يوميات شاهد عربي 6
يوميات شاهد عربي
الحلقة السادسة "هيفا وأخواتها"...
طلعت شعيبات
شاعر فلسطيني مقيم في بيت لحم
في الحلقة الثانية وقبل أن أترك الفاصلة كتبت "شيء يدور في ذهني" وتراءى للبعض أنني أوردت هذه العبارة للتشويق والإثارة وها أنت ترجع إلى ذات الصفحة لتقرأ تلك العبارة هناك ألا تعجبكم هذه الرياضة الذهنية؟!... وللحقيقة أقول أن ما كان يدور في ذهني أكثر بكثير من مجرد التشويق والإثارة وهو التساؤل ما إذا كانت هيفا وأخواتها يحتجن أكثر من حلقة في "يوميات" فهن يؤسسن بخصورهن ما عجزت عن تأسيسه كبريات دور النشر والتوزيع في عالمنا العربي من استقطاب أوسع عدد من القراء...لماذا؟...لأن هيفا وأخواتها صادقات مع أنفسهن وأجسادهن وجماهيرهن ومدراء أعمالهن ومصممي رقصاتهن ومصففي شعرهن أما دور النشر والتوزيع ف..........
ظاهرة هيفا وأخواتها غير مسبوقة في عالمنا العربي وهذه هي الحقيقة التي لن "نغطيها بغربال" مهما حاولنا نقدها وذكر عيوبها فالمفاتن البارزة تعمي الأبصار وبنطلونات الجينس الضيقة تسعد القلوب أكثر من أية ندوة شعرية أو اقتصادية أو سياسية والسبب هو أنه لا يمكن لمثقف "أقصد سياسي محترم" عربي أن يرتدي بنطلون جينز أو تي شيرت "بلوزة نص كم " كما يفعل أي رئيس أمريكي متواضع أمام الملايين ولكن هيفا تستطيع ذلك بكل دم بارد...لماذا؟... لأن هيفا وأخواتها ثائرات على الواقع ومشاركات أساسيات في رسم أي مشهد ثقافي في المستقبل...أنهن شفافات كورق "الزبدة" أما المثقف العربي فمحافظ رغم انفه مهما ادعي أنه تقدمي أو متحرر أو مارق بكل التعاليم العربية ومهما أقام حفلات خاصة أو ارتاد أفضل الفنادق أو شارك في بيوت العزاء أو...... أنه غامض كجدار حديدي...
للأسف لا يمكن لشاعر عربي أن يكتب قصيدة غزل سياسية واحدة دون أكثر من علامة استفهام أما هيفا وأخواتها فيكتبن أكثر من قصيدة بلا أية قافية أو وزن أو معنى دون خشية من رقابة أو سلطة قضائية أو من جهاز مخابرات أو من جماعة مسلحة...يا إلهي كم هن فوق القانون!!! لماذا؟...لأنهن يخدمن كل أولئك إما بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة أما الشاعر العربي فهو "لئيم" وما أن يفلت لسانه حتى يأتي على ذكر مناقب الشر لا الخير لكل أولئك البشر متمنيا زوال النعمة وهن لسن كذلك...هو متشائم وهن حالمات...هو معقد وطائش وهن مسألة رياضية سهلة...هو مظلم وهن أشعة الفجر...هن مبصرات لكل جمال وهو أعور...نسيت أن أذكر أنهن يتحدثن اللغة العربية الدارجة والشاعر يتحدث لغة العصافير والأشجار والثوار وشقائق النعمان والشهداء وأولياء الله الصالحين والفراشات وهي لغة ممنوعة وغير حضارية وغير إنسانية!...
حتى الآن لم أحفظ أية أغنية للست هيفا وهبي واكتفيت بمطالعة جسدها فقط وبعض مطالع أغنياتها...لماذ؟...لأنني لا أجيد الحفظ وهذه حقيقة والسبب الثاني أن ما يخرج من شفاه الست هيفا يزول تأثيره ما أن يبدأ الجسد بالكلام... ألم تكتب "أحلام مستغانمي" عن "ذاكرة الجسد" أجل إن لغة هيفا الجسدية ستصبح اللغة الرسمية الثانية إذا ما اتحدت مع لغة الإشارة التي تجيدها الست "نانسي" في ثنائي يجمع كل شيء سوى الغناء...
الأغنية العربية الحديثة ليست حكرا على هيفا هي تتراوح بين شعبان عبد الرحيم لتصل إلى هيفا مرورا ببائع الأثاث المستعملة وبائع الخضار...لماذا؟... ولم لا؟!...أليس من العدل أن ننصف البعض؟!... نعم...نعم... سأستنسخ ألف مغني ك"خالد الشيخ" و"على الحجار" ومحمد منير" و كاظم الساهر" و جورج وسوف" و "عمرو دياب" أما "ماجدة الرومي" فسأصنع لها تمثالا وأضعه في قلب العاصمة الجزائرية "الجزائر العاصمة الثقافية2007" أليست ظاهرة الاستنساخ الفني حقيقة؟!... ألم تنتج إحدى القنوات الفضائية "دبي" مسابقة "زي النجوم"؟!...
"ماذا لو" تنحت هيفا وأخواتها عن الغناء وانضممن لفرقة دبكة شعبية ؟!... "واو" ستغلق "روتانا كليب" شاشاتها وستفتح عشرون "روتانا" متخصصة بالدبكة الشعبية والعتابا والميجانا والموشحات والقدود الحلبية...لماذا؟... لم لا...؟
أنا لا أجرح لأنني لست جراحا أنا مجرد شاهد يسأل فيجيب ولأنني تجاوزت الحد سأختم واضعا إحدى فواصلي هنا.