النمسا تودع فنان القرن الكاريكاتير الساخر(مانفريد دايكس)
عبقري فن الكاريكاتير وعاشق القطط والمليون سيكارة يرحل بصمت
ودعت النمسا فنانها الساخر والذي لقب بفنان القرن والمليون سيكارة (مانفريد دايكس) عن عمر ناهز 67 عاماً.ترجع شهرة الفنان الراحل الى رسوماته النقدية الساخرة الكاريكاتيرية والتي لم يستثني منها احداً ومن ضمنهم الرئيس النمساوي (هاينز فيشر) والمستشار النمساوي والحكومة والوزراء والمعارضة والفنانين والاوضاع السلبية وقد كانت نظرته الى العالم النمساوي بعين فنية كاريكاتيرية ساخرة. ودع الحياة بعد صراع مرير مع المرض وبموته تنطوي صفحة رائعة من صفحات الفن الكاريكاتيري النمساوي. يعد الفنان (دايكس)..واحداً من اشهر الفنانين النمساويين شهرة في فن الكاريكاتير ضمن النطاق الذي يتحدث بالالمانية (النمسا والمانيا وسويسرا). ترجع شهرته الكبيرة الى بداية مشواره الفني في نشر اعماله في مجلة (بروفيل) وبعدها انتقل الى العمل لاغلفة المجلات الشهيرة في المانيا والنمسا ومنها( شتيرن،شبيغل،باردون،تيتانيك،بلاي بوي).انعكست اعمال الفنان(دايكس) على الحياة العصرية وكاميرته تلتقط احاديث السياسيين والفنانين والشعب لتغدوا التعليقات المكملة لاعماله الكاريكاتيرية وكان يمنح الروح النمساوية الهدوء والمتنفس تجاه الغضب والضغط النفسي والسياسة والاوضاع والازمات وهو بدوره القريب جداً من الشعب ولكون اعماله كانت نظرة ثاقبة على انعكاسات الاوضاع في حياة الانسان البسيط. مدير متحف مدينة (كريمس) للكاريكاتير (كوسين باور) قال عن الفنان الراحل بأن الفنان الكبير (دايكس) له خط سياسي في المقام الاول ولكن بدوره يعد احد اكبر الفنانين النمساويين. يعرض متحف (كريمس) للكاريكاتير ضمن معرضه الدائمي 250 عملاً له وكانت اعماله تتصدر المعارض وكان من المؤسسين والمشاركين في تأسيس متحف الكاريكاتير في (كريمس) والذي افتتح عام 2001. ولذلك نشر خبر موته مدير متحف الكاريكاتير السيد (كوتفريد كوسين باور) لشبكة الانباء النمساوية (آبا).
تعدت شهرة (دايكس) الى ما وراء حدود النمسا وبدوره كان يرسم الشخصيات وكأنها اجساماً صغيرة ولذلك لقبه الاعلام ايضا بسيد الاجسام الصغيرة واحيانا يشوه صور الشخصيات حسب تصريحات بعض الاعلاميين والسياسيين وغدت لوحاته مثيرة تحمل بين ثناياها الكثيرة من التعليقات الساخرة وفي جلسة مع صديقة نمساوية تمارس الفن والادب حين سألتها عن موقف السياسيين وبالاخص الكبار ومواقفهم من صورهم الكاريكاتيرية فضحكت وقالت على السياسيين ان يفتخرو بأن هناك فناناً يخلدهم ونحن في دولة ديمقراطية تقدر ادبائها وفنانيها وقالت لي فهل علينا ان نضع ادبائنا وفنانينا الذين يمثلون هويتنا القومية والوطنية في السجون من اجل كاريكاتير ساخر..!!!
يعتبر البعض بان اعماله تعد تشهيراً بالاخرين ولكن البعض الاخر يقول بانه سلاح الفنان هو الطريقة التي يعبر فيها عن رأيه وليس له اية علاقة بالتشهير والفنان دربه الحب والاصلاح وليس معاداة الاخرين.
ولد الفنان الراحل (مانفريد دايكس) عام 1949 ،في مدينة (القديس بولتن) عاصمة اقليم النمسا السفلى، عشق هواية الرسم والتخطيط منذ صغره ولذلك في سن الحادية عشر بدأ بالرسم في جريدة كنيسة النمسا السفى باعماله وتخطيطاته الساخرة والكاريكاتيرية. بدأ دراسته في معهد التعليم والفنون في فيننا عام 1965 واخيراً التحق باكاديمية الفنون الجميلة ليكمل دراسته في فيننا ،ساحة شيلر.
انطلقت شهرته في السبعينيات من خلال اعماله الاولى ومنذ البداية كانت التعليقات تلاحق صوره واتخذ دربه الخاص في الرسم الكاريكاتيري واصبحتا الصورة والتعليق مكملان لبعضهما البعض عند (دايكس) وجعلته مشهوراً ومنحته الخط الخاص لمسيرته الفنية ليغدو مشهوراً للغاية منذ بداية المشوار. كانت اعمال الفنان الراحل لدى الناشرين والمحررين مكانة كبيرة. تم طبع اول مجموعة كبيرة من اعماله في كتاب ضخم في الثمانينيات وهي الاعمال الكاريكاتيرية وبعدها توالت الكتب الكبيرة للنشر ومنها دايكس البدين ودايكس الذهبي ودايكس المقدس وهذه الاعمال الكبيرة والمتنوعة موجودة الان في متحف معرض (كريمس) للكاريكاتير وايضا في المكتبات. كان الراحل قاسياً حتى مع نفسه ولم يرحم احداً في اعماله وغير مبال بصحته ايضا وكتب عن نفسه بانه يدخن بجنون ويرسم بجنون ويحتسي الخمرة بجنون وكتبت عنه الصحافة النمساوية وعلى الصفحات الاولى وبشريط عريض رحيل فنان المليون سيكارة بصمت وهكذا يرحل بصمت. منذ الثمانينيات عانى الفنان الراحل من الناحية الصحية بصورة كبيرة. خلال مسيرته حصد الكثير من الجوائز ابتداءً من عام 1988 بجائزة (نيستروي) لمدينة فيننا ولغاية عام 2012 الجائزة الخاصة بالكاباريت النمساوي بالاضافة الى جائزة الاستحقاق الذهبية لمدينة فيننا والميدالية الذهبية لاقليم النمسا السفلى والعديد من الجوائز الاخرى. اصدر العديد من الكتب لاعماله واخر اعماله كان حول القطط حيث يسمى ايضا بعاشق القطط تحت عنوان عالم الحيوان ــ القطط. طبعت اعماله في تقاويم سنوية ،لم يستثن احداً في اعماله ووصولاً الى صور زعيم حزب الحرية ذات الاتجاه اليميني وبطل هوليود (ارنولد شوارتزنيغر) والمدرسة والبابا والكنيسة .
نشرت الصحف والمجلات النمساوية والالمانية رحيله على الصفحات الاولى وفي القنوات التلفزيونية والاذاعات عن رحيل فنان القرن وعبقري فن الكاريكاتير بصمت وحزنت الاوساط الفنية وقال الفنانون والسياسيون كلماتهم في حق هذا الرجل الذي لم يفرق احداً في رسوماته وصاحب مليون سيكارة واتفقوا جميعا بان النمسا خسرت عبقرياً كبيراً وفنان القرن..انه الفنان (مانفريد دايكس)..!!
وسوم: العدد 679