المنشدة ميس شلش
ومشاركتها في المهرجانات
نجدت لاطة
المتابع لأخبار النشيد الإسلامي يلحظ بروز ظاهرة جديدة ، وهي مشاركة المنشدة ميس شلش في المهرجانات ، ولكن ليست المهرجانات التي تُقام في بلاد المشرق العربي ، وإنما المهرجانات التي تُقام في بلاد المغرب العربي ، وأعني الجزائر والمغرب . ففي السنة الماضية دُعيت المنشدة ميس شلش لحضور مهرجانين ، أحدهما في الجزائر ، والآخر في المغرب ، وقد كان الشيخ الجليل يوسف القرضاوي حفظه الله موجوداً في مهرجان المغرب ، وقد أفتى أمام الجمهور بجواز إنشاد ميس شلش أمام الجمهور المختلط ، وهو يعني جواز إنشاد المنشدة البالغة سن الرشد ، لأن ميس شلش قد بلغت سن الرشد ، وقد أنشدت ميس شلش أمام الجمهور بحضور الشيخ القرضاوي .
وأنا ألحظ بوضوح وجود وعي فني عند إخواننا في بلاد المغرب ، يختلف تماماً عن الوعي الفني عند إخواننا في بلاد المشرق العربي ، ففي بلاد المشرق العربي ما زال البعض يتناقش في حرمة الموسيقى ، مع أن معظم المنشدين استخدموا الموسيقى .
وقبل أشهر دُعيت ميس شلش إلى اليمن لمشاركتها في أحد المهرجانات ، وقد أنشدت فيه ، ولكن كان هذا المهرجان خاصاً بالنساء . وهذا شيء جميل من الإخوة في اليمن ، ويمكن أن نعتبر ذلك مرحلة أولى لاستيعاب الجمهور الملتزم وجود منشدة بالغة وراشدة في الساحة الإنشادية .
أما الإخوة في الأردن وسوريا والعراق ومصر ودول الخليج فما زال الوعي بأهمية وجود منشدات مختلاً عندهم ، لذا كنت أقترح دائماً ـ وما زلت أقترح ـ على القائمين على العمل الإسلامي الخاص بالنشيد ضرورة مشاركة المنشدات في المهرجانات الإنشادية والبرامج الفنية الخاصة بالقنوات الإسلامية . فمثلاً خلال تصوير برنامج ( ويحلى السمر ) الخاص بقناة الرسالة والذي عُرض منه بعض الحلقات .. اقترحت على القائمين على البرناج ضرورة استضافة المنشدة ميس شلش ، ولكن قالوا لي بأن إدارة القناة لا تقبل بذلك .
وكنت أقول للقائمين على العمل الإنشادي أنه توجد أحاديث صحيحة تقول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم سمع الجواري وهن يغنين ولم يعترض عليهن .. وأنا لم آتِ بهذه الفتوى من عندي ولا من بيت أبي ، وإنما سألت هنا في الأردن محدثاً كبيراً له مئات المؤلفات في مجال التحقيق وغيرها ، فقال لي بجواز إنشاد المنشدات البالغات أمام الذكور ، وقد ذكر لي بعض الأحاديث الصحيحة في ذلك . فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم سمع غناء المغنيات البالغات فلماذا يُحرّم علينا ذلك ، وهذا الأمر لم يكن خاصاً بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الصحابة رضوان الله عليهم سمعوا غناء الجواري ، لأنهم كانوا يحضرون الأعراس مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهل يُعقل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحضر الأعراس وحده فقط من الرجال ؟
الذي ألاحظه أن الجمهور الملتزم ما زال بحاجة إلى التدرّج في هذه المسألة ، لأن هذا الجمهور اعتاد في السابق على حرمة سماع المنشدات البالغات ، فيصعب عليه أن ينتقل مرة واحدة إلى فتوى التحليل .. يعني ينبغي علينا أن نمشي مع هذا الجمهور كما مشينا معه في قضية الموسيقى ، فقد كان معظم الجمهور يرفض تماماً سماع الموسيقى ، أما الآن فصار معظهم يسمع الأناشيد التي فيها موسيقى ، فمن منا لا يسمع لسامي يوسف ، فحتى أشد المتشددين يسمع لسامي يوسف ، وقد سألت مرة أحد هؤلاء المتشددين عن تبرير سماعه لسامي يوسف ، فقال لي بأن سامي يوسف له حالة خاصة . وطبعاً هذا تبرير سخيف ليس له أصل في ديننا ، وإلا فمتى كان ذلك يجوز لأناس ولا يجوز لغيرهم .
وسوف تمرّ الأيام وتنتشر ظاهرة المنشدات البالغات اللواتي ينشدن أمام الجمهور المختلط ، وسوف تُدعى المنشدات لحضور المهرجانات في كل الدول العربية والإسلامية .. ولكن هذا يحتاج إلى وقت ، وحينها سوف أُذكّر القراء بذلك . وكان الأصل أن ننتقل إلى هذه المرحلة بصورة أسرع ، لأن المؤمن وقّاف عند حدود الله ، فإذا سمع بحديث صحيح فالأصل أن يقول : هذا مذهبي ، لأن الإمام الشافعي كان يقول : إذا صحّ الحديث فهو مذهبي واضربوا برأيي عرض الحائط . أما حين يحتاج المؤمن إلى الترويض بعدما سمع بالأحاديث الصحيحة فهذا يعني وجود خلل في فهم دين الله ، ووجود خلل في التعامل مع تعاليم ديننا .
على أية حال سأكتب قريباً مقالاً موثّقاً علمياً من الناحية الشرعية ، أناقش فيه قضية غناء المنشدات البالغات .. وقد اتصلت مؤخراً بالمنشدة ميس شلش لأجري معها مقابلة صحفية ، وذكرت لها خلال الاتصال أن النشيد الإسلامي دخل مرحلة ميس شلش ، مرحلة وجود منشدات في ساحة النشيد الإسلامي ، ولذا سأعمل على فرض هذا الأمر على الجمهور الملتزم ، وكفانا فتاوى تحريم ، فديننا أوسع من ذلك ، فالمطربة نانسي عجرم والمطربة هيفاء وهبي مسختا الشباب والفتيات ، ونحن ما زلنا نحرّم صوتاً إيمانياً كصوت ميس شلش .
وأنا أعلم أني سأخوض حرباً لإثبات المنشدات في الساحة الإنشادية ، ولكن ذلك يهون ، فهو في سبيل هذا الدين ، لأن ديننا الذي علّمنا أن نثور على الحكام علّمنا أيضاً أن نثور على كل فهمٍ سقيمٍ لديننا .