أهل الغيب بين رقدة القبر أم الحشر؟!
لا يزال الناس يقتاتون على فتات الفن، ويلوكون بألسنتهم منذ سنوات ما يشغل عبيد الإعلام العربي لجملة من أهل الفن الذي لم يجد له منهجا في حياته الفانية وفنه الفاني سوى أن يحفر في غيبيات المنتقم الجبار، والذي يستهدف من خلاله فئة مستضعفة بات اليوم يهددها بتدمير كيانها وحياتها الخاصة وسجنها وحفر قبرها وو...، وكله علم بنهاياته ونهاية ذريته وكل ما يملكه في دنياه الفانية مع من يناصره في حملته ضد القدرة الإلاهية في الأولى والآخرة.
بل أكثر من ذلك، لقد أصبح يبني مستقبله المزدهر منذ سنين قد خلت على قبر فنانات أو ما يزعمه الناس من العامة أيقونات التمثيل وآخرون من أهل العالمية في الغناء والرقص وو...، وكلهم يقين أن الله لا يملك سوى الرضوخ لهم ولرغباتهم وطول أملهم كخروج ذرية أخرى من أرحامهم، يتناسون أفعالهم في أذية ذرية عباد مستضعفين ولعناتهم في السر والعلانية في أرض ربهم لتجريدهم من دينهم بل وجعلهم لعنة على الألسنة لنوايا وأمور لا تخفى على المنتقم الجبار وغيرها، فهم لم يسمعوا قوله تعالى وهو ينصح حبيبه ويطمئن قلبه في قرآنه العظيم: "ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار" (سورة الأحقاف، الآية 35).
حتى أن الناس باتت تضحك عن فكرة الحشر الذي تستبعده آلات الإعلام وأهل الفن العربي منذ سنوات، وربطه بجملة تمثيل ورقص ومس شيطاني سيصنعونه لا محالة على خطى الغرب الذي لا دين ولا ملة له، بل ويؤكدون لله سبحانه وتعالى أنه سيرضخ لهم ولما يصنعونه، ويشيرون إليه بأسماء وأخبار فنية وألوان بارزة كاللون الأحمر والأسود وو... وما يزينه لهم الشيطان لعنه الله بشكل عام ويهمس في آذانهم أنكم لأنتم الغالبون ولا مناص للمستضعف من أن يقع ذليلا ساجدا لكم ولأهوائكم، ونعلم في هذا المقام أن نصحنا لن يجيد نفعا مع هؤلاء ولن يغير من قدر المنتقم الجبار شيئا، وكل ذلك يذكرنا بكلمات سيدنا نوح عليه السلام لقومه كما جاء في القرآن العظيم: "ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون" (سورة هود، الآية 34).
هناك نفوس من هذه الفئة للأسف الشديد تظن أن أمامها الدهر كله لتهيمن بمالها وذكائها وعبيدها من الإعلام والفن –من مشارق الأرض ومغاربها- لتعلو بفنها وإعلامها لتحكم وتسود لنوايا باطلة والله شاهد على ذلك بل هي تدعي الحب والسلام للوطن العربي وفلسطين، وما هي إلا حبال الوهم وهنا نتذكر سويا كلام الرحمن لموسى عليه السلام لا يزال يرن في أذن الإنسان العاقل: "إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى" (سورة طه، الآية 15-16).
ما يثير الهول هو سعي هذه المنابر لنشر صور الموتى من أهل الفن والإعلام، ويعملون على تحليل أسباب موتهم وأعمارهم وكأنها بشارة للبعض الآخر من أهل الفن خصوصا الممثلات كما تحدث عن ذلك العامة، حتى أن هناك من قال أنها –الممثلة الفلانية- ماتت لتترك الساحة للعلانية أو ما شابه ذلك، أو هذا الفنان مات بمرض السرطان ليفتح الباب لغيره وو...
ما نقوله فقط هنا "لا حول ولا قوة إلا بالله!" نفوس فعلا مريضة بمرض خبيث، حتى أنها باتت تثير الحديث عن إسلام الأجنبيات والحجاب الشرعي وخلعه بطرق لا تمت للعقلانية أو للدين بصلة، فالإسلام والحجاب لا يضيف ذرة في حياة المستضعفين أو رفع شأنهم في الأرض ولا يزيد من عظمة الله شيئا أو في مكره الذي لا تأمنه إلا كل نفس خبيثة تسعى سعيا حثيثا لتحقيق مآربها الدنيوية الفانية منذ سنين، والحمد لله فكل نفس تخرج من قبرها لوحدها سواء تحجبت أو أسلمت أو تعرت للعيان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فهي ستنتفض من رقدة قبرها يوم الحشر في أعقاب صيحة عظيمة مصداقا لقوله تعالى: "اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون" (سورة يس، الآية 65-66).
في الختام، الرحمن يجعل لنا جميعا كبشر الحكم والآيات لنتفكر في خلقه لا للحفر في غيبه ورفع التحدي في وجهه في فئة مستضعفة من عباده يسعى الكثيرات والكثيرون من فئة الفن والإعلام العربي منذ سنوات لتحطيمها واليوم تسعى لسجنها لأنها لن ترضخ بقدرة المنتقم الجبار لأهوائها وو... ولا يخيفها بإذن الله كلمة "المثلية الجنسية" أو العري أو البورنو وأهله، وغيرها من اللعنات التي أصابت صاحب هذه المقالة البسيطة منذ سنوات والجميع يفهم المغزى بين السطور والله شاهد على ذلك، حتى الأنبياء عليهم السلام لم يسلموا من أقوامهم وواصلوا التفكر في أمور الدنيا التي لا تدوم كالنعيم الذي يزول فيها، والزهور التي تذبل فيها، والموت الذي يطارد كل حي فيها، والأرض التي تتزلزل فيها، والشمس التي تغرب فيها... والكيس اللبيب هو الذي يرى في دنياه أنه لا بقاء لشيء فيها والحمد لله فتراب القبر لهو أمر حميد وعظيم، واليوم قد أحاطت بنا النذر من كل جانب فلم يعد هناك عذر لأحد كان ظالما أو مظلوما ولنا في القرآن لآية لقوله تعالى: "ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغني النذر" (سورة القمر، الآية 4-5).
وسوم: العدد 708