من احد أطباء مشفى
مبارح كانت مناوبة متعبة وحلوة كتير بنفس الوقت... وما بتنتسى
مريضي عامل جراحة قلب، رجل أصم وأبكم وأعمى وماعم أعرف كيف بدي أتعامل معه لأن ما رح يسمعني إذا حكيت ولا رح يشوفني إذا أشرت وضايج ومعصب وعم يحاول يتحسس الأشياء الغريبة الموجودة عجسمه( تيوب التنبيب، مفجر الصدر، cvp) وطبعاً بسبب أنه ضايج منخاف يسحبهن ويأذي حاله.
ونحنا ككادر طبي أطباء وتمريض طالعين فايتين وحايصين كيف بدنا نتعامل معه ونوصله التعليمات وأنه وضعه منيح وعمليته منيحة بس بدنا نقيّم مدى وعيه لنقدر نشيل المنفسة.
اتصلنا بأهله ما حدا موجود بالمشفى فاضطرينا ننيم المريض إلى أن نجد طريقة نتواصل معه أو يأتي حدا من أهله يتواصل معه ويفهّمه ويفهّمنا .
بعد كم ساعة أجت زوجته... واضح عليها التعب، حاطة نضارات طبية وعم تشوف بصعوبة.
ما ممكن تتخيل أن هذه المرأة (الضعيفة والمتعبة) يكون عندها كل هالقوة.
قلتلا خالة تفضلي شوفي زوجك... وضعه منيح بس بدنا نفهم كيف بتتواصل معه، بدنا نعرف هو واعي أو لأ، فينا نسحب التنبيب أو لأ!!!
قالتلي فيني أمسك إيده؟؟ قلتلا طبعاً
مسكت إيده وحطتها على وجهها... تلمّس نضاراتها وخدها وجبينها... عرف إنها زوجته
تغيرت ملامحه كلها من شخص ضايج وعابس ومعصب وعم يحاول يقوم من سريره لشخص هادي... فرد عقدة حواجبه واطمن بوجودها حده
ماسكة إيده وبلمسات وضغطات وحركات معينة سألته أنت منيح قال نعم، فقالت له: أنت عملت العملية وأمورك منيحة وما عاد تمد إيدك عالأجهزة الموجودة عليك.. فقال نعم.
سألته أيمكن ان ننزع التنبيب من تمك وتكون هادي؟ فقال نعم.
ونحنا واقفين مذهولين أنه كيف قدرت تعمل هيك! وكيف تفاهموا بالإيدين.
وفعلاً شلنا التنبيب بكل هدوء والمريض أموره كتير منيحة ومستقرة والحمدلله.
الخالة أُميّة... ما بتقدر تفك الحرف ولا درست بالجامعه ولا تعلمت لغة الإشارة ولا هي دكتورة بس قدرت تعمل اللي نحنا وعلمنا ودراستنا ما قدرنا نعمله!
بالحب اللي عندها صارت عيون وأذن ولسان زوجها... بالحب اخترعوا لغة يقدروا يتواصلوا فيها سوا، بالحب ما خلوا المرض أو الإعاقة تبعدهن عن بعض، وبالحب وحده هنن قدرانين يحسوا هالإحساس العالي ويفهموا بعض
تذكرت مقولة لا تخف من الارتباط بامرأة قوية فقد تكون هي جيشك الوحيد... وسوف أضيف عليها: إنها ممكن تكون عيونك وأذنك ونطقك وحواسك كلا إذا احتاج الأمر.
بالحب والإيمان والصبر منقدر نتغلب عكل شي ممكن يواجهنا بالحياة... وادعوا دائماً يبعتلكم ربنا الشريك القوي المؤمن الصابر اللي قادر يتحدى كل شي ممكن يفرقه عنكم.
وسوم: العدد 836