عودة رامبو مراوغة إستراتيجية
عبد الحميد عبد العاطي
رامبو "سلفستر ستالون" يعود من جديد في فيلم" RAMBO 2008 "الشهير بأداء شخصية الملاكم المتعصب" روكي" وشخصية الجندي الأمريكي الأوحد" رامبو" الذي عاد إلى فيتنام ليهزم وحده الفيتناميين بعد هزيمة الأمريكان الحقيقة على الأرض.
ولكن لماذا سعت الولايات المتحدة لإنتاج هذا الفيلم العميق بعد الهزيمة الموجعة التي ضربت اكبر قوة عسكرية في العالم وبعد انسحاب القوات الأمريكية من فيتنام ، وكيف لنا أن نتصور استعادة قوة وعزيمة جيش كامل بعرض فيلم مدته لا تتجاوز الساعتين ، في حين تبقي القوات العربية للسنوات تحارب لاستعادة كلمة النخوة الهاربة منهم ومن جبروتهم في خمول عارم وجمود وترقب للهزيمة بأي لحظة ،وما هي حقائق هذا الفيلم الخطير الذي يشيع العنف والدماء والنصرانية في كل مكان ، وللملاحظة فان سياسته الوحيدة لحل المشاكل السياسية والعسكرية هي الإبادة الجماعية كما حدث ويحدث بالعراق ، بالمقابل المتضررون لا يشكلون إلا أعداد صغيرة وغالبا لا يكونوا في خط المواجهة ، أسئلة كثيرة عصفت بي بعد مشاهدتي الفيلم الأخير لسلفستر .
وفي المقابل فان صحافتنا العربية التي تناولت خبر اقتراب موعد عرض الفلم في البلدان العربية لم تشر من قريب ولا من بعيد إلى الهوية والأهداف الحقيقية ،لأن القائمين على الإعلام العربي التقليدي لا يريدون للقاريء العربي أن يدرك حقيقة أن هذا الفلم يأتي ضمن إطار دعم معنوي ما زالت تقدمه استوديوهات هوليوود للجيش الأمريكية المتلعثم فى العراق ولإعداد نفسيته لضرب إيران ، ولتحسين صورة المنقذ الأمريكي ضد البطش والطغيان العربي، حتى وان كانت قصة الفيلم تقصد مشاهد ومنطقة أخري فهو له أبعاد وأهداف سياسية تخدم المصالح الخفية للبيت الأبيض .
فشهرة شخصية رامبو الشهيرة التي جسدها الممثل ستالون ستضيف مما لاشك فيه تعاطفاً أكبر مع إرساليات الموت الأمريكية على الوطن العربي ودعاية اقوي ،أي أن كل الأفلام السابقة التي تحدثت عن قوة الجيش الأمريكي في كفة وفلم ستالون رامبو في كفة وحده نظراً للنجاحات السابقة التي حققتها سلسلة هذا الفيلم التي جعلت الرئيس الأمريكي الأسبق،" رونالد ريجان" ينسى إطفاء جهاز اللاقط في لقاء إعلامي له فمال على مسئول معه وقال له " يجب أن نذهب لمشاهدة فيلم رامبو" فكانت دعاية أحرجت البيت الأبيض وخدمت الفلم في تلك الفترة.
وإذا عدنا إلى توجيه أصابع الاتهام واللوم فإنه يوجه في المقام الأول للجهات المسئولة عن دور العرض السينمائية في المنطقة من الدول العربية والإسلامية التي تسمح بعرض هذه الأفلام المؤيدة للدعاية ولنصرة الجيش الأمريكي وللتعاطف معه ، وبمعنى أخر إن كل ما يحدث بالعراق وما حدث في فيتنام وما سيحدث هو عمليات إنقاذ وانتقام ، واللوم الأشد يقع على مؤسسات الإنتاج الفني في عالمنا العربي التي تنفق المليارات الطائلة على التافهات والفيديو كليب طيلة ما يقارب القرن من هذا الزمان وحتى اليوم بينما أتحداهم أن يسموا لنا اسم فلم واحد من إنتاجنا العربي يتحدث عن قضية من قضايانا الكبرى وفي مقدمتها القضية الفلسطينية من وجهة نظر عربية إسلامية انتقل للعالمية واحدث أثراُ.
إن خطر هذا الفيلم والأفلام المشابه لا يكمن في المدى القريب أو الفرحة لمشاهدة قبل الأصدقاء إنما يكمن على المدى البعيد من تحقيق مأرب وضيع يخدم الاستعمار القادم للوطن العربي ، ودعوني اعترف نعم لقد شاهدت هذا الفيلم قبل الجميع عن طريق صديقي الذي قام بتحميله من احدي المنتديات العربية ،ولكني اكتب هذه الكلمات كفكرة استنتاجيه واتمني أني قد استطعت ولو بقليل من ذكائي أن أقوم بتوصيل الفكرة والنصيحة.
وصدقوني لا بد من وقفة جادة مع شباب وشابات الوطن العربي والأمة الإسلامية للامتناع عن الذهاب إلى مثل هذه الأفلام الداعمة للدعايتين الصهيونية والأمريكية لأن شراء التذاكر يعود فائدته إلى الشركات الغربية الأمريكية المنتجة لها، ويدعم إنتاج المزيد من الأفلام المعادية للإسلام وللوطن العربي. كذلك الامتناع عن شراء النسخ الأصلية للأقراص المدمجة لهذه الأفلام والدعوة إلى مقاطعة كل منافذ البيع التي تسوقها في المنطقة، والتحريض على هذه المقاطعة هو أضعف الإيمان.. والله ولي التوفيق.