"أبو الليف" ومن لف لفيفه
"أبو الليف" ومن لف لفيفه
أحمد توفيق
[email protected]
كعادتي التي دأبت عليها وأثناء تصفحي لموقع احد الصحف العربية وقع نظري على خبر
مفاده بان أغاني المطرب ذو الكنية التي أثارت استغرابي تجتاح الأسواق وانتشرت
اسطواناته انتشار النار في الهشيم في أوساط الشباب في إحدى دولنا العربية الشيء
الذي دفعني للبحث عبر المحرك الالكتروني للاطلاع عن كثب على هذا "الفنان" خاصة وان
الأمر بدا وكان الرجل اجترح المستحيل, وكان " عش رجبا ترى عجبا".
يكنى "مطربنا "هذا على ذمة احد مذيعي الفضائيات "باأبو الليف" أي يصبح تعريفه
الفني "المطرب أبو الليف" "وأبي الليف" هذا يبدو أشعثا كث الشعر ذو لحية سوداء
مرتديا نظارة شمسية عصرية أكاد اجزم أنها من تصميم جماعة العم اوباما الذي تغنى به
البعض ولا يزال.
استمعت إلى بعض مما يهذي به أو يغني لا فرق فالأمر سيان , وقد أثارت في نفسي
أغانيه شعور بالاشمئزاز والشفقة في آن واحد ليس ذلك تكبرا حاشا لله بل لان الأمر
وبصدق كان وقعه علي هكذا.
يتفوه صاحبنا هذا " أبو الليف" بكلمات عامية مبتذلة لا اعتقد أن لها مكانا في
قاموس الدماثة وحسن الخلق فضلا عن كونها لا تليق بارتقاء الشباب وأنفته" اترك لكم
الخيار بالاستماع إليها" ولو على مضض.
الذي أثار شفقتي عليه هو أن مطربنا "أبو الليف" يحكي أشياء أو جمل تبدو غاية في
المنطقية على الرغم من شنيعها عن الفساد والنذالة في وقتنا الحالي فهو بلا شك في
نهاية المطاف ابن المنطقة بالمفهوم الجغرافي والمرحلي لا بد وانه تأثر مما حوله من
أحداث ,هذه نظرية أساسية تنطبق على كل كائن حي يؤثر ويتأثر بالعوامل البيئية التي
تؤثر بسلوكه وتركيبه الداخلي ومظهره الخارجي ووظائفه الحيوية وان بدا الرجل
متأثرا بذلك على طريقته الخاصة إلى أن وصل الأمر إلى أغانيه.
برأيي تعكس أغاني أبو "الليف" وهذرمتة حال الانفصام والسطحية والابتذال التي
يعانيها الشاب العربي وأجرؤ على القول بان بعض الكتاب قد يتمنوا بان تصاب مؤلفاتهم
بفيروس ظاهرة انتشار "أبو الليف" ولكن للواقعية الراهنة شأن آخر فهذه اسطوانة وذاك
كتاب فأنى لهم ذلك وشتان بين الأمرين.
ذو
العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ليست القضية مسألة شخصية مع" أبو الليف" لكنها مسالة ظاهرة وسلوك جماعي لا يمكن
تجاهله سيما وان المطرب المزعوم له مريديه وجمهوره وزمرته ومن تاثفوه والذي قالت
فيهم احد التقارير الفنية أنهم من أوائل العشرينات حتى أواسط الثلاثينات.
حالة الانفصام التي يعانيها اغلب الشباب العربي المتجلية بسلوك الابتذال والسطحية
في وقت غاية في الحساسية كوننا بأمس الحاجة إلى هذه الطاقة التي تحسب لها الأمم ألف
حساب في اعتباراتها المصيرية هي جرم يقع أولا على الشاب نفسه وثانيا على " ولاة
أمورنا" العضاريط .
لا
تريد جماعة السلطة ولا أنظمة الحكم الشمولية التي لا تمل ولا تكل بحشو مسامعنا ليل
نهار بأنهم أفضل ما يكون ,وان الله لن يأتي بخير منهم بان يستيقظ الشباب ويعوا
ماهية وجودهم ويحملوا في صدورهم وعقولهم همومنا القومية وقضاينا الإسلامية فان حصل
ذلك فتلك نهايتهم, فنراها تطبل وتزمر "لابو الليف" وتنفخه وتكبره وتجل مقامه ومن
هم على شاكلته ومن يدري لربما يمنحوه جواز سفر دبلوماسي أو يهبوه جائزة عز على
جهابذة الإنتاج الأدبي نيلها ليطبقوا قول الشاعر
إذا
كان رب البيت للدف ضاربا فشيمة أهل البيت الرقص والطرب
فليذهب الإبداع إلى أي مكان ولكن ليس عند جماعة "أبو الليف" وسادته الارستقراطيين
وقاعدته الشعبية المخدرة.
غاب
عن أذناب أصحاب السيادة والزعامة والجلالة والسمو حتمية التاريخ مهما قاموا من
تغييب وتخدير للشباب وكذلك نسي الشباب المائع اللاهي تمايلا وتطفلا على خلاعة
الغرب بان الشباب هم العنوان الأكبر والأوضح لأي امة ومتكئها وسندها, اقصد الشباب
الحر فلن يستمر الأمر طويلا هكذا.
لله
در الشاعر هاشم الرفاعي حين قال في الشباب المسلم :
وما
عرفوا الأغاني مائعات ولكن العلا صيغت لحونا
وقد
دانوا بأعظمهم نضالا وعلما، لا بأجرئهم عيونا
فيتحدون أخلاقا عذابا ويأتلفون مجتمعا رزينا
وما
عرفوا الخلاعة في بنات ولا عرفوا التخنث في بنينا
ولم
يتبجحوا في كل أمر خطير، كي يقال مثقفونا
كذلك أخرج الإسلام قومي شبابا مخلصا حرا أمينا
وعلمه الكرامة كيف تبنى فيأبى أن يقيد أو يهونا
دعوني من أمان كاذبات
فلم
أجد المنى إلا ظنوناً
وهاتوا لي من الإيمان نورا وقووا بين جنبيَّ اليقينا
أمد
يدي فأنتزع الرواسي وأبني المجد مؤتلقاً مكي
دمتم بخير