ربيع الخراف وأقاصيص أخرى
ربيع الخراف
حين احتجّت الخراف على ظلم اﻷسد، فرحت بوقفة الذّئاب إلى جانبها، فهي تملك نفس سلاح الأسد، أمّا هي فلا سلاح لها سوى رؤوس تنطح بها، تكاثر الجمع على الأسد فولّى هاربا. ومنذ ذلك اليوم والذّئاب تبتزّ القطيع.
نضوج
رغم أنّهما تربّيا معا منذ نعومة أظفارهما، إلا أنّ شيئا لا يدري كنهه حدث بشكل مفاجئ، فقد اعتزلت ابنة عمّه ساحة اللعب منذ أيّام قلائل، وأخذت تهتمّ بنظافة جسدها، وملابسها، وتسريحة شعرها، حين أطلّت من شرفة بيتهم المتواضع أصابته عيناها الكحيلتان، وخدّاها المتورّدان بالذّهول. وشعر بنبضات قلبه ترتفع، إحمرّ وجهه حياءً مع أنّه قد لعب معها، وكثيرا ما ضربها من مدّة ليست بالبعيدة..نظر هو الآخر إلى ملابسه فوجدها متّسخة، فانقلب سريعا إلى بيته ليغتسل ويلبس ثيابا نظيفة ويصلح تسريحة شعره، عاد ونظر إلى الشّرفة فلم يرها هناك، فقد كانت خلف زجاج النّافذة تحدّق به وتبتسم.
ظروف
شابّ رقيق، تجرحه الهمسة، نبات ظلّ قست عليه ظروفه، عمل جزّارا، أصبح يهرق الدّم، يكسر العظم، يقطّع اللحم ويقتلع الدّماغ بسلاسة، كأنّما ينتقم لنفسه.
غثاء
شعرت بالزّهو حين حصلت على مرتبة الشّرف، كثر المهنؤون والهدايا والأمنيات بمستقبل زاهر، زوّجوها برجل شعاره :المرأة تخرج مرّتين، من بيت أبيها مرّة،وأخرى إلى القبر.
جناح بعوضة
بعد طوشة حامية الوطيس مع جيرانه الذين هم أبناء عمومته على متر أرض، لبس عباءته وحمل مسبحته ،سألوه عن وجهته قال سأذهب ﻷصلح بين آل فلان...ألقى موعظة مخاطبا الجموع دعاهم فيها إلى نبذ الخلاف، وترك الدّنيا، وتساءل مستنكرا أتختصمون على جناح بعوضة ؟
انحراف
كم تضايق منه! كان دائم اللوم له، دائم التّعنيف، كره صداقته، هرب منه، لكنّه لازمه كظلِّه، عبثا حاول أن يقنعه أنّ الواقع يفرض عليه مخالفته، وعندما أصرّ على استمرار نهجه القاسي معه، اضطرّ إلى استئصاله... ضميره.
آخر الزمان
كبّر اﻹمام لصلاة الفجر، انتظرناه ليبدأ القراءة، سبحنا لتنبيهه،حين كثر التّسبيح انفجر بالبكاء، والتفت إلينا قائلا: لم أعد أحفظ ولا آية، هل عاقبني الله لذنب اقترفته؟
فكّرنا أن نقدّم غيره، لم يبق منّا من يحفظ حتّى فاتحة الكتاب، سارعنا إلى المصاحف فوجدناها ورقا أبيض، قال وهو يبكي بكاء حارّا لقد رفعت المصاحف.
نهايات
التقيا على الشّاطئ، هو عجوز مضطر لتحصيل لقمة عيشة عن طريق صيد السّمك، وهي فتيّة تتباهى بقوّتها وجسمها المتناسق، سحب الصنّارة ببقايا قوته، قاومته ببعض قوتها،أخرجها إلى اليابسة فماتت، وأردته في الماء فمات.
بهاء
بدأ مبكرا في مارثون العزّة والشّرف، يتصدّر الجموع، ابتسم حين حاذاه شابّ في مقتبل العمر،ضرب كتفه بكتفه، ذهل كيف أستطاع أن يلحق به...ومض وميض الشّهب، ارتقى غيمة سبقه إلى خط النّهاية.
وسوم: العدد 899