أمة مارقة
العنوان: أمة مارقة
المؤلف: كلايد بريستوويتز
المترجم: فخري لبيب
الناشر: المركز القومي للترجمة، القاهرة
عدد الصفحات: 464
الطبعة: الأولى 2015
يوجه المؤلف- من خلال صفحات هذا الكتاب- صرخة تحذير إلى الشعب الأميركي من أن تتحول الولايات المتحدة إلى "أمة مارقة"، إن لم تكن بالفعل قد أصبحت كذلك، بسبب سياساتها الدولية المتغطرسة، وتعاملها بطريقة أحادية واستعلائية مع الشعوب والدول، وضربها عرض الحائط بالقانون والمؤسسات الدولية، طالما تملك القدرة على تنفيذ ما تريد.
ويدعو الإدارة الأميركية إلى العودة مجددا إلى اعتناق مبدأ التعددية الدولية في إدارة الأزمات، واحترام القانون والمؤسسات الأممية، والتوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
والمؤلف كلايد بريسيتوويتز هو خبير اقتصادي أميركي، عمل مستشارا لوزير التجارة في إدارة ريجان، وشارك في محادثات تجارية دولية متنوعة، وله العديد من المؤلفات في المجال الاقتصادي والفلسفي.
ويتكون الكتاب من عشرة فصول، وفي المقدمة يقول المؤلف إن أميركا دعمت كثيرا من الدكتاتوريين السلطويين، ما داموا يعملون لحسابها وتنفيذا لأهدافها في معاداة الشيوعية زمنا، وفيما تسميه بالحرب ضد الارهاب الآن.
سائق العولمة
إن الولايات المتحدة ترى نفسها في الجانب الصحيح من التاريخ، وأن استراتيجيتها العسكرية الضخمة تعمل على تشكيل المحيط العالمي، وأن الدولار كعملة عالمية، وحجر الزاوية في صندوق النقد الدولي، إضافة إلى قوتها العسكرية، قد أجلستها هذه القوة في مقعد "سائق العولمة".
وأن النظام العالمي الجديد يجب أن يتشكل وفقا للمصالح الأميركية، وأن العولمة، باعتبارها نوعا من "القوة الناعمة"، هي التي سوف تقنع الآخرين بالوحدة، أي بالخضوع لها في إطار الإمبراطورية، بقوة "الرغبة الطوعية"، فالعولمة هي الأمركة.
وتحت عنوان "في خصام مع العالم وأنفسنا" يقول المؤلف في الفصل الأول: "إن قائمة همومنا تبدأ بالأحادية الأميركية، وما يراه العالم فينا من "إمبريالية ناعمة"، كعلامة تجارية أميركية خاصة بها، وترتبط بهذا المعنى مسألة العولمة, كعملية أمركة".
ويضيف: "لايوجد موضوع تتسع فيه الهوة بين أميركا وباقي أنحاء العالم أكثر من المسألة الإسرائيلية الفلسطينية".
"إن إسرائيل بالنسبة للأميركيين صديق وثيق الصلة وحليف، وهي بالنسبة للعديد من اليهود والمسيحيين الأميركيين هي أرض ميعاد لليهود.."
إن الأميركيين لا يدركون في غالب الأحوال وجود وجهات نظر أخرى، وهم إن أدركوا ذلك، فإنهم لا يهتمون, وأكثر ما يثير الأجانب أشد إثارة بخصوص الأحادية الأميركية، ليس هو سياسة قراراتنا المتعمدة، ولكن عدم الوعي الكامن وراء تلك السياسات.
وفي الفصل الثاني يشير المؤلف إلى أن أميركا يبلغ نصيبها من إنفاق الدفاع الكلي لكل بلدان العالم 40% وهي نسبة آخذة في الزيادة، وفي لغة الهيمنة العسكرية المطلقة فإن العالم لم ير مثيلاً لها.
وفي أوائل القرن الحالي وصل الناتج المحلي الإجمالي الموحد للولايات المتحدة نحو عشرة تريليونات دولار، وهي نسبة تعادل 30% من الناتج المحلي الإجمالي الموحد لجميع بلدان العالم، بينما يبلغ الناتج المحلي للاتحاد الأوربي 9 تريليونات دولار، وتنمو انتاجية الولايات المتحدة بمعدل أسرع بـ50% من نمو الدول المتطورة.
قوة أميركا
إن قوة أميركا تعبر عن نفسها في الحقيقة عبر ثلاثة سبل على الأقل: الإكراه والإغراء والإقناع، ويعد الإكراه، بالطبع هو الأكثر تنفيذًا.
ويشير المؤلف في الفصل الثالث إلى أن القدرة غير المحدودة عملًا لطباعة نقود العالم، منحت أميركا ميزات هائلة في تشكيل إطار العولمة، والأكثر أهمية أنها سمحت لأميركا كي تصبح المستهلك الدولي لآخر ملاذ ومأوى.
"إن في وسعنا نسيان ما يخص الادخار وتحقيق عجز تجاري متواصل، فحيثما يتوجب على البلدان الأخرى المحافظة على تجارتها متوازنة عبر الوقت بصورة أو بأخرى، وأن تستهلك تقريبا بقدر ما تنتج، فإن الولايات المتحدة ليس عليها أن تبيع أي شيء حتى تشتري، إن في وسعها ببساطة طبع دولارات!
غير أن الدولار لم يكن هو أداة أميركا الوحيدة، فالحجم الكلي للسوق الأميركي وانتشار اللغة الانجليزية، والقوة العسكرية الضخمة، قد عملت جنبا إلى جنب مع الدولار، لتضع أميركا في مقعد "سائق العولمة".
ويتناول الفصل الرابع دور الولايات المتحدة في التحكم والسيطرة على سوق النفط، خصوصا في منطقة الخليج والشرق الأوسط، ويذكر المؤلف أن هناك علاقة خاصة بين الأميركان وبين السعودية، حيث تبيع الأخيرة النفط إلى أميركا منذ سنين، بدولار أقل من أي أحد آخر للبرميل الواحد، بالإضافة إلى أن السعودية تبيع النفط بالدولار، وهي من أكبر الدول المنتجة، وتملك احتياطي عالمي يتجاوز الـ 25%، وهذا يساعد الولايات المتحدة على الإبقاء على الدولار، باعتباره الوحدة الأساسية للحساب، وهذه ميزة كبرى.
ويناقش الفصل الخامس المشكلات البيئية في العالم ودور الولايات المتحدة السلبي في تفاقم هذه المشكلات، سواء فيما يتعلق بزيادة الاحتباس الحراري ومشكلة نقص الأوزون وذوبان الجليد في القطب الشمالي، وارتفاع درجات حرارة الأرض بسبب التلوث، ورغبة الولايات المتحدة في استثنائها من أي التزامات أو تعهدات، بتقليل الاعتماد على الطاقة المتسببة في الانبعاث الحراري.
ويشير المؤلف في الفصل السادس إلى أن الولايات المتحدة ليست فقط هي المصدر الأول للأسلحة في العالم، لكنها أيضا "المعلم الأول" للحرب، و"المدرسة الأميركية" مثلا، التي تأسست عام 1946م، في منطقة بنما، التي تتحكم فيها الولايات المتحدة، تخرج فيها منذ ذلك التاريخ أكثر من 60 ألف ضابط وصف ضابط، من كل بلدان أميركا اللاتينية، والولايات المتحدة كذلك.
وهناك عدة أهداف لهذه المدرسة، منها إقامة علاقات بين الشخصيات العسكرية من أميركا اللاتينية ومن الولايات المتحدة، وتم تصنيف هذه المدرسة باعتبارها "مدرسة الدكتاتوريين"، بسبب العدد الكبير من دكتاتوريي أميركا اللاتينية السابقين، الذين تخرجوا فيها.
ضد الحروب
وتحت عنوان "شعب مسالم وحروب بلا نهاية" يؤكد المؤلف في الفصل السابع أن الشعب الأميركي لا يحب الحرب، وأن القليل من الحروب الأميركية حظيت بحماس شعبي كبير، وأن استطلاعات الرأي العام أظهرت أن الأميركيين لا يهتمون كثيرا بما يحدث فيما وراء البحار.
وإن حدث وجرى استفتاء شعبي حول ما تقوم به الولايات المتحدة من انتشار عسكري والتزامات حربية في الخارج، فإن أكثرية الشعب الأميركي سوف يصوت ضد غالبية هذه الأشياء، ومع ذلك فإن الإدارة الأميركية ترى أن وجودها مرتبط على الدوام بالحرب أو بالاستعداد لها.
وفي الفصل الثامن يقول المؤلف إنه لا يمكن تجنب الأهمية الكبرى لإسرائيل وتايوان، لكل من السياسة الخارجية الأميركية، ويمكن تناول أهم خلافات أميركا مع العالم (إلى حد كبير) في أربع كلمات: إسرائيل، تايوان، الدين، جماعات الضغط.
ويؤكد المؤلف أن أميركا، بسياستها نحو إسرائيل، تواصل إلحاق الضرر البالغ بنفسها، وتخلق عداوة كثيفة لا حاجة لنا بها، وإذا كانت قوة أميركا الكبرى تمكنها من تجنب مواجهة الواقع لآماد طويلة من الزمن، لكنها يمكن أيضا أن تؤدي إلى تحقيقنا أضرارا بالغة، ليس فقط للآخرين، ولكن لأنفسنا كذلك.
وفي الفصل التاسع يقول المؤلف إن شكل النظام العالمي الجديد لم يتبلور بعد، غير أنه لا يبعث على الراحة بصورة متزايدة، إنه ليس تماما تقف الولايات المتحدة ضد العالم، لكن التوتر بين أميركا وأصدقائها القدامى، في كوريا الجنوبية وأوربا واليابان وجنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية، يتصاعد إلى مستويات خطرة، فهل هذا ما تريده أميركا حقا؟.
وفي الفصل العاشر والأخير يطالب الكاتب الولايات المتحدة بأن تصدق فورا على معاهدة "كيوتو"، ومعاهدة الألغام الأرضية، والمحكمة الجنائية الدولية، كما يجب أن تراجع بعناية وضعها في الاتفاقيات الدولية الأخرى، ويجب أن تدفع أيضا ما عليها من مستحقات مالية لكل الهيئات الدولية، مثل الأمم المتحدة، ويجب أن يصاحب ذلك كله مجهود جاد لتخفيض انبعاثات غاز الصوبات، وتخفيض استخدام الطاقة، لتقليل نسبة التلوث وتحسين البيئة الدولية.
وسوم: العدد 623