مسلسلات تركية ملغومة
كاظم فنجان الحمامي
لا تخلوا المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة الشامية من لقطات فاحشة مرفوضة, وجرائم مروّعة, تعكس أسوأ إفرازات المدن الأناضولية المتأثرة بالثقافات الغربية, عادات وتقاليد وممارسات غير مقبولة, لا تتناسب مع عاداتنا, ولا تنسجم مع مفاهيمنا وتقاليدنا, فلا عاداتهم تشبه عاداتنا, ولا تقاليدهم تشبه تقاليدنا, مسلسلات دخيلة علينا, جاءت لتحل محل المسلسلات المكسيكية المملة, وجاءت لتدس السم بالعسل, وتناقش قضايا الحب بأساليب متهتكة, تسلب عقول الشباب من الجنسين, وتفسد أخلاقهم بما تعرضه من مشاهد مغرية لسيدة ثرية تحمل في أحشائها نطفة غير شرعية من علاقتها السرية مع ابن السائق, أو فتاة تضاجع أصحابها في الجامعة, وتمارس معهم الزنا بالتناوب بعلم أهلها تمهيدا لاختيار شريك حياتها المثالي, والاقتران به بعد اجتيازه اختبارات المعاشرة السريرية بمباركة ورعاية أقطاب العائلة الموقرة, أو تعرض مشاهد لعلاقات غرامية مزدوجة في البيت وخلف جدران مواقع العمل, أو مشاهد متكررة لحالات إجهاض لطمس آثار السفاح العابر, أو لقطات لجرائم منظمة تنفذها عصابات مرتبطة بكيانات سياسية مشبوهة, وشركات للبلطجية قائمة على الغدر والاحتيال والابتزاز, في حين تبرعت بعض الفضائيات العربية لتسويق الرذيلة على نطاق واسع, وراحت تتنافس فيما بينها لتبث هذه المسلسلات الخليعة, وتفتح لنا نوافذها التلفزيونية المتهتكة في الليل والنهار, فتصور لنا الحياة التركية المنفتحة على أوربا وكأنها هي الأنموذج الحضاري المتطور, الذي ينبغي الاقتداء به, ضاربة بعرض الحائط كل المبادئ الأخلاقية السامية, التي تربينا عليها في مجتمعاتنا العربية الملتزمة بالقواعد التربوية الصحيحة.
مما يبعث على القلق أن عامة الناس في مجتمعنا العربي صاروا أكثر انقيادا وتأثرا بالأحداث الدرامية المخزية لمثل هذه الأنواع من المسلسلات, وابدوا اهتماما كبيرا فاق كل التوقعات, وخير مثال على ذلك ظاهرة التقليد الأعمى لوقائع المسلسلات, بحيث تكررت حالات الفتيات اللواتي غيرن أسمائهن إلى أسماء بطلات المسلسل, وسمعنا عن ولادات جديدة من الذكور والإناث تحمل أسماء الأبطال والبطلات, حتى تفاقمت الخلافات الزوجية بالطول والعرض, وانتهت في معظم الحالات إلى التفريق بالطلاق, وانتهجت أسواق بيع الملابس والإكسسوارات النسائية والرجالية منهجا تقليديا يحاكي الأزياء الفاضحة المعروضة في المسلسلات بكل ما تشتمل عليه من توجهات غربية تهدف إلى الإثارة والإغراء.
وحملت لنا الصحف أخبار مزعجة عن فتاة أردنية تطلب الطلاق بعد وقوعها في غرام بطل المسلسل (مراد علمدار), وخليجية تطلب من عريسها تغيير اسمه إلى (مهند), وزوجة تقول لزوجها: يا ليتني أنعم بليلة واحدة في حضن (مهند), وسوري يوسع زوجته ضربا مبرحا لوضعها صورة بطل المسلسل التركي في هاتفها النقال, بينما سجلت دائرة الأحوال المدنية في الرياض حوالي (700) حالة ولادة لطفلة تحمل اسم (لميس).
أننا اليوم في أمس الحاجة للتصدي لهذا الغزو الفكري التخريبي الكاسح, وصار لزاما علينا الدعوة لتطبيق الإجراءات الاحترازية الصارمة, والبدء بوضع جداول ومواعيد ثابتة لمشاهدة البث التلفزيوني في منازلنا, ويتعين علينا تشفير المحطات المشبوهة أو حذفها, وان نكرس جهدنا نحو الارتقاء بمستويات الوعي والإدراك عند أفراد الأسرة, وتحذيرهم من مخاطر هذه المسلسلات المبتذلة, ويفترض أن تتحمل المراكز التربوية والتوعوية والإرشادية مسئولية النهوض بواجباتها في الوقوف بوجه هذا المد التركي المفسد. .