طاش 15 وقلب الحقائق
طاش 15 وقلب الحقائق
خليل الصمادي
[email protected] عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض
لاشك أن مسلسل طاش ما طاش يحظى على شعبية كبيرة لا سيما في داول الخليج العربي إذ يعتمد المسلسل على الكوميديا الاجتماعية الناقدة ، وتتبارى المحطات الفضائية في عرضه في شهر رمضان المبارك، وقد لاقى المسلسل وأسرته انتقادات كثيرة وخاصة من قبل المتدينين في المملكة العربية السعودية ، وغيرها وصدرت تحذيرات عديدة من قبل الهيئات والمؤسسات الدينية علقت في كثير من المساجد تنبه الناس على خطر المسلسل بسبب تناوله المتدينين بصورة سلبية ولا سيما في العام الماضي إذ فجرت حلقة " ستار أكاديمي" قنبلة في الوسط الإعلامي ، ووصل الاحتجاج إلى إدارة المحطة على الحلقة المذكورة واستطاعوا إيقاف عرض حلقة قادمة ستتناول رجال الهيئة بالنقد والتجريح بعد أن تنامى لهم أخبارها من القنوات الخلفية.
وفي رمضان هذا العام بدأت طاش ما طاش أو طاش 15 كما تم تسميتها في حلقة جريئة في طرحها وغريبة في نهايتها، اسمها " طاش سات " ملخص الحلقة : أن هناك مستثمران يحاولان الاستثمار في المجال الفضائي فجربا أكثر أنواع المحطات من محطات المنوعات إلى الألغاز إلى محطات السحر والشعوذة والتي تعتمد على الاتصالات وsms من أجل الأرباح وفي كل مرة تأتي خسائر فادحة للمحطة وفي الوقت نفسه يعرض المسلسل ما يتم خلف الكواليس من تسويق لهذه المحطات وعن علاقات غرامية بين أصحاب المحطات ومذيعاتهم، وفي النهاية يقترح السيد " طوني شربل " على أصحاب المحطات إذا أرادا الربح السريع أن يحولاها إلى محطة دينية لأنها بحسب رأيه تلعب على مشاعر الناس!! وهكذا يتم تحويل المحطة بكافة فريقها العامل إلى محطة دينية وذلك بعد تغيير ديكورات المحطة وديكورات العاملين فيها فالأبطال جميعا يتحولون من نصابين إلى رجال دين والمذيعتان المدللتان الغنوجتان المتمايلتان يمينا ويسرة حسب طلب أصحاب المحطات والمتصلين تتحولان فجأة إلى محجبتين ملتزمتين بتعاليم طوني شربل خبير المحطات الفضائية.
وفي اليوم الأول من البث يظهر الأبطال السابقون بلباس التقوى والدين بمشاهد كلها سخرية من الدين وأهله ومن المحطات الفضائية الدينية وتنهي الحلقة الأولى من طاش 15 بالمستثمرَين وأمامهما رزم من الدولارات وحولهما أبطال المحطات وهم في ساعة الفرح والنشوة على نجاح مشروعهما الذي صار يدر الأرباح.
وللتعليق على هذه الحلقة لا بد من ذكر الأمور التالية :
1. صحيح هناك محطات كثيرة تلعب على عقول الناس من أجل سحب ما في جيوبهم ولا سيما محطات الألغاز والسحر والشعوذة وهذه هي المحطات المربحة التي تدر الملايين على أصحابها والدليل أن كل شهر تظهر لنا محطة أو أكثر ولم تغلق أي محطة منها!! وهذه المحطات مباركة ومدعومة من قبل قوى كثيرة في العالم لا تريد لهذه الأمة الخير.
2. وأما محطات السوبر ستار أو ستار أكاديمي وأخواتهما فما أكثرها ولم ندر يوما أنَّ أحدا من أصحاب هذه المحطات أغلقها لقلة المتصلين بل نجد أن هذه المحطات تطورت وكبرت وصارت تبث ليل نهار.
3. العارفون ببواطن الأمور يعرفون أن الذي يريد أن يستثمر أمواله في محطة فضائية دينية ستكون خاسرة لا شك وذلك بمقياس الربح والخسارة الدنيوي ، وأكثر المحطات العربية الدينية بل قل الإسلامية خاسرة لأنك لا تجد فيها تجارة دنيوية أو خداع للناس في الاتصالات فأكثرها تعتمد على دعم ذاتي من قبل أثرياء مؤمنين بهذه الفكرة أو ممن رعى عشرات المحطات المنوعة ورأى أن يكفر عن سيئاته بمحطة دينية، أو من قبل شركة تدعم مشتركيها بأطباق خاصة وأجهزة استقبال مقابل اشتراك سنوي أو شهري كما في باقة محطات المجد مثلا .
4. لا شك أن بعض المحطات الدينية تعتمد على sms أو اتصالات المشاهدين ولكن هذا موضع نقاش وانتقاد من قبل بعض رجال الدين ، وبالرغم من هذه الرسائل فإنها بلا شك لا تغطي ولو جزءا يسيرا من نفقات المحطة.
5. لا تتعدى القنوات الإسلامية حاليا أصابع اليدين وأمام الكم الهائل من المحطات الأخرى لا تتجاوز 1% من عددها فهل هذه المحطات القليلة أصبحت تشكل ظاهرة ومشكلة للمشاهدين أم أصبحت تشكل أرقا قوى لا يروق لها مثل هذا التوجه من قبل أعداء الأمة ؛لقد امتدحت وزارة الثقافة اليهودية في الكيان الصهيوني برنامج (سوبر ستار )واعتبرت على لسان وزيرها "جلعاد شالوم" أنه برنامج جيد يحفزنا على إمكانية العيش مع العرب! ونقلت عنه صحيفة (هآرتس) بتاريخ 21/8/2003م- امتداحه بشدة هذا البرنامج الذي اعتبر أنه من النوعية التي تقرِّب بين العرب والصهاينة،أما الصحفي "دايفيد سليفان"، من صحيفة (جيروزالم بوست)، كتب أيضًا بتاريخ 22/8/2003م بعدما لاحظ الضجة التي أحدثها هذا البرنامج في صفوف الشباب العربي يقول: "إن الواقع يقول إن العرب أو المسلمين الذين يؤمنون بعقيدة محو إسرائيل من الخريطة أصبحوا قلائل جدًّا, وإن برنامج ) سوبر ستار( أعطانا الأمل لوجود جيل عربي مسلم متسامح للعيش مع دولة (إسرائيل) اليهودية!! وصرح أكثر من مسؤل إسرائيلي : أن المسلمين ليسوا أعداء إسرائيل بل الإسلام ؛ طبعا يقصدون مسلمي سوير ستار وستار أكاديمي!!
كان أحرى بالمسلسل ألا يقلب الأمور رأسا على عقب وألا يشوه الحقيقة ، فلو وضع المحطات الدينية من أوائل المحطات الخاسرة، وكان الربح المادي في محطات "الهشك بشك" وما أكثرها والتي تخاطب فئة من الناس تروج للرذيلة من قبل أنصاف راقصات وأشباه مذيعات والتي بحق تدر أموالا طائلة من قبل المتصلين المخدوعين وهي قبل ذلك كله مدعومة من قبل محاربي محطات الثقافة والدين والمعرفة ، لو كان العلاج كذلك لصدق أصحاب المسلسل.