أيمن عيسى يخرج أحلامه من تلافيف كوابيس غزة
معرض "تجليات الأزرق" في صالة رؤى32 للفنون:
إثنتي عشر لوحة منفذة بالألوان الزيتية على قماش، وغالباً ذات مقاسات كبيرة، هي مجموع أعمال معرض الفنان الفلسطيني أيمن عيسى "تجليات الأزرق" في صالة رؤى32 للفنون. هي أقرب ما تكون إلى عالم الأحلام، ما يضعها في مفارقة مع بيئتها الفعلية: غزة، مدينة الكوابيس، التي تخرج من حرب لتدخل في اخرى... حيث لا مكان فيها للأحلام ولا الحالمين!
في "تجليات الأزرق" تخرج نساء شرقيات من أنابيب معاجين أيمن عيسى الزيتية ليتموضعن على قماشة لوحاته، ممتلئات كما هن في الصور النمطية للمرأة، كما تصورها أعمال رواد التصوير المصري، نساء بوجوه ذات ملامح دقيقة وعيون لوزية ملونة وقوام ممتلئ يرتدين ثياباً رقيقة، ويتشحن احياناً بوشاح خارجي قاتم يظهر أكثر مما يخفي.
المرأة هي مركز أعمال أيمن عيسى، تارة منفردة، وتارة أخرى في وضع جماعي: ثلاث نساء غالباً، لكنهن في الواقع ذات المرأة. يرسم أيمن عيسى نساءه بالوان مشتقة من أطياف الأزرق، ما يضفي على ملامحهن ملمساً باستيلياً ناعماً، ما يجعل نسائه ينتسبن إلى عالم الأحلام أكثر مما يمكن تخيل انتسابهن إلى عالم كابوسي كما هو عالم غزة.
ربما تلك هي المفارقة المدهشة اذا كنت تعرف ان الفنان صاحب الأعمال، فنان فلسطيني من غزة. ويفاقم المفارقة ان صاحب الأعمال، أيمن عيسى، لم يفلح هو نفسه في مغادرة غزة لحضور افتتاح معرضه الأول في العاصمة الأردنية، عمان. لكن المفارقة الحقيقية هي ان يتحدى الفنان ما يتوقعه المشاهدون منه: صور تعكس معاناة غزة من الحروب الإسرائيلية المتكررة، صور دمارها المقيم على حاله من حرب إلى اخرى. أيمن يصفع وجوه مشاهديه بما يحب أن يرسم لا بما يتوقعونه منه. المرأة موضوع دائم في اعماله، قديمها وحديثها. ربما الجديد فيها هي تلك الغلالة الطبشورية الزرقاء التي تلف تفاصيل لوحاته وتضفي على معرضه نكهة خاصة.
أيمن عيسى في إصراره على رسم المرأة – الحلم لا ينطوي على انفصام عن واقعه الموحش، وانما يرسل رسالة تحدي ضد هذا الواقع المرير. انكم لن تكسروا قدرتي على الحلم،... ولا رغبتي في أن أرسم ما أحب أن أرسم.
هاني حوراني
رسام وناقد فني
يستمر المعرض حتى 29 شباط 2016 في جاليري رؤى32 للفنون- عمان- الأردن
وسوم: العدد 655