المنشد يحيى حوى يصدح في ميدان التحرير

المنشد يحيى حوى يصدح في ميدان التحرير

في جمعة النصر

نجدت لاطة

[email protected]

حين سمعت هذا الخبر تذكّرت على الفور المطربة نانسي عجرم، فحين حصل المنتخب المصري على كأس الأمم الإفريقية في كرة القدم جيء من خارج مصر بالمطربة اللبنانية نانسي عجرم، فغنّت لهم في احتفال ضخم بهذه المناسبة أغنيتها (أنا مصري وأبوي مصري ولوني وسماري مصري).. ولكن حين انتصر الشعب المصري في ثورته العظيمة جيء من خارج مصر بالمنشد الإسلامي السوري المرموق يحيى حوى، فأنشد لهم في جمعة النصر في ساحة التحرير أنشودته (إذا الشعب يوماً أراد الحياة). إذاً فالفرق كبير بين الحالتين، هناك كرة قدم، وهنا ثورة شعب. هناك مطربة، وهنا منشد إسلامي.

 ولعل الفرق الهائل بين الحالتين يستدعي معاني كثيرة، منها:

 أن النشيد الإسلامي مقبل على مرحلة جديدة، فلن يكون هناك بعد اليوم تضييق أو تغييب من قبل الحكومات على العاملين في العمل الإسلامي، سواء أكان هذا العمل دعوةً أو إنشاداً أو أي نشاط إسلامي، وسيُفسح لأنشطة العمل الإسلامي لتأخذ دورها في المجتمع. وسيفرض الاتجاه الإسلامي نفسه على كافة مناحي الأنشطة التي تقيمها الحكومات، فبعد اليوم ـ على سبيل المثال ـ لن يتمّ استبعاد المنشدين من المهرجانات الغنائية الضخمة التي تقيمها الحكومات، فسيكون للمنشدين أيام خاصة بهم، شأنهم كشأن المطربين والمطربات.

 وهذا يعني أن النشيد الإسلامي سينفتح على الجماهير المختلفة، بعدما كان مقتصراً على الفئات الملتزمة التي هي خمسة في المائة من الناس.

 وهنا تتبادر إلى الذهن أسئلة مهمة: هل ستلبي موضوعات النشيد الإسلامي الحالية ـ التي هي ذو صبغة دينية في الأغلب ـ حاجات تلك الجماهير المختلفة في الأهواء والأمزجة والمذاهب؟ بمعنى آخر: هل ستقبل تلك الجماهير أن يقتصر سماعها للطرب على المعاني الدينية؟

 وسؤال ثانٍ: هل ستقبل تلك الجماهير ـ مثلاً ـ التي اعتادت على الرقص في الأعراس على أغاني المطربين والمطربين، أن تتحول إلى سماع المدائح النبوية والأناشيد الدينية في أعراسها؟ ففي آخر عرس حضرته كان فيه منشدان كبيران ـ والكل يعرفهما ـ افتتحا العرس بالقول : والآن مع المديح النبوي. مع أني نصحتهما قبل العرس بألا ينشدان إلا الأناشيد العاطفية.

 وسؤال ثالث: هل ستستسيغ تلك الجماهير ـ مثلاً ـ رؤية الضاربين على الطبل والدف فقط وهم يقفون وراء المنشد الإسلامي، دون أن يجدوا الآلات الموسيقية التي اعتادوا على رؤيتها وراء المطربين؟

 صحيح أن معظم المنشدين استخدم الموسيقى، ولكن ما زلنا إلى يومنا الحاضر لا نرى الآلات الموسيقية وراء المنشدين حينما يكونون أمام الجمهور كما يفعل المطربون. فما زال المنشدون يجدون حرجاً في وضع الآلات الموسيقية بجانبهم أو وراءهم حينما يكونون أمام الجمهور. فنحن نريد أن ينتقل المنشدون إلى مرحلة إيجاد الآلات الموسيقية وراء المنشد، ليشعر الجمهور أنه أمام منشد له وزنه الفني، لا يختلف في شيء عن أي مطرب معتبر. فهل صورة المنشد ومعه ثلاثة أو أربعة يضربون على الطبل والدف كصورة المنشد ومعه العازفين على الجيتار والأورك والعود والكمنجة والبيانو والناي وسائر الآلات الأخرى؟

 وأنا كتبت مقالاً خاصاً حول أهمية انتقال المنشدين إلى مرحلة استخدام الآلات الموسيقية، وسأنشره في الأيام القريبة القادمة. ولعل وجود المنشد يحيى حوى في ساحة التحرير عجّل في ضرورة الانتقال إلى هذه المرحلة.

 فالذي أريد أن أخلص إليه أن النشيد الإسلامي ـ وسائر الأنشطة الإسلامية الأخرى ـ مقبل على تحولات جذرية كبيرة، ومن غير المقبول أبداً أن يبقى النشيد الإسلامي على ما هو عليه الآن، فلا بد من أن تحدث تجديدات وتطورات كبيرة فيه، تواكب وتلائم كل تلك التحولات التي ستحدث في البلاد العربية.

 وأنا أنصح رابطة الفن الإسلامي أن تعقد مؤتمراً تناقش فيه هذه التحولات، وكيف أنه يجب على المنشدين أن يواكبوها، وأن يكونوا على حجم هذا التحدي الجديد.