رؤيا فنية

فيها من ظلال الأمس وإشراق الغد

توثيقي الزمن الجميل السوداني

سليمان عبد الله حمد

الفن الراقي هو أساس نهضة أي أمة ، وهو غذاء الوجدان ولمسة الجمال والارتقاء بالذوق والسلوك الإنساني العام ، ولا توجد أمة من الأمم بلا فن هادف ، ولا توجد نهضة في اي وطن لا يساندها ويدعهما الفن الجميل ، وأعتقد أن الراقي لا يخاصم الدين أبداً ، بل يتكامل معه ليصنع الإنسان الصالح .

لقد ساد الفن عموماً ، حركة جيل فنانين الخمسينيات من القرن الماضي ، ولا زلنا إلى الآن نستمع إلى الأغاني التي قدمها مشاهير المطربين ، ومنهم : مجموعة فنانين الحقيبة ـ وجيل الرواد ـ وكذلك جيل ما يسمي بجيل الحداثة ـ وجيل متخرجين معهد الموسيقي ـ وكذلك مبدعي جيل مهرجانات الثقافة الأول والثاني ... التي كانت تقام في فترة ما يسمي بعهد مايو ...

ولقد جاءت قنوات سودانية منها العام والمتخصص مثل (قناة  الخرطوم ) وأخذت نفس النسق من ترديد للأغاني الرواد وأغاني الحقيبة وسارت قناة أم أدرمان على نفس النسق وتقديــــــــم برنامج ( أيام لها إيقاع ) و برنامج ( النهر الخالد ) وقناة الشروق وقدمت  أشهر برامجها برنامج ( قصة أو حكاية أغنية ) وبقية القنوات السودانية المشاهدة وغير المشاهدة الرياضية منها والدينية وحتى المدائح النبوية صار لها قناة متخصصة (قناة ساهور) ... !!! وكذلك ( قناة الآمل) والتي توقفت عن البث  بسبب ظروف لم يذكر صاحبها عدم الاستمرارية ...!!! )

فضلاً عن القناة الحكومية ( قناة السودان) من خلال برنامج (استديو الفن) والذى طاف به صاحب الفكرة أرجاء أقاليم السودان المختلفة بحثاُ عن فنانين من تلك الأقاليم يرددون ويسيرون على نفس منوال الأمس  ... وذلك من خلال التصفيات الأولية ثم مرحلة ثانية ثم المرحلة الأخيرة من خلال تقديم الفائز من المتنافسين ... !!! ثم توقفت تلك الحلقات لظروف ربما تكون فنية أو التكلفة العالية للأجور الكادر الفني والجوقة الموسيقية أو فنانين الشباب ... !!! عجباً برغم صرف كل التكاليف المادية التى صرفت على تنفيذ وأعداد تلك الحلقات يتوقف كل شيء لماذا؟ !! ... لست أدري ...

فأين دور كلية الموسيقي والمسرح من هذا التخبط والإخلال بمسار الأغنية السودانية التي طالت و سادت غرب وشرق ووسط أفريقيا .. وذلك من خلال تقديم الفن السوداني الراقي ... 

فكل من يزور أرض الحبشة بالأمس أو اليوم أو الغد من الفنانين الشباب والفنانات ( يقال لك لابد من زيارة إلى قبر فنان السودان مؤسس اغنية الحقيبة (الحاج محمد أحمد سرور)  ...  فقد قدم فنه الراقي من خلال أغنيات ربما يحتفظ بها جهاز تلفاز الحبشة حتى اليوم من خلال مكتبة الأرشيف الغنائي ... فمن يقدم أو يشارك في حفلات هناك من فنانين الحداثة يجدون تلك السيرة العطرة لهذا العملاق السوداني فقد قدم لهم شهادة قبول هناك بلا شك ...  فله الرحمه ...

فلابد من وسائل الإعلام وبخاصة الصحافة والإذاعة للحديث عن النهضة اللحنية والموسيقية من خلال تقديم والإلحاح المستمر على الجمهور في طرح الجديد والقديم والحديث ولكن في ثوب فيه كثير من الرؤيا الإبداعية الفنية ... وهذا لا يعني أن نجعل كل الشعب السوداني يغني او يكتب اشعار وإلا وصلنا لنفس نتائج بعض الدول الأفريقية من حوالينا وسارت على هذا الدرب وسميت بوطن المليون شاعر أو بلد المليون مغني !!! ...

فلابد أن تشرق شمس الإبداع في سماء السودان من خلال جيل فنانين  يحملون الموهبة أولاً ثم صقل الموهبة من خلال الدراسة التي لا تقدم شهادات جامعية ولكنها تقدم شهادات فيها كثير من الإبداع  الفني  ...

فهذه صرخة في وجه المهتمين بقضايا الفن والفنانين السودانيين من أدباء وشعراء وملحنين ومبدعين وذلك بتقديم الإبداع الراقي وطرح الرؤية والمشاركة في الطرب و الفن الأصيل ...

ولنا لقاء أخر مع مبدع وزمن من ذاك الفن الجميل  دون ترديد لأغنيات الأمس الجميل...