مرحلة جديدة للنشيد الإسلامي

مرحلة جديدة للنشيد الإسلامي :

( ها قد رحلتِ ) لـ موسى مصطفى

( متؤوليــــــش )   لـــ أيمــن حـــلاق

( مـولاي )  لـ محمد الحســيان

( المعلم ) لـ ســامي يوســف

أناشيد فريدة

نقلت النشيد الإسلامي إلى مرحلة جديدة

نجدت لاطـة  

[email protected]

        منذ سنوات عدة وأنا أنتظر أن يحدث تطوّر في النشيد الإسلامي وينتقل إلى مرحلة جديدة ، من خلال الدماء التي تدخل إلى حركة النشيد ، وطال الانتظار ولم يحدث هذا التطور . ولا زلت أعتقد أن النشيد الإسلامي مرّ بمرحلتين ، الأولى : مرحلة المنشدين الرواد ( أبو مازن ، أبو الجود ، أبو دجانة ) . الثانية : مرحلة المنشد ( أبو راتب ) . وكل من هاتين المرحلتين أعطتا النشيد الإسلامي الشيء الكثير، الأولى كانت مرحلة الولادة ، والحمد لله أنها كانت مرحلة قوية استطاعت أن تُثبت النشيد على أرض صلبة ، بحيث فتحت المجال واسعاً أمام الآخرين للولوج إلى هذا الفن بعدما كان الكثير يخشى الولوج فيه لأسباب كثيرة أهمها الشعور بالنقص والدونية أما عمالقة الغناء العربي كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز وصباح فخري وغيرهم . والمرحلة الثانية اسـتطاع فيها المنشـد أبو راتب ـ وكان بمفرده ـ أن ينقذ النشيد من السقوط والوقوف بعدما سكتت أصوات المنشدين الرواد لأسباب واهية لا داعي لذكرها هنا وإنما سأذكرها في مقال قادم . وبقي أبو راتب المنشد الأول في حركة النشيد . وكنت كثيراً ما أتعجب من عدم خروج منشد جديد ينافس أو يتجاوز " أبو راتب " ، فهل عجزت الحركات الإسـلامية عن إنجاب منشـد آخر مثل " أبو راتب " ؟ وهـل أصبح أبو راتب ( أم كلثوم ) الإسـلاميين بحيث لا يسـتطيع أحـد أن يتجاوزه ؟ لأن الفرق بين " أبو راتب " وأم كلثوم شاسع ، فيسهل تجاوز " أبو راتب " بعكس أم كلثوم التي يصعب جداً أن يوجد مثلها .

      فمنذ الثمانينيات ونحن ننتظر مجيء منشد يتجاوز " أبو راتب " ، ليحدث تطور في النشيد بعدما أًصابه الركود والتكرار . والحمد لله أن هذا المنشد جاء ، وليس منشد واحد فقط وإنما هم منشدون . فها هو المنشد السوري موسى مصطفى في أنشودته (ها قد رحلتِ) وها هو المنشد الأردني أيمن حلاق في أنشودته (متؤوليش) وها هو المنشد الكويتي محمد الحسيان في أنشودته ( مولاي ) وها هو المنشد البريطاني سامي يوسف في أنشودته ( المعلم ) قد بشروا بمرحلة جديدة ورائعة للنشيد الإسـلامي ، وإن تنوّع بلدانهم دليل على تطوّر النشيد فـي شتى البلاد . والحمد لله أن هؤلاء المنشدين الأربع استطاعوا أن يتجاوزوا " أبو راتب "  بل واستطاعوا أن يتجاوزوا كل المنشدين السابقين ( أبو مازن وأبو الجود وأبو دجانة ) ، فهم جاءوا بنَفَسٍ جديد ، ولونٍ جديد ، ونحن ننتظر منهم المزيد من الجديد .

       وأنا هنا لا أغمط جهود المنشدين والفرق التي ظهرت في العقدين الماضيين والتي كان لها دور كبير في استمرارية النشيد ، وكان لأناشيدهم صدى طيباً عند الجمهور ، ولكن مع جهودهم الكبيرة لم يقدروا على تجاوز " أبو راتب " فظلوا تحت مظلته .

       وقد يعترض علي معترض ويقول : ولماذا لم تضع المنشد عماد رامي بين المنشـدين الأربع الذين تقول إنهم نقلوا النشـيد إلى مرحلة جديدة ؟ فأقول إن المنشد عماد رامي منشد كبير وكان له فضل كبير في مدّ حركة النشيد الإسلامي بأشرطة كثيرة ، ولكن مع كل جهده لم يستطع أن يكوّن مدرسة خاصة به ، ولم يستطع أن يأتي بلون جديد . وإن من يستمع إلى أناشيده يدرك تماماً أنه جزء من المنشدين السابقين الذين مشى على منوالهم ، بحيث كان امتداداً لهم ، فهو منشد كبير في حركة النشيد السابقة التي ابتدأت من " أبو مازن " ووصلت إلـى " أبو راتب " . أي أنني أضعه فـي طبقة ( أبو راتب وأبو الجود وأبو مازن وأبو دجانة ) وهؤلاء ليسوا بالقليلين .

       وهناك فرقة الروابي واليرموك وغيرهم ، لا يستطيع أحد أن ينكر فضلهم الكبير في مدّ النشيد الإسـلامي بالأناشـيد والأشرطة وإقامة المهرجانات عبر سنين طويلة.

       وأنا في تقييمي للمنشدين الأربع (موسى وأيمن والحسيان وسامي) اعتمدت على أنهم أتوا بنَفَس جديد يختلف تماماً عن المنشدين السابقين . وإن من يستمع إليهم يشعر من الوهلة الأولى أنه أمام نشيد جديد ، في الصوت واللحن والكلمة والتسجيل ، بالإضافة إلى التطور الكبير وهو استخدام الآلات الموسيقية ، والحمد لله أنهم أحسنوا استخدامها .

       واستخدام الآلات الموسـيقية يعطي النشـيد عنصراً مهماً في الطرب ، بل إن المطربين يتعجبون من عدم استخدام المنشدين للآلات الموسيقية ، فهم يشعرون أن المنشدين يحرمون أنفسهم من عنصر خطير في عالم الغناء . وشأن من يدخل عالم النشيد والغناء بدون آلات موسيقية شأن من يدخل المعركة بدون سلاح ، ولذلك نجد حركة النشيد ضعيفة بالمقارنة مع حركة الغناء . ولكن بعد استخدام المنشدين للآلات الموسيقية أصبح النشيد يُعتدّ به أمام الغناء ، وحين نضع إحدى الأناشيد الأربعة المذكورة في عنوان هذا المقال بجنب الأغاني نجد أن هذه الأناشيد تنافسها وتكون نداً لها . أما حين نضع أفخم أنشودة عندنا ليس فيها موسيقى بجنب أغنية عادية نجد الفرق واضحاً جداً ، الأنشودة تشعرك أنها لعب عيال ، والأغنية تشعرك أنها فن له أصول وقواعد .

       وسبب اختياري للأناشيد الأربعة دون أناشيدهم الأخرى التي استخدموا فيها الآلات الموسيقية هو أن هذه الأناشيد كانت هي الأفضل ، وذلك لأن منشدوها أجادوا إجادة رائعة في اختيار الكلمات والألحان . وكنت كثيراً ما أتمايل حين أسمعها ، وما ذاك إلا لوجود نسبة عالية من الطرب فيها .

       لذا فمطلوب من منشدين السابقين والجدد البحث المضني عن كل ما هو جديد لإثراء حركة النشيد ، لأن استخدام الآلات الموسيقية ليس هو العنصر الوحيد في تجديد النشيد وتطويره ، فهناك الألحان التي هي الأهم فـي عالم النشـيد والغناء ، فمطلوب من الجميع تجويد ألحانهم ، وهو لا يكون إلا بالدربة والدراسة والممارسة والاحتكاك مع المنشدين والملحنين لاسيما مع ملحنين من خارج حركة النشيد ، لأن ملحني الأناشيد ليس لديهم الباع الكبير في فن التلحين ، وذلك بسبب أن معظمهم لم يدرس هذا العلم على أصوله ، فلم يدرسوا في معاهد موسيقية ولم لم يحتكوا بملحني الأغاني .

       فالذي أريد أن أقوله إن النشيد ما زال بحاجة كبيرة إلى التطوير والتجديد حتى نستطيع أن ننافس أكبر المطربين . فالمنشد الذي يقدم فناً أرقى من المطرب هو الأفضل عند الله من المنشد الذي هو أدنى من المطرب . وكم كانت فرحة الرسول صلى الله عليه وسلم حين رأى الشاعر حسان بن ثابت وهو يغلب بشعره شاعر المشركين . ولا أعني أن المطربين هم في طبقة المشركين ، ولكن أعني أن المطربين اليوم لا ينطلقون في أغانيهم من مفاهيم الإسلام ، فهل نانسي عجرم ـ مثلا ًـ تنطلق في أغانيها و فيدو كليباتها الراقصة من منطلق إسلامي ؟!!!

       وقبل أن أختم ، أقول إنه قد تكون هناك أناشيد أخرى لمنشدين آخرين ذات جودة فنية عالية مثل الأناشيد الأربعة المذكورة ولكن لم تصلني ولم أسمعها ، فعذري أن حركة النشيد أصبحت واسعة يصعب متابعة كل فيها . لذا فمطلوب من نقاد النشيد الإسلامي أن يكتبوا عن كل ما هو جديد وجميل في النشيد .