سفر الحجارة وثقافة المقاومة في الدراما العربية

رشاد فياض

[email protected]

ثورة الثقافة والدراما العربية التي يجسدها الفنانين العرب في العديد من المسلسلات العربية والتي بدأت تنطلق عبر الفضائيات وعروض السينما ، والتي تجسد معاناة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، تلك الدراما التي كان العالم بحاجة لها قبل تحليل الواقع الفلسطيني على وتر ونغمات الولايات المتحدة الأمريكية والكلب المطيع جيش الاحتلال الصهيوني

حديثي اليوم في هذه المقالة سيتناول دراما الوطنية الفلسطينية والمسلسل السوري " سفر الحجارة " للمخرج : يوسف رزق والكاتب : هاني السعدي ، والذي يتناول الصراع الفلسطيني الصهيوني ، ومدى الدمار والعنف والقسوة والمشاهد التي تتوقف أمام بعض المواقف الإنسانية والدافئة للناس ومدى تألق المقاومة الفلسطينية أمام العدوان وممارسة القمع للمواطنين الفلسطيني في القدس الشريف، وثقافة المقاومة مع التعامل مع الاحتلال حيث العين بالعين والسن بالسن

هذا المسلسل الاجتماعي أيضاً يتضمن أطيافاً اجتماعية عديدة، فهناك المقاوم والمقاتل، وهناك رجال يضحون بحياتهم في سبيل أهلهم وأرضهم، وهناك الطفل الذي يتشرب واجب مقاومة المحتل، وهو الواقع تحت القهر والظلم، فيندفع إلى العمل المقاوم والمواجهة التي توصله إلى الشهادة، وهناك في المقابل الشاب الذي يريد أن يحيا حياته الطبيعية والضغوط التي يتعرض لها في واقع اجتماعي محاصر ومقموع ويتعرض للظلم والقهر يوميا.

غزة وهيا جزء لا يتجزأ من أي مدينة أخرى بفلسطين مثل القدس وطولكرم ورام الله جزء من هذا الجسد العظيم إذا حدث شيء في غزة فإن باقي المدن والمحافظات تتعايش مع ما يحدث بها فما حدث في قطاع غزة وشن الاحتلال مجزرة جديدة أدت إلى استشهاد أكثر من ألف مواطن مما هب بالمقاومة الفلسطينية برد الصاع صاعين بضرب الصواريخ وإطلاق عمليات القنص والاغتيال في صفوف الجيش وكان للمقاومة في القدس الشريف الدور الفعال في تفعيل بعض خلايا المقاومة .

سفر الحجارة” دراما اجتماعية تبدأ أحداثها مع العام 2001، في مدينة القدس الشرقية، حيث يعود الشاب الفلسطيني “خالد كنعان” إلى الوطن بعد دراسته للطب في لندن، مفضلا خدمة أبناء شعبه على العروض المغرية التي قدمت له في لندن، خصوصاً بعد تعرضه وصديقه “وليد”، الذي يدرس الإخراج السينمائي، إلى الاعتداء وحرق منزله إثر نجاحه، في محاولة لحرمانه من حمل خبراته الطبية إلى البلدان العربية، وخصوصا فلسطين.
لكن “خالد”، العائد إلى أمه أرملة الشهيد، يفاجأ باستشهاد أخيه أيضا، وتعرض أخته للاغتصاب ومن ثم القتل على يد عدد من الشبان الصهاينة، فيقرر الانتقام منهم، مستعينا ببعض الأصدقاء الذين يشكلون معا خلية للمقاومة، فيما شقيقه “خلدون” الذي يعمل في مصبغة للملابس، وهو شاب طائش له طموحات تتناقض مع أفكار أسرته، ينساق خلف مغريات الحياة من سهر ولهو وغرائز بصحبة رفاق السوء، حتى يتورط مع جهاز الموساد الإسرائيلي عبر علاقته بفتاة يهودية وإدمانه المخدرات، الأمر الذي يضطره للعمل كجاسوس على خلايا المقاومة لقاء الحصول على حقنة مخدر، لكن ذلك لن يطول، لتدور الأحداث وتجبر “خلدون” على مراجعة أفعاله ومواقفه.، وفي العمل خطوط درامية وإنسانية ووطنية

تبدأ المقاومة باختطاف ضباط من الاستخبارات الإسرائيلية وإرسال رسالتها إلى قيادة الصهاينة تعلن إختطفها لهم ورغبتها بعملية تبادل الأسرى ، ورفضها واشتداد الأمر وعمليات القمع حتى موافقتها وأطلق الطرفين الأسرى إلى أن أخلت كعادتها قيادة الجيش الصهيوني عهودها وإغتالة أحد أبطال المقاومة  الذي تم إطلاق سرحه ضمن الصفقة ...

إذاً هذه الدراما أعطت الأسباب الواضحة للعالم وكل من يشاهدها أسباب تصدي الشعب الفلسطيني لهذا الاحتلال ولماذا لديهم بريق مختلف عن باقي شعوب العالم المبدأ والقيم الذي يتمسك به هذا الشعب ، ربما لم يجب عن كافة الأسئلة المطروحة لكن مسلسل التغريبة الفلسطينية وغيرها من المسلسلات كلاً له طابعة وقالبه الخاص ويتناول مجموعة من المواضيع .

لكن لماذا واجه هذا المسلسل المنع والصعوبات من بعض القنوات العربية الفضائية ؟ هل يعتبر هيمنة إسرائيلية على وسائل الإعلام العربية الفضائية ؟ بالجهة الأخرى المسلسلات التركية والمكسيكية المترجمة وغيرها تشهد إقبال كبير في العرض عبر القنوات الفضائية العربية ، ثقافة غربية أفضل بألف مرة من ثقافة عربية وفلسطينية ، هل هذه وجهة النظر السائدة على وسائل الإعلام والذي تتحمل حكوماتهم ووزارة الإعلام التابعة لهم هذه المسئولية ؟

" وطن على وتر ، التغريبة الفلسطينية ، سفر الحجارة ،  ورحلة الشهيد عماد عقل ، الاجتياح ،  والعرض المسرحي الذي حضره الفنانين السوريين بقطاع غزة بعنوان  الشياطة ، وغيرها من الدراما العربية والفلسطينية "

كل هذا دليل على الثورة الثقافية والتفتح الحضاري على العرض الدرامي والسينمائي اتجاه القضية الفلسطينية ورغبة شباب فلسطيني بتصدير معاناتهم  وصورة الوضع إلى الدول العربية والإسلامية والغربية إلى العالم الرافض للقضية الفلسطينية والكفاح المسلح .

أحب أن أشكر كل من يوجه بندقيته نحو الاحتلال وقلمه وثقافته من الأخوة العرب في التصدي للدعاية الإسرائيلية والوقوف بجانب أخوتهم في فلسطين والعراق وأفغانستان ، وأدعو كل شخص بمشاهدة مسلسل " سفر الحجارة " وغيرها ومعاً وسوياً حتى تحرير كافة الأراضي العربية والإسلامية من الاحتلال أصحاب الشعارات الزائفة ( الديمقراطية – حقوق الإنسان – لا للعنف ) ..الخ .

سررت كثيراً بمشاهدة هذا العمل العظيم المتواضع الذي لم يكلف سوا مليون ونصف المليون دولار فقط .