هل نعاني ، في المغرب ، من سينما بلا جمهور
على هامش الاحتفال باليوم الوطني للسينما
هل نعاني ، في المغرب ، من سينما بلا جمهور
أم جمهور بلا سينما ؟ا
علي مسعاد
"من بين النقائص الكثيرة التي تعاني منها السينما المغربية ، هناك بالدرجة الأولى السيناريو .فمن الناحية التقنية لم يعد المشكل مطروحا .لكن السيناريو يعد عائقا كبيرا .."
المخرج المغربي عبد الحي العراقي
مر، إذن ، الاحتفال باليوم الوطني للسينما ، الذي يصادف كل 16 من أكتوبر، في صمت قاتل ، تماما كما تمر العديد من الأفلام المغربية ، في الكثير من الملتقيات و المهرجانات السينمائية العالمية ، ك" كان ، برلين أو البندقية " أو غيرها ، دون أن يلتف إليها أحد أو حتى أن تترك بصمة الحضور ، أثناء عرضها ، أمام لجنة التحكيم وجمهور النقاد أو المتتبعين .
خاصة ، وأننا نعيش ، طفرة نوعية من حيث الإنتاج الكمي ، للأفلام المغربية ، بحيث انتقلنا ، خلال العشر سنوات الأخيرة من إنتاج 6 أفلام سنويا ، إلى حدود 15 فيلما في السنة ، إلى جانب أصبح يدعم بمبلغ 100 ألف درهم ، بالإضافة إلى الشركات والموارد الإضافية للإنتاج ، وهي ميزانية ضخمة ، لا توازيها القيمة الفنية للأفلام المغربية ، التي عرضت ، مؤخرا ، باستثناءات قليلة .
بحيث ، أن الأفلام المغربية ، مازالت في خصام مع التاريخ المغربي ، إلا القليل منها ، كما زالت في طلاق مع الرواية المغربية و كتاب السيناريو المحترفين ، مما يجعل الكثير من الأفلام المغربية ، تفتقر إلى موضوع ، يشد إليه الجمهور ، الذي هاجر القاعات إلى كثير من الوسائط المتعددة كالانترنيت والدي في دي وغيرها ، من الوسائل التكنولوجية ، ما دفع بأرباب القاعات التجارية ، إلى إغلاقها أو تحويلها إلى قاعات للأفراح أو مراكز تجارية ، بحيث أصبح عدد القاعات لا يتجاوز 75 قاعة بعد أن كانت تزيد عن 100 حسب تقرير المركز السينمائي المغربي .
هذا دون الحديث ، على غياب برامج تلفزيونية تهتم بالسينما وفنون الفرجة بالإذاعات الخاصة أو القنوات الفضائية ، أو وجود مجلة أو جريدة تهتم بالفن السابع ونشر كتابات النقاد والمهتمين ، بالسينما للوقوف ، على آخر الأخبار الفنية مع تناول الأعمال المعروضة ، بالنقد والتحليل ، من ذوي الاختصاص ، بعد توقف العديد منها ، سواء الفرنسية منها أو العربية ك مجلة " سينما " ، مجلة " وشمة " ، مجلة " سينماك " ، لأسباب يقول عنها أصحابها ، مرتبطة بالتمويل و غياب الدعم .
ولأن ، الحديث عن النشر والكتابة ، يقودنا إلى النقد السينمائي ، الذي اختفى من الصحافة الوطنية ، التي أصبحت تكتفي بنشر الأخبار و الحوارات الإكسبريس ، دون أن نفتح صفحاتها ، لنقاد السينما المتخصصين ، فكانت المواقع الإلكترونية ، الملاذ للكثير منهم ، كموقع " فوانيس السينما " ، الذي أصبح ، من بين المواقع التي تعطي لفن السينما الحيز ، الذي تفتقر إليه ، في الصحافة والتلفزيون .
علما ، أن محنة السينما المغربية ، للعارفين بواقعها ، ليست مع وسائل الإعلام وحدها ، بل حتى مع إشكالية التوزيع ببلادنا ، التي يقول عنها ، الموزع السينمائي نجيب بنكيران ، أنها " سيئة " مع وجود ظاهرة " القرصنة " ويضيف شارحا " هذا له تأثير سلبي جدا ، على عملية التوزيع ، لأن عدد الموزعين كذلك تقلص .كان من قبل يفوق الأربعين ، أما اليوم فإن عددهم لا يكاد يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة .كما أن عدد المتفرجين هو الآخر في خط تنازلي " ، إنتهى هنا ،كلام الموزع .
الجمهور المغربي ، الذي أصبح محاصرا ، بالانترنيت و التلفزيون و الدي في دي و غيرها من وسائل الترفيه ، مازال ، متطلعا ، إلى معانقة فيلم مغربي ، يحترم ذكائه و تتوفر فيه مواصفات الفيلم الناجح ، من سيناريو ، أداء و إخراج وكل العوامل والأدوات الفنية ، المصاحبة للفيلم ، سيلقى منه كل الدعم والمتابعة ، أما والحال أن الكثير من الأفلام المغربية ، أصبحت لا يغادر أبطالها " غرف النوم " و مشاهد القبلات الساخنة و العري ، أكثر من الهم على القلب ، أكيد لن تجد منه ، إلا الهجر والفراق ، إلى سينما ذات قيمة فنية وقضايا إنسانية ، دون أن تلتجئ ، إلى مشاهد العري وغرف النوم ، للتغطية عن ضعفها الفني و غياب حس فني ، لدى مخرجيها ، الدين لا هم لهم ، إلا ما يحققه الفيلم من مداخيل ، على حساب الذوق والقيم الأخلاقية .
فهل ، بأفلام فشلت في انتزاع الجوائز و الاعتراف ، من مهرجانات عالمية تحترم نفسها ، وبأفلام فشلت في شد الجمهور إليها بدل مغادرته القاعة في الدقائق الأولى لعرض الفيلم ، يمكن أن نطالب الجمهور المغربي ، بالإقبال على الفيلم الوطني ودعمه ، في كل الأوقات و المناسبات وهو في حقيقة أمر أصحابه ، غير معنيين بذائقته الفنية ، بقدر انشغالهم بجيبه ؟ا