فيلم "نسيبي" يكسر صمت الواقع الجزائري
لا يزال الفيلم القصير "نسيبي" للمخرج الجزائري حسان بلعيد يثير الجدل إلى يومنا هذا حول ما يطرحه من موضوع التابو، من خلال كشفه لوقائع صارت في عصرنا واضحة وضوح الشمس للعيان لأنها تعكس حياة شريحة المثليين والمتحولين جنسيا في مجتمعنا الجزائري خصوصا والعربي عموما.
هذه الأخيرة ترفض الصمت بدورها اليوم لأنها تعيش في قهر وقمع من طرف الجميع، لذلك فهي تحاول الوصول إلى فرض وجودها بشتى الطرق.
من يشاهد فيلم حسان بلعيد سيتذكر فورا موتيفات المبدع الأسباني ألمودوفار الذي فرض نفسه كمخرج عصامي وصل للعالمية من خلال جملة من أعماله السينمائية المتميزة، أين نجد شخصية "حبيبة" أو "الطاهر" الذي يفضل ظهوره اللاعقلاني في صورة امرأة وسط مجتمع جزائري يرفض تقبل هذه الحالات الشاذة. أما "علي" الميكانيكي فتجمعه بهذا الأخير علاقة مصاهرة لأنه تزوج بأخته، وهو بدوره يعيش في دوامة من القلق والحيرة والخوف من عيون الآخرين.
يرفض "علي" تصرفات "حبيبة" في كل ما تفعله، حيث أنه لا يستطيع التأقلم في محيط يراه منبوذا بعيون الجيران وكل أفراد المجتمع المسلم.
لربما هو ما يدفع الكثير من الشواذ والمتحولين جنسيا من العرب للهروب إلى البلدان الأوربية أو الأمريكية مثلا للبحث عن ما يسمونه "تقبل غيرك" تحت ظلال الحرية المطلقة التي ترفض القيود الدينية والأخلاقية على حد سواء.
يجد "علي" نفسه مرغما على التعاطف مع "حبيبة" أين يحدث ويرافقه بالصدفة على دراجته النارية إلى إحدى الملاهي الليلية، ويجد نفسه فجأة يرقص معه دون سابق إنذار.
لا تنتهي القصة هنا بل يقوم "علي" بالدفاع عن "الطاهر" أو بالأحرى "حبيبة" حينما يحاول أحد أفراد الشرطة المترددين على الملهى التعدي عليه، لا لشيء لكونه متحول جنسيا وهذه الحالات باتت موجودة بكثرة للأسف الشديد في وطننا العربي بشكل عام.
الأجمل هو شجاعة الممثلين "بوشته سعيدون" و"مالك بن شيحة" في تقمص مثل هذه الأدوار التي لا يزال يرفضها بل يهابها الكثير من أهل الفن في الجزائر أو الوطن العربي عموما مخافة التشكيك في هويتهم الجنسية على غرار فنانين عالميين جسدوا أدوار الشواذ والمتحولين جنسيا في العديد من الأفلام السينمائية وغيرها من الأعمال الفنية الخالدة بامتياز.
وسوم: العدد 660