى به الناس ويحسب أنه يستطيع أن يعيش ويفرض نفسه على جيرانه بالقوة.

ويقول (بيجن) رئيس وزراء إسرائيل الأسبق أن الأسلحة العبرية هي التي ستقرر حدود الدولة العبرية.

وأن الحل الأخلاقي الأمثل هو تفريغ الأرض من سكانها العرب.

وأن الضفة الغربية وغزة هي يهوذا والسامرة مملكتا إسرائيل في التوراة.

لقد أبدى اليهود صفحتهم وظهروا على حقيقتهم وأعجب للذين لا يزالون يؤملون في السلام معهم ولا يسأمون أن يقولوا خيارنا السلام ولا معدى عن السلام.

وهذا الذي جرأ إسرائيل وزادها طغياناً وكفراً فمن أمن العقوبة أساء الأدب.

إن الشعب المختار لا يحمل مؤهلات بقائه بل عوامل اضمحلاله وفنائه كما بيناه في هذا الكتاب وهو يعتمد في صلافته واستكباره على أمريكا وعلى ما لديه من أسلحة نووية.

أما أمريكا فقد نجت من فيتنام بأعجوبة، وأخرجت من لبنان بتفجيره، ومن الصومال على يد الحفاة العراة.

وهم كاليهود لا يقاتلون إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر.

وهم يعتمدون على الدولار والأقمار وقد ثبت أخيراً فشلها ولا يزال في الناس من يقول لا كما فعلت باكستان وإيران.

أما السلاح النووي

فقد أصبح أسطورة يخاف صاحبه منه مثلما يخيف به كراكب السبع وقد أصبح كأي سلعة تباع في السوق السوداء، وأن في الدول اليوم من يهدد بإفشاء أسراره.

إن الذي نحتاج إليه اليوم نية الجهاد وحب الاستشهاد وهو سلاح لا يقل ولا يملكه إلا المسلمون قال أبو بكر (رضي الله عنه) احرص على الموت توهب لك الحياة ولقد بدأ المسلمون اليوم يفيئون إلى دينهم ويفرون إلى ربهم ويتداعون لمقاطعة عدوهم وهو سلاح فتاك يبدأ به أهل الإيمان.

ويبقى أن هذه الشعوب العاتية لا تزال تلج في طغيانها حتى يأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

وصدق الله العظيم (وكأين من قرية عتت عن أمر بها ورسله فحاسبناها حساباً شديداً وعذبناها عذاباً نكراً فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسراً أعد الله لهم عذاباً شديداً فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكراً رسولاً يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جناح تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً قد أحسن الله له رزقاً) الطلاق 8-11.

***

والسلام على من ابتع الهدى

القاهرة غرة المحرم 1419هـ

عبد المعز عبد الستار

الشعب المختار

من أشراط الساعة أن يرفع الأشرار ويوضع الأخيار

الاختيار حقيقته وشروطه

الكمال الذاتي ميزان الاختيار

مقومات الكمال الذاتي ثلاثة

المقوم الأول: صحة العقيدة

المقوم الثاني: استقامة السلوك.

المقوم الثالث: رسالة إصلاح (فعل الخير)

الشعب المختار

* أسوأ الناس عقيدة

* أسوأ الناس سيرة

* أسوأ الناس رسالة

الشعب المختار من علامات الساعة

جاء في الحديث عن عمر بن قيس أنه دخل مسجد حمص فسمع عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث في المسجد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويقول:

"إن من أشراط الساعة أن يرفع الأشرار ويوضع الأخيار"

"إن من أشراط الساعة أن يظهر القول ويخزن العمل"

"إن من أشراط الساعة أن تقرأ المثناة على الناس فلا تغير" قيل له: ما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله، يعنى ما كتبه اليهود بأيديهم وقالوا: هو من عند الله.

ومما كتبه اليهود وزعموا أنه من عند الله هذه التوراة الموجودة اليوم بين أيدينا، التي تقوم على أمرين هما أظهر ما تضمنتا وأكذب شيء فيها:

الأول: إثبات أن بني إسرائيل هم شعب الله المختار.

الثاني: إثبات ملكيتهم لأرض فلسطين بوعد من الله لإبراهيم(1).

ونريد هنا أن نتحدث عن الأمر الأول فقط وأن نتعرف على هذا الشعب المختار من هذه التوراة التي كتبوها بأيديهم، وسجلوا فيها اصطفاءهم ومفاخرهم، وسر امتيازهم وحب الله لهم وتقديمهم على عباده، وانتخابهم أئمة على خلقه، وسنرى فيها معجزة النبوة، وكيف يرفع الأشرار ويوضع الأخيار، وكيف يكذب على الله ورسله وتستحل حرمات خلقه في هذه المثناة.

وأنه يتعين علينا شرعاً أن نكشف هذا الزور ونصلح هذا الخلل وأن نضع الأشرار ونرفع الأخيار وأن نغير المثناة التي كتبها اليهود بأيديهم وقالوا هي من عند الله حتى نقيم العوج ونسد الفرج ونقيم الوزن بالقسط بين الناس ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة.

إن تغيير المنكر وشنأن الفاسقين وهتك أستارهم ورد كيدهم واجب وضرورة لحماية الأمة وإعزاز الملة وتمكين الدين.

قال (صلى الله عليه وسلم) متى ترعون عن الفاسق اهتكوه تحذره الناس.

ونريد هنا أن نبين حقيقة الشعب المختار وحقيقة المثناة بوضعها تحت المجهر وقوانين أهل العقل والبصر ليتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين.

ووعداً علينا أن نتقيد بنصوص التوراة والمثناة وألا نجاوزها إلى غيرها، سنتقيد بما كتبوه بأيديهم وشهدوا به على أنفسهم.

وفي هذه النصوص ما يكفي ويشفي، ويغنينا عن التماس دليل أو برهان على ما نقول: فإنه اعترف منهم بما نورده وشهادة منهم على أنفسهم، والاعتراف سيد الأدلة كما هو معروف. وسوف لا نكتفي بعزوها بأرقامها وفصولها إلى أسفار التوراة والكتاب المقدس ولكننا سننقل صوراً منها فوتغرافية لمن كان في شك أو أراد أن يتثبت.

الاختيار

وقيل أن نتحدث عن الشعب المختار، نتحدث عن ماهية "الاختيار" وأهميته كحكم وشروطه عند العقلاء، حتى يكون حكمنا صادقاً وموثقاً، ونكون نحن حكماء. وقديماً قال العلماء: اختيار المرء وافد عقله، قال الشاعر:

قد عرفناك باختيارك من كا    ن دليلاً على اللبيب اختياره

فكما يثبت الاختيار رفعة الشيء المختار إذا كان أهلاً له، كذلك يدل على حكمة المختار الذي رفعه فإن حقيقة الاختيار هي الانتقاء والاصطفاء بعد مراعاة صفات ومميزات لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه.

ولهذا نريد أن نتفق على ميزان ومميزات وشروط عامة مطلقة، يقوم على أساسها الاختيار المطلق، لا يختلف عليها العقلاء، بل يتفق عليها أهل القصد والحكمة، والفطرة السليمة لنرى هل تنطبق على الشعب المختار، فإن تقديم فرد على فرد لا بد وأن يخضع لكمال إنساني محسوب فكيف إذا كان تقديم شعب على جميع الشعوب.

ميزان الاختيار

الكمال الذاتي

يستحق الشيء التقديم والحب والاصطفاء والتقدير، إذا كان كاملاً في ذاته. فالشجرة الخضراء وارفة الظلال، والمبنى الجميل الأنيق، والإنسان المهذب الشريف، كل أولئك محل للتقدير والتوقير، وأن تميل إليه القلوب بالإعزاز والحب والتقديم. وتلك فطرة وحق فإذا كان الشيء يتعدى كماله ونفعه لغيره كان أحق بالإعزاز والتكريم والحب والتقديم.

قال ابن عباس رضي الله عنه: إني لأسمع بالرجل يعدل في حكمه فيحبه قلبي، ولعلي لا أقاضي إليه يوماً من الدهر(1).

بل جاء في وصف النبي (صلى الله عليه وسلم)، أنه كان يقدم أهل الفضل، كما روى الحسن بن علي عن أبيه رضي الله عنهما في وصف النبي (صلى الله عليه وسلم)(2).

الذين يلونه من الناس خيارهم.

أفضلهم عنده أعمهم نفعاً.

أعظمهم عنده أعظمهم مواساة.

تلك بداهة الحق والعقل والفطرة وكلما كان هذا الشيء الكامل في نفسه يتعدى كماله لغيره ويصل إلى الغير نفعه وبره، كان أحق بالامتياز، وأهلاً لأن يحب ويختار ويقدم في موازين الحق والخلق والكمال، وإنما استحقت أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) أن تكون خير أمة، لأنها أنفع أمة للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، اجتمع لها أمور ثلاثة: صحة العقيدة، استقامة السلوك، نفع الناس(3).

وعلى هذا الأساس نريد أن نزن بني إسرائيل كما هم في توراتهم من حيث كمال ذاتهم في صحة عقيدتهم واستقامة سلوكهم ومن حيث نفعهم وتعدى كما لهم لغيرهم براً ورحمة أو عدلاً وإنصافاً.

الشعب المختار في ميزان الكمال الذاتي

ونريد هنا أن نعرف وجه الكمال الذاتي الذي استحق به بنو إسرائيل أن يختارهم الله أبناء له من بين خلقه، وينتخبهم شعباً له من بين عباده، يحل لهم ما حرم على غيرهم ويمكن لهم ما لم يمكن لأحد قبلهم، ويملكهم كل ما تدوسه بطون أقدامهم، ولهم بعد ذلك. ما يشاؤون عند ربهم، نريد أن نتعرف على سر هذا الاختيار والامتياز وأن تعرضه على ميزان الكمال ونزنه بهذه المقومات الثلاثة التي جعلها الله سبباً للاختيار والتقديم وهي:

1- صحة العقيدة بالإيمان الكامل.

2- استقامة السلوك بالعمل الصالح.

3- نفع الغير بعمل البر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

هذه هي المؤهلات التي لا بد منها لنجاح أي شعب واختياره ورجحان كفته عند الله والناس وسنبدأ البحث الآن بالحديث عن العقيدة عقيدة الشعب المختار فبصحتها يرتفع الأخيار ويوضع الأشرار.

المقوم الأول

صحة العقيدة

عقيدة الشعب المختار

صحة العقيدة: هي المقوم الأول لكمال شعب وتقديمه واختياره ولا رخصة فيها لأحد خصوصاً لشعب يختاره الله من بين الشعوب ويختصه لنفسه من بين العالمين ليكون مقدساً فلا بد أن يكون صحيح العقيدة، صادق الإيمان، حسن الظن بالله ولقائه ورسله وأنبيائه وكتبه وقضائه، ليكون أهلاً لحب الله واصطفائه.

ولكننا سنرى أي صورة قبيحة شائهة منكرة قدمها الشعب المختار في هذه التوراة عن الله وصوره فيها بما يترفع عن السفلة والدون من الناس.

وسنرى أي عصابة من السفلة والفسقة والمجرمين القتلة والكذابين الخونة قدموا فيها أنبياء الله الذين جعلهم هداة لخلقه ورحمة لعباده وقال عنهم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).

ونكتفي من الحديث عن عقيدة الشعب المختار بهذين الأمرين: الله ورسله لأن الإيمان باليوم الآخر لا وجود له إطلاقاً في هذه التوراة، وكل همهم ومبلغ علمهم بالجنة والنار هي أرض فلسطين.

تقول التوراة: "احفظ فرائضي واعمل بوصاياي كي يعطيك الرب الإله الأرض التي وعد آباءك إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلا تحفظ فرائضي وتعمل بوصاياي يطردك الرب من هذه الأرض التي تفيض سمناً وعسلاً(1).

لا أثر للإيمان باليوم الآخر أو الإيمان بلقاء الله وحسابه وثوابه وعقابه وجنته وناره في هذه التوراة وفي عقيدة الشعب المختار. إنما الجنة عندهم أن يعطوا أرض فلسطين والنار أن يطردوا منها.

الله عند الشعب المختار

الله في التوراة وعند بني إسرائيل هو إله اليهود ورب الجنود واسمه (يهوى) وهو خاص بهم اختصهم لنفسه واختارهم من بين خلقه، واختاروه من بين الآلهة فهو رب إسرائيل ليس رب العالمين الذي نؤمن به ونتوكل عليه ونعبده ونوحده. وهذا من نعمة الله علينا، لأن إله إسرائيل كما تنعته التوراة جبان جهول حسود حقود، جائر ظلوم يخطئ ويندم وينسى ويذكر فيحتاج إلى منبه ومعلم وهذه التوراة التي كتبوها بأيديهم وتنعته وتشهد عليهم بما نقول.

(1) إله جبان

جاء في سفر التكوين ف3 أن آدم وحواء لما أكلا من الشجرة سمعا صوت الرب الإله وهو يتمشى في الجنة فاختبآ... فنادى الرب الإله آدم: أين أنت؟ قال: سمعت صوتك في الجنة فاختبأت لأني عريان. قال: فمن أعلمك أنك عريان هل أكلت من الشجرة التي نهيتك عن أن تأكل منها؟ قال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني فأكلت(1).

ولم يقبل الله عذره وتوعده هو وامرأته بالكبد والنكد ولعن الأرض والحية وأخرج آدم من الجنة.

وتقول التوراة في تعليل هذا الطرد والإخراج من الجنة:

"وقال الرب (في نفسه) هو ذا آدم قد صار كواحد منا (أي الآلهة) يعرف الخير والشر (لأن الشجرة التي نهي عن الأكل منها ثم أكل، هي شجرة المعرفة)".

"قال الرب: والآن لعله يمد يده فيأخذ من شجرة الحياة ويأكل فيحيا إلى الدهر (أي يخلد وبذلك يشارك الله في صفتي العلم والبقاء) فأخرجه الرب الإله من الجنة وحرس طريق الشجرة الحياة حتى لا يصل إليها).

هذا هو الرب إله إسرائيل الجهول ينادي آدم أين أنت؟ ويسأله هل أكلت من الشجرة؟ ولا يدري أين هو ولا يدري أكل من الشجرة أم لا؟

وهذا هو إله الشعب المختار جبان، خاف من آدم لما أكل من الشجرة لأنها شجرة المعرفة فأصبح كواحد من الآلهة.

فأين من إله إسرائيل الشعب المختار ربنا ورب العالمين الرحمن الرحيم الذي (علم آدم الأسماء كلها) لما أراد أن يظهر الملائكة فضله ويستخلفه في أرضه. ولم يخف منه لما صار عالماً(1).

إله إسرائيل

جبان خاف من آدم

جهول لا يعلم من خلق/تكوين ف3

(7فانفتحت أعينها وعلما أنهما عريانان.فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر.8وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة.9فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت.10فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت.11فقال من أعلمك أنك عريان. هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها.12فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت. 13فقال الرب الإله للمرأة ما هذا الذي فعلت. فقالت المرأة الحية غرتني فأكلت.14فقال الرب الإله للحية لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية. على بطنك تسعين وتراباً تأكلين كل أيام حياتك. 15وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عتبه. 16وقال للمرأة تكثيراً أكثر إتعاب حبلك. بالموجع تلدين أولاداً.وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك.17وقال لآدم لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً لا تأكل منها ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك.18وشوكاً وحسكاً تنبت لك وتأكل عشب الحقل.19بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها. لأنك تراب وإلى تراب تعود.20 ودعا آدم اسم امرأته حواء لأنها أم كل حي.21وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما.

22وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً للخير والشر. والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحيوة أيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد.23 فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها.24فطرد الإنسان وأقام شرقي جنة عدن الكرويم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحيوة.)

الإصحاح الرابع

(1وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قابين. وقالت اقتنيت رجلاً من عند الرب.2ثم عادت فولدت أخاه هابيل. وكان هابيل راعياً للغنم وكان قابين عاملاً في الأرض.3وحدث من بعد أيام أن قابين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب.4وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها.)

 (3) إله مختل أحمق

وهذا إله الشعب المختار يضيف إلى هذا الجبن والجهل الحمق وعدم الحكمة ويعترف بذلك صراحة في الكتاب المقدس، فيقول في سفر التكوين: ف6

مختل يخلق ويندم

تكوين ف8و9

(1ثم ذكر الله نوحاً وكل الوحوش وكل البهائم التي معه في الفلك. وأجاز الله ريحاً على الأرض فبدأت المياه.2وانسدت ينابيع الغمر وطاقات السماء. فامتنع المطر من السماء.3 ورجعت المياه عن الأرض رجوعاً متوالياً. وبعد مئة وخمسين يوماً نقصت المياه.4واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال اراراط.5وكانت المياه تنقص نقصاً متوالياً إلى الشهر العاشر وفي العاشر في أول الشهر ظهرت رؤوس الجبال.

6وحدث من بعد أربعين يوماً أن نوحاً فتح طاقة الفلك التي كان قد عملها.7وأرسل الغراب فخرج متردداً حتى نشفت المياه عن الأرض.8ثم أرسل الحمامة من عنده ليرى هل قلت المياه عن وجه الأرض.9فلم تجد الحمامة مقبراً لرجلها. فرجعت إليه إلى الفلك. لأن مياهاً كانت على وجه الأرض فمد يده وأخذها وأدخلها عنده إلى الفلك.10 فلبث أيضاً سبعة أيام أخر وعاد فأرسل الحمامة من الفلك.11فأتت إليه الحمامة عند المساء وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها. فعلم نوح أن المياه قد قلت عن الأرض. 12فلبث أيضاً سبعة أيام أخر وأرسل الحمامة فلم تعد ترجع إليه أيضاً.

13وكان في السنة الواحدة والست مئة في الشهر الأول في أول الشهر أن المياه نشفت فكشف نوح الغطاء عن الفلك ونظر فإذا وجه الأرض قد نشف.14وفي الشهر الثاني في اليوم السابع والعشرين من الشهر جفت الأرض.15وكلم الله نوحاً قائلاً 16 اخرج من الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك.17وكل الحيوانات التي معك من كل ذي جسد الطيور والبهائم وكل الدبابات التي تدب على الأرض أخرجها معك. ولتتوالد في الأرض وتثمر وتكثر على الأرض. 18فخرج نوح وبنوه معه. وكل الحيوانات وكل الدبابات وكل الطيور كل ما يدب على الأرض كأنواعها خرجت من الفلك.

20 وبنى نوح مذبحاً للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح. 21فتنسم الرب رائحة الرضا. وقال الرب في قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته ولا أعود أيضاً أميت كل حي كما فعلت.22مدة كل أيام الأرض زرع وحصاد وبرد وحر وصيف وشتاء ونهار وليل ولا تزال.)

 

"ورأى الرب أن شر الناس قد كثر على الأرض.. فندم الرب أنه عمل الإنسان وتأسف في قلبه، فقال الرب: أمحو الإنسان الذي خلقت من وجه الأرض مع البهائم والدبابات وطير السماء لأني ندمت على خلقي لهم".

وأغرق الله الأرض بالطوفان ونجى نوحاً ومن معه وبنى نوح مذبحاً للرب وأخذ من جميع الطير الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح وتقول التوراة في التكوين أيضاً: ف8

"فتنسم الرب رائحة الرضى(1) وقال الرب في نفسه لا أعود ألعن الأرض أيضاً بسبب الإنسان، بما أن تصور الإنسان شرير منذ حداثته ولا أعود أهلك كل حي".

هذا هو إله الشعب المختار يخلق الإنسان فيندم ويمحو الإنسان والحيوان فيندم. فما الذي يؤتيه رشده ويعالج خلله.

لقد قرر هو أن يضع حداً لهذه التصرفات بنفسه فكلم نوح وبنيه معه قائلاً كما جاء في الفصل التاسع من سفر التكوين أيضاً ف9:

(4) إله محتاج لمنبه

"هأنذا أقيم عهدي معكم وكل ذي جسد لا ينقرض أيضاً بمياه الطوفان ولا يكون أيضاً طوفان بعد ليتلف الأرض".

ولم يكتف الله بهذا العهد بل وضع علامة حسية ونصب شاهداً في السماء يذكره بعهده وينبهه حتى يتذكر، وهذه العلامة هي (قوس قزح) الذي يتراءى لنا في السماء أيام المطر. إليك ما جاء في التوراة والسفر نفسه والفصل9

"وقال الله: هذه علامة العهد الذي أنا جاعله بيني وبينكم.. قوسى في السماء إذا غيمت على الأرض ظهرت القوس فذكرت عهدي فلا أعود أغرق الأرض"

هذا هو إله الشعب المختار الذي اصطفاهم واختارهم على العالمين كما يعرفونه ويصفونه ويؤمنون به وفي هذا ما يكفي ويشفي لبيان حقيقتهم وعقيدتهم، ولكننا نورد مثلاً آخر من نصوص الكتاب المقدس من التوراة ومن سفر التكوين أيضاً تثبت أنه.

إله حسود حقود

لا يؤمن به إلا من كان مثل بني إسرائيل في حقدهم وحسدهم وكفرهم واستكبارهم ولا نطيل، فقد جاء في سفر التكوين ف11

نسي يحتاج إلى مذكر

الإصحاح التاسع

(1وبارك الله نوحاً وبنيه وقال لهم أثمروا و أكثروا و املأوا الأرض. 2ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض وكل طيور السماء مع كل ما يدب على الأرض وكل أسماك البحر قد دفعت إلى أيديكم. 3كل دابة حية تكون لكم طعامً كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع. 4غير أن لحماً بحياته دمه لا تأكلوه. 5وأطلب أنا دمكم لأنفسكم فقط من يد كل حيوان أطلبه ومن يد الإنسان أطلب نفس الإنسان من يد الإنسان أخيه. 6سأفك دم الإنسان بالإنسان يسفك دمه لأن الله على صورته عمل الإنسان. 7فأثمروا أنتم واكثروا وتوالدوا في الأرض وتكاثروا فيه وكلم الله نوحاً وبنيه معه قائلاً. 9وها أنا مقيم ميثاقي معكم ومع نسلكم من بعدكم. 10ومع كل ذوات الأنفس الحية التي معكم الطيور والبهائم وكل وحوش الأرض التي معكم من جميع الخارجين من الفلك حتى كل حيوان الأرض. 11أقيم ميثاقي معكم فلا ينقرض كل ذي جسد أيضاً بمياه الطوفان ولا يكون أيضاً طوفان ليخرب الأرض. 12وقال الله هذه علامة الميثاق الذي أنا واضعه بيني وبينكم وبين كل ذوات الأنفس الحية التي معكم إلى أجيال الدهر. 13وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض. 14فيكون متى أنشر سحاباً على الأرض وتظهر القوس في السحاب. 15أني أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد فلا تكون أيضاً المياه طوفاناً لتهلك كل ذي جسد. 16فمتى كانت القوس في السحاب أبصرها لأذكر ميثاقاً أبدياً بين الله وبين كل نفس حية في كل جسد على الأرض. 17وقال الله لنوح هذه علامة الميثاق الذي أنا أقمته بيني وبين كل ذي جسد على الأرض. 18وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساماً وحاماً ويافث وحام هو أبو كنعان. 19هؤلاء بنو حام حسب قبائلهم كألسنتهم بأراضيهم وأممهم 21 وسام أبو كل بني عابر أخو يافث الكبير ولد له أيضاً بنون 22بنو سام عيلام وآشور وأفركشاد ولود وآرام. 23هؤلاء قبائل بني نوح حسب مواليدهم بأممهم . ومن هؤلاء تفرقت الأمم في الأرض بعد الطوفان.

الإصحاح الحادي شر

حسود حقود بلبل أهل بابل

تكوين ف11

(1وكانت الأرض كلها لساناً واحداً ولغة واحدة. 2وحدث في ارتحالهم شرقاً أنهم وجدوا بقعة في أرض شنعار وسكنوا هناك. 3وقال بعضهم لبعض هلم نصنع لبناً ونشويه شياً فكان لهم اللبن مكان الحجر وكان لهم الحمر مكان الطين. 4وقالوا هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجاً رأسه بالسماء ونصنع لأنفسنا اسماً لئلا نتبدد على وجه كل الأرض. 5فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما. 6وقال الرب هو ذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم وهذا ابتداؤهم بالعمل والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه. 7هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض. 8 فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض فكفوا عن بنيان المدينة. 9لذلك دعي اسمها بابل لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض ومن هناك بددهم الرب على وجه كل الأرض10هذه مواليد سام لما كان سام ابن مئة سنة ولد أرفكشاد بعد الطوفان بسنتين. 11وعاش سام بعدما ولد أرفكشاد خمس مئة سنة وولد بنين وبنات. 12وعاش أرفكشاد خمساً وثلاثين سنة وولد شالح. 13وعاش أرفكشاد بعدما ولد شالح أربع مئة وثلاث سنين وولد بنين وبنات. 14وعاش شالح ثلاثين سنة وولد عابر. 15وعاش شالح بعدما ولد عابر أربع مئة وثلاث سنين).

بعد الطوفان "كانت الأرض كلها لغة واحدة وكلاماً واحداً وكان أنهم لما رحلوا من المشرق وجدوا بقعة في أرض شنعار فأقاموا هناك وقال بعضهم لبعض: تعالوا نبني لنا مدينة وبرجاً رأسه إلى السماء ونقم لنا اسماً كيلا نتبدد على وجه الأرض.

"فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين بنوهما"، وقال الرب: هو ذا شعب واحد ولجميعهم لغة واحدة، وهذا ما يفعلونه"

"والآن لا يكفون عما هموا به حتى يصنعوه"

"هلم نهبط ونبلبل هناك لغتهم حتى لا يفهم بعضهم لغة بعض"

"فبددهم الرب هناك على وجه الأرض كلها وكفوا عن بناء المدينة"

"ولذلك سميت (بابل) لأن الرب هناك بلبل لغة الأرض كلها"

"ومن هناك شنتهم على كل وجهها"

هذا هو إله إسرائيل ورب الشعب المختار وتلك عقيدتهم فيه، إله يسوؤه أن يصلح أمر عباده وأن يرتقي شأن خلقه، وأن يتحد الناس وأن يتعاونوا فيما بينهم على ما ينفعهم.

وما من شك أنها خرافة نبعت من العقل الباطن والضمير الميت للشعب المختار خلعوا سواد حقدهم وحسدهم على الله ونسبوها زوراً وكذباً إليه(1).

بمثل ما افتروه عليه من قبل أنه خاف من آدم لما أكل من الشجرة لأنها شجرة المعرفة وهكذا يتجارى بهم السوء وطمس البصيرة والحقد والحسد حتى يصموا الله بما يوصم به أدنى البشر ولا يقبله الأرذلون من الناس ولا يرضونه لأنفسهم.

إله خرع يصارع يعقوب فيصرعه يعقوب

زعموا أن يعقوب (إسرائيل) دخل ليلة مع الله في صراع عنيف فغلبه ولم يقدر الله عليه فضربه على حق فخذه وغير اسمه إعجاباً به وسماه (إسرائيل) وإليك القصة كما جاءت في التوراة في سفر التكوين ف32

بين قطيع وقطيع 17 وأمر الأول قائلاً إذا صادفك عيسو أخي وسألك قائلاً لمن أنت وإلى أين تذهب ولمن هذا الذي قدامك 18 تقول لعبدك يعقوب هو هدية مرسلة لسيدي عيسو وها هو أيضا وراءنا 19 وأمر أيضا الثاني والثالث وجميع السائرين وراء القطعان قائلاً بمثل هذا الكلام تكلمون عيسو حينما تجدونه. 20 وتقولون هوذا عبدك يعقوب أيضاً وراءنا لأنه قال استعطف وجهه بالهدية السائرة أمامي وبعد ذلك انظر وجهه عسى أن يرفع وجهي 21 فاجتازت الهدية قدامه وأما هو فبات تلك الليلة في المحلة. 22ثم قام في تلك الليلة وأخذ امرأتيه وجاريتيه وأولاده الأحد عشر وعبر مخاضة يبوق .23 أخذهم وأجازهم الوادي وأجاز ما كان له.24فبقي يعقوب وحده وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر. 25ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه 26وقال أطلقني لأنه قد طلع الفجر فقال لا أطلقك إن لم تباركني 27 فقال له ما اسمك فقال يعقوب 28 فقال لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت 29 وسأل يعقوب وقال أخبرني باسمك فقال لماذا تسأل عن اسمي وباركه هناك 30فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلاً لأني نظرت الله وجهاً لوجه ونجيت نفسي 31وأشرقت له الشمس إذ عبر فنوئيل وهو يخمع على فخذه 32لذلك لا يأكل بنو إسرائيل عرق النسا الذي على حق الفخذ إلى هذا اليوم لأنه ضرب حق فخذ يعقوب على عرق النسا.

الإصحاح الثالث والثلاثون

(1ورفع يعقوب عينيه ونظر وإذا عيسو مقبل ومعه أربع مئة رجل فقسم الأولاد على ليئة وعلى راحيل وعلى الجاريتين.2ووضع الجاريتين وأولادهما أولا وليئة وأولادها وراءهم وراحيل ويوسف أخيراً. 3وأما هو فاجتاز قدامهم وسجد إلى الأرض سبع مرات حتى اقترب إلى أخيه.4فركض عيسو للقائه وعانقه ووقع على عنقه وقبله وبكيا.5 ثم رفع عينيه وأبصر النساء والأولاد وقال ما هؤلاء منك. فقال الأولاد الذين أنعم الله بهم على عبدك.6فاقتربت الجاريتان هما وأولادهما وسجدتا.7ثم اقتربت ليئة أيضاً وأولادهما وسجدوا. وبعد ذلك اقترب يوسف وراحيل وسجدا.8 فقال ماذا منك كل هذا الجيش الذي صادفته فقال لأجد نعمة في عيني سيدي9فقال عيسو لي كثير يا أخي).

"أن يعقوب لما عبر مخاضه يبوق ببنيه وماله عبرهم الوادي وبقى وحده فصارعه رجل إلى مطلع الفجر ورأى أنه لا يقدر عليه فلمسه حق وركه فانخلع فقال ليعقوب: أطلقني فإنه قد طلع الفجر. فقال له يعقوب: لا أطلقك أو تباركني. فقال له: ما اسمك؟ قال: يعقوب. قال: لا يكون اسمك يعقوب فيما بعد بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت".

ولا أدري أي جاهد مع الله والناس؟

إلا أن تكون هذه المصارعة! فهل كانت جهاداً مع الله والناس؟

وأعجب من هذا ما جاء في الطبعة الكاثوليكية في الفصل نفسه إذ تقول "لأنك رؤست عند الله فعلى الناس تستظهر(1).

ولا تدري فيم رؤس عند الله إلا أنه غلب الله صار رئيساً عنده.

ولا ندري لم يستظهر على الناس وبم؟ وقد مات غريباً في أرض مصر لا تسمع له ذكراً ولا ركزاً.

وذلك الإله الجبان الجهول الأحمق العاجز الحقود الذي يؤمن به اليهود، هو الذي ملأوا به الدنيا ضجيجاً على أنه الواحد وأنهم دعاة التوحيد.

ولا ندري ماذا تكون الوثنية ولا حماقة الجاهلية ولا العقيدة الغبية إذا لم تكن هذه العقيدة التعسة والصورة البئيسة التي يقدمونها عن الله.

لقد كنا نشجب آلهة الإغريق وطروادة وقدماء المصريين وما يتجارون فيه ويتبارون من كيد ومكر وعبث وتصايح، ولكن ما ظننا أن أدعياء التوحيد وأبناء الأنبياء ينحط ربهم وينزل فيه رأيهم إلى هذا الحضيض الهون والدرك الدون.

(9) إله نائم

اصح يا نائم

حسنة لسيدك حسن

ولا جرم أيضاً أن يكون هذا الرب الجبان الأحمق الجهول لا توقير له في حياتهم ولا ثقة به عندهم، يخاطبونه بكل وقاحة ويسألونه كما يسأل أحدهم نداً له أو ضداً أو عبداً وهذا مثال مما جاء في مزامير داود من التوراة والكتاب المقدس في دعائهم إياه ومناجاتهم له.

إله لا احترام له

جاء في المزمور رقم 43 هذه المناجاة

(7لأنك أنت خلصتنا من مضايقينا وأخزيت مبغضينا 8بالله نفتخر اليوم كله واسمك نحمد إلى الدهر سلاه. 9لكنك قد رفضتنا وأخجلتنا ولا تخرج مع جنودنا. 10ترجعنا إلى الوراء عن العدو ومبغضونا نهبوا لأنفسهم. 11جعلتنا كالضأن أكلا ذريتنا بين الأمم. 12بعت شعبك بغير مال وما ربحت بثمنهم. 13تجعلنا عاراً عند جيراننا هزاة وسخرة للذين حولنا. 14تجعلنا مثلاً بين الشعوب لإنغاص الرأس بين الأمم. 15اليوم كله خجلي أمامي وخزي وجهي قد غطاني. 16من صوت المعير والشاتم من وجه عدو ومنتقم. 17هذا كله جاء علينا وما نسيناك ولا خنا في عهدك. 18لم يرتد قلبنا إلى وراء ولا مالت خطواتنا عن طريقك. 19حتى سحقتنا في مكان التنانين و غطيتنا بظل الموت. 20أن نسينا اسم إلهنا أو بسطنا أيدينا إلى إله غريب. 21أفلا يفحص الله عن هذا لأنه هو يعرف خفيات القلب. 22لأننا من أجلك نمات اليوم كله قد حسبنا مثل غنم للذبح. 23استيقظ لماذا تتغافى يا رب انتبه لا ترفض إلى الأبد. 24لماذا تحجب وجهك و تنسى مذلتنا و ضيقنا. 25لأن أنفسنا منحنية إلى التراب لصقت في الأرض بطوننا. 26قم عونا لنا وأفدنا من أجل رحمتك).

المزمور الخامس والأربعون

 (1فاض قلبي بكلام صالح متكلم أنا بإنشائي للملك لساني قلم كاتب ماهر. 2أنت أبرع جمالاً من بني البشر انسكبت النعمة على شفتيك لذلك باركك الله إلى الأبد. 3تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار جلالك وبهاءك. 4وبجلالك اقتحم اركب من أجل الحق والدعة والبر فتريك يمينك مخاوف. 5نبلك المسنونة في قلب أعداء الملك شعوب تحتك يسقطون. 6كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك. 7أحببت البر وأبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك. 8كل ثيابك مر وعود وسليخة من قصور العاج سرتك الأوتار).

5- اللهم أنت ملكي فمر بخلاص يعقوب بك ننطح مضايقينا وباسمك ندوس القائمين علينا.

10- لكنك تقصينا وتخزينا ولا تخرج في جنودنا.

12- تجعلنا كالغنم أكلاً وتشتتنا بين الأمم تبيع شعبك بلا مال ولا تربح بثمن.

إذا تركنا إلهنا وبسطنا أيدينا إلى إله غريب أفلا يسأل الله نفسه عن هذا

13- انتبه مالك نائماً أيها السيد استيقظ(1).

تعليق: هذه هي اللغة التي يخاطب بها الشعب المختار ربه وهو يسأله أن يكشف كربه كما هي في مزامير داود التي يضرب بها الأمثال في تعظيم الله والخشوع له وكانت تؤب معه الجبال.

ومع هذا نقرأ لكاتبة أمريكية يهودية تفخر بأن اليهود هم أهل التوحيد والتمجيد لله وسدنته في العالم وتقول: "إن المرء ليؤخذ بكل هذا الجمال العلوي الذي قدمه لنا آباؤنا العبرانيون وأنبياؤنا المقدسون عن الله(1).

إله ظلوم يأخذ البريء بالمسيء

يعتقد اليهود أن الله يأخذ البريء بالمسيء والابن بذنب أبيه ويرون ذلك غيرة على الحق وشطارة.

تقول التوراة في سفر الخروج من الكتاب المقدس ف20

ظلوم يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء

(وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف كل الجبل جداً. 19فكان صوت البوق يزداد اشتداداً جداً وموسى يتكلم والله يجيبه بصوتٍ. 20ونزل الرب على جبل سيناء إلى رأس الجبل ودعا الله موسى إلى رأس الجبل فصعد موسى. 21فقال الرب لموسى انحدر حذر الشعب لئلا يقتحموا إلى الرب لينظروا فيسقط منهم كثيرون. 22 وليتقدس أيضاً الكهنة الذين يقتربون إلى الرب لئلا يبطش بهم الرب. 23فقال موسى للرب لا يقدر الشعب أن يصعد إلى جبل سيناء لأنك أنت حذرتنا قائلاً أقم حدوداً للجبل وقدسه. 24فقال له الرب اذهب انحدر ثم اصعد أنت وهرون معك وأما الكهنة والشعب فلا يقتحموا ليصعدوا إلى الرب لئلا يبطش بهم. 25فانحدر موسى إلى الشعب وقال لهم).

الإصحاح العشرون

(1ثم تكلم الله بجميع هذه الكلمات قائلاً. 2أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. 3لا يكن لك آلهة أخرى أمامي لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي. واصنع إحساناً إلى ألوف من محبي وحافظي وصاياي. 7لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلاً اذكر يوم السبت لتقدسه. ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك. وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك لا تصنع عملاً ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك. لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها واستراح في اليوم السابع لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه. 12أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك. 13لا تقتل.14لا تزن. 15لا تسرق. 16لا تشهد على قريبك شهادة زور. 17لا تشته بيت قريبك لا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئاً مما لقريبك.

إن الله تعالى يقول في القرآن العظيم (لا تزر وازرةٌ وزر أخرى)

ويقول (كل امرئ بما كسب رهين) فكيف يفترون على الله الكذب ودين الله واحد.

وثن ديمقراطي يجتمع بشعبه

جاء في سفر الخروج من التوراة والكتاب المقدس ف24

3- أن موسى كتب جميع كلام الرب وبنى مذبحاً.

5- وأصعد ذبائح ومحرقات.

6- وأخذ كتاب العهد فتلاه على مسامع الشعب.

7- رشهم بالدم وقال هذا هو دم العهد.

8- ثم صعد موسى وهارون وسبعون من شيوخ إسرائيل فرأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعه من بلاط سمنجوني وشيء شبه السماء في النقاء وعلى مختاري إسرائيل لم يمد يده فرأوا الله وأكلوا وشربوا.

فلعل هذه صورة من الجمال العلوي الذي تحدثت عنه الكاتبة الأمريكية عن إله لا تدركه الأبصار إلا أبصار الشعب المختار تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيراً.

ديمقراطي اجتمع بشيوخ إسرائيل خروج ف24

(ولا تعبدها ولا تعمل كأعمالهم بل تبيدهم وتكسر أنصابهم. 25وتعبدون الرب إلهكم فيبارك خبزك وماءك وأزيل المرض من بينكم. 26لا تكون مسقطة ولا عاقر في أرضك وأكمل عدد أيامك.27 أرسل هيبتي أمامك وأزعج جميع الشعوب الذين تأتي عليهم وأعطيك جميع أعدائك مدبرين. 28وأرسل أمامك الزنابير فتطرد الحويين والكنعانيين والحثيين من أمامك لا أطردهم من أمامك في سنة واحدة لئلا تصير الأرض خربة فتكثر عليك وحوش البرية. قليلاً قليلاً أطردهم من أمامك إلى أن تثمر وتملك الأرض. 31واجعل تخومك من بحر سوف إلى بحر فلسطين ومن البرية إلى النهر فأني أدفع إلى أيديكم سكان الأرض فتطردهم من أمامك.32لا تقطع معهم ولا مع آلهتهم عهداً. ً33لا يسكنوا في أرضك لئلا يجعلوك تخطئ إليّ إذا عبدت آلهتهم فإنه يكون لك فخاً).

الإصحاح الرابع والعشرون

(1وقال لموسى اصعد إلى الرب أنت وهرون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل واسجدوا من بعيد. 2ويقترب موسى وحده إلى الرب هم لا يقتربون وأما الشعب فلا يصعد معه. 3فجاء موسى وحدث الشعب بجميع أقوال الرب وجميع الأحكام فأجاب جميع الشعب بصوت واحد وقالوا كل الأقوال التي تكلم بها الرب نفعل. 4فكتب موسى جميع أقوال الرب وبكر في الصباح وبنى مذبحاً في أسفل الجبل واثني عشر عموداً لأسباط إسرائيل الاثني عشر. 5وأرسل فتيان بني إسرائيل فأصعدوا محرقات وذبحوا ذبائح سلامة للرب من الثيران. فأخذ موسى نصف الدم ووضعه في الطسوس ونصف الدم رشه على المذبح. وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له. وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هو ذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال.9ثم صعد موسى وهرون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل. 10ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف وكذات السماء في النقاوة.11ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بني إسرائيل فرأوا الله وأكلوا وشربوا. 12وقال الرب لموسى اصعد إليّ إلى الجبل وكن هناك فأعطيك لوحي الحجارة والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم. فقام موسى ويشوع خادمه وصعد موسى إلى جبل الله.14وأما الشيوخ).

(8) إله عجل جسد يصنعه هرون

يا هرون اصنع لنا آلهة

لقد نجى الله بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون أنه كان عالياً من المسرفين يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، وأرسل إليهم نبيين موسى وهرون لإنقاذهم وفلق لهم البحر وأنجاهم وأغرق آل فرعون وهم ينظرون فشفى صدورهم وأذهب غيظ قلوبهم.

لكن هذا الشعب الكنود الجحود لم يكد يجاوز البحر ناجياً ويمر على قوم يعكفون على أصنام لهم حتى قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة.

بل أقبح من ذلك وأوقح ما سجلته التوراة عليهم أنهم انتهزوا فرصة ذهاب موسى لمناجاة ربه فطلبوا من هرون أخيه أن يصنع لهم إلهاً فصنع لهم بزعمهم عجلاً جسداً له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى كما جاء في سفر الخروج ف33

عجل جسد صنعه هرون

والنحاس5................

الإصحاح الثاني والثلاثون

(1ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هرون وقالوا له قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه. 2فقال لهم هرون انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها. 3فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في أذاهم وأتوا بها إلى هرون. 4فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالأزميل وصنعه عجلاً مسبوكاً فقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر. 5فلما نظر هرون بنى مذبحاً أمامه ونادى هرون وقال غداً عيد للرب. 6فبكروا في الغد وأصعدوا محرقات وقدموا ذبائح سلامة وجلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب. 7فقال الرب لموسى اذهب أنزل. لأنه قد فسد شعبك الذي أصعدته من أرض مصر).

وسيأتي تفصيل هذه القصة في الحديث عن عقيدة الشعب المختار في رسل الله.

عقيدة الشعب المختار في رسل الله.

معلوم أن رسل الله هم صفوته من خلقه ونخبته لهداية عباده وأعلامه الذين نصبهم أدلة على الخير والبر وهداية الناس التي هي أقوم وإخراجهم من الظلمات إلى النور يعلمونهم الكتاب والحكمة ويزكون أنفسهم ويطهرون أخلاقهم ويعدونهم لخلافة الله في الأرض ودخول الجنة في الآخرة.

ما من كمال بشري إلا أسبغه الله عليهم وحلاهم به، وما من نقص بشري إلا طهرهم الله منه وأذهب عنهم رجسه ذلك ليقتاس الناس بهم ويجدوا فيهم الأسوة الحسنة لهم قال تعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).

لكن الشعب المختار الذي وصم الله العلي العظيم بأقبح ما يوصم به مخلوق من الجبن والجهل والحسد والحقد والظلم والخبل وكل خصال السوء وصم كذلك رسل الله بكل كبائر الإثم والفواحش وقدمهم في توراته المزعومة والكتاب المقدس على أنهم عصابة سفاحين قتلة ولصوص فسقة وكذابين خونة، وما تركوا منكراً إلا فعلوه من قتل أو زنا أو خيانة أمانة أو جرائم إبادة أو كذب أو نقض عهد. ويطول بنا الحديث إذا أردنا أن نسوق أمثلة مما ارتكبوا وكتبوا في سيرة أنبيائهم وشعبهم السابح في الدم والإثم، ولكنا سنكتفي ببعض ما جاء عنهم في التوراة في سفر التكوين والخروج بدءاً من أول رسل الله نوح عليه السلام.

نوح

سكر وتعرى وجار ولعن (ولا يكون المؤمن لعاناً)(1).

فقد جاء في سفر التكوين ف9 من التوراة والكتاب المقدس

سكر وتعرى وظلم ولعن

(الثلاثة هم بنو نوح ومن هؤلاء تشعبت كل الأرض. 20وابتدأ نوح يكون فلاحاً وغرس كرماً. 21وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه. 22فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجاً. 23فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء فلم يبصرا عورة أبيهما. 24فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير. فقال ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته. 26وقال مبارك الرب إله سام وليكن كنعان عبداً لهم. 27ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام وليكن كنعان عبداً لهم. 28وعاش نوح بعد الطوفان ثلاث مئة وخمسين سنة. 29فكانت كل أيام نوح تسع مائة وخمسين سنة ومات).

الإصحاح العاشر

(1وهذه مواليد بني نوح سام وحام ويافث. وولد لهم بنون بعد الطوفان. 2بنو يافث جومر وماجوج وماداي وياوان وتوبال وماشك وتيراس. 3وبنو جومر أشكناز وريفاث وتوجرمة. 4وبنو ياوان أليشة وترشيش وكتيم ودودانيم. 5من هؤلاء تفرقت جزائر الأمم بأراضيهم كل إنسان كلسانه حسب قبائلهم بأممهم. 6وبنو حام كوش ومصرايم وفوط وكنعان. 7 وبنو كوش سبا وحويلة وسبتة ورعمة وسبتكا وبنو رعمة شبا وددان. 8 وكوش ولد نمرود الذي ابتدأ يكون جباراً في الأرض. 9الذي كان جبار صيد أمام الرب لذلك يقال كنمرود جبار صيد أمام الرب. 10وكان ابتداء مملكته بابل وارك وأكد وكلنة في أرض شنعار. 11من تلك الأرض خرج آشور وبنى نينوى ورحوبوت عير وكالح. 12ورسن بين نينوى وكالح هي المدينة الكبيرة. 13ومصرايم ولد لوديم وعناميم ولهابيم ونفتوحيم. 14وفتروسيم وكسلوحيم الذين خرج منهم فلشتيم وكفتوريم. 15وكنعان ولد صيدون بكره وحثا. 16واليبوسي والأموري والجرجاشي. 17والحوي والعرقي والسيني. 18والأروادي والصماري والحماتي وبعد ذلك تفرقت قبائل الكنعاني. 19وكانت تخوم الكنعاني من صيدون حينما تجيء نحو جرار إلى غزة وحينما تجيء نحو سدوم وعمورة وآدمة وصبوييم إلى لاشع).

ابتدأ نوح يحرث الأرض وغرس كرماً وشرب من الخمر وتعرى فرأى حام ابنه سوأته فأخبر أخويه سام ويافث، فأخذا رداء وغطيا سوأة أبيهما ووجههما إلى الوراء حتى لا يرياها، فلما أفاق نوح من خمره علم ما فعل ابنه الصغير حام (وما فعل شيئاً سوى أن أخبر أخويه بتعري أبيهما فستراه) فقال نوح: ملعون كنعان عبد العبيد يكون. وقال تبارك الرب إله سام: وليكن كنعان عبداً له.

وقال وليرحب الله ليافث ويكون كنعان عبد له(2).

ولن نتكلم عن نوح لأنه سكر وتعرى وهل يصح أن ينسب ذلك للأنبياء؟ وإنما نقف عند لعن كنعان ابن ولده حام.

تعليق:

ونسأل: أولاً ما ذنب حام؟ لقد رأى أباه سكران عريان فأخبر أخويه فغطياه وستراه. فهل هو في ذلك مذنب وظالم ويستحق اللعن لتقصيره في حق أبيه. ودعنا منه فما ذنب ولده كنعان الذي لم ير نوحاً جده السكران العريان ولم يشهد مع أبيه هذا الموطن وكان غائباً غافلاً عنه؟

والجواب:

أن كنعان هذا أب للقبائل الكنعانية التي كانت تسكن وتملك أرض فلسطين على عهد إبراهيم وإسرائيل فاخترعوا هذه القصة الغثة ليثبتوا أنهم نسل لأب ملعون لعنه نوح وجعله عبداً لعبيد بنيه، وإن كان نوح ظالماً؟ نعم وإن كان كنعان مظلوماً؟ نعم وإن كان الله حرم هذا وقال: (لا تزر وازرة وزر أخرى)؟ نعم وإن كانت الفطرة وبداهة العقل ترفضه؟ نعم.

الشعب المختار لا يسأل عما يفعل ولو افترى على الله وكذب على رسله وتجنى على خلقه.

هذا هو نوح أول المسلمين وأولي العزم من الرسل وتلك عقيدة الشعب المختار فيه فتعالوا إلى إبراهيم أبي الأنبياء وخليل الرحمن والجد الأول لإسرائيل.

إبراهيم

إبراهيم يكذب ويحتال ويتاجر بزوجته مرتين:

إبراهيم الذي ابتلاه الله وامتحنه كثيراً فنجح في كل امتحان فاتخذه خليلاً وجعله للناس إماماً، إبراهيم هذا في التوراة المفتراه وفي عقيدة الشعب المختار مستغل أقبح استغلال لمحتال كذاب.

فقد جاء في سفر التكوين ف 12 ما نصه:

تاجر بزوجته مرتين

(هناك إلى الجبل شرقي بيت إيل ونصب خيمته وله بيت إيل من المغرب وعاي من الشرق فبنى هناك مذبحاً للرب ودعا باسم الرب. 9ثم ارتحل ابرام ارتحالاً متوالياً نحو الجنوب. 10وحدث جوع في الأرض فانحدر إبرام إلى مصر ليتغرب هناك لأن الجوع في الأرض كان شديداً. 11وحدث لما قرب أن يدخل مصر أنه قال لساراي امرأته أني قد علمت أنك امرأة حسنة المنظر. 12فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون هذه امرأته فيقتلونني ويستبقونك. 13قولي أنك أختي ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من أجلك. 14فحدث لما دخل إبرام إلى مصر أن المصريين رأوا المرأة أنها حسنة جداً. 15ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون فأخذت المرأة إلى بيت فرعون. 16فصنع إلى إبرام خيراً بسببها وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد وإماء وأتن وجمال. 17فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي امرأة إبرام. 18فدعا فرعون إبرام وقال ما هذا الذي صنعت بي لماذا لم تخبرني أنها امرأتك. 19لماذا قلت هي أختي حتى أخذتها لي لتكون زوجتي والآن هوذا امرأتك خذها واذهب. 20فأوصى عليه فرعون رجالاً فشيعوه وامرأته وكل ما كان له ).

الإصحاح الثالث عشر

(1فصعد إبرام من مصر هو وامرأته وكل ما كان له ولوط معه إلى الجنوب. 2وكان إبرام غنياً جداً في المواشي والفضة والذهب. 3وسار في رحلاته من الجنوب إلى بيت إيل إلى المكان الذي كانت خيمته فيه في البداءة بين بيت إيل وعاي. 4إلى مكان المذبح الذي عمله هناك أولاً ودعا هناك إبرام باسم الرب. 5ولوط السائر مع إبرام كان له أيضاً غنم وبقر وخيام. 6ولم تحتملهما الأرض أن يسكنا معا إذ كانت أملاكهما كثيرة فلم يقدرا أن يسكنا معاً. 7فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي إبرام ورعاة مواشي لوط وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الأرض. 8فقال إبرام للوط لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لأننا نحن إخوان. 9أليست كل الأرض أمامك اعتزل عني إن ذهبت شمالاً فأنا يميناً وإن يميناً فأنا شمالاً. 10فرفع لوط عينيه ورأى كل دائرة الأردن أن جميعها سقي قبلما أخرب الرب سدوم وعمورة كجنة الرب كارض مصر حينما تجيء إلى صوغر. 11فاختار لوط لنفسه كل دائرة الأردن وارتحل لوط شرقاً فاعتزل الواحد عن الآخر. 12إبرام سكن في أرض كنعان).

كان جوع في الأرض فهبط أبرام إلى مصر. فلما قارب أن يدخلها قال لسارا امرأته: إنك امرأة جميلة قولي إنك أختي حتى يحسن لي ويكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من أجلك، ورآها رؤساء فرعون ومدحوها له فأخذت لبيته فأحسن إلى إبرام فصار له غنم وبقر وحمير وعبيد وإماء وأتن وجمال.

فضرب الرب فرعون وأهله ضربات عظيمة بسبب سارة امرأة إبرام. فاستدعى فرعون أبرام وقال له ماذا صنعت بي لماذا لم تعلمني أنها امرأتك ولم قلت هي أختي حتى أخذتها لتكون لي امرأة؟ والآن خذ امرأتك وامض وأمر قوماً يشيعونه هو وامرأته وكل ما له. فشخص إبرام من مصر غنياً جداً بالماشية والذهب والفضة(1) وإن كان بالكذب والاحتيال والخديعة.

تعليق:

هذا هو إبراهيم الجد الأول لإسرائيل الشعب المختار يكذب ويقبض ويتواطأ ويستغل ويخدع فرعون ثم يعاقب فرعون ويعاقب أهله وما لهم جريرة إلا أنهم ضحايا مخادع محتال مضى بالغنيمة وصار غنياً جداً بالنصب والكذب.

ومن أعجب الأمور أن هذه القصة أو الخديعة تكررت منه بعد عودته من مصر مع ملك آخر في أرض فلسطين اسمه (أبيمالك) ملك جرار.

وكأنما أعجبته اللعبة ونجاح التجربة فكررها مع أبيمالك المسكين الذي وقع في شرك الاحتيال.

فقد جاء في الفصل 20 من سفر التكوين

وارتحل إبرام من هناك إلى أرض الجنوب وقال إبراهيم عن سارة هي أختي فبعث (أبيمالك) ملك جرار فأخذ سارة فأتى الله (أبيمالك) في حلم الليل وقال له أنك هالك بسبب المرأة التي أخذتها فإنها متزوجة فقال أليس هو قال هي أختي وهي أيضاً قالت هو أخي بسلامة قلبي صنعت ذلك فقال له الرب قد علمت ذلك فكففتك عن الخطأ ولم أدعك تمسها والآن اردد امرأة الرجل ففعل ثم دعا أبيمالك إبراهيم وقال له ماذا صنعت بنا وماذا بدا حتى فعلت هذا الأمر قال إبراهيم أني قلت ليس في هذا الموضع خوف الله فيقتلوني بسبب امرأتي، وعلى الحقيقة هي أختي ابنة أبي غير أن أمها ليست أمي فلما رحلني الله قلت هذا برك الذي تصنعينه إلى حيثما دخلنا فقولي عني هو أخي. فأخذ أبيمالك غنماً وبقراً وعبيداً وإماء وأعطى ذلك لإبراهيم.

هذه هي قصة إبراهيم جد الشعب المختار كما سجلوها في التوراة المزعومة والكتاب المقدس بنصها وفصها وألفاظها تواطؤ مع سبق الإصرار على الاحتيال والاستغلال.

تعليق:

لقد كان مفروضاً ألا يدخل بلداً يعلم أنه لا يأمن فيه على عرضه ونفسه فإذا اضطر للدخول كان مفروضاً أن يدافع عن شرفه وعرضه ولو سفك دمه قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "من قتل دون عرضه فهو شهيد".رواه مسلم في صحيحه عن ابن عمر.

أما أن يتواطأ على هذا الكذب والاحتيال مع زوجه ليكون له خير بسبب ذلك وليحسن إليه فرعون أو ملك جرار ويحصل من كل واحد منهما على غنم وبقر وجمال وعبيد وإماء وذهب وفضة فهو منتهى النذالة والخسة في الوسيلة والغاية يتنزه عن مثلها إبراهيم الذي وفى فأمر الله النار أن تكون عليه برداً وسلاماً وما كان الله ليعجزه من شيء في الأرض ولا في السماء.

ولكن فسقة الشعب المختار التي لم تورد قصة إبراهيم إذ تحدى الكفار حتى ألقوه في النار فأنجاه الله منها ذكرت قصة متاجرة إبراهيم بزوجه وكأنها موكلة، يذكر مثالب الأنبياء يدون مآثرهم ومفاخرهم لتهوين أمر الشر وتمهيد أسباب الفسوق والعصيان على أنفسهم وعلى الناس لتكون لهم أسوة وصدق الله (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه).

ونكتفي بهذين من شأن إبراهيم وما وصمه به الشعب المختار ولا نتحدث عما نسبوا له من ظلم من طرد هاجر أم ولده مع ابنها إسماعيل إرضاء لسارة زوجه ولا من حرمان ابنه إسماعيل من ميراثه مع أخيه إسحاق برغبة من سارة أيضاً وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم" فهي قصة مفتراة سنتحدث عنها بعد.

إسحاق

ابن إبراهيم (عليه السلام) النبي نسبوا إليه ما نسبوا إلى إبراهيم أبيه أنه تاجر بزوجه رفقه واتفق معها على أن تقول هو أخي ويقول هي أختي تماماً مثلما فعل أبوه مع فرعون ومع ملك جرار من قبل وقبض الثمن.

فكذلك حصل إسحاق من ملك جرار على ذهب ونعم بهذا الخداع والكذب ونحن نبرئ اسحق النبي منه كما نبرئ إبراهيم فما هي أخلاق الأنبياء جاء ذلك في سفر التكوين ف26:

(خرج أخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعي اسمه يعقوب وكان اسحق ابن ستين سنة لما ولدتهما. 27فكبر الغلامان وكان عيسو إنساناً يعرف الصيد إنسان البرية ويعقوب إنساناً كاملاً يسكن الخيام. 28فأحب إسحق عيسو لأن في فمه صيداً وأما رفقة فكانت تحب يعقوب 29وطبخ يعقوب طبيخاً فأتى عيسو من الحقل وهو قد أعيا. 30 فقال عيسو ليعقوب أطعمني من هذا الأحمر لأني قد أعييت لذلك دعي اسمه أدوم. 31 فقال يعقوب بعني اليوم بكوريتك. 32 فقال عيسو ها أنا ماض إلى الموت فلماذا لي بكورية. 33 فقال يعقوب احلف لي اليوم فحلف له فباع بكوريته ليعقوب. 34 فأعطى يعقوب عيسو خبزاً وطبيخ عدس فأكل وشرب وقام ومضى فاحتقر عيسو البكورية).

الإصحاح السادس والعشرون

(1وكان في الأرض جوع غير الجوع الأول الذي كان في أيام إبراهيم فذهب إسحق إلى أبيمالك ملك الفلسطينيين إلى جرار. 2وظهر له الرب وقال لا تنزل الى مصر اسكن في الأرض التي أقول لك. 3 تغرب في هذه الأرض فأكون معك وأباركك لأني لك ولنسلك أعطي جميع هذه البلاد وأفي بالقسم الذي أقسمت لإبراهيم أبيك. 4 وأكثر نسلك كنجوم السماء وأعطي نسلك جميع هذه البلاد وتتبارك في نسلك جميع أمم الأرض. 5 من أجل أن إبراهيم سمع لقولي وحفظ ما يحفظ لي أوامري وفرائضي وشرائعي. 6 فأقام إسحق في جرار. 7وسأله أهل المكان عن امرأته فقال هي أختي لأنه خاف أن يقول امرأتي لعل أهل المكان يقتلونني من أجل رفقة لأنها كانت حسنة المنظر. 8وحدث إذ طالت له الأيام هناك أن أبيمالك ملك الفلسطينيين أشرف من الكوة ونظر وإذا إسحق يلاعب رفقة امرأته. 9فدعا أبيمالك إسحق وقال إنما هي امرأتك فكيف قلت هي أختي فقال له إسحق لأني قلت لعلي أموت بسببها. 10فقال أبيمالك ما هذا الذي صنعت بنا لولا قليل لاضطجع أحد الشعب مع امرأتك فجلبت علينا ذنباً. 11فأوصى أبيمالك جميع الشعب قائلاً الذي يمس هذا الرجل أو امرأته موتاً يموت. وزرع إسحق في تلك الأرض فأصاب في تلك السنة مئة ضعف وباركه الرب.13 فتعاظم الرجل وكان يتزايد في التعاظم حتى صار عظيماً جداً. 14فكان له مواش من الغنم ومواش من البقر).

لوط

النبي الكريم ابن أخي إبراهيم الذي تحدى أمة في فاحشة ما سبقهم بها من أحد من العالمين قالوا عنه أنه أسكرته ابنتاه وزنتا معه فقد جاء في التوراة في سفر التكوين ف19:

(29وحدث لما أخرب الله مدن الدائرة أن الله ذكر إبراهيم وأرسل لوطاً من وسط الانقلاب حين قلب المدن التي سكن فيها لوط. 30وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صوغر فسكن في المغارة هو وابنتاه. 31 وقالت البكر للصغيرة أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض. 32 هلم نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً. 33 فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. 34 وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة أني قد اضطجعت البارحة مع أبي نسقيه خمراً الليلة أيضاً فادخلي اضطجعي معه فنحيي من أبينا نسلاً. 35 فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة أيضاً وقامت الصغيرة واضطجعت معه ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. 36 فحبلت ابنتا لوط من أبيهما. 37 فولدت البكر ابنا ودعت اسمه مواب وهو أبو الموآبيين إلى اليوم. 38 والصغيرة أيضاً ولدت ابنا ودعت اسمه بن عمي وهو أبو بني عمون إلى اليوم.

الإصحاح العشرون

(1وانتقل إبراهيم من هناك إلى أرض الجنوب وسكن بين قادش وشور وتغرب في جرار. 2 وقال إبراهيم عن سارة امرأته هي أختي فأرسل أبيمالك ملك جرار وأخذ سارة. 3 فجاء الله إلى أبيمالك في حلم الليل وقال له ها أنت ميت من أجل المرأة التي أخذتها فإنها متزوجة ببعل.4ولكن لم يكن أبيماك قد اقترب إليها. فقال يا سيد أمة بارة تقتل.5ألم يقل هو لي أنها أختي وهي أيضاً نفسها قالت هو أخوي. بسلامة قلبي ونقاوة يدي فعلت هذا. 6 فقال له الله في الحلم أنا أيضاً علمت أنك بسلامة قلبك فعلت هذا وأنا أيضاً أمسكتك عن أن تخطئ إلي لذلك لم أدعك تمسها. 7 فالآن رد امرأة الرجل فإنه نبي فيصلي لأجلك فتحيا وإن كنت لست تردها فاعلم أنك موتاً تموت أنت وكل من لك. 8فبكر أبيمالك في الغد ودعا جميع عبيده وتكلم بكل هذا الكلام في مسامعهم فخاف الرجال جداً 9ثم دعا أبيمالك إبراهيم وقال له ماذا فعلت بنا وبماذا أخطأت إليك حتى جلبت علي).

 أن الله لما دمر قوم لوط ذكر إبراهيم فأطلق لوطاً فأقام في الجبل هو وابنتاه. فقالت الكبرى للصغرى: إن أبانا قد شاخ وليس في الأرض رجل يدخل علينا على عادة الأرض كلها، تعالي نسقي أبانا خمراً ونضاجعه ونحيي من أبينا نسلاً فسقتا أباهما خمراً وجاءت الكبرى فضاجعته ولم يعلم بمنامها ولا قيامها.. فلما كان الغد قالت الكبرى للصغرى: تعالي ضاجعي أبي كما فعلت أنا أمس لنقيم من أبينا نسلاً وضاجعته الصغرى فحملت ابنتا لوط من أبيهما وولدت الكبرى ابنا وسمته (موآب) وهو أبو المؤابين إلى اليوم وولدت الصغرى ابناً وسمته (بن عمى) وهو أبو بنى عمون إلى اليوم.

تعليق:

هذا هو لوط النبي الذي وقف في وجه الفاحشة التي لم يسبق إليها أحد من العالمين، وتحدى قومه على توقحهم وجبروتهم حتى أصابهم ما أصابهم. ينتهي أمره في التوراة وعقيدة الشعب المختار إلى أن يرتكب فاحشة ما سبقه بها أحد من العالمين فيزني بابنتيه وأن تكون ابنتاه هما اللتان تتآمران عليه وتسقيانه الخمر وتحملان منه وحجتهما في ذلك أن يقيما من أبيهما نسلاً.

وأي نسل هذا الذي سيكون من هذا الزنا الخبيث والمرأة الخبيثة ولو كانت بنت لوط (ولو طلبتا أن تقيما نسلاً من غير أبيهما لكان أشرف لهما). ومن ألزمهما أن يقيما نسلاً أصلاً من أبيهما أو غير أبيهما. وقد أقاما من أبيهما نسلاً فماذا قدما به لأنفسهما أو للبشرية من خير أو بر وكيف عاشتا مع أبيهما حاملتين حتى وضعتا؟ أو لم يسألهما كيف حملتا؟

الحق أنها قصة خبيثة مفتراة لا أجد لها وجهاً في ائتفاكها إلا أن يكون الشعب المختار قد ساءه ما أصاب قوم لوط ببغيهم وفحشهم. فأراد أن ينتقم من لوط نفسه فألحق به وبابنتيه هذا الخزي والعار والفاحشة التي لم يسمع بمثلها في العالمين تروي عنه في كتاب مقدس. وأمر آخر عرف عن اليهود أنهم يحبون أن تشيع الفاحشة في الناس حتى لا يبقى لهم مساك على فضيلة أو اعتصام بخلق منيع حتى يسهل سحقهم والتسلط عليهم. فهم دائماً وراء هذه الفرى الخبيثة على الأنبياء لتوهين الأسوة الحسنة في الناس حتى لا يجدوا علماً يهتدون به كما أنهم وراء كل نظرية خبيثة هدامة تشيع الإلحاد والفساد كنظرية فرويد في الجنس وداروين في الخلق ودور كايم في الأخلاق لسحق العالم وتدميره(1).

موسى سلب المصريين

معلم خيانة وسلب بأمر الرب

جاء في التوراة في سفر الخروج ف3ط

أن الله أمر موسى قائلاً: "إذا انصرفتم فلا تنصرفوا فارغين بل تطلب المرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وذهب وثياباً تجعلونها على بنيكم وبناتكم وتسلبون المصريين.

موسى معلم خيانة وإرهابي ومجرم حرب

(الرب إله آبائكم إله إبراهيم وإسحق ويعقوب ظهر لي قائلاً أني قد افتقدتكم وما صنع بكم في مصر. 17فقلت أصعدكم من مذلة مصر إلى أرض الكنعانيين والحثيين والأموريين والغرزنيين والحويين واليوسيين إلى أرض تنبض لبناً وعسلاً. 18 فإذا سمعوا لقولك تدخل أنت وشيوخ بني إسرائيل إلى ملك مصر وتقولون له الرب إله العبرانيين التقانا فالآن نمضي سفر ثلاثة أيام في البرية ونذبح للرب إلهنا. 19ولكني أعلم أن ملك مصر لا يدعكم تمضون ولا بيد قوية. 20فأمد يدي وأضرب مصر بكل عجائبي التي أصنع فيها وبعد ذلك يطلقكم. 21وأعطي نعمة لهذا الشعب في عيون المصريين فيكون حينما تمضون أنكم لا تمضون فارغين. 22بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين).

الاصحاح الحادي عشر

(ثم قال الرب لموسى ضربة واحدة أيضاً اجلب على فرعون وعلى مصر بعد ذلك يطلقكم من هنا وعندما يطلقكم يطردكم طرداً من هنا بالتمام. تكلم في مسامع الشعب أن يطلب كل رجل من صاحبه وكل امرأة من صاحبتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب. وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين وأيضاً الرجل موسى كان عظيماً جداً في أرض مصر في عيون عبيد فرعون وعيون الشعب وقال موسى هكذا يقول الرب أني نحو نصف الليل اخرج في وسط مصر. فيموت كل بكر في أرض مصر من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الجارية التي خلف الرحى وكل بكر بهيمة. ويكون صراخ عظيم في كل أرض مصر لم يكن مثله ولا يكون مثله أيضاً. ولكن جميع بني إسرائيل لا يسنن كلب لسانه إليهم لا إلى الناس ولا إلى البهائم لكي تعلموا أن الرب يميز بين المصريين وإسرائيل. فينزل إلى جميع عبيدك هؤلاء ويسجدون لي قائلين اخرج أنت وجميع الشعب الذين في أثرك وبعد ذلك اخرج ثم خرج من لدن فرعون في حمو الغضب).

وجاء في الفصل 12 منه: أن موسى والشعب المختار نفذوا الوصية بدقة:

"وأتى الرب الشعب حظوة في عيون المصريين فأعاروها لهم وسلبوا المصريين".

تعليق:

عبقرية وشطارة من الشعب المختار أن يستعيروا من المصريين فيعيروهم ويأتمنوهم فيخونوهم ثم يخرجوا خفية بليل ويسلبوا المصريين والعجب أن يسجلوا هذه الخيانة في التوراة على أنها مآثر ومفاخر لبني إسرائيل.

أن أول وأبرز صفات الأنبياء والمرسلين الصدق والأمانة. فهل يعقل أن يعلم موسى قومه الخيانة والكذب والاحتيال على سلب الناس ولو كانوا أعداء؟

لقد قاومت قريش النبي صلى الله عليه وسلم وكفرت به وآذته في أهله وأصحابه ومع ذلك لم تجد لودائعها ونفائسها آمن عليها ولا أوثق منه (صلى الله عليه وسلم) وقد كان عند حسن ظنها صلى الله عليه وسلم فإنه استبقى علياً عند هجرته ليرد للناس أماناتهم عنده.

فماذا يريد الشعب المختار بتسجيل مثل هذا الخزي والعار وتعليم الخيانة على يد موسى عليه السلام للشعب المقدس؟ إن المرء ليعجب لهذا الشعب المختار في نفسيته المعقدة الخبيثة لا يحلو له أن يلصق التهم وينسب الجرائم إلا إلى الله أو الصفوة من رسل الله وأوليائه ولو كانوا آباءهم وأبناءهم وذوي الفضل عليهم, ندع هذا العجب وننتقل إلى جرائم سطو وتدمير وإغارة ونهب وجرائم حرب نسبوها لموسى عليه السلام تجعله أكبر إرهابي في التاريخ وأول مجرم حرب في العالم.

إبادة ونهب

موسى يدمر مملكة حشبون

جاء في التوراة في سفر التثنية ف2

"قال الرب لموسى": قوموا ارتحلوا اعبروا وادي أرنون. انظر قد دفعت ليدك سيحون ملك حشبون وأرضه. وابتدئ تملك وأثر عليه حرباً. قال موسى: فأرسلت رسلاً إلى سيحون ملك حشبون بكلام سلام قائلاً أمر في أرضك واعبر الأردن إلى الأرض التي أعطانا الرب إلهنا. فأبى سيحون فدفعه الرب إلهنا أمامنا  فضربناه وبنيه وجميع قومه وقتلناهم بحد السيف وأخذنا كل مدنه وحرمنا (أي أبدنا كل من فيها) الرجال والنساء والأطفال لم نبق شارداً لكن البهائم نهبناها لأنفسنا وغنيمة المدن.

وقد تكررت هذه الإغارة من موسى وبني إسرائيل على عوج ملك باشان في الأردن.

كما جاء في سفر التثنية أيضاً ف3

موسى يدمر مملكة باشان

قال موسى: "فدفع الرب إلهنا عوج ملك باشان وجميع قومه إلى أيدينا فضربناه حتى لم يبق له شارد.. ستون مدينة محصنة حرمناها كما فعلنا بسيحون ملك حشبون محرمين كل مدينة الرجال والنساء والأطفال لكن كل البهائم والمدن نهبناها لأنفسنا.

تعليق:

هذا هو موسى النبي الذي أرسله الله هدى ورحمة ليخرج قومه من الظلمات إلى النور ولينجي بني إسرائيل من العذاب المهين يقدمه الشعب المختار في صورة فاتك جبار قائد أمة من السفاحين القتلة واللصوص المغيرين من قطاع الطرق وعصابات السلب والنهب لا يقيدهم دين ولا يزعهم ضمير (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل). مجموعة إرهابيين ومحترفي قتل مجرمين.

يقتلون الرجال والنساء والأطفال ولا يستبقون من كل مدينة باقية ولأي سبب؟ ليستولوا على ممتلكات هؤلاء القتلى وأرضهم لأن الله وعدهم بها وأباح لهم إبادة أهلها. وأي أرض هذه ولو كانت جنة الخلد التي بها يكذبون؟ فأي دين لهؤلاء الناس أو عقيدة؟ وأي نبي هذا موسى بني إسرائيل؟ وأي عقيدة هذه للشعب المختار؟

لقد افتروا عليه هذا الكذب ليكون لهم فيه أسوة حسنة وعذر لما فعلوا في شاتيلا وصبرا ودير ياسين وقببه ولما يفعلون اليوم مع صبيان الانتفاضة وأهل فلسطين. والخليل وقانا هذه صورة موسى النبي الكريم في التوراة وعقيدة الشعب المختار فيه.

قاتل عمد ومعلم خيانة ورئيس عصابة للإرهاب والقتل والسلب والنهب والتدمير والإبادة الجماعية، والاستيلاء على أوطان الغير أما هرون أخوه الذي أرسله الله معه ردءاً يصدقه في دعوة فرعون وقومه إلى الإيمان بالله وتوحيده وألا يستعلي على عباده فقد صوروه عابد صنم وصانع وثن وإماماً للمشركين.

هرون

فقد جاء في سفر الخروج ف32

خائن أمانة وعابد وثن وصانع أوثان

(والنحاس.5ونقش حجارة للترصيع ونجارة الخشب.ليعمل في كل صنعة.6وها أنا قد جعلت معه أهوليآب بن أخيساماك من سبط دان. وفي قلب كل حكيم القلب جعلت حكمة ليصنعوا كل ما أمرتك.7خيمة الاجتماع وتابوت الشهادة والغطاء الذي عليه وكل آنية الخيمة8والمائدة وآنيتها والمنارة الطاهرة وكل آنيتها ومذبح البخور9ومذبح المحرقة وكل آنيته والمرحضة وقاعدتها10 والثياب المنسوجة والثياب المقدسة لهرون الكاهن وثياب بنيه للكهانة11ودهن المسحة والبخور العطر المقدس. حسب كل ما أمرتك به يصنعون12وكلم الرب موسى قائلاً13وأنت تكلم بني إسرائيل قائلاً سبوتي تحفظونها لأنه علامة بيني وبينكم في أجيالكم لتعلموا أني أنا الرب الذي يقدسكم14فتحفظون السبت لأنه مقدس لكم. من دنسه يقتل قتلاً.إن كل من صنع فيه عملاً تقطع تلك النفس من بين شعبها15ستة أيام يصنع عمل. وأما اليوم السابع ففيه سبت عطلة مقدس للرب. كل من صنع عملاً في يوم السبت يقتل قتلاً16فيحفظ بنو إسرائيل السبت ليصنعوا السبت في أجيالهم عهداً أبدياً17هو بيني وبين بني إسرائيل علامة إلى الأبد. لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض وفي اليوم السابع استراح وتنفس18ثم أعطى موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء لوحي الشهادة لوحي حجر مكتوبين بإصبع الله).

الإصحاح الثاني والثلاثون

(1ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هرون وقالوا له قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه.2 فقال لهم هرون انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها.3 فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذاهم وأتوا بها إلى هرون.4 فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالأزميل وصنعه عجلاً مسبوكاً فقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر.5 فلما نظر هرون بنى مذبحاً أمامه ونادى هرون وقال غداً عيد للرب.6 فبكروا في الغد وأصعدوا محرقات وقدموا ذبائح سلامة وجلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب7فقال الرب لموسى اذهب انزل لأنه قد فسد شعبك الذي أصعدته من أرض مصر. زاغوا).

إن الشعب لما رأى موسى أبطأ في النزول من الجبل قالوا لهرون: ثم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا فإن ذلك الرجل موسى الذي أخرجنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه. فقال لهم هرون: انزعوا شنوف الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم فأتوني بها (ففعلوا) فأخذها هرون وصبها في قالب وصنعها عجلاً مسبوكاً فقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل التي أخرجتك من أرض مصر. فلما رأى ذلك هرون بنى أمامه مذبحاً ونادى هرون وقال غداً عيد الرب. فبكروا في الغد وسجدوا له وذبحوا وعيدوا.

 

تعليق:

هذا هو هرون أخو موسى ورسول الله معه إلى فرعون لم يكفهم أن جعلوه مشركاً عابد وثن إنما جعلوه صانع وثن وللمشركين إماماً فما عسى أن نقول في عقيدة الشعب المختار أو عقيلته ولم يحرصون على أن يشوهوا كل نبي في عقيدته أو خلقه.

وهناك أنبياء نسبوا إليهم كبائر الإثم والفواحش مما يأنف منه وبعافه السوقة لكنهم أنكروا نبوتهم وسموهم ملوكاً كداود وسليمان.

وأنبياء آخرون رفعوهم إلى مصاف الألوهية يمنحون البركة ويرسمون المستقبل ويقضون إلى أبنائهم بما يشاؤون كإسحاق ويعقوب.

وسيأتي الحديث عنهم في المقوم الثاني سيرة الشعب المختار.

المقوم الثاني

استقامة السلوك

1- سلوك آباء الشعب المختار.

2- سلوك قضاة الشعب المختار

3- سلوك أنبياء الشعب المختار.

4- سلوك ملوك الشعب المختار

الشعب المختار سلوكاً

تمهيد:

فرغنا من الحديث عن الشعب المختار عقيدة في الله ورسله وكيف رأينا الله عنده وثناً جهولاً حقوداً حسوداً جباناً ظلوماً يجمع كل خصال السوء في آلهة الإغريق وأوثان الهند وأصنام المشركين.

وكيف رأينا الله عنده عصابة من الزناة والفسقة والمغامرين السفاحين والخونة والانتهازيين المغرمين بالقتل والإبادة الجماعية للرجال وللنساء والولدان بل وللحيوان الأعجم ولم نسق كلمة واحدة من عند أنفسنا وإنما سقنا ما سجلوه هم على أنفسهم وكتبوه بأيديهم في هذه التوراة التي زعموا أنها من عند الله، نقلنا من أسفارها بنصوصها وأرقام فصولها بل وصور صحائفها ونسوق هنا الحديث عن الشعب المختار سلوكاً وخلقاً ونبدأ بالحديث عن يعقوب فهو إسرائيل أبو الشعب المختار سماه الله بزعمهم إسرائيل بعد ما صارعه ليلة إلى الفجر (كما مر)(1) ومعنى الاسم (آسر الله) أي الذي جاهد مع الله وقدر عليه والشعب المختار ينسب إليه فيقال عنه بنو إسرائيل وبئست النسبة لا ينفك خبثها والذي خبث لا يخرج نكداً.

أرى  كل  عود  نابتا   في  أرومة        أبى نسب العيدان أن يتغيرا

بنو الصالحين الصالحون ومن يكن        لآباء سوء يلقهم حيث سيرا

وأظن أنه لا حاجة بنا إلى أن نؤكد في صدر هذا الحديث أننا نروي فقط ما كتبه الشعب المختار عن الله ورسله كعقيدة لهم فلله عندنا الأسماء الحسنى ولرسله المقام الأسمى وللذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى.

نحن ننزه الله ورسله والمصطفين من عباده عن كل ما قالوا وافتروا، ولكنا نريد أن نجلوهم للناس على حقيقتهم وما شهدوا به على أنفسهم ليعلم الناس مصير الشعب المختار إلى الخزي والعار والهلكة والدمار وأنه لا يحمل مؤهلات البقاء فضلاً عن السيادة وأن مصيره إلى الزوال لا محالة.

(1) ولن نتحدث عن سلوك الشعب المختار بعامة أفراده ولكن عن النخبة من آبائه وأنبيائه وملوكه وقضاته ونعرض صوراً من أخلاق الصفوة وسيرتهم الذين يهتدون بهديهم ويباهون بهم ويتخذونهم أئمة يقتاسون بسيرتهم في الكتاب المقدس.

* سنتحدث عن سلوك إسرائيل وهو (يعقوب) الأب الأكبر للشعب المختار.

* وسنتحدث عن بعض بني إسرائيل (الأسباط) آباء الشعب المختار.

* وسنتحدث عن موسى وهرون ويوشع من أنبياء الشعب المختار.

* وسنتحدث عن داود وسليمان وشاؤل من ملوك الشعب المختار.

* سنتحدث عن يفتاح وشمشون وجدعون من قضاة الشعب المختار وسنرى أي خسة ولؤم وغشم وظلم وفسق ودناءة وغدر وإبادة عامة ونهب وسلب ارتكب هذا الشعب المختار وسجله على نفسه في هذه التوراة المزعومة والكتاب المقدس على أنها من مفاخره ومآثره.

وسنبدأ بالحديث عن

يعقوب وهو إسرائيل

فقد ولدته (رفقة) أمه امرأة إسحق بن إبراهيم عليهما السلام توأماً لأخيه (عيسو) البكر لكن ولد عيسو قبله ونزل هو بعده ممسكاً بعقبه ولذلك سمي يعقوب.

وقد نشأ صاحب حرث وراعي غنم أما عيسو فكان صاحب صيد يعتمد على سلاحه وقوسه وكانت أمهما رفقه تحب يعقوب أكثر من أخيه عيسو بل كانت تبغضه(1).

على حين كان إسحق يحب عيسو أكثر لأنه كان يصاد ويطعمه مما تشتهي نفسه.

وكان مقرراً عند القوم أن الولد البكر يأخذ ضعفاً من الميراث أي نصيبين بالنسبة لغير البكر وتحركت في نفس يعقوب روح الطمع والجشع والحسد وطمحت إلى أخذ البكورية من أخيه فخذ القصة من مصدرها وأولها.

يعقوب وهو إسرئيل لئيم بخيل يشتري بكورية أخيه بأكلة عدس

جاء في سفر التكوين من التوراة ف15

لؤم وبخل يسلب أخاه بكهريته تكوين ف25

(خرج أخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعي اسمه يعقوب وكان إسحق ابن ستين سنة لما ولدتهما.27فكبر الغلامان. وكان عيسو إنساناً يعرف الصيد إنسان البرية ويعقوب إنساناً كاملاً يسكن الخيام. 28فأحب إسحق عيسو لأن في فمه صيداً وإما رفقة فكانت تحب يعقوب. 29وطبخ يعقوب طبيخاً فأتى عيسو من الحقل وهو قد أعيا. 30 فقال عيسو ليعقوب أطعمني من هذا الأحمر لأني قد أعييت لذلك دعي اسمه أدوم. 31 فقال يعقوب بعني اليوم بكوريتك. 32 فقال عيسو ها أنا ماض إلى الموت فلماذا لي بكورية. 33 فقال يعقوب احلف لي اليوم فحلف له فباع بكوريته ليعقوب. 34 فأعطى يعقوب عيسو خبزاً وطبيخ عدس فأكل وشرب وقام ومضى فاحتقر عيسو البكورية).

"أن يعقوب طبخ طبيخاً فأتى عيسو من الحقل وهو قد أعيا فقال عيسو ليعقوب: أطعمني من هذا الأحمر لأني قد أعييت. فقال يعقوب: بعنى اليوم بكورتيك. فقال عيسو ها أنا ماض إلى الموت فلماذا لي بكورية. فقال يعقوب: احلف لي اليوم. فحلف له فباع بكوريته ليعقوب فأعطى يعقوب عيسو خبزاً وطبيخ عدس فأكل وشرب ومضى فاحتقر عيسو البكورية".

ا

تعليق:

هذا هو يعقوب (إسرائيل) أبو الشعب المختار يضن على شقيقه وأخيه لأمه وأبيه بأكلة عدس هو قد أعيا من الجوع حتى ليقول لأخيه أنا ماض إلى الموت.

لقد كانت تذكر لنا حكايات ونوادر عن بخل اليهود ولؤمهم وأنانيتهم وكنا نظن أن فيها من تزيد القصاص وخيال الرواة.

وما ظننا أن تبلغ منهم ذلك الذي وقع من يعقوب مع شقيقه عيسو لا يطعمه إلا إذا تنازل له عن بكوريته!! ويطعمه ماذا؟؟ يطعمه عدساً!! ما كنا نظن أن يحدث مثل هذا لولا أنا قرأناه في كتاب مقدس.

أن السوقة من الناس وعامة من نعرف ومن لا نعرف من بني آدم يكون أحدهم على طعامه أو في مجلسه فيمر به غريب لا يعرفه فيلقي عليه السلام فقبل أن يرد السلام يقول له: تفضل (أي تفضل بمؤاكلتنا أو قبول دعوتنا فذلك تفضل منك) ويلح عليه في قبول دعوته كرامة فإذا قبل اعتقدها منة منه. فما بال إسرائيل (أبو الشعب المختار) يعرى عن أدنى لباس الكرم ويفقد أبجديات المروءة والرحم ويصر على ألا يطعم أخاه إلا إذا أخذ مكانه في الميراث وبكوريته في الترتيب.

وما من شك في أن هذه الحادثة سجلت في التوراة وفي أول أسفارها لأنها عندهم آية عبقرية الشعب المختار وامتياز إسرائيل الملهم أبي الشعب المقدس.

ولذلك عابوا عيسو المسكين الذي تنازل عن بكوريته مضطراً ليدفع عنه الجوع والإعياء فقالوا: فاحتقر عيسو البكورية، كأنه لعب بها قماراً أو دفعها مهراً لبغي مثلما فعل أخوه يهوذا بن يعقوب(1) ولا يذكرون أن هذا لؤم من يعقوب وخسة وبخل وقطيعة رحم.

يعقوب وهو إسرائيل يخدع أباه ويسلب أخاه

بركة إسحق

وهذه خدعة أخرى أغرب من الخيال وأوغل في الاحتيال فيها الكذب والأنانية والخداع والتواطؤ على الباطل، أبطالها يعقوب وأمه والمخدوع فيها إسحق والمجني عليه عيسو والجاني رفقة ويعقوب

جاء في سفر التكوين ف27

خداع وكذب يسلب أباه بركته تكوين ف27

(1وحدث لما شاخ إسحق وكلت عيناه عن النظر أنه دعا عيسو ابنه الأكبر وقال له يا ابني فقال له هآنذا. 2 فقال إنني قد شخت ولست أعرف يوم وفاتي. 3 فالآن خذ عدتك جعبتك وقوسك واخرج إلى البرية وتصيد لي صيداً. 4 واصنع لي أطعمة كما أحب وأتني بها لآكل حتى تباركك نفسي قبل أن أموت. 5 وكانت رفقة سامعة إذ تكلم إسحق مع عيسو ابنه فذهب عيسو إلى البرية كي يصطاد صيداً ليأتي به. 6 وأما رفقة فكلمت يعقوب ابنها قائلة إني قد سمعت أباك يكلم عيسو أخاك قائلاً. 7 ائتني بصيد واصنع لي أطعمة لآكل وأباركك أمام الرب قبل وفاتي. 8 فالآن يا ابني اسمع لقولي في ما أنا آمرك به. 9 اذهب إلى الغنم وخذ لي من هناك جديين جيدين من المعزى فاصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب. 10 فتحضرها إلى أبيك ليأكل حتى يباركك قبل وفاته.11 فقال يعقوب لرفقة أمه هوذا عيسو أخي. 18فدخل إلى أبيه وقال يا أبي فقال هآنذا من أنت يا ابني. 19 فقال يعقوب لأبيه أنا عيسو بكرك قد فعلت كما كلمتني قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك. 20 فقال إسحق لابنه ما هذا الذي أسرعت لتجد يا ابني فقال أن الرب إلهك قد يسر لي. 21 فقال إسحق ليعقوب تقدم لأجسك يا ابني أأنت هو ابني عيسو أم لا. 22 فتقدم يعقوب إلى إسحق أبيه فجسه وقال الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو. 23 ولم يعرفه لأن يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه فباركه. 24 وقال هل أنت هو ابني عيسو فقال أنا هو. 25 فقال قدم لي لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي فقدم له فأكل وأحضر له خمراً فشرب.26 فقال له إسحق أبوه تقدم وقبلني يا ابني.27 فتقدم وقبله فشم رائحة ثيابه وباركه وقال انظر رائحة ابني كرائحة حقل قد باركه الرب.28 فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض وكثرة حنطة وخمر. 29 ليستعبد لك شعوب وتسجد لك قبائل كن سيداً لأخوتك وليسجد لك بنو أمك ليكن لاعنوك ملعونين ومباركوك مباركين.  30 وحدث عند ما فرغ إسحق من بركة يعقوب ويعقوب قد خرج من لدن إسحق أبيه أن عيسو).

"إن إسحق لما شاخ وكلت عيناه عن النظر دعا ابنه عيسو وطلب منه أن يأخذ عدته ويصيد له صيداً ويصلحه ألواناً كما يحب إسحق حتى يأكل منه ويباركه قبل أن يموت فلبى عيسو أباه وخرج إلى الصيد.

"وسمعت أمه رفقة فقررت أن تكون البركة ليعقوب وقالت له: يا بني سمعت أباك يقول لأخيك عيسو كذا وكذا فاسمع مني: امض إلى الغنم وخذ لي جديين من المعز سمينيين فأصلحهما ألواناً كما يحب أبوك فتحضرها إلى أبيك ويأكل لكي يباركك قبل موته.

فقال يعقوب لأمه أن عيسو أخي أشعر وأنا أملس فأخشى أن يجسني أبي فأكون كالساخر منه وأجلب علي لعنة لا بركة. قالت له أمه، لعنتك على يا بني اسمع كلامي ونفذ ما قلت. فمضى وأحضر لأمه ما طلبت وأصلحته أمه ألواناً على ما يحب أبوه، وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة فألبستها ابنها يعقوب وكست يديه وملامس عنقه بجلد المعز ودفعت إليه ما صنعته من الألوان والخبز ليقدمه لأبيه.

فدخل على أبيه وناداه: يا أبت. قال اسحق: من أنت؟ قال يعقوب: أنا عيسو بكرك قد صنعت كما أمرتني. قال إسحق: ما أسرع ما أصبت يا بني. قال يعقوب: إن الرب إلهك يسر لي. قال إسحق: تقدم يا بني حتى أجسك هل أنت ابني عيسو أم لا.

فتقدم يعقوب إلى أبيه فجسه وقال: الصوت صوت يعقوب لكن اليدين يدا عيسو ولم يثق. وقال إسحق ليعقوب: هل أنت عيسو؟ قال يعقوب: أنا هو (عيسو) فقال إسحق: قدم لي حتى آكل من صيد ابني لكي تباركك نفسي.

فقدم له فأكل وأتاه بخمر فشرب ثم قال إسحق: تقدم بها بني وقبلني. فتقدم وقبله فاشتم رائحة ثيابه وباركه وقال: رائحة ابني كرائحة حقل باركه الرب.

بركة إسحق

قال إسحق ليعقوب يعطيك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض يكثر لك الحنطة والخمر وتستعبد لك شعوب وتسجد لك القبائل. سيداً تكون لأخوتك ولك بنو أمك يسجدون لاعنك ملعون ومباركك مبارك.

ولما فرغ اسحق من أكله ومن مباركة يعقوب حضر عيسو بعدما خرج يعقوب وقدم إلى أبيه الطعام الذي صنعه من صيده كما طلب ليأكل ويباركه فقال إسحق أبوه: من أنت؟ قال عيسو: أنا ابنك بكرك عيسو.

فارتعد إسحق ارتعاداً عظيماً وقال: فمن هو الذي اصطاد صيداً وأتى به إلي فأكلت منه قبل أن تجيء، وباركته نعم ويكون مباركاً فصرخ عيسو وقال لأبيه: باركني أنا أيضاً. قال إسحق: قد جاء أخوك يمكر وأخذ بركتك. قال عيسو: ألأن اسمه يعقوب تعقبني مرتين، مرة أخذ بكورتي والآن أخذ بركتي فما بقيت لي بركة؟ قال إسحق: يا عيسو إني قد جعلته سيداً لك ودفعت إليه جميع إخوته عبيداً وعضدته بحنطة وخمر فماذا أصنع إليك؟ قال عيسو: يا أبت ألك بركة واحدة فقط؟ باركني أنا أيضاً ورفع صوته وبكى. قال إسحق لعيسو هوذا: بلا دسم الأرض يكون مسكنك بلا ندى السماء من فوق وبسيفك تعيش ولأخيك تستعبد ولكن يكون حينما تجنح أنك تكسر نير عنقك.

رفقة تهرب يعقوب

حقد عيسو على يعقوب من أجل البركة التي كانت وأخذها يعقوب وقرر قتله وأخبرت رفقة بما نواه عيسو ابنها الأكبر فطلبت من يعقوب أن يهرب إلى حاران ويقيم عند أخيها لإبان حتى يهدأ غضب أخيه عيسو وينسى ما صنع به.

تعليق:

هذه قصة يعقوب وهو (إسرائيل) مع أخيه شقيقه وتوأمه عيسو وقصة أمهما وأبيهما معهما يحار المرء في تصديقها وتلفيقها وصدور مثل هذه التصرفات والحركات عن بيت نبوة وهي تتسم بالأنانية والخداع والكذب والحقد والحسد والاحتيال والبغي وكل منكر من القول وزور، بدءاً من رفقة أم يعقوب وعيسو وانتهاء بإسحق الأب الظلوم. أما (رفقة) فهي في القصة محراك الشر وموقعة العداوة والبغضاء بين ولديها. لقد سمعت إسحق يطلب من ابنه عيسو طعاماً من صيد يده ليباركه فقررت أن تحول هذه البركة إلى ولدها الآخر يعقوب الذي تحبه. ولا أدري ماذا عليها لو طلبت من إسحق أن يبارك أيضاً يعقوب دون أن تدخل في هذه المناورة والمبادرة إلى الخديعة والكذب والاحتيال والفسق والتضليل، لكنها آثرت طريق اللف والدوران والإثم والعدوان، لنزع هذه البركة من ولدها الكبير إلى ولدها الصغير، وكان عليها أن تتقي الله وتعدل بينهما أو تطلب أن تكون البركة لهما، وتولت هي تخطيط وتنفيذ المؤامرة وإدخال الحيلة على إسحق فصنعت ألوان الطعام الذي يحبه بيدها وألبست ابنها يعقوب ثياب أخيه عيسو الفاخرة بغير إذنه، وعملت ليعقوب مكياجاً من جلد المعز حتى لا تنكشف الحيلة إذا ٍجسه أبوه وأدخلته بالطعام وأكل الرجل وشرب ونجحت المؤامرة وظفر يعقوب بالبركة(1).

هذه البركة التي ثبت زيفها وكذبها على ما سنرى

فأية أخلاق هذه في بيوت الأنبياء؟ وأية نشأة هذه لإسرائيل أبى الشعب المختار؟ وأية بركة هذه التي نالها من إسحق بالخداع والكذب؟

محتويات البركة

1- ندى السماء ودسم الأرض وحنطة كثيرة وخمر وما قيمة هذا والدنيا كلها متاع قليل وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور؟

2- تستعبد له شعوب وتسجد قبائل، أو هذا شرف؟ ولم تستعبد له والعبودية لله وحده؟

3- كن سيداً لإخوتك ويسجد لك بنو أمك، ولم والسيد الله والسجود لا يكون إلا له. أو هذه بركة تصدر عن قلب تقي وإنسان زكي؟

لقد سمع النبي محمد صلى الله عليه وسلم أم حبيبة يوماً تقول: "اللهم متعني بزوجي رسول الله اللهم متعني بأبي أبي سفيان.. إلخ فقال: "يا أم حبيبة لقد سألت الله لأيام قليلة فهلا سألت الله الفوز بالجنة والنجاة من النار" هذه هي غايات الأنبياء ومثل الأولياء.

أما ندى السماء ودسم الأرض واستعباد الشعوب فإنما تكون لمن لا خلاق لهم ولا يتعلق بها همم الهداة ورسل الله وحداة الإنسانية إلى السمو والكمال والعدل والإحسان، وإنما تتعلق بها همم اليهود وعبيد الشهوات الذين جعلوا الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم ولا يرجون لقاء ربهم ولا يخافون سوء الحساب.

بركة إسحق كذب والبركة من الله

تعليق: ومع ذلك فما هذه البركة؟ ومن يمنحها أو ينزلها أو يمنعها ويمسكها. إن البركة من الله لا يملك أحد غيره أن يقبضها ولا يستطيع أحد أن يرسلها أو يمسكها ولا يملك إسحق أن يبارك أحداً بمعنى أن يوصل له خيراً أو يدفع شراً، إنما يمكنه فحسب أن يدعو له ويسأل الله من فضله فإن شاء الله استجاب له وإن شاء منعه.

فما بال إسحق يتحدث حديث الذي يعطى ويمنع ويرفع ويضع ويتقمص رداء الألوهية والربوبية  ويقول ليعقوب: أعطيتك ندى السماء ودسم الأرض واستعباد الشعوب وأن يسجد لك بنو أمك وكأنما هذه المنح أوراق نقد في خزانته فهو ينفق منها حيث يشاء وكما يشاء ولمن يشاء لا مجرد دعوات ووساطة ومسألة من الله تعالى الذي له وحده العطاء والمنع وهو يحكم لا معقب لحكمه.

يعقوب يسجد لعيسو

ومع ذلك فقد جاء في سفر التكوين نفسه ف32-33 أن يعقوب هو الذي سجد لأخيه عيسو وكذلك سجد بنوه وأزواجه لعيسو وكذبت بركة إسحق فقد جاء

في سفر التكوين ف32 ما نصه

"أرسل يعقوب رسلاً إلى أخيه عيسو وأمرهم هكذا تقولون لسيدي عيسو: هكذا قال (عبدك) يعقوب بقيت عند لابنان وصار لي بقر وغنم وحمير وعبيد وإماء وأرسلت لأخبر سيدي لكي أجد نعمة في عينك.

وأبلغ الرسل يعقوب أن عيسو خرج للقائه في أربعمائة من رجاله، فخاف جداً وضاق به الأمر وقسم أولاده وأزواجه وماله أقساماً ثلاثة وأعد هدية له كسباً لوده واتقاء لشره وخوفاً منه على طريقة اليهود في كل جيل وقبيل إذا رهبوا أو رغبوا وقد قدمها يعقوب جزية لأخيه عيسو وهو صاغر ولم تغن عنه بركة إسحق وسنذكر عددها كما وردت في سفر التكوين ف33

أرسل بها عبيده ووصاهم إذا لقوا عيسو أن يقولوا له: (عبدك) يعقوب وراءنا. قال: استعطف وجهه بهذه الهدية.

وجاء في ف33 تتمة هذه المذلة والعبودية وسجود يعقوب وآله لعيسو فاسمع:

"ونظر يعقوب فإذا عيسو مقبل ومعه أربعمائة رجل، فاحتار، فقدم لهم الأولاد وسجد إلى الأرض سبع مرات فركض عيسو للقائه وعانقه ثم نظر عيسو النساء والأولاد وسأل يعقوب: ما هؤلاء منك؟ فقال: الأولاد الذين أنعم الله بهم على عبدك. فاقتربت الجاريتان وأولادهما وسجدتا، واقتربت ليئه وأولادها وسجدوا، واقترب يوسف وراحيل وسجدا.

وهكذا لم يصدق كلام إسحق ليعقوب فلم يكن سيداً لإخوته ولم يسجد له بنو أمه ولم تتحقق بركته بل سجلت التوراة العكس في نفس السفر سفر التكوين، وبعد الوعد بها.

فرأينا عيسو هو السيد الذي يفرق منه يعقوب ويخافه ويسجد له سبع مرات وستجد زوجاته وإماؤه الواحدة تلو الأخرى ومعهما أولادهما. فأي وعد كذب وأي بركة حصلتها رفقة أو أصابها يعقوب؟

إسحق

أما اسحق نهاية القصة والبؤس الذي شاخ وعمى ولم تزل شهيته مفتوحة للأكل من صيد ولده الذي كان يقدمه له فنوناً وألواناً على ما يظهر فكان حقه أن يزجر ولده الصغير يعقوب بعدما انكشف خداعه وكذبه وعدم مبالاته بحرمة أبيه وحق أخيه وكان ينبغي أن نسمع عن إسحق في ذلك أنه تمعر وجهه لكذب ابنه وتلاعبه به إن لم يحرمه بركته أو يصب عليه لعنته. لكنه وقف هذا الموقف المخجل من ابنه الأكبر عيسو الذي أطاع أمره وأحسن إليه وبره وكان عذره أن قال له: إن أخاك يعقوب قد جاء بمكر وأخذ بركتك فما أصنع لك كأن البركة متاع سرق أو قضاء سبق.

ونحن نجيبه ونقول له: على الأقل كنت ترضيه بدعوة صالحة أو كلمة طيبة لا أن تقول له: قد جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك نعم ويكون مباركاً (أنه إقرار للغش والخيانة وإصرار على الحنث العظيم) لسبب غير مفهوم.

وتقول له جعلته سيداً لك ولم؟ وهو شقيقه وأخوه لأمه وأبيه وقد رأينا أن الله أكذب ظنه وخيب فأله وكان عيسو هو السيد ولما أراد إسحق أن يجامل عيسو ويخفف عنه ويباركه، زاد الطين بلة والجرح نكاية، فقال له قولاً هو أقرب إلى اللعنة منه إلى البركة، وإلى الدعاء عليه بدل الدعاء له. فقال له: هو ذا بلا ندى السماء يكون مسكنك، وبلا دسم الأرض كذلك، وبسيفك تعيش، ولأخيك تستعبد" فقد منحها ليعقوب قبل فلا يشركه أحد فما فضل البركة إذن؟ وهذه محنة أو منحة وبركة أو لعنة؟

هذا هو موقف إسحق النبي جد الشعب المختار يحرم المحسن ويكافئ المسيء، ويتبع هوى امرأته في كل ما تقول وتريد وما أمرها برشيد.

يعقوب يهرب من عيسو

ونعود إلى الحديث عن (يعقوب) وهو إسرائيل أبو الشعب المختار، لنرى صورة أخرى من الغدر والاحتيال والطمع والاستغلال المركوز في فطرة اليهود ودمهم. فقد جاء في التوراة وفي سفر التكوين أيضاً أن يعقوب (إسرائيل) جرثومة الشعب المختار، لما فعل فعلته مع عيسو وأخذ بركته، هرب من وجهه بعد ما علم أنه يعتزم قتله.

يعقوب يعمل أجير عند خاله

هربته أمه رفقة ورسمت له الخطة أيضاً وأرسلته إلى أخيها (لابان) في فدان أرام ليتزوج من بناته وحذرته كما حذره أبوه إسحق أن يتزوج من بنات الفلسطينيين. ونزل يعقوب عند خاله (لابان) واشتغل عنده راعي غنم وخدمه سبع سنين على أن يزوجه ابنته راحيل الصغرى. فلما أتم المدة أدخل عليه ابنته الكبرى ليئة، فساء ذلك يعقوب وقال له: إنما اتفقنا على راحيل. فقال: لا يجوز ذلك عندنا أن نزوج الصغرى قبل الكبرى ولكن اخدمني سبع سنين أخرى وأنا أزوجك راحيل بعد أسبوع، فقبل واتخذ الأختين زوجتين، وبعد ذلك اختلف لابان مع يعقوب على أجرته مرات عديدة وأخيراً تم الاتفاق بينهما كما جاء في التوراة في سفر التكوين ف3:

1- على أن يكون ليعقوب كل أرقط وأبلق وأدهس من الضآن وكل أرقط وأبلق وأدهس من المعز.

2- على أن يكون للابان خاله كل ما ليس كذلك.

وتم التنفيذ فعلاً وعزل يعقوب في ذلك اليوم التيوس المخططة له والبلقاء وكل عنز رقطاء وبلقاء وكل أدهس من الضآن ودفع ذلك إلى بنيه وجعل مسيرة ثلاثة أيام بينهم وبين يعقوب ورعى غنم لابان الباقية.

 يعقوب يخون خاله ويحول ماله

وأخذ يعقوب عصياً رطبة من اللوز والملين والدلب وقشر فيها خطوطاً بيضاء وجعلها تجاه الغنم في الحياض ومساقي الماء لكي تتوحم عليها إذا وردت لتشرب فكانت توحم الضآن على العصي فتلد مخططة ورقطاء وبلقاء. وكان يعقوب كلما وحمت الغنم القوية يضع العصي تجاهها لتوحم عليها، وإذا كانت الغنم ضعيفة لا يضعها، فتصير الغنم الضعيفة للابان والقوية ليعقوب، فأيسر الرجل جداً جداً وصارت له غنم كثيرة وإماء وعبيد وجمال وحمير.

يعقوب خيانة واحتيال يسلب خاله تكوين ف30:

(لأني أعطيت جاريتي لرجلي فدعت اسمه يساكر. 19 وحبلت أيضاً ليئة وولدت ابناً سادساً ليعقوب. 20 فقالت ليئة قد وهبني الله هبة حسنة الآن يساكنني رجلي لأني ولدت له ستة بنين فدعت اسمه زبولون. 21 ثم ولدت ابنة ودعت اسمها دينة. 22وذكر الله راحيل وسمع لها الله وفتح رحمها. 23 فحبلت وولدت ابناً فقالت قد نزع الله عاري. 24 ودعت اسمه يوسف قائلة يزيدني الرب ابناً آخر.25 وحدث لما ولدت راحيل يوسف أن يعقوب قال للابان اصرفني لأذهب إلى مكاني وإلى أرضي. 26 أعطني نسائي وأولادي الذين خدمتك بهم فاذهب لأنك أنت تعلم خدمتي التي خدمتك. 27 فقال له لابان ليتني أجد نعمة في عينيك قد تفاءلت فباركني الرب بسببك. 28 وقال عين لي أجرتك فأعطيك. 29 فقال له أنت تعلم ماذا خدمتك وماذا صارت مواشيك معي. 30 لأن ما كان لك قبلي قليل فقد اتسع إلى كثير وباركك الرب في أثري والآن متى أعمل أنا أيضاً لبيتي. 31 فقال ماذا أعطيك فقال يعقوب لا تعطيني شيئاً أن صنعت لي هذا الأمر أعود أرعى غنمك وأحفظها. 32 اجتاز بين غنمك كلها اليوم واعزل أنت منها كل شاة رقطاء وبلقاء وكل شاة سوداء بين الخرفان وبلقاء ورقطاء بين المعزى فيكون مثل ذلك أجرتي. 33 ويشهد في بري يوم غد إذا جئت من أجل أجرتي قدامك كل ما ليس أرقط أو أبلق بين المعزى وأسود بين الخرفان فهو مسروق عندي. 34 فقال لابان هوذا ليكن بحسب كلامك.35 فعزل في ذلك اليوم التيوس المخططة والبلقاة وكل العناز الرقطاء والبلقاء. كل ما فيه بياض وكل أسود بين الخرفان. ودفعها إلى أيدي بنيه.36 وجعل مسيرة ثلاثة أيام بينه وبين يعقوب. وكان يعقوب يرعى غنم لابان الباقية. 37 فأخذ يعقوب لنفسه قضباناً خضراً من لبنى ولوز ودلب وقشر فيها خطوطاً بيضا كاشطاً عن البياض الذي على القضبان. 41وحدث كلما توحمت الغنم القوية أن يعقوب وضع القضبان أمام عيون الغنم في الأجران لتتوحم بين القضبان.  وحين استضعفت  الغنم لم يضعها. فصات الضعيفة للابان والقوية ليعقوب 42فاتسع الرجل كثيراً جداً وكان له غنم كثير).

هذا هو إسرائيل أبو الشعب المختار عبقري زمانه في الاحتيال واستثمار المال، يعرف كيف يحول مال لابان إليه، بعمل يفقد به المرء أدنى درجات الإيمان والأمانة، كما جاء في الحديث الصحيح: "لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يحب لأخيه مثلما يحب لنفسه" فكيف إذا كان أجيراً أو شريكاً فيخون أمانته ويستغل مهنته ويصير بها غنياً مكثراً أو كما ذكرت التوراة موسراً جداً جداً (غنم كثيرة وإماء وعبيد وجمال وحمير).

وأعجب من ذلك أن يعنون لهذه الخيانة والخديعة في الطبعة الكبيرة الجديدة للكتاب المقدس (تدبير يعقوب الذي به صار غنياً)(1).

لكن بني إسرائيل الشعب المختار امتازوا بذلك منذ نشأتهم الأولى، كما سجلته التوراة هنا وفيما سيأتي وكما سجل القرآن الكريم (كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم) والمحنة في أنهم يعتبرون ذلك الخداع والخيانة عبقرية ومهارة (وشطارة) وحسن تدبير، كما اعتبروا موقف رفقة السابق من بركة عيسو وانتزاعها ليعقوب (تدريباً ليعقوب) نعم تدريباً على الاحتيال والسلب وتأصيل الأنانية والحقد والحسد وإشاعة العداوة والبغضاء.

(2) أبناء يعقوب

تلك جرائم استغلال وخيانة وغدر باشرها إسرائيل بنفسه (يعقوب)، وكان فيها مثلاً للشعب المختار من بنيه ونسله، كما سجلها أبناؤه في الكتاب المقدس.

ونسوق هنا ثلاث جرائم أخرى جرائم غدر وخيانة وقتل وإبادة ونهب وسلب وزنا ارتكبها أبناء يعقوب لصلبه وعلى مرأى ومسمع منه ولم يغضب لله فيها مرة ولم يتحرك من ضميره مثقال ذرة. وهذه هي الأولى كما أثبتها الكتاب المقدس.

بنو إسرائيل أبناء يعقوب يرتكبون جرائم: زنا وغدر وإبادة ونهب

جاء في سفر التكوين ف34

دينة بنت يعقوب تزني مع شكيم تكوين ف34

(10فقال يعقوب لا أن وجدت نعمة في عينيك تأخذ هديتي من يدي لأني رأيت وجهك كما يرى وجه الله فرضيت علي. 11 خذ بركتي التي آتي بها إليك لأن الله قد أنعم علي ولي كل شيء وألح عليه فأخذ 12 ثم قال لنرحل ونذهب وأذهب أنا قدامك. 13 فقال له سيدي عالم أن الأولاد رخصة والغنم والبقر التي عندي مرضعة فإن استكدوها يوماً واحداً ماتت كل الغنم. 14 ليجتز سيدي قدام عبده وأنا أستاق على مهلي في أثر الأملاك التي قدامي وفي أثر الأولاد حتى أجيء إلى سيدي إلى سعير. 15 فقال عيسو أترك عندك من القوم الذين معي فقال لماذا دعني أجد نعمة في عيني سيدي. 16 فرجع عيسو ذلك اليوم في طريقه إلى سعير. 17وأما يعقوب فارتحل إلى سكوت وبنى لنفسه بيتاً وصنع لمواشيه مظلات لذلك دعا اسم المكان سكوت. 18 ثم أتى يعقوب سالما إلى مدينة شكيم التي في أرض كنعان حين جاء من فدان أرام ونزل أمام المدينة. 19 وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد بني حمور أبي شكيم بمئة قسيطة. 20 وأقام هناك مذبحاً ودعاه إيل إله إسرائيل).

الاصحاح الرابع والثلاثون

 (1وخرجت دينة ابنة ليئة التي ولدتها ليعقوب لتنظر بنات الأرض. 2فرآها شكيم ابن حمور الحوي رئيس الأرض وأخذها واضطجع معها وأذلها. 3 وتعلقت نفسه بدينة ابنة يعقوب وأحب الفتاة ولاطف الفتاة. 4فكلم شكيم حمور أباه قائلاً له خذ لي هذه الصبية زوجة. 5وسمع يعقوب أنه نجس دينة ابنته وأما بنوه فكانوا مع مواشيه في الحقل فسكت يعقوب حتى جاءوا. 6فخرج حمور أبو شكيم إلى يعقوب ليتكلم معه. 7وأتى إلى بنو يعقوب من الحقل حين سمعوا. وغضب الرجال واغتاظوا جداًلأنه صنع قباحة في إسرائيل بمضاجعة ابنة يعقوب. وهكذا لايصنع 8 وتكلم حمور معهم قائلاً شكيم ابني قد تعلقت نفسه بابنتكم أعطوه إياها زوجة. 9 وصاهرونا تعطوننا بناتكم وتأخذون لكم بناتنا. 10 وتسكنون معنا وتكون الأرض قدامكم اسكنوا واتجروا فيها وتملكوا بها. 11 ثم قال شكيم لأبيها ولإخوتها دعوني أجد نعمة في أعينكم فالذي تقولون لي أعطي. 12 كثروا علي جداً مهراً وعطية فاعطي كما تقولون لي وأعطوني الفتاة زوجة. 13فأجاب بنو يعقوب شكيم وحمور أباه بمكر وتكلموا لأنه كان قد نجس دينة أختهم. 14 فقالوا لهما لا نستطيع أن نفعل هذا الأمر أن نعطي أختنا لرجل أغلف لأنه عار لنا. 15 غير أننا بهذا نواتيكم أن صرتم مثلنا بختنكم كل ذكر. 16 نعطيكم بناتنا ونأخذ لنا بناتكم ونسكن معكم ونصير شعباً واحداً. 17وإن لم تسمعوا لنا أن تختتنوا نأخذ ابنتنا ونمضي. 18 فحسن كلامهم في عيني حمور وفي عيني شكيم بن حمور. 19 ولم يتأخر الغلام أن يفعل الأمر لأنه كان مسروراً بابنة يعقوب وكان أكرم جميع بيت أبيه. 20 فأتى حمور وشكيم ابنه إلى باب مدينتهما وكلما أهل مدينتهما قائلين. 21هؤلاء القوم مسالمون لنا فليسكنوا في الأرض ويتجروا فيها وهوذا الأرض واسعة الطرفين أمامهم نأخذ لنا بناتهم زوجات ونعطيهم بناتنا. 22 غير أنه بهذا فقط يواتينا القوم على السكن معنا لنصير شعباً واحداً بختننا كل ذكر كما هم مختونون. 23 ألا تكون مواشيهم ومقتناهم وكل بهائمهم لنا نواتيهم فقط فيسكنون معنا. 24 فسمع لحمور وشكيم ابنه جميع الخارجين من باب المدينة واختتن كل ذكر كل الخارجين من باب المدينة. 25 فحدث في اليوم الثالث إذ كانوا متوجعين أن ابني يعقوب شمعون ولاوي أخوي دينة أخذا كل واحد سيفه وأتيا على المدينة بأمن وقتلا كل ذكر. 26 وقتلا حمور وشكيم ابنه بحد السيف وأخذا دينة من بيت شكيم وخرجا. 27 ثم أتى بنو يعقوب على القتلى ونهبوا المدينة لأنهم نجسوا أختهم. 28 غنمهم وبقرهم وحميرهم وكل ما في المدينة وما في الحقل أخذوه. 29 وسبوا ونهبوا كل ثروتهم وكل أطفالهم ونساءهم وكل ما في البيوت.30فقال يعقوب لشمعون ولاوي كدرتماني بتكريهكما إياي عند سكان الأرض الكنعانيين والفرزيين وأنا نفر قليل فيجتمعون علي ويضربونني فأبيد أنا وبيتي.31 فقال أنظير زانية يفعل بأختنا).

الاصحاح الخامس والثلاثون

(1ثم قال الله ليعقوب قم اصعد إلى بيت إيل وأقم هناك واصنع هناك مذبحاً لله الذي ظهر لك حين هربت من وجه عيسو أخيك. 2 فقال يعقوب لبيته ولكل من كان معه اعزلوا الآلهة الغريبة التي بينكم وتطهروا وأبدلوا ثيابكم. 3 ولنقم ونصعد إلى بيت إيل فاصنع هناك مذبحاً لله الذي استجاب لي في يوم ضيقتي وكان معي في الطريق الذي ذهبت فيه. 4 فأعطوا يعقوب كل الآلهة الغريبة التي في أيديهم والأقراط التي في آذانهم فطمرها يعقوب تحت البطمة التي عند شكيم.5 ثم رحلوا وكان خوف الله على المدن التي حولهم فلم يسعوا وراء بني يعقوب6.فأتى يعقوب إلى لوز التي..).

أن (دينة) بنت يعقوب التي ولدتها له ليئة خرجت لتنظر بنات البلد، فرآها (شكيم) ابن حمور رئيس البلد، فأخذها وجامعها وأحبها وطلب من أبيه أن يخطبها له، وذهب حمور إلى يعقوب وخطب البنت لابنه ووافق يعقوب وبنوه على شرط أن يختن شكيم وأبوه وجميع الذكور من قومه، ووافق حمور وابنه وقومه ونفذوا الشرط واختتنوا جميعاً في يوم، لأنهم بهذا سيصيرون شعباً واحداً ويداً واحدة (اختتن جميع الذكور).

وحدث في اليوم الثالث وهم متوجعون من الاختتان أن (ابني يعقوب شمعون ولاوي) أخوي دينه أخذ كل منهما سيفه ودخلا المدينة آمنين فقتلا كل ذكر وقتلا كذلك حمور وشكيم وأخذا دينه، ثم دخل بنو يعقوب على القتلى وغنموا ما في المدينة من أجل تدنيس أختهم، وأخذوا غنمهم وبقرهم وحمرهم وكل مافي المدينة والصحراء وسبوا وغنموا جميع ثروتهم وكل أطفالهم ونسائهم وسائر ما في البيوت. فقال يعقوب لشمعون ولاوي: كدرتماني بتكريهكما إياي عند سكان الأرض الكنعانيين والفزريين وأنا نفر قليل فيجتمعون علي ويضربونني فأهلك أنا وبيتي: فقالوا أنظير زانية يفعل بأختنا.

تعليق:

قصة استكبار وعلو وفساد في الأرض ما سمعنا بمثلها في قديم أو حديث. ولد زنا بابنة يعقوب كما ذكر في الكتاب المقدس فكان حقه أن يعاقب وتعاقب البنت معه إذا لم يكن أكرهها ولم يذكر الكتاب إكراهاً أو رضا.

وكان مفروضاً أن يقع العقاب على الجاني وحده ضرباً أو رجماً أو ما شاؤوا، لكن تكون العقوبة شخصية (ولا تزر وازرة وزر أخرى).

لكن هذا الشعب المختار بحكم أنه مصطفى من بين البشر، فينبغي أن يختص بأحكام فوق البشر فيبيد الشعب الذي أساء واحد منه إلى واحدة من الشعب المختار، مع أن الحكم في مثل هذه الحادثة واضح محدد نصت عليه التوراة.

فقد جاء في سفر الخروج فيها ف22

"وإن راود رجل بكراً لم تخطب فغشيها فليمهرها زوجة له فإن أبى أبوها فليزن لها فضة مثل مهر الأبكار (أي لها مهر مثلها).

هذا هو حكم القضية في التوراة ليس فيها قتل ولا ختل ولا عمليات إبادة ونهب وسلب وأسر، ولكن هذا الحكم يطبق فيما بين الشعب المختار كما هو منصوص عندهم (لأخيك لا تقرض بربا للأجنبي اقرض بربا) أما مع غير بني إسرائيل فهو القتل الجماعي والتدمير والنهب.

تلك طبيعة الشعب المختار الدموية والهمجية، فالحكم عنده إبادة الشعب كله بجريرة واحد منه والاحتيال لذلك بعقد معاهدة صداقة ومصاهرة ثم تبييتهم بعدها بنقض عهده وسفك دمائهم وهتك أعراضهم ونهب أموالهم، كما هو مسجل صراحة في توراتهم هذه التي شهدوا بها على أنفسهم.

هذا عمل بني يعقوب (بني إسرائيل) فلننظر ماذا عمل أبوهم يعقوب بعد ما رأى بنيه سفكوا الدماء وقتلوا الرجال واستباحوا النساء والأطفال وسبوهم ونهبوا الأموال، لا شيء! وما كان منه إلا أن قال لبنيه كدرتماني بتكريهكما إياي للناس وأنا في نفر قليل.

كل ما أهمه وكدر خاطره أن عمل بنيه كرهه إلى الناس وجعلهم يبغضونه ويخاف أن ينتقموا منهم ولا طاقة له بحربهم ودفعهم عن نفسه لأنه في نفر قليل.

أما أنهم أخذوا البريء بالمذنب، وإما أنهم قتلوا النفس التي حرم الله بغير حق، وقتلوا امة بريئة بجريرة فرد، وسبوا النساء والأطفال في غير حرب، ونهبوا الأغنام والأموال غدراً وغيلة. كل ذلك لم يحرك من ضميره شعرة ولم يؤثر في قلبه مثقال ذرة. وكل الذي عاناه وأهمه أنه أصبح مكروهاً مبغضاً عند جيرانه مطلوباً في جريمة كبرى وعدوان أثيم.

وهو مع ذلك لم يؤثر عنه كلمة واحدة في التفجع على القتلى والمصابين ولا في إطلاق سراح الأسرى من النساء والأطفال ولم يكونوا أسرى حرب وإنما سطا عليهم خونة مغيرون نقضوا عهدهم ومكروا مكرهم وفتكوا بهم وهم آمنون.

فبأي حق أو مسوغ يدعى هذا الشعب الخؤون الجحود السفاح الأثيم أنه شعب الله المختار. وهذا أبوه وهؤلاء بنوه سلفهم غير الصالحين في خستهم ونقضهم العهد وقتلهم الآمنين وعلى أي أساس اختار الله هذا الشعب وقدسه ألا إنه من تمام الخزي والمهزلة أن يكون جواب بنيه وهو يلومهم على تكدير وتكريهه للناس أن قالوا له "أكزانيه يتخذ أختنا" مثل ذلك لا يصنع في إسرائيل.

فلننظر ما يصنع في إسرائيل في الجريمة الثانية.

زنا المحارم في الشعب المختار

رأوبين بن يعقوب يزني بامرأة أبيه

لقد زنى رأوبين ابن يعقوب البكر بحليلة أبيه (بلهة) وزنى (يهوذا) ابن يعقوب بامرأة ابنه ثامار. وسجل ذلك في الكتاب المقدس في سفر التكوين وهو زنا محارم ليس كزنا بنت يعقوب مع شكيم.

ومع ذلك لم يغل دم يعقوب ولم ينزل بولده عقوبة ما وإنما مرت الجريمة بروح رياضية مرحة، كأن لم يحدث شيء. وإليك البيان:

جاء في سفر التكوين ف35

روأبين يزني بامرأة أبيه فلا يغار تكوين ف35

(أرض كنعان وهي بيت إبل. هو وجميع القوم الذين معه.7وبنى هناك مذبحاً ودعا المكان إيل بيت إيل. لأنه هناك ظهر له الله حين هرب من وجه أخيه. 8وماتت دبورة مرضعة رفقة ودفنت تحت بيت إيل تحت البلوطة فدعا اسمها ألون باكوت. 9وظهر الله ليعقوب أيضاً حين جاء من فدان أرام وباركه. 10 وقال له الله اسمك يعقوب لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل يكون اسمك إسرائيل فدعا اسمه إسرائيل. 11 وقال له الله أنا الله القدير أثمر وأكثر أمة وجماعة أمم تكون منك وملوك سيخرجون من صلبك. 12 والأرض التي أعطيت إبراهيم وإسحق لك أعطيها ولنسلك من بعدك أعطي الأرض. 13 ثم صعد الله عنه في المكان الذي فيه تكلم معه. 14 فنصب يعقوب عموداً في المكان الذي فيه تكلم معه عموداً من حجر وسكب عليه سكيباً وصب عليه زيتاً. 15 ودعا يعقوب اسم المكان الذي فيه تكلم الله معه بيت إيل.16 ثم رحلوا من بيت إيل ولما كان مسافة من الأرض بعد حتى يأتوا إلى أفراتة ولدت راحيل وتعسرت ولادتها. 17 وحدث حين تعسرت ولادتها أن القابلة قالت لها لا تخافي لأن هذا أيضاً ابن لك. 18 وكان عند خروج نفسها لأنها ماتت أنها دعت اسمه بن أوني وأما أبوه فدعاه بنيامين. 19 فماتت راحيل ودفنت في طريق أفراتة التي هي بيت لحم. 20 فنصب يعقوب عموداً على قبرها وهو عمود قبر راحيل إلى اليوم.21 ثم رحل إسرائيل ونصب خيمته وراء مجدل عدر. 22 وحدث إذ كان إسرائيل ساكناً في تلك الأرض أن رأوبين ذهب واضطجع مع بلهة سرية أبيه وسمع إسرائيل وكان بنو يعقوب اثني عشر.23 بنو ليئة رأوبين بكر يعقوب وشمعون ولاوي ويهوذا ويساكر زلفة وزبولون.24وابنا راحيل يوسف وبنيامين.25وابنا بلهة جارية راحيل دان ونفتالي. 26 وابنا زلفة جارية ليئة جاد وأشير. هؤلاء بنو يعقوب الذين ولدوا في فدام أرام. 27وجاء يعقوب إلى إسحق أبيه إلى ممرا قرية أربع التي هي حبرون. حيث تغرب إبراهيم وإسحق28 وكانت أيام اسحق مئة وثمانين سنة29فأسلم إسحق روحه ومات وانضم إلى قومه شيخاً وشبعان أياماً. ودفنه عيسو ويعقوب ابناه).

32- "وحدث إذ كان إسرائيل ساكناً في تلك الأرض أن رأوبين ذهب واضطجع مع (بلهة) سرية أبيه وسمع إسرائيل وكان بنو يعقوب اثني عشر (بنو ليئة رأوبين بكر يعقوب وشمعون ولاوي ويهوذا ويساكر وزبولون).

ابنا راحيل يوسف وبنيامين

ابنا بهلة دان ونفتالي.

ابنا زلفة جاد وأشير.

وجاء يعقوب إلى أبيه إسحق في حيرون ومات إسحق ودفنه أبناء يعقوب وكان عمره 180 سنة.

وهكذا أهيل على الحادثة التراب مثلما أهيل على إسحق كأنما دفنت معه.

لم يقل لنا الكتاب المقدس ماذا فعل يعقوب لما سمع بزنا ابنه الأكبر بامرأته بلهة وأم أخويه دان ونفتاني. سمع وسكت وكأن لم يحدث شيء ولم تقع جريمة من كبائر الإثم والفواحش في بنيه.

يعقوب أخيراً يتحسر عند موته على هتك عرضه

غير أنه من الإنصاف أن نقول إن يعقوب نطق أخيراً وقال قولاً عند موته لابنه رأوبين وأخوته معه. وها هو كما جاء:

في سفر التكوين ف49

1- أن يعقوب دعا بنيه وقال اجتمعوا لأنبئكم بما يصيبكم في آخر الأيام(1).

2- اجتمعوا واسمعوا يا بني يعقوب وأصغوا إلى إسرائيل أبيكم.

3- رأوبين أنت بكري قوتي وأول قدرتي فضل الرفعة وفضل العز، تفريق فاتراً كالماء لا تتفضل لا تتفضل لأنك صعدت على مضجع أبيك على فراشي صعدت.

تعليق:

1- بكل هدوء وبساطة أعلن يعقوب أمام بنيه كلهم أن ابنه رأوبين صعد على فراشه ودنسه لما ضاجع امرأته بلهة أم أخويه دان ونفتالي وكانا حاضرين الاجتماع. فيا موت هذه القلوب وانعدام الغيرة والشرف منها وانحطاط هذه الأمة المقدسة والشعب المختار.

2- وبكل هدوء وبساطة قال هذا القول بعد ما أثنى على المجرم الزاني بأنه فضل الرفعة والعز.

3- وبكل هدوء وبساطة كانت العقوبة التي أنزلها برأوبين ابنه الزاني بامرأته أن قال له "فاتراً كالماء لا تتفضل لأنك صعدت على مضجع أبيك".

ولا أدري هل هذا القول خبر أو إنشاء أو وصف أو دعاء، لكننا ندري أن ابني يعقوب من امرأته الزانية أو المزني بها كانا حاضرين ولم يحركا ساكناً ولم يصدر عنهما شيء.

كذلك كان شمعون ولاوي ابنا يعقوب اللذان قتلا شكيم وحمور وجميع ذكور أهله ومدينته ونهبوها انتقاماً لأختهما دينة وقالا لا يعمل بهذه القباحة في إسرائيل.

أقول كانا حاضرين وسمعا يعقوب يعترف بزنا ابن الأكرمين بأمهما وأم أخويه ولم تثر في دمهما حمية أو تتوقد غيرة وهناك في شكيم كان زنا دينة بنت يعقوب مع شكيم كان حدثاً عادياً أما هنا فزنا المحارم وفي بيت النبوة.

إن هذه القصة وحدها تكفي لتدمغ هذا الشعب بالخزي واللعنة ولترده أسفل سافلين في موازين الكرامة والشرف والأمر  بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن العجب ألا يزال هذا النسل الخبيث يزعم أنه الشعب المقدس وهذه سيرته في الكتاب المقدس.

يعقوب يقسم المجرمين في أبنائه الخونة السفاحين شمعون ولاوي

وبالمناسبة نتحدث عن شمعون ولاوي ابني يعقوب وأخوي دينة وما قال عنهما أبوهما في هذا الاجتماع الأخير الذي عقده لبنيه قبل موته لينبئهم بما يصيبهم في آخر الأيام. قال يعقوب بعد كلماته السابقة عن رأوبين: ابنه الزاني بامرأته:

"شمعون ولاوي أخوان آلات ظلم سيوفهما في مجلسهما لا تدخل نفسي بمجمعها لا تتحد كرامتي لأنهما في غضبهما قتلا إنساناً وفي رضاهما عرقبا ثوراً ملعون غضبهما فإنه شديد وسخطهما فإنه قاس أقسمهما في يعقوب وأفرقهما في إسرائيل".

تعليق:

ونقول ليعقوب إما أنهما في غضبهما قتلا إنساناً فقد قتلا أمة من الناس عاهداهم فنقضا عهدهم

وقتلا كل ذكر منهم وسبوا نساءهم وأطفالهم ونهبوا أموالهم حتى خاف يعقوب على نفسه مغبة غدرهم وقال لهم "كدرتموني إذ كرهتموني للناس كما مر ذلك مما أثبتنا من التوراة في الفصل 35 من سفر التكوين.

ونتساءل ما معنى ملعون غضبهما وهما يستحقان القتل ولعنة المؤمنين وغضب الله بقتلهما أمة بغير حق ونقضهما عهداً وفتكهما غيلة وغدراً ذلك (أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً) وما معنى أقسمها في يعقوب وأفرقهما في إسرائيل؟ ألتشيع آلات الظلم وتنتشر في الشعب الظلوم أم ليهربوا من غضب الله ومقته وعذابه ولن يعجزوا الله هرباً، أم هو إعلان الرضا عنهما والإعجاب بجرأتهما عل السفاهة والغدر على حد ما قيل ذل من لا سفيه له.

يهوذا بن يعقوب يزني بامرأة ابنه

زنى يهوذا بامرأة ابنه وأنجب منها ولدين وملخص القصة كما جاءت في الكتاب المقدس تكوين ف38

الاصحاح الثامن والثلاثون

(1وحدث في ذلك الزمان أن يهوذا نزل من عند أخوته ومال إلى رجل عدلامي اسمه حيرة. 2 ونظر يهوذا هناك ابنة رجل كنعاني اسمه شوع فأخذها ودخل عليها. 3 فحبلت وولدت ابناً ودعا اسمه عيرا.4 ثم حبلت أيضاً وولدت ابناً ودعت اسمه أونان.5ثم عادت فولدت أيضاً ابناً ودعت اسمه شيلة. وكان في كريب حين ولدته. 6وأخذ يهوذا زوجة لعير بكره اسمها ثامار. 7 وكان عير بكر يهوذا شريراً في عيني الرب فأماته الرب. 8 فقال يهوذا لأونان ادخل على امرأة أخيك وتزوج بها وأقم نسلاً لأخيك. 9 فعلم أونان أن النسل لا يكون له فكان إذ دخل على امرأة أخيه أنه أفسد على الأرض لكيلا يعطي نسلاً لأخيه. 10 فقبح في عيني الرب ما فعله فأماته أيضاً. 11 فقال يهوذا لثامار كنته اقعدي أرملة في بيت أبيك حتى يكبر شيلة ابني لأنه قال لعله يموت هو أيضاً كأخويه فمضت ثامار وقعدت في بيت أبيها. 12 ولما طال الزمان ماتت ابنة شوع امرأة يهوذا ثم تعزى يهوذا فصعد إلى جزاز غنمه إلى تمنة هو وحيرة صاحبه العدلامي. 13 فأخبرت ثامار وقيل لها هوذا حموك صاعد إلى تمنة ليجز غنمه. 14 فخلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلففت وجلست في مدخل عينايم التي على طريق تمنة لأنها رأت أن شيلة قد كبر وهي لم تعط له زوجة 15 فنظرها يهوذا وحسبها زانية لأنها كانت قد غطت وجهها. 16 فمال إليها على الطريق وقال هاتي أدخل عليك لأنه لم يعلم أنها كنته فقالت ماذا تعطيني لكي تدخل علي. 17 فقال إني أرسل جدي معزى من الغنم فقالت هل تعطيني رهناً حتى ترسله. 18 فقال ما الرهن الذي أعطيك فقالت خاتمك وعصابتك وعصاك التي في يدك فأعطاها ودخل عليها فحبلت منه. 19 ثم قامت ومضت وخلعت عنها برقعها ولبست ثياب ترملها. 20 فأرسل يهوذا جدي المعزى بيد صاحبه العدلامي ليأخذ الرهن من يد المرأة فلم يجدها. 21 فسأل أهل مكانها قائلاً أين الزانية التي كانت في عينايم على الطريق فقالوا لم تكن ههنا زانية. 22 فرجع إلى يهوذا وقال لم أجدها وأهل المكان أيضاً قالوا لم تكن ههنا زانية. 23 فقال يهوذا لتأخذ لنفسها لئلا نصير إهانة أني قد أرسلت هذا الجدي وأنت لم تجدها).

 

 أن يهوذا بن يعقوب من ليئة تزوج امرأة من الكنعانيين فولدت له ثلاثة أبناء (عيرا وأونان وشيلة) فلما كبر عير زوجه امرأة اسمها (ثامار) بقيت معه مدة ثم مات فزوجها لأخيه أونان ثم مات أونان فقال لثامار انتظري حتى يكبر شيلة وانتظرت في بيت أبيها حتى كبر شيلة فلم يزوجها له وماتت امرأة يهوذا فخرج يتلهى ويتسلى ويزاني البغايا. وعلمت ثامار فتزينت وتعرضت في طريقه فتنكرت في هيئتها فرآها وراودها واتفق معها على أن يبعث إليها جدى معز فقالت أعطني رهناً فأعطاها خاتمه وعمامته وعصاه ودخل عليها فحملت منه ثم عادت ولم تنتظر الجدي اكتفاء بالرهن. وبعد بضعة أشهر ظهر عليها الحمل وذاع أمرها وأخبر يهوذا فقال أخرجوهما لتحرق فأرسلت إليه أنها حامل من صاحب هذا الخاتم وهذه العمامة والعصا فتبين يهوذا أنها حملت منه وولدت له توأماً (فارص وزارح).

هذه قصة يهوذا بن يعقوب زنى بامرأة ابنه مثلما زنى شقيقه رأوبين بامرأة أبيه.

يعقوب يبارك ابنه الزاني

فلننظر إلى يعقوب النبي أبي الشعب المختار كيف أثنى عليه ومدحه ودعا ألا يزول له ملك وأن تخضع له الشعوب.

جاء في سفر التكوين ف45 أن يعقوب قال في الاجتماع الذي عقده لبنيه الاثني عشر ليخبرهم بما يصيبهم في آخر الأيام (ولا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله).

قال يعقوب يبارك يهوذا:

"يهوذا أياك يحمد أخوتك على قفا أعدائك، يسجد لك بنو أبيك، يهوذا جرو أسد من فريسة صعدت يا ابني جثا وربض كأسد وكلبوه من ينهض،  لا يزول قضيب عن يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب، رابطاً بالكرمة جحشه وبالجفنة ابن أتانه غسل بالخمر لباسه وبدم العنب ثوبه، مسود العينين من الخمر مبيض الأسنان من اللبن.

تعليق:

هذا هو يهوذا الزاني ابن يعقوب وهذا تنبؤ يعقوب له وتلك أمانيه ليس لله فيها ذكر ولا اسم وليس للهدى فيها حظ ولا للتقوى نصيب، وكل همه أن تكون يده على قفا أعدائه وأن يسجد له بنو أبيه، وأن يكون سبعاً ابن سبع، وألا يزول له ملك وأن تخضع له شعوب، وأن يبسط له في الرزق والدر حتى تسود عيناه من الخمر وتبيض أسنانه من اللبن.

أمنيات حقيرة لا تنشأ إلا في عقل باطن مشحون بالأنانية ورجز الجاهلية تماماً مثلما أثر عن عمر ابن كلثوم في معلقته.

ألا هبي بصحنك فاصبحينا        ولا تبقي خمور الأندرينا

وفيها:

لقد   علم   القبائل   من  معد        إذا   قبب   بأبطحها  بنينا

بأنا   المانعون    لما    أردنا        وأنا النازلون  بحيث  شينا

ونشرب إن وردنا الماء صفواً        ويشرب غيرنا كدرا وطينا

إذا  بلغ  الفطام   لنا  رضيع        تخر  له  الجبابر  ساجدين

كذلك كان أهل الجاهلية يتعلقون ويتمجدون بطعن القنا وخفق البنود وشرب الخمر واستعباد الغير. وقد كان مفروضاً في هذا النبي (يعقوب) الذي جمع بنيه في آخر أيامه ليوصيهم ويذكرهم أن يقول لهم مثلما روى القرآن عنه وهو الحق (يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون).

ذلك هو اللائق بهذا النبي الذي أسلم الروح بعدما أنهى الوصية وفرغ من الحديث كما كان مفروضاً في بنيه أن يكونوا كما وصفهم الله وحدث عنهم في كتابه الكريم (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذا قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب إلهاً واحداً ونحن له مسلمون).

لكن بني يعقوب (إسرائيل) هذا الشعب المختار والخلف السوء الذي غلبت عليه شقوته وأنانيته وعبادة الدنيا والشهوات يأبى أن يتبوأ أبوه شرف الإمامة ودين الاستقامة ويصر على أن يلبسه خزي الدنيا وثياب الأخسرين الفاسقين.

فكان حقيقاً يقول الشاعر:

أساءك أن يقال أبوك عف        وسرك أن يقال أبوك زان

على أي حال هذه نماذج من سيرة آباء الشعب المختار مما سجل على نفسه وخط بيمينه في التوراة والكتاب المقدس الذي حولوه إلى مستنقع رجز وتاريخ خزي وعار.

أنبياء الشعب المختار

تحدثنا عن آباء الشعب المختار أو على الأصح سقنا نماذج بما حدثت عنهم التوراة من الخيانة واللؤم والاستغلال والظلم ونقض العهود والغدر والقتل الجماعي والسلب وزنا المحارم مما وقع ليعقوب (إسرائيل) أبي الشعب المختار وبنيه.

ونتحدث هنا عن أنبياء بني إسرائيل فنذكر بعضاً مما روت عنهم التوراة والكتاب المقدس من الجنايات والخيانات وكبائر الأثم والفواحش وأعمال القتل والنهب والإبادة الجماعية وسنكتفي بثلاثة من أنبياء إسرائيل هم أسوة الشعب المختار وقادته في الكفر والإثم والعدوان وأكلهم السحت وهم: موسى وهارون ويشوع

موسى

1- قاتل عمد.

2- مجرم حرب.

3- معلم خيانة

قاتل عمد: أما أنه قاتل عمد فقد جاء في سفر الخروج من التوراة

أنه دخل المدينة فوجد عبراني يخاصم مصرياً فاستغاث العبراني بموسى فنظر موسى يميناً وشمالاً فلم يجد أحد فانقض على المصري فقتله وطمره في الرمل(1).

مجرم حرب: أما أنه مجرم حرب فلأنه أول من ابتدع القتل الجماعي والإبادة العرقية ونفذها وذلك أنه لما خرج ببني إسرائيل من مصر وأراد أن يدخل فلسطين الأرض المقدسة طلب من سيحون ملك حشبون في الأردن أن يمر في أرضه ليعبر النهر إلى الأرض المقدسة فرفض سيحون (وحق له لأن بني إسرائيل لا يوثق لهم بعهد ولا عقد).

واستمع لما جاء في التوراة والكتاب المقدس.

أ- قال موسى فدفعه الرب إلى أيدينا فقتلناه وبنيه وجميع قومه وأخذنا كل مدنه وحرمنا من كل مدينة الرجال والنساء والأطفال لم نبق شارداً، لكن البهائم نهبناها لأنفسنا وغنيمة المدن(2).

ب- قال موسى تحولنا إلى باشان فخرج ملكها للقائنا فضربناه وجميع قومه حتى لم نبق له شارداً وأخذنا كل مدنه ستون مدينة حرمناها كما فعلنا بسيحون محرمين من كل مدينة الرجال والنساء والأطفال لكن البهائم وغنيمة المدن نهبناها(3).

معلم خيانة: أما أنه معلم خيانة وخائن أمانة فاستمع لما جاء في سفر الخروج من التوراة والكتاب المقدس.

جاء في ف2 من سفر الخروج

قال موسى لبني إسرائيل قبل خروجهم من مصر (لا تمضون فارغين بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين.

وجاء في ف12 من سفر الخروج

وفعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى. طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم فسلبوا المصريين.

لا تعليق:

هذا هو نبي الشعب المختار المقدس يحتال ليسلب جاره ويخون أمانته ويعلم الشعب المختار الخيانة فيستجيب له والشعب حاضر دائماً عند كل شر يراد منه كما وصفه الله (يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت)(1).

هرون

1- خائن أمانة

2- انتهازي

3- صانع وثن

هكذا هو في التوراة وهو النبي الثاني للشعب المختار، وشقيق موسى الذي دعا ربه (اجعل لي وزيراً من أهلي هرون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً).

فأجابه الله (قد أوتيت سؤلك يا موسى) (1).

هذا النبي الذي جعله الله وزيراً لموسى يشد أزره ويشركه أمره ويذكره ربه ويتحدى فرعون وجنوده خان أمانته ونسى رسالته لما دعاه شعبه ليصنع لهم آلهة فسارع وصنع لهم عجلاً وأقام له حفلاً.

فقد جاء في سفر الخروج ف32

لما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هرون وقالوا له قم اصنع لنا آلهة تسير معنا لأن موسى الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه فقال لهم هرون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها، فنزع كل الشعب وأتوا بها إلى هرون، فأخذ كل ذلك وصوره بالأزميل وصنعه عجلاً مسبوكاً فقالوا هذا إلهك يا إسرائيل فلما نظر هرون (وأعجبه المنظر) بنى مذبحاً وقال غداً عيد للرب.

فبكروا في الغد وقدموا الذبائح وأكلوا وشربوا وعيدوا وقاموا للعب.

تعليق:

هذا هو هرون شقيق موسى الذي أشركه الله في نبوته ليكون له ردءاً يصدقه ووزيراً يشدده ينهار أمام بني إسرائيل ويطلب منه الشعب المختار أن يصنع لهم آلهة فلا يتردد ولا يقول كلمة نصح أو تذكير بالله أو تحذير من الشرك (ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق).

وإنما يسارع في هواهم ويطلب منهم الذهب ويصنع لهم الإله العجل ففي أي شعب مختار أو غير مختار قام نبيهم فصنع لهم آلهة من الأصنام وعجلاً جسداً له خوار.

لقد عجز هرون أن يبلغ دعوة ربه وأن ينصح لأمته وأن يقول لهم ما قال إبراهيم لقومه (أئفكاً آلهة دون الله تريدون)؟(1).

وليته حين عجز سكت ولكنه سارع في أعظم ذنب يعصي الله به في الأرض وهو الشرك (إن الله لا يغفر أن يشرك به).

وليته حين أشرك لم يصنع لله شريكاً بأزميله وصب له قالباً كما جاءت به روايات التوراة، إنها قصة لا تصدق، وقد ذكر القرآن أن الذي صنع لهم العجل هو السامري لا هرون، وأن هرون قال لهم (يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري) فعصوه وقالوا (لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى)

وهكذا الشعب المختار يصر على أن يضع سيئات أعماله على كواهل أنبيائه وما هو بمزحزحه من العذاب أن يفترى عليهم الكذب وما هو بمغن عنهم من الله شيئاً.

أما موسى فقال لهرون ماذا صنع بك هذا الشعب حتى جلبت عليه خطيئة عظيمة.

فقال هرون: لا يحم غضب سيدي أنت تعرف الشعب أنهم أشرار، ثم اعترف هرون بأنه خافهم وطلب منهم الذهب وصنع لهم الآلهة العجل.

يا عجباً: لشعب ربيب فتن وعابد وثن ومفتري كذب لا يخلع سواد كفره إلا على وجوه أنبيائه وأوليائه فلا ترى لهم أمراً رشيداً ولا قولاً سديداً ولا مواقف تبيض منها الوجوه أو تثبت بها الأقدام في مواطن حق أو عدل أو إحسان.

كيف يتخذه الله شعباً مقدساً ويختاره من بين خلقه حياً ونصيباً كما زعموا.

ويا عجباً: وهذا نبيه يخرس عن قول الحق ويجبن عن مواجهة الشرك ولا يستطيع أن يقول لقومه لما طلبوا أن يصنع لهم آلهة (يا قوم اتقوا الله) (يا قوم إني بريء مما تشركون).

ويا عجباً: لهذا النبي هرون قدوة الشعب المقدس يقال له قم فاصنع لنا آلهة فيقوم في الحال ويصنع لا يحمر له وجه ولا يحمى له أنف ولا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر.

(يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسولٍ إلا كانوا به يستهزؤون)

لكن استهزاء الشعب المختار بنبيه فاق كل استهزاء وإن كلاً منهم لجدير بمكانه من صاحبه في العجب والازدراء.

يشوع

تلميذ موسى النابغة وخليفته من بعده لامتلاك فلسطين وإبادة أهلها وتقسيمها بين إسرائيل بالقرعة وهو يمتاز بخصال ثلاث:

1- قاطع طريق.

2- مجرم حرب.

3- أول مغتصب لفلسطين.

1- قاطع طريق

جاء في موسوعة العقاد الإسلامية للكاتب الكبير عباس محمود العقاد أنه عثر على كتابات وآثار في تونس والمغرب العربي سجل عليها كاتبوها أنهم فروا من وجه طاغية قاطع طريق ظهر بالمشرق اسمه يشوع، وفي الحق أن اسم (قاطع طريق) يتضاءل كثيراً عن الوصف الذي يستحقه هذا الإرهابي أو النبي العبراني الذي عبر ببني إسرائيل نهر الأردن كالسيل الجارف أو الإعصار المدمر والريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم وفيما سنعرضه هنا من أعمال القتل الجماعي والإبادة العرقية التي جرت على يديه وسجلت في التوراة في سفره (سفر يشوع) ما يؤكد أنه الصورة الحقيقية للشعب المختار وأنه أعظم قاطع طريق في التاريخ القديم وهو لذلك المثل الأعلى الذي يحتذيه بنو إسرائيل في كل جيل وقبيل خاصة اليوم أمثال بيجن وشارون ورابين وهم.

2- مجرم حرب:

أي مسعر قتل جماعي وإبادة عرقية

وقد ذكرنا من قبل أن موسى بدأ هذا المخطط الإجرامي وهو في طريقه إلى الأرض المقدسة فدخل الأردن وأباد مملكتين (حشبون وباشان) قتل منهما الرجال والنساء والأطفال وكل نسمة لم يبق باقياً كما جاء في سفر التثنية ف2،3 من التوراة والكتاب المقدس أما البهائم وغنيمة المدن فنهبوها.

ذلك ما فعل موسى قتل أهل مملكتين الرجال والنساء والأطفال.

أما (يشوع) تلميذه وخليفته فعبر الأردن ودخل فلسطين واستولى على واحد وثلاثين مملكة قتل منها الرجال والنساء والأطفال كما فعل موسى وزاد عليه قتل البقر والغنم والحمر وكل ذلك مسجل في التوراة بيد الشعب المختار الذي يعتبر هذه الإبادة والقسوة والهمجية آية القوة والبطولة والمجد.

وسنورد هنا بعضاً مما سجلته للشعب المختار على يد النبي يشوع (5) من أعمال الإبادة والقتل الجماعي والإغارة على الآمنين المستضعفين وإخراجهم من ديارهم وتفريغ الأرض منهم وتملكيها للشعب المختار ونبدأ بما جاء في سفر يشوع من أوله بإيجاز.

سفر يشوع

الفصل الأول

1- بعد موت موسى كلم الرب يشوع قائلاً:

2- قم فاعبر هذا الأردن أنت وجميع الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لإسرائيل.

3- كل مكان تطؤه رجلكم لكم أعطيته.

4- سن البرية ولبنان إلى نهر الفرات.

5- أنت تورث هذا الشعب الأرض التي أقسمت لآبائهم أن أعطيها لهم.

الفصل الثاني

بدأ يشوع تنفيذ ما أمره به الرب للاستيلاء على الأرض المقدسة.

1- فأرسل جاسوسين لينظروا الأرض و(أريحا) فانطلقا ودخلا بيت امرأة زانية اسمها راحاب فأخفتهما عندها وأعطوها أماناً.

2- وعاد إلى يشوع فأخبراه أن الأرض صالحة وأن شعبها خائف.

الفصل الثالث

عبر يشوع الأردن بإسرائيل على اليبس وانفلق له النهر كما انفلق لموسى البحر.

الفصل الرابع

لما تم العبور أخذوا اثني عشر رجلاً واثني عشر حجراً ووضعوها في مبيتهم علامة بينهم وبين ربهم.

الفصل الخامس

خاف ملوك فلسطين لما علموا أن الله فلق الأردن لبني إسرائيل.

الفصل السادس

النبي يشوع يفتح أريحا ويدمرها

فتح أريحا

كانت أريحا مدينة مغلقة في وجه إسرائيل، فأمر الرب يشوع أن يطوف رجال الحرب حولها مرة كل يوم لمدة ستة أيام وفي اليوم السابع يطوفون مع الكهنة سبع مرات، وينفخ الكهنة في الأبواق ويهتف الشعب فتسقط أسوار المدينة وفعل يشوع والشعب وفتحت المدينة.

تدمير أريحا

لما سقط السور وفتحت أريحا قال (يشوع) لتكن المدينة مبسلة للرب بكل ما فيها (أي مسلمة للهلاك والدمار قرباناً للرب لكن راحاب الزانية تحيا هي وجميع من معها لأنها أخفت الجاسوسين(1) وأبسلوا جميع ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف.

هكذا تم افتتاح أول مدينة في فلسطين على يد الشعب المختار والإرهابي المجرم يشوع الذي قضى بإهلاك المدينة بكل ما فيها من إنسان وحيوان:

حضارة رفيعة لم يصل إليها الغرب ولا إسرائيل في العصر الحديث وإن كانوا في الطريق إليها.

كانت أريحا أول مدينة يدمرها الإرهابي يشوع نبي الشعب المختار وبعدها تابع زحفه على ملوك ومدن فلسطين ففعل بها مثلما فعل بأريحا وخذ مثلاً لذلك ما جاء في الأمر الإلهي له في الفصل الثامن من سفره الأسود الدامي سفر يشوع.

الفصل الثامن

تدمير عاي

1- قال الرب ليشوع انظر قد أسلمت ملك عاي وشعبه ومدينته وأرضه.

2- فتفعل بالعي وملكها كما فعلت بأريحا غير أن بهائمها وغنائمها تغنموها(1).

3- رسم يشوع الخطة واختار ثلاثين ألف رجل وهاجموا عاي فأخذوها وأحرقوها بالنار وقتلوا اثني عشر ألفاً جميع أهل عاي لم يبق منهم شارد.

وقد تسلل هذا التدمير والقتل والحرق والإبادة العامة في كل غارات يشوع مجرم الحرب والشعب المختار على ملوك ومدن فلسطين وسنكتفي بذكر ما جاء في الفصل الثاني عشر من سفر يشوع الشؤوم وفيه إجمال ما فجروا وأبادوا ودمروا على يد موسى في الأردن ثم على يد يشوع في فلسطين.

الفصل الثاني عشر

سفر يشوع ف12

1- هذا بيان بمن ضربه بنو إسرائيل من الملوك وامتلكوا أرضه شرق الأردن: سيحون ملك حشبون، عوج ملك باشان.

هذان ضربهما موسى وأعطى أرضهما إرثاً للجادين والرأوبين ونصف سبط مسنى من أسباط بني إسرائيل.

غرب الأردن

(فلسطين) وقد خربه يشوع وبنو إسرائيل وأبادوا أهله وهذا بيان بمن ضربه من ملوك الأرض (31 ملكاً)

وقد ذكر في هذا الفصل أسماء واحد وثلاثين ملكاً أبادهم يشوع وأباد قومهم ومدنهم وضربهم بحد السيف قتل الأنفس لم يبق باقياً وأخذ أرضهم ووزعها ميراثاً لبني إسرائيل كأنهم ورثة القتلى المساكين.

وفي بقية فصول هذا السفر (يشوع) تسجيلات صارخة فاجعة للغارات على الآمنين وأعمال الإبادة العرقية والقتل الجماعي لم يسمع بمثلها في تاريخ البشر تمت على يد يشوع النبي وقيادته للشعب المختار ونفذت باسم الله وأمره وطاعته.

يشوع حاكم غاشم يرجم السارق هو وبنيه وبناته وجميع حيواناته ومسروقاته ويحرقهم بالنار

من المضحكات المبكيات أن (يشوع) هذا السفاح مجرم الحرب في الخيانة والسلب والنهب واغتصاب ما ليس له بحق، يشوع هذا (غل) أحد جنوده من الغنيمة ثوباً ومثاقيل من ذهب وفضة (أي أخذها دون إذن مما نهب يشوع وقومه من أموال الفلسطينيين ظلماً وعدواناً) وقبض على الرجل فاعترف ورد المسروقات.

فأخذه يشوع مع بنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه ومسروقاته ورجمه جميع بني إسرائيل بالحجارة ثم أحرقوهم بالنار فرجع الرب عن حمو غضبه(1).

تعليق:

هذه نماذج من أنبياء بني إسرائيل رسل الهداية وقمة الكمال في الشعب المختار يستوون مع آباء الشعب وملوكه وقضاته وعامته في الإثم والعدوان والفسوق والعصيان والإرهاب والتدمير والتصفية العرقية والقتل الجماعي والسلب والنهب فهي طبيعة ذاتية في الشعب الخبيث.

وصدق الله العظيم (والذي خبث لا يخرج إلا نكداً)

فهذا الخبث والسوء والفساد والاستعلاء قاسم مشترك بين طبقات الشعب المختار وهو من ثم يحمل بها أسباب فنائه وعوامل انتهائه والله لا يهدي كيد الخائنين ولا يصلح عمل المفسدين ولتعلمن نبأه بعد حين.

قضاة الشعب المختار

1- لا يختلفون عن آبائه وأنبيائه في السطوة والقسوة.

2- بلغ عدد القتلى في عهدهم 167،700 قتيل فلسطيني.

3- أشهر قضاتهم ثلاثة: يفتاح، جدعون، شمشون

(1) جدعون

 قتل على يده 120 قتيل فلسطيني

(2) يفتاح

ابن بغي قتل على يده 42,000 فلسطيني

(3) شمشون

زان إرهابي مدمر قتل بيده 4030 فلسطيني

قادة بني إسرائيل

كانت إسرائيل تقودها الأنبياء، والأنبياء عندهم أشخاص ملهمون ينبأون بالغيب، ويرجع إليهم في أمور السلم والحرب، ليست لهم رسالة محددة ولا كتاب منزل وكانوا أشبه بالعرافين ولكن فيهم الطمع والجشع، وتنسبهم الأسفار إلى الكذب والاستغلال(4).

قضاة بني إسرائيل

وبعد موت يشوع خليفة موسى قاد بني إسرائيل القضاة وهم طبقة لا يختلفون كثيراً عن هؤلاء الأنبياء يزعمون أن الله أقامهم قضاة في بني إسرائيل وقد بلغ عددهم نحو اثني عشر 12 قاضياً.

* وقد حكموا بني إسرائيل نحو من مائتي سنة.

* وقد كان جل عملهم قتال الفلسطينيين والاستيلاء على أرضهم وتثبيت أقدام بني إسرائيل فيها.

وقد بلغ عدد من قتل من الفلسطينيين على يدهم وفي عهدهم 167،700 قتيل، وقد أحرقوا أورشليم بعد ما ضربوها بحد السيف(1)، كما أحرقوا صغاة وبرج شكيم ومدناً كثيرة(2).

وكانوا كلما مات القاضي عادوا إلى عمل الشر وعبادة الأصنام(3) فيسلط الله عليهم أعداءهم أو جبابرة منهم.

وقد كان عهدهم كعهد آبائهم وأنبيائهم وملوكهم وبني إسرائيل على امتداد تاريخهم مليئاً بالفساد والبغي والنهب والسلب والقتل والرشوة والحرق والتدمير وسنذكر هنا ثلاثة من القضاة الأئمة فيهم

القاضي يفتاح قتل 42 ألف فلسطيني

يقولون عنه كان ابن امرأة بغي ولاه بنو إسرائيل عليهم وهو مخالف للتوراة ولما جاء به موسى بزعمهم (لا يدخل ابن زنا في جماعة الرب) لكنهم ولوه عليهم لحرب أعدائهم فقتل منهم اثنين وأربعين ألفاً 42000 من الفلسطينيين كما جاء في ف11،12 سفر القضاة

القاضي جدعون قتل 120000 ألف فلسطيني

لما تاب بنو إسرائيل عن الشر بعدما سلط الله عليهم المدنيين فأذلوهم سبع سنين حلت روح الرب على جدعون واختاره ليخلصهم من المدنيين فقتل شيوخهم وهدم برجهم وقاد (جدعون) بني إسرائيل لقتال المدنيين فقتلوا منهم مائة وعشرين ألفاً وبعد موت جدعون عاد بنو إسرائيل يفجرون واتخذوا إلهاً آخر غير الله إله إسرائيل وولوا عليهم (أبيمالك) ابن جدعون فقتل من إخوته لأبيه سبعين وقتل من أهل برج شكيم ألفاً وأحرق البرج فألقت عليه امرأة رحاً فقتلته.

القاضي شمشمون

زان إرهابي مدمر

جاء  في سفر القضاة ف 13

عاد بنو إسرائيل وفعلوا الشر فدفعهم الرب إلى أيدي الفلسطينيين فتابوا فولى عليهم شمشمون، ولد شمشون من امرأة عاقر كانت نذرته لله وحلت عليه روح القدس وهذه بعض بركاته وقداساته.

* قتل ثلاثين من الفلسطينيين وأخذ ثيابهم وأعطاها لمن حلوا لغزاً وضعه لهم وهكذا رخص الدم الفلسطيني فأصبح للتلهية والتسلية.

* اصطاد ثلاثمائة ثعلب وعلق في أذيالها ناراً وحرق أجران الفلسطينيين وزروعهم.

* قتل بلحى حمار ألفاً من الفلسطينيين بيده ولذلك يسمونه الجبار.

* نزل غزة ودخل على امرأة بغي.

* أحب امرأة فلسطينية عرفت منه سر قوته وأنها في شعره فاحتالت عليه وحلقته وقبض عليه الفلسطينيون وسلسلوه ودعوه إلى حفل وكان شعره بدأ ينمو فعادت إليه قوته فلمس عمد البيت فخر السقف على من فيه قتل ثلاثة آلاف من الرجال والنساء والأطفال فكان من قتلهم في موته أكثر ممن قتلهم في حياته.

* وكان قاضياً في إسرائيل عشرين سنة.

هذا هو القاضي الفاضل اليهودي الذي نذرته أمه لله وحلت عليه روح القدس.

1- زان يدخل على بغي.

2- يقتل ثلاثين فلسطينياً ليسلبهم ثيابهم ويعطيها لآخرين.

3- يقتل ألف فلسطيني بلحى حمار.

4- يقتل ثلاثة آلاف في حفلة مرة واحدة

5- يحرق أجران الفلسطينيين وزروعهم بإطلاق ثلاثمائة ثلعب علق في أذيالها ناراً.

وكل هذا الكلام الساقط واللغو الهابط والكذب مسجل في الكتاب المقدس على أنه توراة وشريعة ودين لليهود وسلف صالح لبني إسرائيل يقرؤه بنو إسرائيل ويتعبدون بتلاوته ويفترون بكل ما فيه.

ألا أف لهم وتف وبعداً وسحقاً لبني إسرائيل وقضاتها وجميع طبقاتها.

وهكذا يستوي الشعب المختار في التردي والدمار والقتل والفتك والخيانة والإثم في جميع طبقات ملوكه وقضاته وآبائه وأنبيائه تشابهت قلوبهم فتماثلت أعمالهم وصدق الله العظيم (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً).

ملوك الشعب المختار

1- أمثلة ونماذج للفسق والأنانية والقتل والإبادة الجماعية

شاؤول حسود حقود......صمويل1

إرهابي كبير......صمويل2

مجرم حرب قتل الكهنة ودمر مدينتهم......ملوك2

زان خؤون......ملوك2

داود بيت زنا: ابنه أمنون زنى بأخته ثامار......ملوك2

ابنه أبشالوم زنا بنسائه علانية......ملوك2

ابنه أدونيا حاول أخذ زوجه أبيه......ملوك2

بلطجي يعرض قوته ليبتز غيره......ملوك2

مجرم حرب قتل مائة ألف فلسطيني......ملوك2

لص......ملوك2

رجل دماء......أخبار الإمام

هتلر اليهود حرق الفلسطينيين في أفران......صمويل2

أورشليم منعه اليبوسيون من دخولها......صمويل

أخذ حصن صهيون وسماه مدينة داود...... الأمام1

سليمان

زير نساء له 700 زوجة، 300 سرية......ملوك

ملك الذهب والسرف والترف وعبادة الأصنام........ملوك1

غضب الرب عليه وقرر أن يمزق ملكه......ملوك

شاؤل

أول ملك لبني إسرائيل (الشعب المختار) ويقال عنه أنه طالوت المذكور في القرآن الكريم ذلك أن بني إسرائيل طلبوا من صمويل النبي آخر قضاتهم أن يعين لهم ملكاً ليقاتلوا الفلسطينيين.

وكان صمويل لما شاخ وكبر قلد أبناءه قضاء إسرائيل فأفسدوا وأخذوا الرشوة وجاروا في القضاء فألح بنو إسرائيل على صمويل أن يولي عليهم ملكاً فاختار لهم شاؤل.

وكان شاؤل شاباً جميلاً طويلاً أرسله أبوه ليبحث عن أتن (حمير) له فقدها فرآه صمويل فأعجبه ومسحه ملكاً على إسرائيل وهتف الشعب ليحيي الملك.

علا أمر شاؤل وكان يزداد كل يوم محبة في قلوب إسرائيل وتمكيناً لحربه وشدته على الفلسطينيين.

أمر إلهي لشاؤل بإبادة عماليق

جاء في سفر الملوك الأول ف15

الملك شاؤول حسود حقود صمويل ف18

كنفسه.4 وخلع يوناثان الجبة التي عليه وأعطاها لداود مع ثيابه وسيفه وقوسه ومنطقته.5وكان داود يخرج إلى حيثما أرسله شاول. كان يفلح. فجعله شاول على رجال الحرب وحسن في أعين جميع الشعب وفي أعين عبيد شاول أيضاً. 6 وكان عند مجيئهم حين رجع داود من قتل الفلسطيني أن النساء خرجت من جميع مدن إسرائيل بالغناء والرقص للقاء شاول الملك بدفوف وبفرح وبمثلثات. 7 فأجابت النساء اللاعبات وقلن ضرب شاول الوفه وداود ربواته. 8 فاحتمى شاول جداً وساء هذا الكلام في عينيه وقال أعطين داود ربوات وأما أنا فأعطينني الألوف. وبعد فقط تبق له المملكة. 9 فكان شاول يعاين داود من ذلك اليوم فصاعداً. 10 وكان في الغد أن الروح الردي من قبل الله اقتحم شاول وجنّ في وسط البيت وكان داود يضرب بيده كما في يوم فيوم وكان الرمح بيد شاول. 11 فأشرع شاول الرمح وقال اضرب داود حتى إلى الحائط. فتحول داود من أمامه مرتين. 12 وكان شاول يخاف داود لأن الرب كان معه وقد فارق شاول. 13 فأبعده شاول عنه وجعله له رئيس ألف فكان يخرج ويدخل أمام الشعب. 14 وكان داود مفلحاً في جميع طرقه والرب معه. 15 فلما رأى شاول أنه مفلح جداً فزع منه. 16 وكان جميع إسرائيل ويهوذا يحبون داود لأنه كان يخرج ويدخل أمامهم 17 وقال شاول لداود هوذا ابنتي الكبيرة ميرب أعطيك إياها امرأة. إنما كن لي ذا بأس وحارب حروب الرب. فإن شاول قال لا تكن يدي عليه بل لتكن عليه يد الفلسطينيين. 18 فقال داود لشاول من أنا وما هي حياتي وعشيرة أبي في إسرائيل حتى أكون صهر الملك. 19 وكان في وقت إعطاء ميرب ابنة شاول لداود أنها أعطيت لعدريئيل المحولي امرأة. 20 وميكال ابنة شاول أحبت داود فاخبروا شاول فحسن الأمر في عينيه. 21 وقال شاول أعطيه إياها فتكون له شركاً وتكون يد الفلسطينيين عليه. وقال شاول لداود ثانية تصاهرني اليوم. 22 وأمر شاول عبيده. تكلموا مع داود سرّاً قائلين هوذا قد سرّ بك الملك وجميع عبيده قد أحبوك فالآن صاهر الملك. 23 فتكلم عبيد شاول في أذني داود بهذا الكلام. فقال داود هل مستخف في أعينكم مصاهرة الملك وأنا رجل مسكين وحقير. 24 فأخبر شاول عبيده قائلين بمثل هذا الكلام تكلم داود. 25 فقال شاول هكذا تقولون لداود. ليست مسرّة الملك بالمهر بل بمئة غلفة من الفلسطينيين

قال صمويل لشاؤل يقول رب الجنود:

اضرب عماليق وأبسل جميع مالهم ولا تعف عنهم، بل اقتل جميع الرجال والنساء والأطفال والرضع والبقر والغنم والإبل والحمير.

هذا هو الأمر الإلهي لشاؤل أمر لا يصدر عن عاقل أو مجنون.

أما السبب في ذلك فهو أن العماليق لم يلاقوا بني إسرائيل بالخبز والماء عند خروجهم من مصر فلذلك يستحقون الإبادة والإعدام لرجالهم ونسائهم وأطفالهم بل الرضع منهم بل البقر والغنم والإبل والحمير التي لهم.

يعني كان مفروضاً أن يلاقوا الشعب المختار بالأفراح والولائم والذبائح والمدائح والزغاريد والأناشيد فإن لم يفعلوا فلكل شيء الإعدام والموت الزؤام ذلك مقتضى الأمر الإلهي والجنون المتناهي لإله إسرائيل ورب الجنود الغيور على الشعب المختار.

تصرف شاؤل في الأمر

فقتل الرجال والنساء والأطفال والرضع والبقر والغنم.. إلخ، لكنه استبقى (آجاجاً) وأشياء قليلة من الغنيمة، استبقى ملك عماليق (أجاج) لم يقتله، واستبقى خيار الغنم ليقدمها قرباناً للرب، وهو تصرف عاقل وسياسة حسنة لكنها لم ترض إله إسرائيل فقرر عزل شاؤل وإزالة ملكه وكان كلام الرب لصمويل كما جاء في سفر الملوك ف15

(إني ندمت على إقامتي شاؤل ملكاً لأنه لم يقم كلامي)

قرر الرب إزالة ملك شاؤل لأنه لم ينفذ الأمر بدقة بإبادة عماليق إبادة تامة وقرر أن يحول ملكه إلى داود لكن بعد حين.

ظهور داود في عهد شاؤل

وقد ظهر داود في أول عهد شاؤل الملك وكان جميلاً نشيطاً أحبه شاؤل وضمه إلى خدمته.

أحب شاؤل داود لأمرين:

1- لأن (شاؤل) حلت عليه روح رديئة فكان داود يضرب له (بالكناره فيستريح).

2- ولأن داود قتل جالوت بطل الفلسطينيين الأكبر.

غيرة شاؤل من داود

لما قتل داود جالوت تألق نجمه وعلا في شعبه ولهج النساء بذكره وقلن قتل شاؤل ألوفاً وقتل داود ربوات أي أضعافاً مضاعفة وسمع شاؤل بذلك فقال لم يبق إلا المملكة وملكته الغيرة وقرر أن يتخلص منه ف18

مهر قاتل

فعرض على داود أن يزوجه ابنته على أن يأتيه بمهرها مائة قلفة لفلسطينيين يقتلهم(1) فقام داود برجاله وقتل مائتين وجاء بقلفهم وتزوجها والعروس غالية والمهر رخيص.

هرب داود من شاؤل

اشتدت الجفوة والحقد بين شاؤل وداود وقد حاول شاؤل أن يقتله غير مرة فلم يفلح وفر داود إلى الصحاري والبراري والكهوف والجبال طول مدة ملك شاؤل الذي كان بتتبع داود ويقتفي أثره ويقتل كل من كان ذا صلة به فقد جاء في سفر الملوك ف22

شاؤل مجرم حرب يبيد مدينة

أن شاؤل قتل كهنة الرب لأن أيديهم مع داود وقتل في ذلك اليوم 85 رجلاً ثم ضرب مدينة الكهنة بحد السيف الرجال والنساء والأطفال والرضع والبقر والغنم والحمير بحد السيف.

عمليات إبادة وقسوة وهمجية لا تسمع بمثلها إلا في الشعب المختار والكتاب المقدس لملوكه وأنبيائه وآبائه وأبنائه.

الملك شاؤول إرهابي كبير صمويل2 ف27

ترى اليوم 14فأجاب أحيملك وقال للملك من من جميع عبيدك أمين مثل داود صهر الملك مسرع في طاعتك مكرم في بيتك15ألعلي من هذا اليوم بدأت أسأل له الله. حاش لي لا ينسب الملك شيئاً إلى عبده ولا إلى جميع بيت أبي لأن عبدك لا يعلم بقليل ولا كثير من هذا الأمر كله. 16ثم قال الملك إنك تموت موتاً يا أحتملك أنت وجميع بيت أبيك17ثم قال الملك للسعاة الواقفين بين يديه اعطفوا واقتلوا كهنة الرب لأن أيديهم أيضاً مع داود وقد علموا أنه هارب ولم يعلموني فلم يشأ عبيد الملك أن يمدوا أيديهم ليقعوا بكهنة الرب18 فقال الملك لدونيج اعطف أنت واهجم على الكهنة. فأقبل دونيج الأدومي وهجم على الكهنة وقتل في ذلك اليوم خمسة وثمانين رجلاً لابسي أفودكتان19ثم ضرب نوح مدنة الكهنة بحد السيف الرجال والنساء والأطفال والرضع والبقر والحمير والغنم بحد السيف20فنجا ابن لأحيملك بن أحيطوب اسمه أبياتار وهرب إلى داود21وأخبر أبياتار داود أن شاؤل قتل كهنة الرب. 22فقال داود لأبياتار قد عرفت في ذلك اليوم حين كانت دونيح الأدومي هناك أنه سيخبر شاؤل فأنا الذي سببت لأنفس بيت أبيك كلهم. 23 فأقم عندي ولا تخف لأن الذي يطلب نفسي هو الذي يطلب نفسك فأنت عندي في أمان.

الفصل الثالث والعشرون

1 وأخبر داود وقيل له هو ذا الفلسطينيون يحاربون قعيلة وينتهبون البيادر2فسأل داود الرب قائلاً أسير وأضرب أولئك الفلسطينيين. فقال الرب لداود سر فإنك ستضرب الفلسطينيين وتخلص قعيلة. 3فقال لداود أصحابه إننا ونحن ههنا في يهوذا خائفون فكم بالأحرى إذا ذهبنا إلى قعيلة لتحاربه صفوف

قتل شاؤل

لم يغن عن شاؤل جهده وجنده فقد شد عليه الفلسطينيون وعلى رجاله وعلى بنيه وقتلوهم جميعاً وهكذا طويت سريعاً صفحة أول ملك لإسرائيل.

(فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين).

الملك داود

نشأته

كان ولداً صغيراً راعي غنم لأبيه وله ثمانية إخوة، فأمر الرب صمويل أن يمسحه من بين إخوته فحل روح الرب عليه وقد عمل في خدمة شاؤول وأحبه فلما قتل جالوت أحبه بنو إسرائيل فغار منه شاؤل وخاف على ملكه فهرب منه داود ولجأ إلى لاكيش ملك فلسطين فآواه.

وكان يضرب جيرانه فلا يبقي على رجل أو امرأة وينهب كل ما قدر عليه.

هذه خلاصة أخبار داود وسيرته كما جاءت في سفر الملوك الثاني مشاراً إليها برقم الفصل

ف2: قتل داود من بنيامين 360 رجلاً.

ف8: أذل الفلسطينيين وقتل من الآراميين في أرضهم 22،000 اثنين وعشرين ألفاً.

ف8: أقام تذكاراً بعدما قتل من الآراميين في واد الملح 18،000 ثمانية عشر ألف قتيل.

ف10: هزم الآراميين وأهلك 700 مركبة وقتل منهم 40 ألف فارس.

ف11: زنى بامرأة أوريا الحثي أخلص جنده وأرسله للجبهة الساخنة ليقتل فقتل.

ف12: عاد وأخذ امرأة أوريا بعد قتله وتزوجها فولدت له سليمان.

ف13: أمنون بن داود يزني بأخته ويعلم داود فلا يكدر خاطره لأنه بكره.

ف15: أبشالوم بن داود يثب على عرش أبيه فيهرب داود منه.

ف16: أبشالوم بن داود يدخل على نساء أبيه ويزني بهن علانية في خيمة على السطح.

ف18: قتل غلمان يوآب (أبشالوم) في مقتلة عظيمة هلك فيها عشرون ألفاً 20000 قتيل.

ف21: أعطى داود الجنوبيين سبعة رجال من ذرية شاؤول ليقتلوهم صلباً تكفيراً عن سيئاته.

تسبب داود في موت سبعين ألف نفس من بني إسرائيل لأنه أجرى إحصاء لهم لم يرض عنه الرب فخيره بين ثلاثة أمور:

سبع سنين جوع

أو ثلاثة أشهر حرب من عدوه

أو ثلاثة أيام وباء فاختار الوباء فمات منهم 77،000 ولا ندري ما يضير الرب من هذا الإحصاء ولا لم كان هذا الوباء؟ وإن كان داود أخطأ فلم يعاقب الشعب؟ لكنها العقلية المطموسة المنكوبة التي تصم الرب بالضراوة بالدم والمسارعة إلى التدمير والإثم تبريراً لأعمالهم وما جلوا عليه من سوء.

داود هلتر اليهود

بل فعل ما لم يفعله هتلر فقد زعم اليهود أن هتلر كان يقتل أفرادهم بالغازات في غرفات.

لكن جاء في سفر صمويل حـ2 ف12 من التوراة والكتاب المقدس أن داود ذهب إلى ربة (عاصمة مملكة بني عمون) وحاربها وأخرج الشعب ووضعهم تحت المناشير ونوارج حديد وفؤوس حديد وأمرهم في أتون الأجر وهكذا صنع بجميع مدن بني عمون.

فهل كانت غرف الغاز أشد إيلاماً وعذاباً من أتون الأجر وأفران حرق الطوب والمناشير والنوارج إنه مستوى لم يصل إليه هتلر.

(فلم يشأ و لم يأكل معهم خبزاً.18 وكان في اليوم السابع أن الولد مات فخاف عبيد داود أن يخبروه بأن الولد قد مات لأنهم قالوا هوذا لما كان الولد حياً كلمناه فلم يسمع لصوتنا فكيف نقول له قد مات الولد يعمل أشر.19 ورأى داود عبيده يتناجون ففطن داود أن الولد قد مات فقال داود لعبيده هل مات الولد فقالوا مات.20 فقام داود عن الأرض واغتسل وادهن وبدل ثيابه ودخل بيت الرب وسجد ثم جاء إلى بيته وطلب فوضعوا له خبزاً فأكل21. فقال له عبيده ما هذا الأمر الذي فعلت لما كان الولد حياً صمت وبكيت ولما مات الولد قمت وأكلت خبزاً.

22 فقال لما كان الولد حياً صمت وبكيت لأني قلت من يعلم ربما يرحمني الرب و يحيا الولد.

23 والآن قد مات فلماذا أصوم هل أقدر أن أرده بعد أنا ذاهب إليه وإما هو فلا يرجع إلي

24 وعزى داود بثشبع امرأته و دخل إليها واضطجع معها فولدت ابناً فدعا اسمه سليمان والرب أحبه. 25 وأرسل بيد ناثان النبي و دعا اسمه يديديا من أجل الرب. 26 وحارب يوآب ربة بني عمون و أخذ مدينة المملكة. 27 وأرسل يوآب رسلاً إلى داود يقول قد حاربت ربة و أخذت أيضاً مدينة المياه. 28 فالآن اجمع بقية الشعب وانزل على المدينة و خذها لئلا آخذ أنا المدينة فيدعى باسمي عليها. 29 فجمع داود كل الشعب و ذهب إلى ربة و حاربها وأخذها.

30 وأخذ تاج ملكهم عن رأسه ووزنه وزنة من الذهب مع حجر كريم وكان على رأس داود وأخرج غنيمة المدينة كثيرة جداً.31وأخرج الشعب الذي فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفؤوس حديد وأمرهم في أتون الأجر وهكذا صنع بجميع مدن بني عمون ثم رجع داود و جميع الشعب إلى أورشليم).

الاصحاح الثالث عشر

 (1وجرى بعد ذلك أنه كان لابشالوم بن داود أخت جميلة اسمها ثامار فأحبها أمنون بن داود.2وأحصر أمنون للسقم من أجل ثامار أخته لأنها كانت عذراء وعسر في عيني أمنون أن يفعل لها شيئاً.3 و كان لأمنون صاحب اسمه يوناداب بن شمعى أخي داود و كان يوناداب رجلاً حكيماً جداً. 4فقال له لماذا يا ابن الملك أنت ضعيف هكذا من صباح إلى صباح أما تخبرني فقال له أمنون إني أحب ثامار أخت أبشالوم أخي5 فقال يوناداب اضطجع على سريرك و تمارض و إذا جاء أبوك ليراك فقل له دع ثامار أختي فتأتي و تطعمني خبزاً و تعمل أمامي الطعام لأرى فآكل من يدها. 6 فاضطجع آمنون و تمارض).

هرب داود من شاؤل

قدمنا أن داود سما في أعين اليهود وعلا نجمه بعدما قتل جالوت وتحدثت إسرائيل كلها ببطولته وشجاعته فغار منه شاؤل وحسده وقرر قتله ليأمن على ملكه فهرب منه داود وبقي مختفياً حتى مات شاؤل لكنه في مهربه لم يزايله سؤوه فكان يغير على الآمنين.

داود لص فاتك وإرهابي كبير يسطو على جيرانه فلا يبقي على رجل أو امرأة

سفر الملوك

الاصحاح السابع والعشرون

جاء في ف27 من الملوك الأول

 (1وقال داود في قلبه إني سأهلك يوماً بيد شاول فلا شيء خير لي من أن أفر ناجياً إلى أرفض فلسطين فييأس مني ولا يعود يطلبني من بعد في جميع تخوم إسرائيل وأنجو بنفسي من يديه.2فقام داود وعبر هو والست مئة رجل الذين معه إلى آكيش بن ماعوك ملك جت.3وأقام داود عند آكيش بجت هو ورجاله كل واحد مع بيته وداود مع امرأتيه أحينوعم التي من يزرعيل وأيبجائيل امرأة نابال الكرملية. 4وأخبر شاؤل أن داود قد هرب إلى جت فلم يعد يطلبه أيضاً.5وقال داود لآكيش إن كنت قد حظيت في عينيك فليعط لي مكان في إحدى قرى الصحراء فأسكن هناك فلماذا يسكن عبدك في مدينة الملك معك. 6فأعطى له آكيش في ذلك اليوم صقلاج. فلذلك صارت صقلاج لملوك يهوذا إلى هذا اليوم.7وكان عدد الأيام التي سكن فيها داود في بلاد الفلسطينيين سنة وأربعة أشهر. 8وكان داود يخرج هو وأصحابه ويغزون الجشوريين الجرذيين والعمالقة لأن أولئك كانوا من القديم سكان الأرض من عند آشور على أرض مصر.9 وكان داود يضرب البلاد فلا يبقي على رجل ولا امرأة يأخذ الغنم والبقر والحمير والجمال والثياب ويرجع إلى آكيش. 10فيقول آكيش أين غزوتم اليوم. فيقول داود في جنوبي يهوذا وجنوبي اليرحميليين وجنوبي القينيين.11 ولم يكن داود يبقي على رجل أو امرأة فيأتي إلى جت قال لئلا يخبروا عنا ويقولوا أن داود فعل كذا. وكان ذلك دأبه كل أيام إقامته في أراضي الفلسطينيين. 12وكان آكيش يصدق داود ويقول إنه قد جعل نفسه مكروها لدى شعبه إسرائيل فسيكون عبداً لي إلى الأبد.)

أن داود وهو هارب مستخف من وجه شاؤل لجأ إلى (أكيش) ملك الفلسطينيين وطلب أن يعطيه مكاناً في إحدى قرى الصحراء ليكون بعيداً عن شاؤل فأعطاه (صقلاج) فكان داود يخرج بأصحابه ويغزو الجشوريين وسكان الأرض من الفلسطينيين، وكان يضرب البلاد فلا يبقي على رجل ولا امرأة ويأخذ الغنم والبقر والحمير والجمال والثياب ويرجع إلى (أكيش) فإذا سأله أين غزوت يقول كنا في جنوب (يهوذا) مملكة اليهود وشاؤل فيصدق ويقول في نفسه أنه قد جعل نفسه مكروهاً لدى شعبه عبداً لي إلى الأبد.

بلطجي كبير

هذا هو الملك داود في مهربه لص وسفاح لا يبقي على رجل ولا امرأة وهو هنا بلطجي كما جاء في ف25 من السفر أيضاً أنه سمع أن نابال الكرملي يجز غنمه وعدتها 4000 رأس فأرسل إليه عشرة غلمان يقرئه السلام ويقول أعط ما تيسر لعبيدك ولابنك داود، فقد كان رعاتك معنا فلم نؤذهم ولم يضع منهم شيء (بمن عليه أنه لم يغر عليه ولم يسرقه) وكان الرجل حراً شجاعاً أبياً فلم يعجبه هذا الأسلوب الرديء والتهديد الدنيء فقال لهم من هو داود بن يسى؟ قد كثر اليوم العبيد الذين أبقوا من مواليهم ورفض أن يعطيهم شيئاً فقال داود لأصحابه تقلدوا سيوفكم وخرج في أربعمائة رجل مصمماً ألا يترك لنابال بائلاً بحجر وعلمت امرأة نابال الأمر ففي الحال أعدت:

200 رغيف خبز

2 زقي خمر.

200 عنقود من الزبيب

5 خرفان.

200 قرص من التين

5 كيلات من الفريك.

الملك داود بلطجي ملوك1 ف25

 (1وتوفي صموئيل فاجتمع جميع إسرائيل وناحوا عليه ودفنوه في بيته في الرامة وقام داود ونزل إلى برية فاران. 2وكان رجل في معون وأملاكه في الكرمل وكان الرجل عظيماً جداً له ثلاثة آلاف من الغنم وألف من المعز وكان الرجل يجز غنمه في الكرمل. 3واسم الرجل نابال واسم امرأته أبيجايل,كانت امرأته ذكية الفهم جميلة المنظر وكان نابال رجالاً فظاً سيء الأعمال وهو كالبي. 4فبلغ داود في البرية أن نابال يجز غنمه. 5فأرسل داود إليه عشرة غلمان وقال داود للغلمان اصعدوا إلى الكرمل وأتوا نابال وأقرئوه السلام باسمي. 6 وقولوا له هكذا عشت ولا تزال سالماً وبيتك وكل مالك سالم. 7إني سمعت الآن عندك جزازين وإن رعاتك قدكانوا معنا فلم نؤذهم ولم يذهب لهم شيء جميع الأيام التي مكثوها في الكرمل. 8سل غلمانك يخبرونك. فليجد الغلمان حظوة في عينيك لأنا أتيناك في يوم خير فأعط ما تيسر لعبيدك ولابنك داود. 9فجاء الغلمان وكلموا نابال بكل هذا الكلام باسم داود ثم سكتوا. 10فأجاب نابال عبيد داود وقال من هو داود ومن هو ابن يسي قد كثر اليوم العبيد الذين أبقوا من عند مواليهم. 11 أآخذ خبزي وماءي وذبيحتي التي ذبحت لجزازي وأعطيها لقوم لا أعرف من أين هم.  12فانكفأ فتيان داود في طريقهم وعادوا وأتوا وأخبروه بجميع هذا الكلام. 13 فقال داود لأصحابه تقلدوا كل منكم سيفه. فتلقد كل واحد سيفه وتقلد داود سيفه أيضاً وصعد مع داود نحو أربع مئة رجل وبقي مئتا رجل عند الأمتعة. 14 فأخبر أبيجائيل امرأة نابال واحد من الغلمان وقال إن داود..).

 

وحملت كل ذلك على حمير ومضت فاستقبلت به داود وسقطت على رجليه واعتذرت إليه فسكت عنه الغضب وقال لها مباركة حكمتك لأنك كففتني عن سفك الدماء لأنك لو لم تسرعي للقائي لما أبقيت لنابال بائلاً بحائط إلى الصباح.

هذا داود ملك اليهود يمن على رجل أنه تركه آمنا يرعي نعمه ويجز غنمه ولم يغر عليه ويطلب منه أن يدفع له ثمن كف يده والامتناع عن سلبه وعدم إيذائه.

الملك داود يزني بامرأة أشرف جنده

جاء في سفر الملوك الثاني من الكتاب المقدس ف11

أن داود رأى امرأة تستحم فوق سطح بيتها وكانت جميلة جداً فسأل عنها فقيل أنها امرأة (أوريا الحثي) فأرسل إليها ودخل بها وتطهرت من نجاستها ورجعت إلى بيتها وحملت فأخبرت داود.

فأرسل داود إلى قائد جند (يوآب) أن يرسل إليه (أوريا) ففعل فلما دخل أوريا على داود سأله عن يوآب والجنود والجبهة ثم قال له اذهب إلى بيتك فاغتسل فلم يفعل وبقي بباب داود فسأله لماذا لم تنزل لبيتك وتدخل على أهلك فقال لداود (إن التابوت وإسرائيل ويهوذا يقيمون في الخيام ويوآب سيدي وعبيد سيدي الملك نزول على وجه الصحراء وأنا أدخل بيتي وآكل وأشرب وأدخل على أهلي ولا وحياتك لا أفعل هذا).

الملك داود يقتل أشرف جنده

وقد كان هذا الموقف النبيل من الجندي الأصيل جديراً بتقدير داود وتكريمه وسبباً في رفع رتبته وتقديمه ولكن داود قدمه ولكن إلى الجبهة الحامية الدامية ليموت فكتب إلى يوآب قائده كتاباً أرسله مع (أوريا) أمره فيه (أن يوجهه إلى حيث يكون القتال شديداً ويرجعوا من ورائه فيضرب ويموت).

وقد فعل يوآب وقتل أوريا وناحت عليه زوجته ولما تمت أيام مناحتها أرسل داود وضمها إلى بيته زوجة له فولدت له سليمان الملك العظيم ابن الزاني والزانية.

بيت داود بيت زنا وفحشاء

ولا عجب أن تسري هذه الخيانة الفاحشة في بيت داود ولكن بصورة أشد وأوقح وطريقة أحط وأقبح لأنها زنا المحارم.

جاء في سفر الملوك الثاني أيضاً ف13 من الكتاب المقدس

(1ولما كان مدار السنة في وقت خروج الملوك أرسل داود يوآب وعبيده معه وجميع إسرائيل فدمروا بني عمون وحاصروا ربة. وأما داود فبقي في أورشليم.2وكان عند المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى عن السطح امرأة تستحم وكانت المرأة جميلة جدا. 3 فأرسل داود وسأل عن المرأة فقيل له هذه بشابع بنت أليعام امرأة أوريا الحثي. 4فأرسل داود رسلاً وأخذها فدخلت عليه فدخل بها وتطهرت من نجاستها. 5ورجعت إلى بيتها وحملت المرأة فأرسلت وأخبرت داود وقالت إنني حامل. 6فأرسل داود إلى يوآب أن أرسل إلي أوريا الحثي فأرسل يوآب أوريا إلى داود. 7فجاءه أوريا فاستخبره داود عن سلامة يوآب والشعب والحرب. 8ثم قال داود لأوريا وجه الصحراء وأنا أدخل بيتي وآكل وأشرب وأدخل على أهلي. لا وحياتك وحياة نفسك إني لا أفعل هذا.12فقال داود لأوريا أمكث اليوم وغداً أصرفك فبقي أوريا في أورشليم ذلك اليوم وغده. 13فدعاه داود فأكل بين يديه وشرب وأسكره وخرج مساءً فاضطجع في مضجعه مع عبيد سيده إلى بيته لم ينزل. 14فلما كان الصباح كتب داود إلى يوآب كتاباً وأرسله بيد أوريا15. وكتب في الكتاب قائلاً وجهوا أوريا إلى حيث يكون القتال شديداً وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت.16 فكان في محاصرة يوآب للمدينة أنه جعل أوريا في الموضع الذي علم أن فيه بال البأس17. فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب فسقط بعض الشعب من عبيد وقتل أوريا الحثي أيضاً. 18 فأرسل يوآب وأخبر داود بجميع ما كان من الحرب. 19وأمر يوآب الرسول وقال له إذا فرغت من كلامك مع الملك)

الملك داود ابنه أمنون زنى بأخته ثامار ملوك 2 ف12

(1 وكان لأبشالوم بن داود أخت جميلة اسمها تامار فكان بعد ذلك أن أمنون ابن داود كلف بها. 2وتدله أمنون حتى سقم في تامار أخته لأنها كانت عذراء فكان يعسر عليه أن يصنع بها شيئا. ً3وكان لأمنون صاحب اسمه يو ناداب بن شمعة أخي داود وكان يوناداب رجلاً ذكياً جداً.4فقال له ما لي أراك يا ابن الملك تنحل يوماً فيوماً ألا تخبرني. فقال له أمنون قد كلفت بتامار أخت أبشالوم أخي. 5فقال يو ناداب اضطجع على سريرك وتمارض فإذا أتاك أبوك ليعود فقل له لتجي تامار أختي وتطعمني خبزاً وتعمل الطعام أمامي لأرى وآكل من يدها. 6 فاضطجع أمنون وتمارض فأتاه الملك يعود فقال أمنون للملك لتأت تامار أختي وتعمل أمامي كعكتين وآكل من يدها. 7فأرسل داود إلى تامار إلى البيت وقال لها انطلقي إلى بيت أمنون أخيك واصنعي له طعاماً.  8فمضت تامار إلى بيت أمنون أخيها وهو مضطجع فأخذت دقيقاً وعجنت وعملت كعكعاً أمامه وقلت الكعك. 9وأخذت الجادن وسكبت أمامه فأبى أن يأكل.وقال أمنون أخرجوا كل أحد من عندي فخرج كل أحد من عنده. 10فقال أمنون لتامار أدخلي الطعام إلى المخدع فآكل من يدك. فأخذت تامار الكعك الذي عملته وأتت به أمنون أخاها إلى المخدع. 11وقدمت له ليأكل فأمسكها وقال تعالي اضطجعي معي يا أخية12فقالت له لا تذلني يا أخي لأنه لا يفعل هكذا في إسرائيل فلا تفعل هذه الفاحشة. 12 فأما أنا فأين أذهب بعاري وأما أنت فتكون كواحد من السفهاء في إسرائيل. والآن فكلم الملك فإنه لا يمنعني منك. 14 فأبى أن يسمع لكلامها ولكن تمكن منها وغصبها وضاجعها.15ثم أبغضها.)

الملك داود ابنه أبشالوم زنا بنسائه علانية ملوك2 ف16

(لحوشاي أهذا وفاؤك لصديقك ما بالك لم تخرج مع صديقك18 فقال حوشاي لأبشالوم كلا ولكن الذي اختار الرب وهذا الشعب وجميع رجال إسرائيل له أكون ومعه أقيم19 وبعد فمن الذي أخدمه أليس هو ابنه فكما خدمت بين يدي أبيك أكون بين يديك 20وقال أبشالوم للأحيتوفل أشيروا ماذا نصنع21فقال أحيتوفل لأبشالوم ادخل على سراري أبيك اللائي تركهن لحفظ البيت فيسمع إسرائيل جميعهم أنك قد صرت مكروهاً من أبيك فتشتد أيدي جميع الذين معك22 فضربت لأبشالوم خيمة على السطح ودخل أبشالوم على سراري أبيه على مشهد جميع إسرائيل23وكانت المشورة التي كان يشير بها أحيتوفل في تلك الأيام كمشورة من يسأل الله. كذا كانت كل مشورة أحيتوفل على داود كانت أو على أبشالوم.)

الفصل الثاني

( تعطي أبيشاج الشونمية لأدونا أخيك زوجة22 فأجاب الملك سليمان وقال لأمه ما بالك لأدونيا أبيشاج الشونيمة اطلبي له الملك لأنه أخي الذي هو أكبر مني له ولأبياتار الكاهن ويوآب ابن صروية23 وحلف الملك سليمان بالرب وقال هكذا يصنع الله بي وهكذا نريد أن أدونيا إنما تكلم بهذا الكلام لمساءة نفسه24والآن حي الرب الذي أقرني وأجلسني على عرش داود أبي وبنى لي بيتاً كما قال إنه في هذا اليوم يقتل أدوينيا25وأرسل الملك سليمان على يد بنايابن يوياداع فبطش به فمات 26وأما أبياتار الكاهن فقال له الملك انصرف إلى عناتوت إلى..)

(1) أن داود كان له بنت جميلة اسمها (ثامار) أحبها أخوها (أمنون) حباً شغف قلبه فتمارض وطلب من أبيه داود أن يرسل (ثامار) لتمرضه ففعل تمكن منها واغتصبها وضاجعها ثم كرهها بعد ذلك وطردها شر طردة وسمع داود بذلك فاغتاظ جداً ولكنه لم يؤذ أمنون بكلمة لأنه كان بكره ومحبوباً عنده لكن أخاها أبشالوم قتله بعد لأنه طردها لا لزناه بها.

(2) وكذلك أبشالوم ابن داود ثار على أبيه ووثب على ملكه وهرب داود من وجهه فدخل أبشالوم على نساء أبيه على مشهد من جميع إسرائيل وأقيمت له خيمة فوق السطح لهذا الغرض جاء ذلك في ف16 من سفر الملوك الثاني.

(3) من قبله زنا رأوبين بن يعقوب وبكره بامرأة يعقوب ولم تتحرك له نخوة وكل ما فعله أن أبدى أسفه وقال عنه (على فراشي صعد).

(4) وكذلك زنا يهوذا بن يعقوب بامرأة ابنه على ما بينا من قبل وجاء في ف تكوين.

داود رجل دماء

هذا ما وسمه به ربه وما أقر هو به على نفسه وما أعلنه شمعى بن جبرا من بيت شاؤل فيما كان يهتف به وهو يرميه بالحجارة اخرج يا رجل الدماء.

فقد جاء في أخبار الأيام الأول من الكتاب المقدس ف24

قال داود لسليمان يا بني كان في نفسي أن أبني بيتاً للرب لكن صار كلام الرب إلى أنك سفكت دماء كثيرة وباشرت حروباً عظيمة فلا تبني بيتاً باسمي لأنك سفكت دماء كثيرة على الأرض أمامي.

هكذا حرم الله الملك الزاني الخؤون سافك الدم وقاطع الرحم من شرف بناء بيت له.

أمثلة مما سفك الإرهابي داود من دماء سجلها الكتاب المقدس

بلغ مجموع القتلى الذين قتلهم داود من الفلسطينيين وجاء تسجيلها في الكتاب المقدس مائة ألف وخمسمائة قتيل بيانهم في الأسفار كالآتي بأرقام فصولها 100،500 قتيل.

عدد القتلى  200                             

 السبب: قتلهم داود من الفلسطينيين مهراً لابنة شاؤل وكان طلب مائة فقط لكن كرم داود ومروءته ورخص دم الفلسطينيين أغرياه فقدم 200.

عدد القتلى: 22000

السبب: قتلهم داود من الآراميين الفلسطينيين جاء في ملوك 2

عدد القتلى: 18000

السبب: قتلهم 3 داود من الآراميين في واد الملح كما جاء في ملوك2

عدد القتلى:20000

السبب: قتلهم داود من الآراميين في معركة عظيمة مع أبشالوم ابنه كما جاء في ملوك2

عدد القتلى: 40000 فارس

السبب: قتلهم داود من الآراميين وأهلك 700 مركبة ف10

عدد القتلى: 360

السبب: قتلهم من رجال بنيامين ملوك ف2

عدد القتلى: 7

رجال دفعهم للجنوبيين ليقتلوهم ويصلبوهم انتقاماً من شاؤل ف21.

المجموع: 100567

الملك داود مجرم حرب ملوك2 ف8

الفصل الثامن

(1وكان بعد ذلك أن داود ضرب الفلسطينيين وأذلهم وأخذ داود زمام العاصمة من أيدي الفلسطينيين2وضرب الموآبين وأقسمهم بالحبل أضجعهم على الأرض فقاس منهم حبلين للقتل وطول حبل للاستبقاء وصار الموآبين عبيد الداود يؤدون الجزية3 وضرب داود هدد عازر بن رحوب ملك صوبة وقد كان ذاهباً ليسترد سلطته على نهر الفرات4وأخذ منه داود ألفاً وسبع مائة فارس وعشرين ألف راجل وعرقب داود خيل جميع المراكب وأبقى منها مئة مركبة.5فجاء أراميو دمشق لنجدة هدد عازر ملك صوبة فقتل داود من الآراميين اثنين وعشرين ألف رجل6وأقام داود محافظين في أرام دمشق فكان الأراميون عبيداً لداود يؤدون الجزية. ووقى الرب داود حيثما توجه7 وأخذ داود تروس الذهب التي كانت مع عبيد هدد عازر وأتى بها إلى أورشليم.8وأخذ الملك داود من باطح وبيروتاي مدينتي هدد عازر نحاساً كثيراً جداً.9وسمع توعي ملك حماة أن داود قد كسر كل جيش هدد عازر10فأرسل توعي ابنه يورام إلى داود الملك ليقرئه السلام ويباركه لأنه قاتل هدد عازر)

هذا ما أمكن تسجيله وضبطه في سفر الملوك الثاني من الكتاب المقدس لقتلى الفلسطينيين الذين آبادهم داود ورجاله ليستولوا على أرضهم وقد تكرر ذكر هذه الأعداد في سفر أخبار الأيام من الكتاب المقدس ف18 وأسفار أخرى من العهد القديم كأنها تراث عظيم لملك سفاح زان خؤون.

إن القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما قتلت ثمانين ألفاً أما داود فقد قتل مائة ألف وخمسمائة ذلك الملك العظيم الذي تحتفل إسرائيل اليوم بذكرى تهويده القدس واتخاذها عاصمة لملكه وإلى الأبد ولم تكن يوماً عاصمة له.

القدس ليست مدينة داود ولا عاصمة إسرائيل

إن داود لم يدخل القدس وكان اسمها يبوس فقد رده اليبوسيون سكانها من أهل فلسطين فلجأ إلى جبل صهيون واتخذ منه حصناً وسماه مدينة داود(1).

وكما لم تغن عنهم حصونهم في الماضي شيئاً كذلك لن تغني عنهم عاصمته اليوم من الله شيئاً ولو كانت مدينة داود وكما مزقهم الله في الماضي بظلمهم وإفسادهم، وعلوهم سيمزقهم في الحاضر ببغيهم واستكبارهم والمهم أن نصلح نحن وأن نكون أهلاً لوراثتهم لينطبق علينا قانون الله (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) (وما ربك بغافل عما يعملون).

موت داود ووصية داود عند موته

كانت وصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآخر ما تكلم به (الصلاة الصلاة –وما ملكت أيمانكم لا تكلفوها ما لا يطيقون- الله الله في النساء) تقوى ورحمة وبر بالأرقاء والضعفاء.

فتعالوا ننظر إلى وصية داود الملك لابنه سليمان في الساعة التي يؤمن فيها الكافر ويبر الفاجر ويتوب الشرود.

جاء في سفر الملوك الثالث ف2

قال داود لابنه سليمان لما دنا يوم وفاته: أنا منصرف في سبيل أهل الأرض فتشدد وكن رجلاً.

لكي يحقق الرب كلامه لي "لا ينقطع لك رجل عن عرش إسرائيل"

1- يوآب بن صروية اصنع به بمقتضى حكمتك لا تدع شيبته تنزل إلى الجحيم بسلام.

2- شمعى بن جبرا الذي لعنني وحلفت له ألا أقتله انزل شيبته بالدم إلى الجحيم.

3- بنو يرزلاي أحسن إليهم لأنهم أقبلوا علي عند هربي من أخيك أبشالوم.

وصايا بالانتقام من الأعداء هي أشبه برجل الدماء كما كان يقول شمعى بن جبرا الذي أوصى سليمان بسفك دمه لمجرد أنه لعنه.

بقي أن نقول أن داود حكم إسرائيل أربعين سنة قتل فيها أكثر من مائة ألف نفس كما يظهر من جمع عدد القتلى الذين سجلوا في هذه الفصول.

هذا هو داود أعظم ملوك اليهود زان خؤون سفاح ظلوم إرهابي غشوم لا تنفك عنه ضراوته بالدم ولا يزايله الحقد والغشم حتى وهو على فراش الموت، كل همه وما يعنيه أن يشفي صدره من عدوه وأن ينقض عهده بعد مماته وقد عجز عن ذلك في حياته وأن يبقى الملك في ذريته فلا يزال يلي عرش إسرائيل رجل من صلبه.

وما هو بمزحزحه من العذاب أن يكون الملك ميراثاً في ولده أو خاتماً في يده وسيرد فيعلم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون).

فتباً وتعساً للشعب المختار وأنبيائه وقضاته وملوكه وعامته إنهم لأحق بدعاء نوح عليه السلام

( رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً. رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تباراً).

سليمان:

سليمان ابن داود الملك، أمه بتشبع امرأة أوريا الحثي رآها داود تستحم على سطح بيتها فأخذها وزنى بها وحملت منه وولدت ولداً ومات، ثم أرسل داود زوجها أوريا إلى جبهة القتال وأوصى قائده يوآب أن يقدمه للخطوط الأولى الحامية ليقتل ولما قتل أخذها داود فولدت له سليمان فهو سليل زنا وخيانة.

مسحه ملكاً على إسرائيل

لقد تم تعيينه ملكاً على إسرائيل بأعجوبة، ذلك أن أخاه الأكبر لأبيه (أدونيا) كان وثب على كرسي أبيه لما شاخ واعتبر نفسه ملكاً وذبح الذبائح ودعا الأحباب، واتخذ له حاشية وجنداً وأحاط نفسه بهالة الملك.

وشاع الخبر فسارعت بتشبع أم سليمان على أبيه داود واستنجزته وعده بتعيين ابنها سليمان خلفاً له ففعل ومسح سليمان ملكاً وأركبوه على بغلة أبيه وهتف الناس ليحيى الملك سليمان.

أهم أعمال الملك سليمان وسيرته

1- قتل (أدوني) أخيه لأبيه.

2- تنفيذ وصية داود أبيه بقتل يوآب وشمعى.

3- بناء بيت له.

4- بناء بيت الرب.

5- الإكثار من الزوجات والسراري.

6- اتباع آلهة النساء.

7- غضب الرب عليه.

أعمال سليمان وسيرته كما جاءت في سفر صمويل والملوك 2

(1) قتل أدونيا أخيه:

بدأ سليمان أعماله في مملكته بقتل أخيه لأبيه أدوينا لأنه كان وثب على كرسي أبيه لما شاخ واتخذ لنفسه حاشية وحشماً ليستولي على ملك أبيه ولأنه طلب أن يتزوج امرأة أبيه الفتاة الجميلة التي تزوجها لما شاخ ف11،ف12

(2) نفذ وصية أبيه:

فقتل يوآب رئيس جند أبيه فقد وصاه داود بقوله (لا تدع شيبته تنحدر بسلام إلى الهاوية) وقتل شمعى الذي لعن داود فقد وصاه داود بقوله (واحدر شيبته بالدم إلى الهاوية).

(3) بنى بيتاً للرب في 7 سنين

أنفق عليه لكثير وسخر من إسرائيل ثلاثين ألف رجل يتناوبون شهرياً عشرة آلاف يكونون شهراً في لبنان وشهرين في بيوتهم واتخذ سبعين ألف رجل غير البنايين والنجارين والحرفيين وأنفق في بنائه وزخرفته الكثير.

(4) بنى لنفسه بيتاً في 11سنة

أنفق فيه بسرف وترف وكانت كل أدوات الطعام والشراب من الذهب الخالص يحسبون ذلك رفعة وكرامة والله حرم هذا قال (صلى الله عليه وسلم) في الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة كأنما يجرجر في بطنه نار جهنم.

(5) ملكة سبأ ف10

جاءت لتمحن سليمان فلما رأت حكمته والبيت الذي بناه وطعام مائدته ومجلس عبيده وموقف خدامه وملابسهم وسقاته ومحرقاته التي كان يصعدها لبيت الرب (لم يبق فيها روح) أي انبهرت وقالت لسليمان ليكن مباركاً الرب الذي سربك وجعلك على كرسي إسرائيل لأن الرب أحب إسرائيل إلى الأبد.

ومن أين لها علم ذلك؟

وأعطت الملك 125 مائة وعشرين وزنة ذهب وأطياباً كثيرة وأحجاراً كريمة وأعطاها الملك كل مشتهاها كما أعطاها حسب كرم الملك سليمان.

لم يذكر السفر شيئاً عن حكمة سليمان وعلمه والمسائل التي امتحنته بها الملكة ولكنها عرفت فقط أن الرب أحب إسرائيل إلى الأبد.

(6) نساء سليمان:

جاء في سفر الملوك ف11

 (26 وجمع سليمان مراكب وفرساناً. فكان له ألف وأربع مئة مركة واثنا عشر ألف فارس فأقامهم في مدن المراكب ومع الملك في أورشليم.27وجعل الملك الفضة في أورشلم مثل الحجارة وجعل الأرز مثل الجميز الذي في السهل في الكثرة.28 وكان مخرج الخيل التي لسليمان من مصر.وجماعة تجار الملك أذوا جليبة بثمن.29 وكانت المركبة تصعد وتخرج من مصر بست مئة شاتل من الفضة والفرس بمئة وخمسين. وهكذا لجميع ملوك الحثيين وملوك أرام كانوا يخرجون عن يدهم.)

الإصحاح الحادي عشر

 (1وأحب الملك سليمان نساء غربية كثيرة مع بنت فرعون مؤابيات وعمونيات وأروميات وصيدونيات وحثيات 2 من الأمم الذين قال عنهم الربلبني إسرائيل إليهم لا يدخلون إليكم لأنهم يميلون قلبوكم وراء آلهتهم. فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة3 وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فأمالت نساؤه قلبه4وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساء أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه.5 فذهب سليمان وراء عشتورت آلهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين6وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماماً كداود أبيه.7حينئذٍ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموآيين على الجبل الي تجاه أورشليم ولملوك رجس بني عمون8وهكذا فعل لجميع نسائه الغربيات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن.

9فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذي تراءى له مرتين.10 وأوصاه في هذا الأمر أن لا يتبع آلهة أخرى. فلم يحفظ ما أوصى به الرب.11 فقال الرب لسليمان من أجل أن ذلك عندك ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي أوصيتك بها فإني أمزق المملكة عنك تمزيقاً وأعطيها لعبدك.12إلا أني لا أفعل ذلك في أيامك من أجل داود أبيك بل من يد ابنك أمزقها13 على أني لا أمزق منك المملكة كلها بل أعطي سبطاً واحداً لابنك لأجل داود عبدي ولأجل أورشليم التي اخترتها 14وأقام الرب خصماً لسليمان هدد الأدومي. كان من نسل الملك في أدوم15وحدث لما كان داود في أدوم عند صعود يوآب رئيس الجيش لدفن القتلى وضرب كل ذكر في آدوم.16 لأن يوآب وكل إسرائيل أقاموا هناك ستة أشهر حي أفنوا كل ذكر في أدوم.17إن هدد هرب هو ورجال أدوميون.)

أحب سليمان نساء غربية كثيرة مع بنت فرعون مؤابيات وعمونيات وصيدونيات من الأمم الذين نهى الرب بني إسرائيل أن يدخلوا إليهم لأنهم يميلون قلوبهم إلى آلهتهم فالتصق سليمان بهؤلاء بالمودة.

وكان لسليمان700 سبعمائة سيدة وثلثمائة سرية فأمالت نساؤه قلبه وراء آلهة أخرى.

(7) غضب الرب على سليمان:

ذهب سليمان وراء عشتروت آلهة الصيدونيين (وملكوم) رجس العمونيين وعمل سليمان الشر في عيني الرب، وبنى مرتفعة (لكوش) رجس المؤابيين تجاه أورشليم، وبنى مرتفعة (لمولك) رجس بني عمون.

وهكذا فعل لجميع نسائه الغربيات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل فقال الرب لسليمان: من أجل أنك لم تحفظ عهدي وفرائضي التي أوصيتك بها فأني أمزق المملكة عنك تمزيقاً وأعطيها لعبدك إلا أني لا أفعل ذلك في أيامك من أجل داود أبيك بل من يد ابنك أمزقها.

تعليق:

هذا هو الملك (سليمان) أعظم ملوك إسرائيل حكمة وعلماً وباني بيت الرب (زير النساء) يتزوج سبعمائة امرأة ويتسرى ثلثمائة جارية ويميل قلبه وراء النساء المشركات فيشرك ويقيم لآلهتهن المعابد والأوثان ثم يكون عقابه أن يمزق الله مملكته من بعده لا في أيامه.

ولماذا من بعده؟

والجواب إكراماً لداود أبيه (ولخاطره).

ومن داود أبيه؟ هو الزاني الخؤون رجل الدماء وقاتل الأبرياء المستهتر بالضعفاء الذي قتل من الفلسطينيين وحدهم أكثر من مائة ألف قتيل.

هذا مع أن داود وسليمان عندنا في القرآن أنبياء مكرمون حدث الله عن داود فقال (ذا الأيد إنه أواب)(1) ، (وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب)(2) وعن سليمان فقال (نعم العبد إنه أواب) لكن الشعب المختار ينكر أنهم أنبياء ويصر على أنهم ملوك ولا فرق عندهم في النهاية بين أن يكونوا أنبياء أو يكونوا ملوكاً فإن الخزي والسوء والكفر والبغي ألصقوه بالأنبياء كما ألصقوه بالملوك وهم بذلك أسر وأسعد ويرحم الله القائل:

وساءك أن يقال أبوك عف        وسرك أن يقال أبوك زانٍ

المقوم الثالث

إصلاح وفعل الخير

الشعب المختار (حملوا التوراة ثم لم يحملوها) بل حرفوها وبدلوها جعلوا توراة الله توراة أرض وعهد حولوها إلى امتلاك أرض وتسويد شعب.

جعلوا السلام خياراً بين الاستعباد والإبادة تثنية ف20، جعلوا الجزية والعبودية والتسخير مقابل الاستسلام والاستحياء.

السلام في الإسلام حق مصون

الجزية في الإسلام نعمة ورحمة

خاتمة

الشعب المختار اليوم: هو هو شعب توراة العهد بالأمس حرف الأناجيل كما حرف التوراة

الإفساد والعلو

وصفهم في التوراة

 يا شعباً غبياً غير حكيم

العاقبة للمتقين

المقوم الثالث

فعل الخير

المقوم الثالث الذي يستحق به أي إنسان أو شعب الرفعة والتقديم والخيرية والتفضيل هو أن يكون نافعاً للغير فاعلاً للخير فلا يكفي أن يكون صالحاً في ذات نفسه وإنما لا بد أن يكون نافعاً لغيره يتعدى صلاحه إليه.

قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده) تناولت الآية الكمال الذاتي القاصر والمتعدي.

فالركوع والسجود وعبادة الله وتوحيده أثرهما ذاتي يعود على نفس العابد أولاً بزكاتها وتقواها وإن كان ذلك لا يعني أنها لا تعود على الغير بالخير فإن أقل مما ينتظر من العابد كف أذاه وهو ثمرة من تقواه وهو في الإسلام فعل خير وجزء من العمل الصالح.

أما فعل الخير والجهاد في الله، فيتعدى أثرهما للغير وإصلاح الحياة وإن يكن الكل قد أمر الله به وهو يعود بالخير على صاحبه كما قال سبحانه (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه) العنكبوت 6.

لكن العمل الذي يتعدى خيره ويعم نفعه يكون أجل عند الناس قدراً وأعظم عند الله أجراً قال تعالى (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس) أمور ثلاثة كلها طاعة وعبادة وكلها خير يعود مباشرة على الغير ويزيدها خيراً ما فيها من الكمال الذاتي وهو إخلاص النية ولذلك عقبها الله عز وجل بقوله (ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً). فشرط لعظم الأجر وقبول العمل ابتغاء مرضاة الله وفيه كمال الذات والعمل (وإنما الأعمال بالنيات).

وإنما استحقت أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) أن تكون خير أمة، لأنها صلحت في ذات نفسها بالإيمان وعملت على إصلاح غيرها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله) آل عمران11.

وقد عاشت الأمة الإسلامية لهذه الرسالة وبها تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ولذلك جعلهم الله أئمة ومكن لهم في الأرض.

وهذه كلمات ثلاث قالها (ربعي بن عامر) مندوب القيادة الإسلامية إلى (رستم) قائد الفرس تلخص هذه الرسالة الخيرة:

"إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق العيش إلى سعة الحياة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام".

تلك رسالة الإسلام والنفع العام الذي قدمه المسلمون للعالم فاستحقوا أن يجعلهم الله خيراً أمة لأنهم فعلاً خير أمة (أخرجت للناس) أي لهدايتهم وتحريرهم وإسعادهم فلننظر ماذا فعل الشعب المختار وماذا قدم للناس من رسالة خير ليختاره الله شعباً مقدساً من بين الشعوب.

رسالة الشعب المختار

لقد عجز الشعب المختار أن ينتفع بالتوراة لإصلاح نفسه فهل نطمع منه أن يتقدم برسالة لإصلاح غيره؟ لقد غلبت عليه أنانيته وماديته وشقوته فحول التوراة كلها إلى كتاب أرض في خرافة عهد وتمليك شعب وتاريخ حرب وجرائم.

التوراة = العهد القديم

أضاعوا التوراة واتبعوا الشهوات وجعلوها قصة عهد قديم وتمليك أرض لنسل إبراهيم.

الشعب المختار أوتي نعمة فكفرها ومنح فرصة للسيادة والقيادة فأضاعها.

التوراة كانت نوراً فأطفأوه وهداية فمحوها

قال تعالى: (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور).

وقال تعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور) مهمة موسى (عليه السلام) ومهمة التوراة كانت إخراج بني إسرائيل من الظلمات إلى النور، وهي أجل مهمة ونعمة ورسالة منفعة يمكن أن يقدمها إنسان لنفسه ولقومه أو يقدمها شعب لغيره. وكان مفروضاً في الشعب المختار أن يحافظ على هذه النعمة وأن يعمل بها في نفسه ويمد ضياءها لغيره ويبلغ رسالة ربه ليستحق أن يختاره الله ويجعله فوق الشعب.

أنى لهم الذكرى

لقد عجز الشعب المختار أن يؤدي أمانته (حملوا التوراة ثم لم يحملوها) بل جحدوا بها وكفروها.

وقدموا الله في أقبح صورة يرى فيها إنسان جهول جبان ظلوم وقدموا رسله والصفوة من عباده في صورة عصابة من الفسقة والقتلة والمجرمين السفاحين (فأنى لهم الذكرى) أو أن يقدموا للناس خيراً بعد ما بدلوا نعمة الله كفراً..؟

لقد أحلوا أنفسهم دار البوار وصدق فيهم قول الله العظيم (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) أي تدهنون وتجعلون شكر نعمة الله أنكم تكذبون وتفترون الكذب على الله ورسله وعلى عباده وعلى الحق الذي أنزله.

قال الحسن البصري رحمه الله بئسما أخذ قوم لأنفسهم، لم يأخذوا من كتاب الله إلا التكذيب.

وكذلك الشعب المختار لم يأخذ لنفسه من التوراة ولم يقدم لغيره إلا الكذب والتخريب.

تفريغ التوراة

كانت التوراة حافلة بالهدى والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن رسالات الله واحدة في الوسيلة والغاية لإخراج الناس من الظلمات إلى النور قال تعالى لنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): (كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) وقال تعالى لموسى (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور) كان مفروضاً أن نجد في التوراة من أصول الإيمان والفضائل والأحكام وأنوار الهدى مما نجده في القرآن مثل قوله تعالى:

1- (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).

2- (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون).

(ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تخلتفون) سورة النحل 50-53

وقوله تعالى:

3- (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب. والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية ويدرأون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) الرعد 19-24.

هكذا رسالات الله جميعها فيها كل ما يزكي النفس وينفع الغير ويحقق للناس جميعاً سعة الحياة وسعادة الدنيا والآخرة.

وكذلك كانت التوراة حتى عدا عليها الشعب المختار فأخلاها من مضمونها وما أنزل الله فيها من هداية ونور وحكمة ورحمة فلا تمر فيها بكلمة من هذه الهدايات النيرات.

ملء التوراة بالكذب والبغي

لكن الشعب المختار بدل أن يشكر لله نعمته ويحفظ شريعته ويبلغ رسالته حرف التوراة وأفرغها من هدى الله الذي أنزل إليهم (وبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم) وجعلها تلف وتدور حول العهد المزعوم الذي أعطاه الله لإبراهيم أي تدور حول الأرض وتنقطع من أسباب السماء وهدي الأنبياء فأخلوها من كل عقيدة سليمة وعبادة صحيحة وأحكام عادلة وآداب فاضلة وليتهم إذ أخلوها من الحق لم يملؤها بالباطل ولكنهم:

لما أفرغوها من العدل والإحسان=ملؤوها بالظلم والطغيان

لما أفرغوها من الرحمة والبر=ملؤوها بالقسوة والظلم

لما أفرغوها من الحلال والطيب=ملؤوها بالحرام والخبيث

كانوا كما وصفهم البوصيري رحمه الله:

والعابدون  العجل  قد  فتنوا به        ودوا اتخاذ المرسلين  عجولا

أخلوا  كتاب  الله  من  أحكامه        غدراً  وكان  الحافل المأهولا

جعلوا الحلال به حراماً والهدى        غياً وموصول التقى مفصولا

* لقد نسبوا لله عز وجل كل ما يتنزه عنه عاقل من صفات الجهل والجبن والحمق والعجز والظلم وخصال السوء.

* ولقد نسبوا لرسل الله كل كبائر الإثم والفواحش

* ولقد نسبوا لآبائهم وأبنائهم وأنبيائهم وقضاتهم وملوكهم كل أعمال الخيانة والفسق والسلب والإبادة والتدمير والفساد الكبير وأودعوا كل ذلك صحائف سود سموها التوراة والعهد القديم

العهد القديم

لما أفرغوا التوراة من هداياتها ملؤوها بالحديث عن العهد القديم (عهد إبراهيم) وكيفية تحقيقه والاستيلاء على الأرض وإبادة أهلها وتوريثها للشعب المختار.

ولما بدلوا التوراة أوزعوا أدوارهم على خمسة أسفار وسموا كل سفر بالدور الذي أودع فيه وأطلقوا على الأسفار الخمسة اسم (العهد القديم)ونسميها نحن توراة العهد فليست هي توراة الله.

1- فسفر التكوين: يتناول تكوين بني إسرائيل الشعب المختار الذي منح العهد

2- سفر الخروج: يتناول خروج بني إسرائيل من مصر إلى أرض العهد مع موسى.

3- سفر العدد: يتناول أعداد بني إسرائيل الذين خرجوا مع موسى لأرض العهد.

4- سفر الأحبار: يتناول كهان بني إسرائيل وطقوسهم وأعمالهم في شعب العهد.

5- سفر التثنية: يتناول الأرض وتثنية الأمر بالاستيلاء عليها وإبادة أهلها وتنفيذ العهد.

وهكذا أصبحت رسالة الشعب المختار (لا إصلاح نفسه أو نفع غيره ليستحق الرفعة والاختيار عند الله والناس) ولكن فرض سيادته وسحق غيره وانتزاع أرضه واستنفار بني إسرائيل ليمتلكوا أرضاً من الفرات إلى النيل.

ملف حرب وجرائم

وسنرى التوراة بعدما تحولت إلى كتاب محض للعهد القديم ووعد إبراهيم كيف تحولت رسالة الشعب المختار إلى أعمال فتك وتدمير وتحولت التوراة إلى ملف جرائم وقضايا غدر وخطط حرب وسلب ونهب وشعارات وإبادة وقتل جماعي وفتك بالرجال والنساء والأطفال بل الرضع والبقر والغنم والحمير وكل حي لا تبقي باقياً كل ذلك تحقيقاً للعهد القديم وتمليك الأرض لنسل إبراهيم بأوامر إلهية منزلة لا تزال تقرأ إلى الآن في هذه التوراة وإليك سفر التثنية مثالاً لها:

سفر التثنية:

ويسمى تثنية الاشتراع أي الشريعة الثانية(1)، وهو المصدر القانوني والتشريعي لأخطر جرائم الشعب المختار.

1- إثارة الحرب لامتلاك الأرض وتحقيق الوعد.

2- إباحة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يرتكبه اليهود والصرب اليوم.

3- استعباد المسلمين وتسخيرهم ووضعهم تحت الجزية.

من سفر التثنية

هذه نماذج نسوقها ما حفلت به توراة العهد من الأوامر والوصايا الربانية لموسى وبني إسرائيل للاستيلاء على الأرض وإبادة أهلها وتمليكها للشعب المختار تحقيقاً للعهد القديم

الفصل الأول

بدء الأمر بالاستيلاء على الأرض

قال موسى: الرب إلهنا كلمنا في حوريب قائلاً كفاكم قعود في هذا الجبل تحولوا وارتحلوا وادخلوا أرض كنعان (العرب) ولبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات. ادخلوا وتملكوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم إبراهيم وإسحق ويعقوب أن يعطيها لهم ولنسلهم من بعدهم.

الفصل الثاني

الأمر لموسى ببدء الحرب والإبادة

قال موسى: قال لي الرب ارتحلوا قد دفعت ليدك سيحون ملك حشبون ابتدئ تملك الأرض وأثر عليه حرباً وابتدئ تملك حتى تمتلك أرضه.

قال موسى: فأرسلت إليه بكلام سلام قائل أمر في أرضك فرفض فدفعه الرب إلهنا أمامنا فضربناه وبنيه وجميع قومه وأخذنا كل مدنه وحرمنا من كل مدينة الرجال والنساء والأطفال لم نبق شارداً.

الفصل الثالث

موسى يستولي على مملكة باشان بالأردن ويبيد أهلها ويخرب مدنها

قال موسى: دفع الرب إلى أيدينا عوج ملك باشان وجميع قومه فضربناه حتى لم يبق له شارد وأخذنا كل مدنه ستون مدينة محصنة بأسوار شامخة وأبواب سوى قرى الصحراء الكثيرة جداً خربناها كما فعلنا بسيحون ملك حشبون محرمين من كل مدينة الرجال والنساء والأطفال لكن البهائم والمدن نهبنا لأنفسنا.

الفصل السابع

أمر بإبادة أصحاب الأرض وتمليكها للشعب لأنه مقدس للرب

قال موسى: متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها وطرد شعوباً كثيرة من أمامك.

1- وضربتهم فإنك تحرمهم

2- لا تقطع لهم عهداً

3- ولا تشفق عليهم

4- ولا تصاهرهم

ولكن هكذا تفعلون بهم

5- تهدمون مذابحهم

6- تكسرون أنصابهم

7- تقطعون سواريهم

8- تحرقون تماثيلهم بالنار

لأنك أنت شعب مقدس للرب

تعليق

هذا هو الشعب المختار (لأنه شعب مقدس للرب) أطلق الرب يده ليملك أرض الشعوب ويبيد أهلها ويحرمها بالسيف ولا يقطع لهم عهداً ولا يرحم منهم أحداً.

ليس هذا فحسب وإنما عليه أن يكون إيجابياً يهدم مذابحهم ويكسر أنصابهم ويقطع سواريهم ويحرق تماثيلهم ويمحو اسمهم.

الفصل الثاني عشر

التخريب والتهديم لمعابد الأمم الموروثة

قال موسى: هذه هي الفرائض والأحكام التي تحفظون لتعملوها في الأرض التي أعطاك الرب إله آبائك لكي تمتلكها كل الأيام التي تحيون على الأرض.

(1) تخربون جميع الأماكن حيث عبدت الأمم التي ترثونها آلهتها على الجبال الشامخة وعلى التلال وتحت كل شجرة.

(2) وتهدمون مذابحهم وتكسرون أنصابهم وتحرقون سواريهم بالنار وتقطعون تماثيل آلهتهم وتمحون اسمهم من ذلك المكان.

الفصل الثالث عشر

إبادة من يعبد غير إله إسرائيل

قال موسى: إن سمعت عن إحدى مدنك التي يعطيك الرب إلهك أنه قد خرج أناس طوحوا سكان مدينتهم قائلين نعبد آلهة لم تعرفوها وفحصت وتأكدت من صحة الأمر.

(15) فاضرب سكان المدينة بحد السيف وتحرمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف.

(16) تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة للرب فتكون تلاً إلى الأبد لا تبنى بعد.

تعليق:

العجب للمزاج الدموي لإله الشعب المختار والحرص على التخريب والتدمير وأخذ البريء بالمسيء.

ما باله يحرم المدينة كلها بحد السيف؟

وما ذنب الأطفال والأبرياء؟

وما ذنب البهائم؟ ولماذا تحرق المدينة بالنار وكل أمتعتها؟ لتكون تلاً إلى الأبد لا تبنى؟

ومع ذلك فقد ارتد الشعب المختار لما طلب من هرون النبي أن يصنع لهم إلهاً فصنع لهم عجلاً جسداً له خوار وقال هذا إلهكم وإله موسى فماذا صنع موسى؟

ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه ولم يحرق المدينة ولم يجعلها تلاً لا يبنى إلى الأبد.

الفصل العشرون

استعباد وجزية وإبادة عامة

قال الرب لموسى: حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى السلم(1) فإن أجابتك وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك وإن لم تسالمك بل عملت معك حرباً فحاصرها وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة فتغنمها لنفسك.

هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً أما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب الإله نصيباً فلا تستبق منها نسمة ما بل تحرمها تحريماً كما أمرك الرب إلهك.

تعليق: على ما جاء في سفر التثنية من الحرب.

مجرمو حرب

هذا ما يقدمه الشعب المختار إلى العالم في علاقاته الدولية في السلم والحرب يدعو أهل المدينة إلى السلم فإن أقبلت وأثبتت حسن النية وفتحت له أبوابها توضع تحت الجزية والتسخير والاستعباد وإن لم تقبل وانتصر عليهم قتل جميع ذكورها بحد السيف وغنم الباقي.

هذا في المدن البعيدة.

أما في المدن القريبة فلا نستبقي منهم نسمة (إبادة جماعية وتطهير عرقي) بأمر الله يتقربون به إليه.

توراة الله صيروها توراة العهد والأرض

لقد جعل الشعب المختار كلها تاريخاً وحديثاً ووصايا وتمليكاً للعهد القديم (عهد الله لإبراهيم) وقد كان (سفر التثنية) وهو خامس الأسفار التي يتفق اليهود والنصارى على أنها من التوراة وهو السفر الذي ختمت به التوراة عند اليهود(1) وهو الذي ذكر فيه كلمة (الأرض) أكثر من مائة مرة بل أكثر مما ذكر اسم الله فيه كأن هذه الأرض هي الدين كله وهو السفر الذي حفل بأوامر الحرب واغتصاب الأرض وأعمال الإبادة كما مر وكما قدمنا أمثلة منه.

الأرض

وأعجب شيء أن يكون الغرض من إثارة الحرب هو امتلاك الأرض وأن يكون أمر الله لموسى صريحاً كل الصراحة في ذلك واضحاً كل الوضوح.

ابتدئ تملك الأرض وأثر حرباً

لم يقل ادعهم إلى الإيمان والعدل والإحسان أو انههم عن الفحشاء والمنكر والبغي فإن لم يستجيبوا لك فافعل كذا: لا وإنما دعاهم إلى أن يتخلوا عن أرضهم ويسمحوا له بدخولها فلما رفضوا (وحق لهم أن يرفضوا فإن بني إسرائيل قوم لا عهد لهم ولا عقد) ضربوهم بحد السيف وقتلوا الرجال والنساء والأطفال وغنموا البهائم بعد ما لم يبقوا على حي وملكوا الأرض.

هذا ما تقوله المثناة (سفر تثنية) وما كتبوه بأيديهم وقالوا هو من عند الله إرهاب وانتهاب وحرب وإبادة لامتلاك أرض وهذا ما يفعله الصرب اليوم في البوسنة وكوسوفا والبلقان وأسوتهم في ذلك موسى وأنبياء الشعب المختار يقاتلون لا للدفاع عن عقيدة عرض أو حرمة أو حق وإنما لتفريغ الأرض من أصحابها وليرثوها من بعد أهلها.

الإسلام والإرهاب والحرب

* فما لهؤلاء الكفار والشعب المختار يصمون الإسلام بالإرهاب والهمجية حين يسمح لأهله بالدفاع عن أنفسهم ويقول لهم (قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) البقرة 190.

* والإسلام دين سلام لا يقاتل إلا المعتدي وبالقدر الذي يرد عدوانه ويدفع شره (فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً) النساء 90 (*).

* وهو مع ذلك يحرم قتل الشيوخ والنساء والأطفال ومن لا شأن لهم بالحرب كالرهبان ورجال الدين وأصحاب الصوامع والبيع وهو مع ذلك يحرم قطع شجرة أو ثمرة أو ذبح حيوان إلا للأكل كما جاء في وصايا النبي (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه ووصية أبي بكر (رضي الله عنه) إلى يزيد بن أبي سفيان في حرب الروم.

* فأي الفريقين أحق بوصف الإرهاب والاغتصاب والتدمير.

* وأي الفريقين شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل.

الإرهاب قمة السلام في التوراة

والسلام في التوراة وعند الشعب المختار مشروط بالتسليم وفتح الأبواب للشعب المختار المعتدي المغير فإذا سلموا الأرض وألقوا إلى المغيرين السلم صاروا عبيداً تحت التسخير وتحت الجزية كل ما يملكونه يؤدونه لسيدهم الجديد فالعبد وما ملكت يداه لسيده وحسب العبد أن يسلمه سيده من الذبح والقتل وليحي العدل هذا سلام اليهود.

توضيح لازم

يقتضينا الحق والإنصاف أن نعرض لما يصفه سفر التثنية من الحرب لاغتصاب الأرض وتخيير أهلها بين الدخول في السلم على أن يكونوا عبيداً مسخرين الجزية وبين إبادتهم جميعاً إبادة عامة هم ونسائهم وأطفالهم مع انتهاب كل مالهم كما جاء في سفر التثنية ف2

أقول يقتضينا الحق أن نعرض للأمرين: السلام والجزية

1- لقضية السلام في الإسلام مقارنة بسلام التوراة والشعب المختار.

2- وقضية الجزية في الإسلام مقارنة بجزية التوراة والشعب والمختار.

ليعلم الناس مدى النعمة والرحمة في تشريع الإسلام والسلام والجزية ومدى الشقوة والتعاسة وما ينتظر البشرية على يد اليهود.

السلام في الإسلام

أما السلام في الإسلام فهو لباب دينه وجوهر رسالته، منه اشتق اسمه الإسلام وتحية المسلمين في الدنيا السلام، وتحيتهم يوم يلقونه سلام وفي الآخرة (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون).

وقد أمر الله بالدخول في الإسلام بجميع شعبه فقال (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) وأمر المسلمين أن يرحبوا به ويسارعوا إليه بنية صحيحة وشوق.

وقال تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لهم وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) بل حذر الله المسلمين أن يمنعهم من الجنوح إلى السلم خوف الخديعة، فبين لهم أن عليهم أن يغلبوا جانب حسن الظن ما دام لم يظهر دليل على سوئه فقال تعالى (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم) أي امض في السلم ولا تتردد مخافة أن يكون الجنوح خديعة فإن كافيك الله.

فهذا ترغيب من الله عز وجل في المسارعة إلى السلم إذا جنح إليه العدو في تغليب حسن الظن على ظن السوء ما دام لم يقم دليل على المخادعة.

هذا مع العلم بأن الإسلام يكره القتال ولا يخوضه إلا مضطراً كما قال تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم).

فالسلام في الإسلام هو الأول وهو مبذول مجاناً لكل من ألقى سلاحه وكف عن أذى المسلمين يده قال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) وقال تعالى (فإن اعتزلوكم فلم يقاتلونكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً).

كل ما يطمع فيه الإسلام أن يكف عنه أعداؤه أيديهم. فإن لم يفعلوا واضطروه للحرب خيرهم بين الإسلام أو الجزية أو الحرب فإن اختاروا الجزية دخلوا في ذمة المسلمين وحمايتهم لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم في مقابل بدل يسير يجزى عن حمل المسلمين الكبير وسنوضح حقيقة الجزية في الإسلام لكن بعد بيانها عند اليهود.

الجزية في التوراة

هي عند الشعب المختار وفي توراة العهد والأرض ضريبة التسخير والاستعباد مقابل (الاستحياء) أي الإبقاء على حياة الناس وعدم قتلهم وإبادتهم، لأن الناس أصحاب الأرض سلموا للشعب المختار وفتحوا له أبواب البلد ودخلوا في سلم التوراة فكان جزاؤهم التسخير والاستعباد وأن يوضعوا تحت الجزية فما حقيقة الجزية عند الشعب المختار:

1- هذه الجزية ضريبة يدفعها المغلوب لتجزئ عن سفك دمه.

2- هذه الجزية ضريبة يدفعها المغلوب صغيره وكبيره وذكره وأنثاه لأنها ضريبة عبودية.

3- هذه الجزية ضريبة يدفعها المعتدي عليه لمعتد ظلوم سلب أرضه وهتك عرضه.

4- هذه الجزية ضريبة غير مقدرة تتناول كل ما يملكه العبد ويثمره التسخير فالعبد وما ملكت يداه لسيده.

الجزية في الإسلام نعمة

أما الجزية في الإسلام فلها شأن آخر:

إنها نعمة من الله ورحمة بالمغلوبين وفرصة لهدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور ذلك بأن الحرب في الإسلام لا تكون إلا رداً لعدوان واقع على أهله أو دعوته والآيات التي نزلت في القتال صريحة في هذا:

قال تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق).

وقال تعالى: (قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلوكم ولا تعدوا إن الله لا يحب المعتدين).

ومع أن الدفاع ورد العدوان حق ثابت بالفطرة والعقل وجميع الشرائع والقوانين فإن الإسلام ألزم أهله أن يعرضوا على عدوهم الناصبين لهم (الإسلام) وأن يخيروهم بين إحدى ثلاث: الإسلام أو الجزية أو الحرب

أما الإسلام فمعروف أمره فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين لهم ما لنا وعليهم ما علينا.

والحرب معروف أمرها أما الجزية فهي:

الجزية في الإسلام هي البدل العسكري

الجزية في الإسلام هي (البدل العسكري) وهي ضريبة مقدرة يدفعها كل من بلغ سن التجنيد يعفى منه وكانت قيمتها في بدء الإسلام ديناراً سنوياً عن كل حالم(1) ويعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال ومن لا شأن لهم بالحرب كالكهان والرهبان وناس تفرغوا للصوامع والبيع..إلخ، وذلك في مقابل حمايتهم هم وأهلهم وأموالهم وتمتعهم بالمساواة للمسلمين في الحقوق المدنية والدينية لهم مالنا وليس عليهم ما علينا فنحن نخرج الزكاة ونجهز الغزاة ونتحمل عبء تأمينهم والدفاع عنهم مقابل الجزية فإن عجزنا عن حمايتهم أعدنا الجزية لهم.

ذلك مقتضى عقد الذمة والوفاء الذي عرف به المسلمون، وقد روى المحدثون وأهل السير أن (أبا عبيدة) لما جاءته الأخبار بأن الروم جمعوا له الجموع كتب إلى كل وال ممن خلفه في المدن التي صالح أهلها على الجزية يأمرهم أن يردوا عليهم جزيتهم، وأن يقولوا لهم إنما رددنا عليكم جزيتكم لما شرطنا أن نمنعكم وإنا لا نقدر على ذلك الآن وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم ونحن لكم على الشرط إن نصرنا الله عليهم.

فلما رأى ذلك أهل الذمة قالوا ردكم الله علينا ونصركم عليهم فلو كانوا هم لم يردوا علينا شيئاً وأخذوا كل شيء.

روى ذلك القاضي أبو يوسف في كتابه (الخراج) والبلاذري في فتوح البلدان والأزدي في فتوح الشام.

فإن أعانونا في القتال والحرب أو لم يشترطوا علينا حمايتهم فلا جزية عليهم فقد قلنا أن أصل الجزية مال يجزى عن التجنيد ويعفى دافعه من الخدمة العسكرية والمشاركة في القتال فإن اشتركوا معنا في القتال سقطت عنهم الجزية وكذلك إن لم يشترطوا علينا الحماية فلا جزية لهم.

سقوط الجزية عمن شارك في القتال

وهذا ما طبقه الصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان، وهذا ما طبقه قادة الفتح وعمال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وأقرهم عليه منهم:

1- سويد بن مقرن مع أهل دهستان.

2- عتبة بن فرقد مع أهل أذربيجان.

3- سراقة بن عمر مع أهل أرمينيه ومن حولهم.

وقد جاء في عهد سراقة أنه أعطى أهل أرمنية والأرمن أماناً لأنفسهم وأموالهم وملتهم ألا يضاروا ولا ينقضوا وعليهم أن ينفروا لكل غارة ولكل أمررآه الوالي صلاحاً على أن توضع الجزية عمن أجاب إلى ذلك. رواه الطبري في تاريخه ص2665 ، 2666 وروى مثله البلاذري عن حبيب بن مسلمة أنه فعل مثل ذلك مع الجراجمة (أن يكونوا أعواناً للمسلمين وعيوناً لهم وألا يؤخذوا بالجزية).

فهل عرف التاريخ أشرف وأعف وأرحم من هذه الجزية في الإسلام يتقدم الغالب للمغلوب والمنتصر للمهزوم فيعرض عليه حمايته ومنعته هو وأهله وقومه وماله وكل ما هو له في مقابل أن يضع سلاحه ويدفع بدلاً يجزي عن ذلك لا يزيد على دينار في السنة للقادر على حمل السلاح فقط ويعفى الشيوخ والنساء.. إلخ.

كلمة أخيرة في الجزية

ثار جدل ولجاج في الصحافة منذ مدة عن الجزية في الإسلام وتطبيقها اليوم وظن بعض المتربصين أنهم أصابوا بموضوع الجزية مقتلاً وما دروا أن تشريع الجزية من مفاخر الإسلام ومآثره كتشريع الزكاة والوقف والحسبة والشورى وسائر ما قدم الإسلام من نظم وقوانين ومبادئ لإقرار السلام وإسعاد البشر.

ولعل فيما قدمناه من عرض سريع دعت إليه مناسبة الحديث عن تحريف التوراة وملئها بالدعوة إلى التدمير والإبادة والسلام العجيب الذي يخير بين الجزية والعبودية والتسخير وبين الإعدام والإبادة.

لعل فيما قدمناه بهذه المناسبة ما يلقي ضوءاً يكشف الشبهات التي أثيرت لكننا نريد أن نزيد الأمر وضوحاً وبياناً ونعقد مقارنة بين الجزية التي يفرضها اليهود مع التسخير والعبودية وهي قمة الإرهاب والذل والمهانة وبين الجزية التي يقدمها الإسلام وهي قمة الكرامة والحرية والعزة وسنحاول أن نوجزها في كلمات.

ونقرر مقدماً أن الأصل في الإسلام مع العدو (إن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً).

الجزية

عند المسلمين

1- نتيجة حرب دفاعية يدافع فيها المسلمون عن أنفسهم.

2- مقابل حماية من يؤديها والدفاع عنه وعن أهله وماله.

3- يعرضونها على معتدين عليهم أو على تبليغ رسالتهم.

4- قيمتها يسيرة لا تتجاوز ديناراً عن كل حالم.

5- سنوية

6- يعفى منها النساء والأطفال من لا شأن لهم بالحرب

7- تسقط عن العاجز

8- تسقط عمن شارك المسلمين في الحرب

عند اليهود

1- نتيجة حرب هجومية يغير فيها اليهود للاستيلاء عليهم.

2- مقابل استعباده واستحيائه (تركه حياً) وعدم قتله.

3- يفرضونها على مسالمين لامتلاك أرضهم بلا عرض.

4- كل ما يملكه العبيد المسخرون يؤخذ منهم جزية.

5- مؤبدة

6- لا يعفى منها أحد (العبد وما ملكت يداه لسيده) ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبير.

7- لا تسقط لأنها ثمرة التسخير والعبودية.

8- لا تسقط.

هذه هي الجزية في الإسلام التي هولوا بها وهرجوا ضريبة يسيرة سنوية يدفعها القادر عليها ممن بلغ سن التجنيد في مقابل إعفائه من الجندية وفي مقابل حمايته وأهله وماله.

وهي البدل العسكري الذي كنا ندفعه نحن المسلمين لإعفاء أبنائنا من التجنيد إلى عهد قريب قبل أن يصبح التجنيد إجبارياً.

فهل في ذلك ظلم لأهل الذمة أو مقنع لذي عقل؟

إن الحق والنعمة ورحمة الله وآيته ظاهرة في هذه الجزية الإسلامية وأن الخزي والسوء والظلم والبغي ظاهر في هذه الجزية اليهودية وصدق الله (وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور) لقمان(32).

الشعب المختار في التوراة قصاص عدل

عجيب أمر هذه التوراة وعجيب فيها أمر بني إسرائيل.

تقرأ أول هذه التوراة فتمر فيها بأقوال وأعمال وصفات نكر وأخلاق سوء نسبها الشعب المختار لله ورسله والنخبة من إسرائيل وتقرأ آخرها فتقرأ كل صفات الحمق والغباوة والشر نسبها الله ورسله إلى بني إسرائيل ولست أدري أهو قصاص عادل؟ أم دليل على أنها لغو وباطل.

لقد خيل إلي أن هذه التوراة تسجيل لسباب وشتائم جرت في خناقة وزفة قامت بين حيين من كفر الزغارى وأوشيم تراشق فيها الناس بقبيح القول يبثون به ما في أنفسهم أو يشفون غيظ قلوبهم.

وقد مر بك شيء مما وصف به الشعب المختار ربه ورسله في (عقيدة الشعب المختار).

ونزيد هنا أن نذكر شيئاً مما وصف به الرب شعبه المختار وأن نذكر أيضاً شيئاً مما وصفه الرسل به لنتم المقابلة وتكتمل الصورة للشعب بعد حكم الرب عليه وحكم رسله وبعد ما حكم هو على الرب والرسل وافترى عليهم الكذب.

حكم الرب على الشعب المختار

قال الرب لموسى                                   السفر    الفصل

1- قد رأيت هذا الشعب فإذا هو شعب قساة الرقاب... خروج  32

2- قل لبني إسرائيل إنكم شعب قساة الرقبة... خروج 33

3- رأيت هذا الشعب فإذا هو قاسي الرقاب دعني فأبيدهم... تثنيه 9

4- قل للشعب ليس لأجل برك يعطيك الرب هذه الأرض لأنك شعب صلب الرقبة.تثنيه  9

5- جيل متقلب بنون لا أمانة فيهم... تثنيه  33

6- أمة عديمة الرأي لا بصيرة فيهم.... تثنيه  33

7- جيل أعوج ملتو. ... تثنيه  33

حكم موسى وهرون على الشعب المختار... تثنيه  33

قال موسى                                    السفر   الفصل

1- الرب تكافئون بهذا يا شعباً غبياً غير حكيم. ... تثنيه  32

2- اذكر عبدك إبراهيم لا تلتفت إلى غلاظة هذا الشعب وإثمه وخطيئته. ... تثنيه  9

3- لم تزالوا معاصين للرب منذ عرفتكم. ... تثنيه  9

4- يارب إن حظيت في عينيك تسير بيننا لأنهم شعب قساة الرقاب. ... تثنيه  34

5- قد أفسد أمامة الجيل المتعوج الأزور. ... تثنيه  32

6- أبهذا تكافئ الرب أيها الشعب الأحمق الذي لا حكمة له. ... تثنيه  32

7- إني أعلم تمردكم وقساوة قلوبكم فإنكم وأنا معكم تمردتم على الرب فكيف بعد موتي.... تثنيه  31

8- لا يحم غضب سيدي علي أنت تعرف الشعب أنهم أشرار. ... خروج 32 

تحريف الأناجيل لخدمة إسرائيل

كما حرف الشعب المختار قديماً التوراة وجعلها كتاب أرض وملف غارات وحرب حرف الأناجيل وجعلها في حدود التملك والسيادة ونذكر مثالاً واضحاً فاضحاً عن تحريف (السلام العالمي) بشرى المسيح إذ جعلوه خاصاً بهم.

السلام لناس مخصوصين

1- فقد جاء في إنجيل لوقا ف2 (لما ولد المسيح ظهرت كوكبة من الملائكة في السماء تهتف (المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة) هكذا (وعلى الأرض السلام مطلقاً) في جميع طبعات الأناجيل عن دار الكتاب المقدس القاهرة

حرف الشعب المختار هذا النص في الطبعة الكاثوليكية للكتاب المقدس سنة 66 تقول (وعلى الأرض السلام للناس الذين بهم المسرة).

فبدل أن كان النص عاماً مطلقاً على الأرض للناس جميعاً أصبح السلام خاصاً (بالناس الذين بهم المسرة)؟

ومن هم الناس الذين بهم المسرة؟

هم اليهود والنصارى أبناء الله وأحباؤه، وقد أشير إليهم في إنجيل متى ف3 (هذا هو ابني الحبيب الذي سررت فله اسمعوا) بمعنى لأسربكم وقد عينهم إنجيل لوقا ف12

لا تخف أيها القطيع الصغير لأن (أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت) فلكم السلام لأن بكم المسرة لأبيكم أما غيركم فلا سلام لهم.

الكنعانيون كلاب

2- مثال آخر للتحريف أقحموه على الأناجيل ليحقروا به (الكنعانيين العرب) أصحاب الأرض المقدسة مثلما فعلوا في التوراة في سفر التكوين على لسان نوح وادعوا أنهم شعب (ملعون الأب) فقد جاء في إنجيل متى ف15 أن امرأة كنعانية جاءت إلى المسيح تصرخ وتستغيث وتقول ارحمني يا ابن داود فإن ابنتي مجنونة جداً بها شيطان يعذبها فلم يجبها بكلمة

فقال له تلاميذه اصرفها فإنها تصيح في أثرنا.

فقال لهم: لم أرسل إلا إلى خراف إسرائيل الضالة.

فأتت المرأة وسجدت وقالت ابنتي يارب.

فأجاب قائلاً: ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويلقى الكلاب

فقالت: نعم يارب فإن الكلاب تأكل من الفتات الذي يسقط من موائد أربابها.

أجاب المسيح قال لها: عظيم إيمانك يا امرأة فليكن لك ما أردت فشفيت ابنتها لساعتها.

تعليق:

على هذا التحريف والتخريف هل يعقل أن المسيح الذي أرسله الله رحمة وكان يشفي المرضى مجاناً ويبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله يرفض أن يعالج مريضاً أو إنساناً به مس من الشيطان؟

لو كان حيواناً وقع في بئر أو تردى في حفرة لوجب عليك أن تنقذه ولو لم يستنجد بك صاحبه فكيف إذا استغاثك إنسان لتغيث ابنته.

إن قوانين الطب في كل مكان في العالم اليوم تفرض على الطبيب أن يلبي النداء ويسرع النهضة في الصريخ لينقذ المريض مهما اختلف جنسه أو دينه فإن لم يفعل قدمته النقابة أو النيابة إلى المحاكمة ولو لم يكن ذلك قانوناً في الدولة أو عرفاً بين الناس لكان واجباً في المروءة والأخلاق فكيف يعرى عن ذلك المسيح.

ومع ذلك فهل يعقل أن يقول المسيح في اعتذاره عن نجدة المرأة المستغيثة به (ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويلقى إلى الكلاب).

أي خبز كان سيقدم إلى المرأة؟

إنه كان سيتوجه إلى ابنتها بنية أو كلمة فيشفي مرضها أو يذهب عنها شيطانها وهل كان ذلك يكلف المسيح شيئاً.

ومع ذلك فهل يليق أن يصدر مثل هذا القول عن نبي لله أو (ابن الله) إن الافتعال والكذب والافتراء على الحق والاجتراء على الخلق ظاهر في هذه القصة.

وتبلغ القمة في الانحطاط والذل في جواب المرأة للمسيح وتأمينه على قولها قالت (إن الكلاب تأكل من الفتات التي يسقط من موائد أربابها) فأعجب المسيح هذا الخضوع والخنوع وذل الحاجة واعتبر ذلك إيماناً للمرأة وثقة في شخصه شفيت ابنتها به.

أفما كان من الممكن أن يقول لهما كلمة أو يوجه لها نية فتشفى ابنتها دون حاجة إلى تمريغ كرامتها في التراب وجعلها كالكلاب.

تحريف العهد الجديد لتبرئة اليهود

وللباحث العالم اللواء أحمد عبد الوهاب كتاب اسمه (إسرائيل حرفت الأناجيل) ذكر فيه:

أن المخطط اليهودي للسيطرة على العالم جعل أهم وسائله هدم العقائد الدينية والتشكيك فيها وتحريف كتبها المقدسة.

ومن ذلك تبرئة اليهود من دم المسيح الذي أجمعت الأناجيل على مسؤوليتهم عنه فقد استطاع اليهود أن يستصدروا بياناً من البابا بولس السادس سنة 1965 ومن المجمع المسكونى سمي (وثيقة التبرئة) المخالفة لكل الأناجيل وقد تكلفت إسرائيل بإعادة كتابة (الأناجيل والرسائل المقدسة) وحرفتها حتى تقترب مع ما جاء في (وثيقة التبرئة).

وقد صدرت هذه الطبعة المحرفة لأسفار العهد الجديد عن دار النشر اليهودية بالقدس عام 1970 وقبلتها الكنيسة واعتبرت إعلاناً للتقارب بين المسيحية واليهودية ضمن خطة عامة وضعوها.

الخطة العامة للتحريف

وقد وضعوا خطة للتحريف تقوم على تبديل ألفاظ وتغيير حقائق مثل:

1- محو كلمة اليهود من أسفار العهد الجديد وقد تكررت فيه 159 مرة.

2- استبدالها بكلمة عامة أو أهل اليهودية وفيهم اليهود وغير اليهود.

3- محو ما يتعلق بالشعب اليهودي كجماعة دينية مثل الناموس والمجمع.

4- تجنب كلمة القتل والصلب ومشتقاتها واستخدام يدين.

5- محو الفقرات التي تلقي مسؤولية دم يسوع على اليهود وأولادهم.

6- تحميل الرومان مسؤولية حادث الصلب مع أن جميع الأناجيل تبرئهم.

هذه هي الخطة العامة لتحريف الأناجيل التي نفذتها إسرائيل وقد بلغت حملة التحريفات 636 تحريفاً.

ونسوق هنا أمثلة من نماذج التحريف مما ذكره اللواء أحمد عبد الوهاب في كتابه (إسرائيل حرفت الأناجيل) وسنكتفي من الأسفار المحرفة بإنجيل متى ومثالين منه.

تحريف إنجيل متى

وتشتمل الترجمة اليهودية فيه على 91 تحريفاً موزعة على فصوله وأكثرها في الفصول الأخيرة التي تروي حادث الصلب.

وسنسوق نص النسخة المعتمدة أولاً ثم نتبعها بالنسخة الإسرائيلية المحرفة.

1- نص النسخة المعتمدة ف2 لما ولد المسيح جاء مجوس الشرق

قالوا أين المولود (ملك اليهود)

نص النسخة الإسرائيلية: لما ولد المسيح جاء مجوس الشرق قالوا أين المولود (ملك اليهودية).

2- نص النسخة المعتمدة ف27 قال الوالي الروماني لليهود أي شر على المسيح فكانوا يصرخون (ليصلب) فغسل يديه وقال أنا بريءٌ من دم هذا البار فقالوا للجميع (دمه علينا وعلى أولادنا).

نص النسخة الإسرائيلية: قال الوالي أي شر يحمل فكانوا يزدادون صراخاً (ليمت) بدل ليصلب فغسل يديه وقال أنا بريءٌ.. فقالوا (دمه عليه).

ويلاحظ: في المثال الأول أن النسخة الإسرائيلية حرفت اليهود إلى (أهل اليهودية).

في المثال الثاني حرفت ليصلب أي ليمت وجرفت دمه علينا وعلى أولادنا إلى (دمه عليه).

ونكتفي بإنجيل متى وهذه الأمثلة للتحريف اليهودي الذي أدخل عليه كنموذج لما فعلوا ببقية أسفار العهد الجديد.

ويتساءل المرء هل يمكن الثقة بما في يد هؤلاء اليهود من عهد قديم أو جديد لم ينله تحريف أو تزييف ونحن نرى التحريف بأعيننا ونلمسه بأيدينا وهم يقومون به ولا ينكرونه بل يعدونه من مفاخرهم ومآثرهم أو لسنا محقين صادقين حين نقول لهم أنهم حرفوا التوراة وفرغوها من هدايتها وفصلوها على قد عهد إبراهيم وسموها العهد القديم مثلما يحرفون العهد الجديد اليوم ويفصلونه على قد اليهود وبراءتهم من دم المسيح بن داود.

بل فقد فعلوا أكبر من ذلك بإنجيل لوقا إذ قالوا أن المسيح (ابن الله) أرسل ليعيد الملك لليهود ويجلس على كرسي داود ويكون ملكاً على إسرائيل إلى الأبد) لوقا ف2 استهتاري بعقول البشر أن يكون المسيح ابن الله أرسل ليكون ملكاً لليهود ويجلس على كرسي داود.

من ثمرات التحريف

إن تحريف الشعب المختار للتوراة والإنجيل أنشأ قاعدة مشتركة للتعاون والتساند بين المسيحيين واليهود بصورة مذهلة وهذه أمثلة منها فقد نشرت الأهرام في 6/12/97 مقالاً للأستاذ الجليل محمد العربي المساري جاء فيه:

1- إن أسقف باريس أعلن أن من منكر الشيواه تقتيل اليهود في الحرب العالمية الثانية) إنما ينكر الموحي الذي أبلغه الله في جبل سيناء إلى موسى وشعبه.

2- إن البابا يوحنا صرح بمناسبة عيد الميلاد بأن الشعب اليهودي هو الذي أعطى المسيح للبشرية.

3- في الربيع الماضي أصدرت الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية (تصريح الندم) تعتذر فيه عما فرط من سكوت المسيحين على اضطهاد اليهود في الحرب العالمية الثانية.

إن هذا التأييد والدعم لإسرائيل من رجال الكنيسة وقمة القيادات المسيحية لا بعد له إلا تأييد القمم السياسية المسيحية في العالم كرؤساء أمريكا وإنجلترا الذين يظاهرونها ويدعمونها تديناً أي إيماناً بأنهم الشعب المختار الذي أعطاه الله أرض الميعاد وقدم للبشرية المسيح ليعيد ملك اليهود ويجلس على كرسي داود ويملك على إسرائيل ولا يكون لملكه نهاية وقد كتب الأستاذ الكبير محمد السماك في أهرام 9/4/97 مقالاً ذكر فيه أنه ترجم كتاباً للكاتبة الأمريكية جريس هاس بعنوان (النبوءة والسياسة) ذكرت فيه أن في أمريكا حركة دينية كبيرة تؤص بالتوراة وتضع نهاية للعالم وتقول فيه (لا بد من العودة الثانية للمسيح).

ومن شروط هذه العودة:

1- قيام دولة صهيونية وعودة اليهود إلى الأرض المقدسة.

2- تعرض دولة صهيونية للعدوان وقيام حرب.

3- بعد أن يفنى البشر يصعد 144 يهودياً ليعودوا المسيح.

وهذه الحركة لها مقام ونفوذ كبير في أمريكا ولها محطات تلفزيون من بينها محطة الشرق الأوسط بجنوب لبنان وأخطر ما في كتاب السيدة أن ممثل الحركة الدينية له مقعد ثابت في مجلس الأمن القومي الأمريكي يحضره ليشارك في صنع القرار.

وتقول الكاتبة الأمريكية كم من مرة أعرب فيها الرئيس (ريجان) عن تمنياته في أن يكرمه الله ليضغط على الزر النووي تحقيقاً لمشيئة الله (1).

هذا هو الرئيس ريجان رئيس أكبر وأغنى وأغبى دولة في العالم هذه أمنيته أن يكرمه الله بتدمير العالم ليعود إليه المسيح ليملك على اليهود ويجلس على كرسي داود.

وليس ريجان بدعاً في رؤساء أمريكا وكلهم يتمنى أن يموت العالم لتحيا إسرائيل وكلهم في خدمتها.

ولعل من المناسب بل من الضروري أن تثبت هنا قائمة بأسماء لرؤساء أمريكا منذ قيام إسرائيل إلى يومنا هذا عبر فيها كل منهم عن إعجابه وحبه وأطيب تمنيات قلبه لإسرائيل كتبها الكتاب الكبير أنيس منصور في الأهرام (مواقف 11/5/97) قال حفظه الله:

إن كنت ناسياً ذكرناك بالموقف الأزلي الأبدي لرؤساء أمريكا من إسرائيل:

1- قال ترومان: نحن نؤمن بإسرائيل قبل أن تولد ونؤمن بمستقبلها الرائع ليس فقط كدولة ذات سيادة وإنما كتجسيد للمثل الرفيعة وحضارة الإنسان.

2- وقال إيزنهاور: قواتنا المسلحة هي التي أنقذت البقية الباقية من يهود أوروبا لتكون لهم حياة وميلاد جديد لدولة إسرائيل وككل الناس المحبين الخير فإنني أحب إسرائيل الشابة وأتمنى لها السعادة.

3- وقال كيندي: لم تولد إسرائيل لتموت بل لتبقى وتزدهر فهي نبت الأمل وأرض الشجعان ولن تحطمها خلافاتها الداخلية، ولن يفسدها النجاح فهي نموذج للديمقراطية التي تحمل سيف الحرية.

4- وقال جونسون: إن مجتمعنا قد أضاءته تعاليم أنبياء بني إسرائيل وإسرائيل مثلنا تعشق الحرية وتؤمن بالحياة والديموقراطية.

5- وقال فورد: إن التزامي بأمن إسرائيل ومستقبلها قائم على قيم أخلاقية راسخة دورنا في دعم إسرائيل شرف لكل تراثنا الحضاري.

6- وقال نيكسون: إن الشعب الأمريكي مبهور بشعب قد حول الصحراء إلى جنة أما صفاته التي سحرتنا فهي: الشجاعة والوطنية والمثالية والحرية رأيت ذلك بنفسي فآمنت بهم.

7- وقال كارتر: بقاء إسرائيل ليس فقط قضية سياسية وإنما هي حتمية أخلاقية ففي أمن إسرائيل مصلحة لأمريكا وأمل لكل العالم الحر.

8- وقال ريجان: يؤكد لنا رجال ونساء إسرائيل كل يوم شجاعتهم وإيمانهم العميق وعندما ولدت إسرائيل سنة 1948 تشكك كثيرون في قدرتها على البقاء واليوم لم يعد لدى أحد شك في أنها أرض الاستقرار وواحة الديمقراطية في منطقة يسودها القلق.

9- وقال بوش: استمتعت إسرائيل وأمريكا في الأربعين عاماً الماضية بصداقة قائمة على الاحترام المتبادل والالتزام بالديمقراطية وقد بدأنا مساعينا من أجل السلام في الشرق الأوسط حين اتفقنا على أن روابط الشعبين لن تنفصم أبداً..

10- وقال كلينتون: بين أمريكا وإسرائيل روابط فريدة من نوعها بين الأمم فإسرائيل مثل أمريكا حصن منيع للديمقراطية ورمز للحرية ومأوى للمضطهدين.

قال الكاتب الكبير: فإن لم يكن ذلك عشقاً تاريخياً، فهو انحياز تام لإسرائيل ومن سذاجتنا أن نتوهم أنه يمكن أن تضغط أمريكا على إسرائيل من أجل سواد عيوننا فلا تزال المسافة بين القدس وغزة أبعد ألف مرة مما بين القدس وواشنطن

نهاية

إن عمليات التخريب والتزييف للتوراة والإنجيل قديمة وحديثة وقد تواصى بها اليهود في مؤتمر بازل 1897 وكان من مقرراتهم لإنشاء دولتهم أمور ثلاث لا بد منها: الأرض والشعب والتأييد الخارجي

أما الأرض: فأنشأوا لها (صندوق الأمة) يجمع المال ويشتري الأرض ويجعلها وقفاً على اليهودية.

أما الشعب: فأنشأوا له التنظيمات العسكرية وأحبوا له اللغة العبرية وفيه الروح اليهودية.

وأما التأييد الخارجي: فاشتروه بالذهب والنساء وقسط الأعلام وتحريف الإنجيل والذي يعنينا أن ننتبه هنا هذا الإجماع من رؤساء أمريكا على تأييد إسرائيل بصورة مذهلة والإعجاب بقدرتها وشجاعتها وديمقراطيتها وأنها تجسد للمثل الرفيعة وحضارة الإنسان.

ولا ندري هل من المثل الرفيعة وحضارة الإنسان نقض العهد وتهويد القدس وتدمير المنازل وطرد السكان وتجريف الزراعات وبناء المستوطنات وحصار العمال وتكسير أيدي الأطفال والإبادات الجماعية مثلما حدث في قانا والخليل وقبية ودير ياسين.

لقد حسم القضية ترومان أول رئيس لأمريكا اعترف بإسرائيل فقال أن مؤمن بإسرائيل قبل أن تولد وكذلك كل مسيحي يؤمن مثله وبراعة اليهود التي جعلت التوراة مسجلاً للعهد القديم وجعلت الأناجيل سجلاً للعهد القديم أيضاً وسمته العهد الجديد.

وذهب اليهود الذي استطاع أن ينصب الناس الإله المعبود كما يقول الحاخام ريشورن ومورتوكرت صهيون وأن يشيع الفحشاء والكفر ليسهل عليهم السيطرة على العالم بالشهوات والنساء واللهو واللعب.

أقول هذه البراعة وهذه الشهوات لن تغني عن اليهود شيئاً فقد ثبت أنه شعب لا يحمل عنا صبر البقاء فضلاً عن الارتقاء بل إنه يحمل عناصر فنائه وزواله يريد أن يفرض نفسه على العالم حوله وهو لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا يؤمن بأخوة الإنسان ولا أن الناس سواء.

زوال إسرائيل

وأي إنسان عاقل أو عنده قليل من البصر يتوقع زوال هذه الدولة لأنها تقوم على العلو والإفساد وبطر الحق وظلم الخلق.

وغرها أن تعهدت أمريكا بحمايتها وأن العالم المسيحي مخدوع وينتظر عودة المسيح ليجلس على عرشها.

ولو عاد المسيح لكفروا به وقالوا فيه مثلما قالوا عن دمه فيهم لم يعلنوا براءتهم من قذفه مثلما أعلن المسيحيون براءتهم من دمه ومع ذلك فقد تنبأ الخبراء بزوالها.

فقد نشرت الأهرام عن وكالات الأنباء في 9/7/1998

إن الخبير البريطاني في العلاقات الدولية فيليب ونزقال في مقابلة بثها راديو لندن أن الخلافات الداخلية ستتسبب في زوال الدولة وستدفع اليهود إلى الهجرة.

ونقول إن الله الذي رد لإسرائيل الكرة علينا لتفريطنا هو الذي تعهد بزوالها وانتصارنا وقال ينذرها ويبشرنا (فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً).

لقد بقي المسجد الأقصى في يد الصليبيين تسعين سنة وأعاده صلاح الدين وسنعيده كما أعاده إن شاء الله ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً والعاقبة للمتقين ولتعلمن نبأه بعد حين.

وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.

              

الهوامش

آخر وصية للإمام حسن البنا قبيل استشهاده نشرها في مجلة الباحث الأستاذ صالح عشماوي رحمه الله عن كتاب الإمام الشهيد حسن البنا للدكتور جابر قميحه.

(1) قال تعالى: (أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا أشد منهو قوةً وآثاراً في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق) غافر21.

وقال تعالى: (وأنه أهلك عاد الأولى. وثمود فما أبقى. وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى، والمؤتفكة أهوى، فغشاها ما غشى، فبأي آلاء ربك تتمارى) سورة النجم (50-55).

(1) كما جاء في سفر التثنية ف.

(1) سورة الإسراء تسمى سورة بني إسرائيل وهي أحق بهذا الاسم لأمرين:

1- لأنها تحدثت عن الإسراء في آية واحدة افتتحت بها السورة وعن بني إسرائيل في نحو عشرين من أول السورة وآخرها.

2- ولما روى البخاري عن عائشة وابن مسعود أنهما كان يسمينانها سورة بني إسرائيل ومعلوم أن أسماء السور توفيقية عن طريق الوحي للنبي (صلى الله عليه وسلم).

(1) وقد أثبتنا كذب هذا الوعد في كتاب سبق اسمه (اقترب الوعد الحق يا إسرائيل).

(1) الحلية لأبي نعيم.

(2) البداية والنهاية

(3) قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) آل عمران ومعنى أخرجت للناس أي لهدايتهم وحمايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

(1) سفر التثنية ف.

(2) (التي جعلتها معي) لا ينفك هذا الشعب عن صلافته ووقاحته يريد أن يقول للرب أنت المسؤول لأنك أنت الذي جعلت المرأة معي وهي التي أغوتني.

(1) سورة البقرة (30).

(1) عجب إله إسرائيل لا يرضى ولا يعود لرشده إلا إذا تنسم رائحة الشواء وقتار الذبائح كمدمن الحشيش والهيروين.

(1) توضيح ذلك أنهم يكرهون بابل وأهل بابل منذ غزاهم بختصر ودمر هيكلهم ومدينتهم تدميراً وساقهم إلى بابل فاخترعوا هذه القصة الغثة ليثبتوا لعنة البابليين كما فعلوا مع الكنعانيين.

(1) سفر مزامير داود من التوراة والكتاب المقدس ف43

(1) من كتاب سلام مع الله.

(1) إن الحجاج بن يوسف الذي يضرب به المثل في الظلم والغشم تقدم إليه رجل من أهل البصرة يشكو إليه أن عامله عليها هدم داره وجلد ظهره وأسقط اسمه لأن له ابن عم لحق بالخوارج وخرج معهم فقال له الحجاج وما تنقم من ذلك أما سمعت قول الشاعر:

جانيك من يجني عليك وربما        أعدى الصحاح مبارك الجرب

ولرب  مأخوذ  بغير جريرة        ونجا  المسيء مقارف الذنب؟

فقال له الرجل ما سمعت هذا ولكني سمعت الله يقول على لسان إخوة يوسف (قالوا يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين فقال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذاً لظالمون) فلم يملك الحجاج على جبروته إلا أن أذعن للحق وأمر بإنصاف الرجل وبناء داره وإعادة اسمه والاعتذار إليه.span>

وأوأرسل منادياً ينادي في الناس صدق الله وكذب الشاعر (لا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) لكن الشعب المختار يأبى إلا أن يصم ربه بأنه ظلوم جبار يأخذ الابن بجرم أبيه ولا يدخل ابن الزنا في جماعة الرب إلى الجيل العاشر ولا ذنب له لكن الشعب المختار جبل على القسوة. وعلى الإثم والعدوان والبغي والفساد ويحب أن يشيع ذلك في الناس فلم يكفهم أن جعلوا أسوتهم في ذلك موسى ويشوع ولكن نسبوه لرب العالمين الرحمن الرحيم فزعموا أنه يأخذ البريء بالمسيء لأنه غيور صبور ألا بئست الغيرة ونعمة العجلة إذاً.

(1) حديث صحيح.

(2) دعاء على الولد الصغير كنعان بأن يكون عبداً ثلاث مرات.

(1) ولو كان أبوهم ملعوناً هل هذا يبيح لليهود امتلاك أرضهم واستلابها منهم؟ والجواب نعم لأن ربهم إله غيور يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

(1) ف13.

(1) وهذا ما يصرح به اليهود وما ورد على لسان الحاخام ريشورن في الاجتماع السري الذي عقد في براغ 1869 وفي الوثيقة الصهيونية (علينا أن نشجع الانحلال في المجتمعات غير اليهودية فيتم الفساد والكفر وتضعيف الروابط المتينة التي تعتبر أهم مقومات الشعوب فيسهل علينا السيطرة عليها) من كتاب (إسرائيل حرفت الإنجيل) ص8 للواء أحمد عبد الوهاب.

(1) ف25 من سفر التكوين.

لأنه اتخذ له زوجة من بنات الفلسطينيين وهو محرم عليهم كما جاء في سفر التكوين.

(1) كما جاء في ف25 من سفر التكوين وكما سيجئ بعد في ص

(1) من أعجب الأمور أن الطبعة الكبيرة للكتاب المقدس وضعت عنواناً لهذه القصة المؤسفة المسفه هو (تدريب رفقة يعقوب) ولست أدري على أي شيء دربته؟ على الكذب أو الخدع أو الحسد أو الفسق أو ماذا؟ لا أدري وهل كان ما فعلته تدريباً أو تزويراً.span>

(1) كأن الأنانية والخيانة والاحتيال يسلب عباد الله حسن إدارة وتدبير وبهذه العقلية والنفسية سودوا التاريخ الإنساني وأغرقوا البشرية في لجج من الدم والهم والخيانة والإثم.

(1) كأنه أوتي على الغيب (ولا يعلم الغيب إلا الله.

(1) هذا ما روته التوراة لتهون القتل العمد على الشعب المختار أما ما رواه القرآن الكريم فهو أن القتل كان خطأ (وكزه موسى فقضى عليه) لم يتعمد قتله ولم ينظر يميناً أو شمالاً وإنما ضربه ضربة عفوية كانت القاضية والدليل على ذلك أن موسى ندم في الحال وقال (هذا من عمل الشيطان إنه عدوٌ مضٌل مبين) ثم تعهد بينه وبين الله (لن أكون ظهيراً للمجرمين).

(2) سفر التثنية ف2.

(3) سفر التثنية ف3.

(1) وقد مرت القصة من قبل وذكرنا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استبقى علياً (رضي الله عنه) بمكة عند الهجرة ليرد لقريش أماناتها قد كانت رغم كفرها ومعاداتها له لا يجد آمن منه فكانت تستودعه نفائسها وأغلى أماناتها وكان (صلى الله عليه وسلم) يعلم أصحابه (لا إيمان لمن لا أمانة له) أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك.

فكيف يظن بموسى النبي الأمين أن يعلم الشعب الخيانة؟

(1) سورة طه.

(1) سورة الصافات.

(1(1) كما حدث عنهم القرآن لما جاوز بهم موسى البحر (مروا على قومٍ يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة قال إنكم قول تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطلٌ ما كانوا يعملون).

(1) وفاء بالعهد فقد استضافت الجاسوسين عندها وأخفتهما بمنزلها وبنو إسرائيل قوم يوفون بالعهد ولا ينقضون الميثاق وقد قطع الجاسوسان لها عهداً والزناه أول من يوفى به قاطع الطريق ومجرم الحرب يشوع مرسل جواسيس الزنا الفجار والمخطط الأكبر للتدمير والعار.

(1) طبعاً الباحث على استبقاء البهائم الروح المادية للانتفاع بها لا الرفق بالحيوان فإنهم لا يرفقون بالإنسان ولا بأي شيء وإن أظهر ما يميزهم قسوة القلب كما قال تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية) وقال: (ثم قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة).

(1) جاء في سفر يشوع من التوراة والكتاب المقدس يرجم أبناء السارق وبنوه وبناته وحيواناته ونحرق الجميع بالنار مع السارق لنطفي غضب الرب مع أن الغنائم يومئذٍ كانت لا تحل لهم وكانت تنزل نار من السماء لتأكلها وما ذنب أبناء السارق وبناته وحيواناته ليرجموا ويعدموا ويحرقوا؟

(4) من مقال للأستاذ العقاد بمجلة الأزهر 7، 62.span>

(1) سفر القضاة ف1

(2) سفر القضاة ف 2 ،3، 4 ،6 ،8.

(3) سفر القضاة ف3

(1(1) وكان من قصد شاؤول أن يقتله الفلسطينيون فيستريح ويأمن على ملكه.

(1) كما جاء في سفر صمويل2، ف5 وأخبار الأيام الأول ف11، وكما أكد ذلك البابا شنوده حفظه الله في بيانه لجريدة الأهرام.

(1) سفر صمويل إصحاح 11، 12، وسفر الملوك.

(1) الأيد: القوة، أواب: راجع إلى الحق.

(2) فصل الخطاب: كلمة الفصل في القضاء المبينة على من أدى اليمين وعلى من أنكر.

(1) وهذا السفر الذي ينطبق عليه اسم (المثناة) في الحديث الشريف الذي أوردناه في صدر الكتاب (إن من أشراط الساعة أن تقرأ المثناة على الناس فلا تغير) قيل وما المثناة يا رسول الله قال (ما استكتب من غير كتاب الله) أي ما كتبه اليهود بأيديهم وقالوا هو من عند الله.

(1) عدد أسفار العهد القديم 39 سفراً span>

يعتقد اليهود أن الخمسة الأولى منها هي التوراة، ويعتقد المسيحيون أن الـ39 كلها من التوراة فهم ملكيون أكثر من الملك.

* * وفي التوراة إذا لقوا السلم يوضعون تحت الجزية للتسخير ويستعبدون كما في سفر الخروج 24.

(1) أي بلغ الحلم: سن التجنيد.