هفوات وزلاّت في ألبوم (غرباء ) للمنشد عماد رامي
هفوات وزلاّت
في ألبوم ( غرباء ) للمنشد عماد رامي
نجدت لاطـة
منذ سنين وأنا معاهد نفسي أن لا أرحم أحداً يخطئ في مجالات العمل الإسلامي ، سواء أكان عالماً أم فقيهاً أم مفكراً أم داعيةً أم شاعراً أم أديباً أم منشداً أم أي أخٍ له نشاط في العمل الإسلامي . وحين أكتشف خطأه أصبّ عليه جام نقدي ، بحيث يتوّب أن يعود لمثل هذا الخطأ . وسبب هذا العهد الذي أخذته على نفسي هو كثرة الهزائم التي تنصب علينا كشلالات غضب من السماء ، بدءاً من حرب العراق الأولى 1991 ، ومروراً بمذابح البوسنة والشيشان ، وانتهاءً بسقوط بغداد وما تلاه من مجازر في سائر المدن العراقية وآخرها ما حدث في الفلوجة ، أما فلسطين فهي الجرح الدائم والمؤلم ، وبعد ذلك تجد من يتحدّث عن صحوة إسلامية . وكان الأولى أن يتحدث عن الغفلة العظمى التـي تعيشها الأمة الإسلامية ، حتى نصحو من هذه الغفلة بدل الركون إلى هذه الصحوة المزعومة .
وحين سمعت شريط المنشد عماد رامي ( غرباء ) شعرت بالأسى ، وقلت في نفسي : هل كُتب علينا نحن الإسلاميين أن نعيش على هامش الحياة ، فإذا أردنا أن نطرب فلا نجد إلا الأناشيد التي لا تحتوي على أي نوع من الطرب ، اللهم إلا ما ندر ، وإذا أردنا أن نشاهد فيلماً أو مسلسلاً إسـلامياً فلا نجد منها شيئاً ؟ وإلى متى هذه الدروشة في الفنون ؟ وإلى متى نظل دون الآخرين ؟
فحين سمعت أناشيد ألبوم ( غرباء ) عرفت أن هـذه الأناشيد هـي للمنشد " أبو الجود " ، وبنفس ألحانها ، ولم يبذل المنشد عماد رامي أي جهدٍ فيها ، اللهم إلا أنه كان يمطّ في ألحانها قليلاً وأحياناً يقصر . بمعنى أنه أخذها لقمة سائغة دون أي تعبٍ أو نصبٍ في تجويدها . وليته أخذها كما هي دون تمطيط أو تقصير في ألحانها ، لأنه ـ في هذا التمطيط والتقصير ـ شوهها تشويهاً مخلاً . وبذلك يكون المنشد عماد رامي قد أخلّ بشروط استعارة الأناشيد من الآخرين . لأن من شروط الاستعارة أن يضيف المنشد على الأناشيد المستعارة نكهة خاصة بالمنشد بحيث تخرج وكأن هذه الأناشيد مولودة من جديد ، فتستسيغها الأذن كما تستسيغ الأناشيد الجديدة . أما أن يهبط المنشد بالأناشيد المستعارة فهذا هو العقم بذاته ، وهذا إخلال كبير ومرفوض في عالَم النشيد والغناء . وأضرب أمثلة على أناشيد وأغانٍ نجح أصحابها في الاستعارة من الآخرين : أنشودة ( هو الحق يحشد أجناده ) للمنشــد " أبو الجود " أخذها المنشــد أبو دجانة ووضع لها لحناً جديداً فاق لحن " أبو الجود " ، وصرنا نحفظ لحن " أبو دجانة " ونســـينا لحن " أبو الجود " . ومثال آخـر من الغناء ، أغنية عبد الحليم حافظ ( وأنا كل ما أقول التوبة ) أخذتها المطربة ماجدة الرومي بنفس لحنها وكلماتها ، ولكن أجادت فيها أفضل من عبد الحليم ، مع أن عبد الحليم مطرب عملاق .
فحينما يستعير المنشد أنشودة لا بدّ أن يضيف عليها شيئاً ، فإذا شعر أنه لم يضف عليها شيئاً فالأفضل أن لا ينشدها ، حتى لا يضع نفسه تحت رحمة سهام النقد ، لا سيما أن المنشدين كثر عددهم وأصبحوا على ( أفا مين يشيل ) كما يقول المثل .
وأنا لا أدري لماذا لا يتجه المنشدون إلى أغاني الموسيقار سيد درويش ، فيأخذوا ألحانها ويضعوا لها كلمات جديدة . أو يأخذوا لحنها وكلماتها وينشدونها كما هي دون تغيير أو تبديل . وهناك أيضاً المقامات العراقية وأغاني ناظم الغزالي . أما أن نتجه إلى أناشيد منشدينا وألحانهم فهذا غير مقبول ، لأن أفضل لحن لأكبر منشد عندنا لا يصل إلى أضعف لحن عند وقد كان يفعل ذلك كبار المطربون كفيروز وصباح فخري وغيرهما .
وألبوم ( غرباء ) لم أستسغ منه ولا أنشودة ، لذا كان كله زلات وهفوات . والمعروف أنه قد يزل المنشد في أنشودة أو أنشودتين ، ولكن أن يزل في كل أناشيد الألبوم فهذا مرفوض تماماً . وحتى في عالم الشعر فقد نجد قصيدة أو اثنتين أو ثلاث أو خمس قصائد ضعيفة من أصل عشرين أو ثلاثين قصيدة في الديوان ، ولكن أن نجد كل قصائد الديوان ضعيفة فذا يدل على ضعف موهبة الشاعر . نسأل الله تعالى لنا و لمنشيدنا الهداية .