الحمامة واليمامة (6)
وذات مرة اعتدى النسر على الواديين وافترس حمامتين واحدة يائية وأخرى
حائية؛ وأرادت كل منهما أن تخرج مسيرة احتجاجية ضد النسر لتسمع صوت
استنكارها مجلس الطيور الأعلى.
واقترحت الحمامة على اليمامة أن نخرج معا لنكون سربا ذا هديل مدوٍ وهيبة؛
لكن اليمامة رفضت وقالت في عصبية بدوية:
لك مظاهرتك ولي مظاهرتي.
فخرجت كل منهما وفراخها منفصلتين، ما أضحك أعضاء مجلس الطيور.
وبدل أن تبحث الحمامة أو اليمامة عن سبيل يؤدي إلى اتحادهما، بدآ بالطعن
ضد بعضهما وبالتآمر، حتى وصل الصراع بينهما ذروته، وبلغت العداوة إلى
منتهاها حيث أنستهما الطيور الجارحة وما ترتكب من جرائم ضدهما.
وبينما الحرب كانت مشتعلة بين الحاء والياء، كانت النسور متفقة على أن لا
فرق بين هذين الحرفين بتاتا. فطفقت تسرق الهديل وتفقص البيض وتفترس
الفراخ لتسيطر وبعد فترة وجيزة على المنطقتين كلاهما سيطرة كاملة؛ بل
وتجرأت أن تنتهك أجواء الحمام الزاجل والأزرق أيضا، وذلك بسبب الخلاف
الذي نشب بينها ففرقها.
واتسعت سيطرة النسور لتعيد تأسيس إمبراطوريتها التي تدعي أنها فقدتها قبل قرون.
ولم ينفع الحمامَ بعد الخسارة الفادحة تلك والاحتلال لوطنه لوم ولا ندامة.
وسوم: العدد 785