الفنان التشكيلي صفوان داحول
(لا أحب الانسياق وراء الشهرة وعالم الأضواء بسرعة من خلال الفن)
صفوان داحول
منى كوسا
[email protected]
صفوان داحول فنان تشكيلي يعتبر من أنجح الفنانين في العالم العربي ,
حيث
أطّل علينا بلوحات فيها حالة من التجرد و صور من الأفكار والأحاسيس التي تحدث في
العقل اللاإرادي ممزوجة بتخيلات وهواجس أو ما يعرف بأحلام اليقظة ًمن خلال معرضه
الأخير في
غاليري أيام
بمنطقة مزة فيلات غربية بمدينة دمشق .
تخرّج من كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق ثم غادر إلى بلجيكا، حيث حصل على
شهادة الدكتوراه في الفنون التشكيلية من المعهد العالي للفنون التشكيلية في مون عام
1997وهو متأثر بالفن البلجيكي وفن الأراضي المنخفضة ، و بالفن الديني .
يحفل سجله بالكثير من المعارض الأوروبية والشرق أوسطية، وحاز على جوائز وطنية
وعالمية بما في ذلك الجائزة الأولى في التصوير في ملتقى «إعمار» الدولي في دبي
2007. كما أنه يحظى بشعبية بين مقتني الفن العالمي.
لوحاته اليوم مطلوبة من أهم المتاحف ويعتبر من الشخصيات البارزة في المشهد الفني
العالمي، حيث تعكس بورتريهاته الأنيقة، ذات الخطوط النظيفة والشخصيات المنسابة،
نزعات تكعيبية، لكنها تملك حياة وأصالة تنبع من ذاتها بالكامل.
فنه
مميز وراق وتجربته إنسانية ينقل ومضات فكره بطريقة مختلفة , يرسم شخصيات تترك أثراً
في نفوس الآخرين , إذ أنه يتبع قواعد الحياة , هو من النوع الذي إذا أشعل شيئاً
عليه أن يطفئه وإذا قدر شيئاً عليه أن يهتم به وما يؤمن به حقيقة .
العنصر النسوي فاعل في أغلبية لوحاته , الاستيعاب الحدسي لديه واضح في إنتاجه الفني
, التكامل اللوني البصري لمفردات العمل مقنع لكونه ناتجاً عن خبرة وممارسة نشطة من
جانب ومن جانب آخر هناك مخاطبة واعية لقيم حقيقية تنبثق من روح الفنان المدرك
للواقع وهي ترتقي سلم السمو دون تثاقل .
يرصد الوحدات الثلاث للزمن والمكان والفعل وكأن اللوحة عنده وعاء لكل صفوف الإبداع
.
أما
الفعل لديه يكمن في تصرف الشخصيات حيال ما تبحث عنه في الحلم والخيال , تتجمع
المعارف والتجارب كلها لتصيغ فن مميز .
صفوان داحول يقول عن موهبته ودخوله إلى الساحة الفنية التشكيلية :
(
دخلتُ الفن هاوي كهوايتي للموسيقى والرياضة وكنتُ دائماً أحلم أن أكون رساماً, الآن
مهنتي الرسم وأشعر بأنها قريبة مني ليست كهواية فقط , بل أبعد من ذلك فواصلت وتعددت
نشاطاتي الفنية وزادت مجالات تطوير قدراتي واهتمامي لدرجة أن فني وشعوري وإحساسي
نال إعجاب المتلقي ) .
كما
تابع قوله : ( لا أحب الانسياق وراء الشهرة وعالم الأضواء بسرعة من خلال الفن ,
أريد أن أحاور المتلقي من زوايا أكثر صعوبة وعندما أستخدم صوراً لأشخاص لا أصورها
للمتعة ولكنني أريد استخراج أعماق الإنسان عبر أحد أهم نشاطاته الحيوية ليس سراً أن
آلية التلقي تختلف من شخص لآخر , رغم أن الهدف المطلوب سيستدعي ذاكرته المكبوتة
وهنا لا بد من قياس التبادل بين ما أرسمه وما يشاهده الناظر فالعمل ترك أثره على
حاسة هامة عندي وعندما أرسم أنشد الحواس إضافة إلى الحدس , لعبتُ مطولاً على حاسة
البصر ) .
كما
عبر بأنه يتعامل مع الجسم على أنه أهم عناصر الحياة , إنه العنصر الذي يصحبنا في
رحلتنا وهو أداة تعبيرنا ووعاء يحفظ سرنا , وله من الأهمية لكونه فعل المتعة والعتق
من المنظومة البشرية إلى مصاف درجات أعلى من ذلك , وكل عمل ينجزه يكون مغايراً
لتجاربه السابقة , يتجدد الفنان ولا يعجبه أن يفتش المشاهد عن الملامح التي يعرفها
فيعثر عليها بسهولة ربما لأن الفنان يفضل أن يعثر الواحد منا على ملامحه هو عندما
يكون المبدع قد أتقن اللعبة وهذا الأمر له علاقة بالذات أو ( الأنا ) والإعلاء من
شأنها وصولاً إلى انتماء إنساني بلا حدود .
نراه في لوحاته يعرج على أسرار الأنثى ذات العينان الواسعتان الفرعونيتان كنموذج
للسر البشري كله وما يحدث داخل النفس البشرية ممكن الحدوث دون تلك الأطر التقليدية
المعروفة مؤمناً بأن لكل فن أدواته ولا يستطيع أن يتخيل لوحة دون شخصيات وحينما
يمسك الريشة سرعان ما تنثال أفكاراً رغماً عنه و أن الفن يستخدمه لكشف أغوار الحياة
تتوارى لتفسح فيض غامض من المشاعر والرؤى .
إدراكه لأهمية هذا النوع من الرسم الذي يساهم أبعد مما تساهم الحرفية الواعية يراهن
أن مثل هذه الأعمال هي السبيل الوحيد للحداثة ممزوجاً بقدر لا يستهان به من
الواقعية و أحياناً الخيال محاولاً أن يكون خريطة للإنجاز الإبداعي .