دردشات في كواليس مهرجان
(أهلاً بالخير)
نجدت لاطة
أقيم في عمان الشهر الفائت مهرجان ( أهلاً بالخير ) من قبل مؤسسة العزم التي تديرها الأخت بتول سباهي ، وكان عريف الحفل الإعلامي البارز عدنان حميدان ، ودُعي للمهرجان منشدون كبار ومنشدو مسابقة الشارقة ، فحضر موسى مصطفى ومحمد العزاوي وعبد القادر قوزع ويحيى حوى ومصطفى العزاوي وعبد الفتاح عوينات ، ومنشدو مسابقة الشارقة : إبراهيم الدردساوي ومروان حاجي وغيرهما .. وحضر أيضاً ـ دون إنشاد ـ المنشد أيمن حلاق وغسان أبو خضرة .. فكان المهرجان اجتماعاً فنياً رائعاً ، وقد أجريتُ فيه دردشات كثيرة خلف الكواليس مع معظم المنشدين الكبار والجدد على مدار يومي المهرجان .. فكنت أتحدث مع المنشدين وأتحاور معه ، وأحياناً أطرح قضية فنية على مجموعة من المنشدين ونتحاور فيها .. وكعادتي في أي حوار كنت مشاكساً ومستفزاً لبعض المنشدين ، وكلما كان الصحفي هكذا كلما نجح في مهمته ، أما الصحفي الهادئ وغير المشـاكس فهو فاشل ، وما أكثر الصحفيين الملتزمين الذين هم من هذا النوع ، فتجدهم يقفون أمام المنشدين كالتلاميذ فيبجلونهم وتمضي المقابلة بالمدح والثناء ، فيظن القارئ أن هذا المنشد هو أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ ..
وسأذكر هذه الحوارات التي أجريتها بشكل مختصر ومتقطع .. لاسيما أني قضيت كل ساعات المهرجان في الكواليس وليس على مدرجات القاعة ..
دردشة مع منشد كبير :
رأيته جالساً وحيداً أمام آلة البيانو ، مع أنه لا يسـتخدم الموسيقى في أناشيده ، فجئت إليه وقلت له : أنت ذكرتَ في إحدى القنوات الفضائية أنك لا تجيد العزف على الآلات الموسيقية وشعرت من كلامك أنك تفتخر بذلك ، وها أنا أراك جالساً على البيانو ؟ فقال لي : لم يكن قصدي الفخر بذلك ، وأنا بالفعل كنت في ذلك الوقت لا أعرف العزف على أية آلة ، وأنا الآن أتعلم العزف على بعض الآلات الموسيقية ، لأن هذا ضروري بالنسبة للمنشد .. فقلت له : هل أذكر هذا عنك في مقالي ؟ فقال : لا ، فالبعض ما زال لا يتقبّل قضية الموسيقى .
دردشة مع عريف الحفل الأستاذ عدنان حميدان :
قلت له : نصف الجمهور من النساء ، فلماذا لم تستضيفوا المنشدة ميس شلش ؟ فقال لي : أنا لا يوجد عندي مشكلة في استضافتها ، بل أنا أرحب بذلك ، وأنا الذي سهّلت سفرها إلى المغرب لحضور مهرجان إنشادي هناك ، ولكن المشكلة في مشايخنا هنا الذين ما زالوا يعارضون ذلك .
دردشة مع محمد العزاوي ومصطفى العزاوي وعبد القادر قوزع :
رأيتهم منفردين في إحدى الغرف ، فدخلت عليهم وقلت لهم : المهرجان ليس مناسبة دينية ، فلماذا لا تنشدون بعض الأناشيد الغزلية ؟ لأنه من غير المعقول أن نسمع الأناشيد الدينية فقط ، نريد أن نطرّي هذه النفوس ، وديننا علمنا أن نروّح عن هذه القلوب لأنها تملّ ، والأناشيد الدينية كلها جد ، أما الأناشيد الغزلية فهي للقلب والفرفشة وللترويح عن النفس ، والصحابة كانوا يسمعون الأناشيد الغزلية . ومن غير المعقول أن يغني المطربون الأغاني الغزلية ونحن نختص الأناشيد الدينية ، فلا بد من الاعتدال حتى لا نكون متطرفين في أناشيدنا ، وحتى نلبي كل حاجات الجمهور .. فقالوا لي : ما زال الجمهور لا يتقبّل ذلك . فقلت لهم : موسى مصطفى أنشد قبل قليل في المهرجان أنشودة :
لو تسـمعي صوتـي وأنا
صدري انحنى على العود
وحروف اســمك دندنا
هـزّت وتـر هـالعود
ولم يعترض عليه الجمهور .. فقال المنشد مصطفى العزاوي : أنت أعطني قصيدة غزلية وأنا سوف أنشدها . فقلت له : ولكن بشـرط أن تنشدها حتى في المهرجانات ؟ فقال : أنا موافق على ذلك . فقلت : سـأبحث لك عن قصيدة غزلية .
وأنا بصراحة شعرت بأن عدداً كبيراً من المنشدين مقتنع بضرورة وجود أناشيد غزلية في تلك المهرجانات ، ولكن المشكلة في أنهم يخشون من القيل والقال من الجمهور ، فهم يخشون أن يخسروا جزءاً من جمهورهم . وأنا ـ برأيي ـ أن المنشد الحقيقي لا ينبغي أن يكون هكذا ، فما دام هو مقتنعاً بشيء ما فعليه أن يصحح هذا المفهوم الخاطئ لدى الجمهور ، من خلال إقدامه على إنشاد ما يعتقد به ، ولا بأس أن يتدرّج بذلك ، أما أن يتملّكه الخوف من جمهوره فهذا لا يليق بمنشد يحترم فنه .
المنشد غسان أبو خضرة إمام مسجد في أمريكا :
تفاجأنا بوجود المنشد غسان أبو خضرة في المهرجان ، فقلت له : أين أنت يا رجل ؟ ولماذا هذا الغياب عن السـاحة الإنشادية ؟ فقال : أنا استقريت في أمريكا . فقلت له : وماذا تفعل في أمريكا ؟ فقال : صرت إماماً لمسجد هناك ؟ فقلت له : والنشيد ؟ فقال : أنشد أحياناً هنا وهناك . فقلت : وهل يرضى المطرب كاظم الساهر أن يذهب إلى أمريكا ويستقر هناك ويترك الساحة الغنائية ؟
هل مكان المنشد في محراب المسجد أم في محراب الفن ؟ وماذا يستفيد العمل الإسلامي من إمامة منشد لمسجد موجود بين ناطحات أمريكا ؟ وهل يُعقل أن يحجز المنشد نفسه لمجموعة قليلة من المصلين في أمريكا ويترك الملايين من المستمعين لإنشاده في دول العالم الإسلامي ؟ حقاً إن بعض المنشدين لا يعرفون أهمية النشيد في حياتنا المعاصرة ، ولا يدركون أهميته في العمل الدعوي ، فإذا كان أبو النشيد الإسلامي أبو راتب قد فعل مثل ذلك من قبل واستقر في أمريكا ، فهل وقفت على غسان أبو خضرة ؟ ما زال الفنانون الإسلاميون بحاجة إلى مزيد من الوعي لاستيعاب دورهم في حياتنا المعاصرة ..
قضية لباس المنشد أمام الجمهور :
رأيت أحد المنشدين وهو مهلهل الثياب ، يعني ثيابه لا تليق به وإنما هي شبابية زيادة على اللزوم ، فقلت له : لماذا تلبس هذه الثياب فهي لا تليق بك ، لاسيما أنك منشد كبير ؟ فقال لي : أريد أن أكون شبابي أكثر .
وأنا أعرف أن بعض المطربين يفعلون هكذا بحجة أنهم يريدون أن يكونوا كما قال صاحبنا المنشد ، ولكن هناك مآخذ كبيرة على هؤلاء المطربين من الجمهور بسبب تلك الثياب المهلهلة والشبابية ، وكان الأفضل للمنشد أن يكون جنتلمان في ثيابه ، وأن يكون شامة بين الناس ، وليس مهلهل الثياب ، فهل يرضى كاظم الساهر أو جورج وسوف أو هاني شاكر أو عاصي الحلاني أو كل مطرب يحترم نفسه أن يظهر أمام الجمهور في القاعة بثياب مهلهلة ؟؟ طبعاً لا أحد يرضى بذلك .
سأكمل بقية الدردشات في الجزء الثاني ..