من الرابع للخامس
سعيد سلامة
*مر المسرح العالمي على لفتراته وحقبه التاريخية التي عاشها، منذ ولادته الفعلية وصورة تكوينه الحقيقية أيام الإغريق، وحتى يومنا هذا، بمراحل متنوعة ومتقلبة.. فتارة كان في أوج عطائه وأحيانا يتأزم وتراجع متأثرا من الجو السائد في تلك الفترة.. وما عرفناه، إن الفنون عامة والمسرح بشكل خاص له مبدعوه وفنانوه الذين تركوا رصيدا فنيا، ذا قيمة كبيرة لا يمحوها الزمن.
والمسرح ومنذ ظهوره وفي فتراته الذهبية أنجب نجوما استطاعوا أن يخلقوا حالة مسرحية ذات خصوصية مميزة.. وهؤلاء المبدعين هم قلة، وعلى سبيل المثال لا نستطيع أن نمحو من ذاكرتنا الفنان العبقري تشارلي تشابلن، صاحب الجسد الهزيل والملابس البالية وحركات جسده المميزة، فهذا المبدع الذي حمل فكرا فنيا متميزا ظهر، أيضا، كمعترض على مسار ثقافة وقيم مرحلة سادت في زمنه وشكل هجوما عقائديا بمعناه الجمالي واخترق تلك المتاريس التي أطبقت على أحلام الفقراء.
وبالمقابل وفي ظروف صعبة وبعد الحرب العالمية الثانية، ظهر الفنان مارسيل مارسو الفرنسي الأصل، والذي استطاع بقدرته الفنية العالية أن يدخل الحلبة المسرحية بثياب سوداء مقلمة بالأبيض والتي لامست جسده الرقيق وقلب طفل ورهافة فراشة فصنع من الجسد فنا راقيا له أبعاد لم يعرفها تاريخ المسرح العالمي على مر العصور. وجاء كل ذلك من فيض نفس مبدعة فخلقت أسطورة مارسيل مارسو، في عالم الإيماء pantomime ( التمثيل الصامت).
وفي مهرجاننا الدولي لفن التمثيل الصامت، الذي سيقام ابتداء من تاريخ 23 نيسان وحتى 26 منه، قررنا أن نكرم هذا الفنان، كونه فنانا مميزا أعطى الكثير ورسم الخطوط العريضة لهذا الفن منذ منتصف القرن الفائت.
واليوم، نحن نقف على عتبة المهرجان الرابع للتمثيل الصامت والمنعقد سنويا في مدينة شفاعمرو. هذا المهرجان الذي ذاع صيته ووصلت أخباره كل مكان، والذي يعتبر حالة مسرحية مميزة تضاف إلى تجارب المسرح الشرقي وتدفع به إلى الأمام.
مهرجاننا استطاع الصمود ثلاث دورات متتالية وعرضت خلاله عشرات الأعمال وشاهدها عشرات الآلاف من محبي المسرح والمهتمين والفضوليين. وبقي وسيبقى هذا المهرجان ورغم كل الصعوبات الكثيرة، شعلة تنير طريقا ومسلكا مسرحيا جديدا لم نعرفه من قبل.
هذا هو مهرجاننا الرابع قد ولد وأصبح حقيقة فنية راسخة له جذور ضاربة في الأرض متقدما نحو المهرجان الخامس.. ان شاء الله..
-مدير المهرجان الدولي للتمثيل الصامت- شفاعمرو